عاجل

الذبح والحرق والتنكيل بالبشر، لوزير الأوقاف

لاشك أن ما يحدث حولنا أو فينا أو بنا من أنتهاك حرمة أو ذبح أو تنكيل بالبشر فوق أي وصف وكل وصف أو تحليل ، فلا يوجد معادل لغوي أو موضوعي مهما كانت دقة الكاتب يمكن أن يفي أو يعادل تلك الأفعال الإجرامية البشعة .

        والذي لا شك فيه أيضا أن جميع الأديان بصفة عامة ودين الإسلام بصفة خاصة لا يمكن أن يكون مصدرًا لهذا الإجرام ، فالإسلام وجميع الأديان من كل ذلك براء ، بل إن الإنسانية السوية والطبع السليم ينفران من ذلك , ولا يطيقان احتماله , أو حتى القدرة على مشاهدته , ومتابعة تلك المناظر التي تصيب صاحب الحس الإنساني السليم بصدمة تحفر في ذاكرته وقد لا يقوى على نسيانها ما دام حيا ، إن لم تشكل له صدمة ذهنية ونفسية وعصبية .

             وبما أننا بصدد التأكيد على أن الإسلام لا يقر شيئا من ذلك ، بل يحرمه ويجرمه فإننا نرى من واجبنا أن نؤكد أن الإسلام قد أكد على حرمة الدماء أيما تحريم ، ونهي وحرم كل ألوان التنكيل بالبشر أو التمثيل بالجثث ، فقد حرم الإسلام قتل النفس أي نفس , فقال سبحانه : ” أَنَّهُ من قتل نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ” ، فالحرمة هنا لقتل النفس أي نفس وكل نفس ، فلم يحرم الإسلام قتل النفس المسلمة فقط ، ولا المؤمنة فقط ، إنما حرم دماء الناس جميعًا ، بغض النظر عن دينهم أو معتقدهم أو جنسهم أو لونهم ، بل إن الإسلام قد كرم الناس جميعا ، فقال الحق  سبحانه : ” وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ”  ، فكرم الإنسان على إطلاق إنسانيته ، ولما رأى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) امرأة كافرة مقتولة في ساحة الحرب قال ( صلى الله عليه وسلم ) : من قتلها ؟ ما كانت هذه لتقاتل ” .

          وفي هذا ما يؤكد أنه لا يوجد في الإسلام قتل على المعتقد ، وإنما هو دفتع عن النفس والأرض والعرض والوطن والدين ، حيث يقول سبحانه وتعالى: ” بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ” ، فالإسلام لا يحمل الناس على الإسلام حملا ، إنما يترك لكل إنسان حرية اختياره ليكون حسابه عند ربه على هذا الاختيار , يقول الحق سبحانه مخاطبًا نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) : ” أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ ” , وقوله تعالى : ” إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ ”, بل إن الحق سبحانه قد بين لنا أن الاختلاف سنَة إلهية وكونية , حيث يقول سبحانه : ” وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ” .

        ومن فضل الله علينا أنه لا يحملنا تبعة كفر من كفر مادمنا قد بلَغنا رسالتنا بالتي هي أحسن , فقال سبحانه مخاطبًا نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ” ، ويقول سبحانه وتعالى: ” ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ” ، فكل ذلك يؤكد أننا لم نخلق أوصياء على الناس أو محاسبين عنهم أو متحملين عاقبة كفر من كفر ولا عصيان من عصى طالما بلَغنا بالحكمة والموعظة الحسنة ، فالإسلام قائم على الرحمة لا على ، العنف ولا على التشدد ، ولا على القتل ، ولا على التخريب ، ولا على التدمير ، فما بالكم بالقتل والذبح والحرق والتنكيل .

لقد نهى الإسلام عن ذلك كله وشدد النكير على من يفعله ، فنهى نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) عن الحرق والتعذيب بالنار فقال (عليه الصلاة والسلام) : ” لا تعذبوا  بالنار فإنه لا يعذب بالنار إلا ربها ” ، ونهى ( صلى الله عليه وسلم ) عن المثلة والتنكيل بالبشر ، فقال عليه الصلاة والسلام : ” إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور ” ، وكان صلى الله عليه وسلم يقول لقادة الجيش وجنوده : ” لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ” ، وعلى هذا صار خلفاؤه الراشدين وصحابته الكرام ، فَعن عبد الله بن عامر أنه قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) برأس البطريق ، فأَنْكَرَ ذَلِكَ , فَقَالَ : يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فَإِنَّهُمْ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ، قَالَ: أَفَاسْتِنَانٌ بِفَارِسَ وَالرُّومِ؟ لَا يُحْمَلْ إِلِيَّ رَأْسٌ , فَإِنَّمَا يَكْفِي الْكِتَابُ وَالْخَبَرُ ، وفي حادثة أخرى :  أُتي له برأس، فقال: بَغَيتُم! أي : إن هذا من فعل أهل البغي والظلم لا من فعل أهل الإيمان .

وهكذا حرم الإسلام المثلة بالموتى وقطع رءوس البشر حتى خرج علينا أناس ابتليت بهم الأمة يستحلون سفك الدماء وهتك الأعراض ونهب الممتلكات دون وازع من دين أو ضمير إنساني حي .

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى