عاجل

المفكر الإسلامي الكبير الدكتور عبد الراضى عبدالمحسن فى حواره لـرئيس التحرير :

– هناك جهالة معرفية بحقائق التاريخ الإسلامى والسيرة النبوية من العيال

– الاسلام لا ينسحب من الغرب .. و”الاسلام فوبيا” لا يمكن علاجها .. وننتظر الوليد الجديد بعد داعش

-أخذت على عاتقى دراسة الأصول الاسلامية وتصديرها للغرب بعقليته ومصادره

– ازدراء الدين خرق للنظام الاجتماعي المحمى بالقانون والدستور المجتمعى المتوافق عليه

– دار العلوم تتميز وتزيد على الازهر بجمعها الحداثة والمعاصرة والأصالة

– الإعلام منشغل بالقضايا السياسية و.. و”الإسلامي” بالجدليات وصراع السنة والشيعة

– ابن تيمية ظلم حيا وميتا من أتباعه ومخالفيه.. وكان فارسا يقاتل الجميع

– ريادة دار العلوم اعادت حاضرنا ومجدنا فى علم مقارنة الأديان

– نقوم بالتحلية والتخلية بتقديم صورة صحيحة لنبينا محمد الى الغرب

– أرى القادم أفضل.. وهذه رسالتى لاستعادة الهوية المصرية وخطابنا الدينى الرصين

حاوره – أحمد نور الدين :

هو درة  ثمينة من درر وقامات مصر العلمية والفكرية عامة وكلية دار العلوم خاصة الكبيرة المشرفة .. يجيد اللغة الألمانية والانجليزية كتابة وتحدثا وكان فاعلا رئيسا فى ترجمة القرآن الكريم الى اللغة الالمانية بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف .. ومستشارا علميا للهيئة العالمية للتعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم ونصرته برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.. كانت رسالته للدكتوراه أول رسالة علمية فى مقارنة الاديان بجامعة القاهرة .. له من الابحاث والدراسات  والمؤتمرات ما نافح وناظر به الفكر الغربى المتحامل على اسلامنا ونبينا وقرآننا فى حوارات الاديان .. مدحضا حججهم .. مصدرا لهم فكره الإسلامي الرصين الصحيح ..ومازال عطاؤه الفكرى والبحثى والعلمى  الإسلامي نهرا جاريا متدفقا ..  انه  المفكر الإسلامي  الكبير الدكتور عبد الراضى عبد المحسن  استاذ ورئيس قسم الفلسفة الاسلامية وكيل كلية دار العلوم لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة جامعة القاهرة .. ” صوت الدعاة “.. تجولت فى خزانة عقله وفكره ..وكان ذلك الحوار .dscn1556

** بداية ..ما الدوافع التى جعلتكم تلتحقون بكلية دار العلوم ؟ ولماذا اخترت الفلسفة الاسلامية ؟

* قصة التحاقى بدار العلوم قصة غريبة ولا تتفق مقدماتها مع نهايتها ,فجئت الى القاهرة لأحقق حلمى بان اكون لاعب كرة بنادى الزمالك, وكنت قد كتبت رغبتى الاولى دار العلوم فجاءت لى , ولما فشلت فى الالتحاق بنادى الزمالك لعدم وجود معارف , لعبت الكرة فى فريق الكلية, وفى الفرقة الثالثة ادركت انى اسير فى الطريق غير الصحيح فعدلت مسارى وعكفت على الدراسة , وتفوقت بالكلية واصبح ترتيبى الثانى على الدفعة واخترت معيدا بقسم الفلسفة لعلو درجاتى بها على مدار الاربع سنوات .

** حملت رسالتكم فى الماجستير والدكتوراه صبغة التخصص فى مقارنة الاديان .. لماذا ؟

* لأن علم مقارنة الاديان علم اهداه المسلمون الى العالم, وكانت اول مؤلفاته لعلماء كبار مثل ابن حزم والشهرستانى وغيرهم, وقبل الاسلام لم يكن احد من اتباع الديانتين السماويتين اليهودية والنصرانية يعترف بالآخر ويرى له وجودا, وكلاهما يتصارع حول من يملك الحقيقة المطلقة, فجاء الاسلام وأقر بالأصول السماوية للديانتين, وأقر لهما بحق الحياة والوجود بالمجتمع الإسلامي جنبا الى جنب فى اطار قاعدة ” لهم ما لنا وعليهم ما علينا” فنشأ علم مقارنة الاديان, لكن للأسف اندثر فى تاريخ المسلمين بعد ذلك لكثرة الفتن , فنشأت رغبة جديدة لاستعادة حاضرنا  ومجدنا فى ذلك المجال العلمى الذى تركنا الريادة الحديثة والمعاصرة فيه للأسف للغربيين وحدهم , وكانت دار العلوم رائدة فى ذلك وكانت رسالتى فى الدكتوراه اول رسالة علمية منهجية فى حقل مقارنة الاديان .

** بدراستكم لابن تيمية المفترى عليه حيا وميتا .. ماذا تقول فى شأنه ؟

* ابن تيمية من الشخصيات التى ظلمت من اتباعه ومخالفيه على حد السواء, إذ كان عقلية نقدية, نقد الفرق والطوائف الموجودة فى عصره بمختلف اصنافها , الاشاعرة والمعتزلة والصوفية حتى الفقهاء الجامدين انتقدهم, وبالتالى كان فارسا يقاتل الجميع ,فتحامل عليه الجميع, ثم ظلم من محبيه لانهم قصروا دائرة اختياراته على اختيار واحد, ربما هو لم يقله ايضا فى الآراء الاعتقادية والفقهية, فكان ذلك على عكس ما امتاز به من سعة الافق بأمرين هما الحفاظ على سلامة الدولة, وان هذا الدين لا يقوم الا فى ظل تماسك سياسى واجتماعى, الا ان بعض اتباعه أخذوا ينتحلون له بعض الآراء مثل فتوى مارتين التى اعتمدت عليها الجماعات التكفيرية بدءا من جماعة الجهاد وانتهاء بالدواعش .

** كنتم أول متخصص فى ترجمة القرآن الكريم للغة الالمانية بين باحثى الفلسفة والعلوم الاسلامية بجامعة القاهرة.. ماذا أضاف لكم ذلك علميا ومحليا ودوليا ؟

* مقارنة الاديان علم يحتاج من يتصدى له ضرورة الى ان يحسن الانسان لغة اجنبية يقرأ بها ما عند الاخر من كتابات علمية دينية تفسيرية او اعلامية , والا سيكون رأيه منقوصا يحتاج للعمق والدقة, وبالتالى درست اللغة الالمانية وسافرت الى المانيا للحصول على درجة الدكتوراه من كلية اللاهوت الكاثوليكية هناك, وهذا امر اضاف لى بعدا كبيرا جعلنى قادرا على المشاركة فى مؤتمرات الحوار بين الاديان , وبالنسبة لترجمة القرآن الكريم للغة الالمانية, فكانت هناك عدة ترجمات, لكن اردنا من ترجمتنا التى اشرف عليها مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ان نأتى بترجمة متوازنة علمية دقيقة تتلاشى وتتجنب اخطاء الترجمات السابقة التى شابها اما نقص فى المعرفة وقصور فى الدقة والتعبير عن المعنى المراد فى القرآن الكريم, واما بعض التحاملات التى كان يقوم بها بعض المستشرقين الذين ترجموا القرآن الاى اللغات الاوروبية, والتى كانت اما مقصودة واما نتيجة جهل باللغة العربية او عدم قدرة على معرفة المصطلح المستخدم فى القرآن الكريم, الذى احلوا بدلا منه مصطلحات ذات ايحاءات ودلالات مختلفة تماما فى الديانتين اليهودية والنصرانية, فعكفنا قرابة خمس سنوات حتى صدرت هذه الترجمة .

** وكيف ترى واقع القرآن الكريم فى الدراسات الاستشراقية ؟

* الحقيقة هناك جزء من الدراسات الاستشراقية فيه تحامل كبير على القرآن الكريم , لأنه يحمّل افكار المستشرق نفسه, وبالتالى يخرج القرآن وكأنه صناعة استشراقية, فيطوع المستشرق القرآن لفكرته هو, ولا يدرسه من خلال واقع النص القرآنى, ولهذا وجدنا بعض المستشرقين يحاول ترتيب القرآن الكريم ترتيبا مخالفا حسب قصر السور او طولها, وهناك من يرتبها حسب الشاعرية, وهناك من يصنف القرآن على انه منتج من قبل النبى  .

** واين دوركم العلاجى التصحيحى من ذلك الفكر الاستشراقى ؟

*منذ ان عدت من دراستى بألمانيا وأخذت على عاتقى ان اعيد دراسة الاصول الاسلامية وتقديمها للغرب بعقلية تناسب عقليته, اعتمادا على المصادر الغربية نفسها, وذلك في اتجاهين, الاول: الرد على الشبهات المثارة حول الاصول الاسلامية (القرآن الكريم والنبى والشريعة الاسلامية), الثانى: بيان حقيقة نبوة محمد وبيان حقيقة النص القرآنى, وبالتالى اصدرت في ذلك الاتجاه عدة كتب ومؤلفات منها ” ماذا يريد الغرب من القرآن؟” و” الرسول الأعظم في مرآة الغرب” وغيرها .

** تقدمتم بورقة بحثية بندوة ألمانيا والثقافة العربية بعنوان “العلاقات الثقافية الألمانية العربية بين الحتمية العلمية والضرورة الشرعية” .. لماذا تلك الحتمية والضرورة؟ وكيف التقارب ؟

* علاقة الغرب العلمية بالاسلام علاقة تبادلية وليست كما اراد “هينتجتون” تصويرها علاقة تصادمية او صدام حضارات, بل تبادل منافع, فالمسلمون احتاجوا لمعرفة علمية في مجالات الطب والفلك والفلسفة والمنطق فولوا وجوههم شطر اليونان آخذين منهم هذه المعارف فى عصر المأمون فأتقنوها وصدروها للغرب في عصور الظلام الوسطى فأحسنها الغرب ثم صدرها الينا, والمانيا تقع في قلب هذه البحوث والدراسات لأنها من اكثر واعمق المهتمين بالدراسات الاسلامية , والحركة النقدية الفكرية بدأت من المانيا ونشأت مرتبطة بمارتن لوثر والمذهب البروتستانتى, وبالتالى كانوا هم السباقين في مجال الدراسات الاسلامية والعربية .

** بوصفكم استاذا ورئيس قسم لها .. كيف تقوم دور مدرسة دار العلوم الفلسفية الاسلامية؟ وما هي أهم نتاجها؟

*للحقيقة مدرسة دار العلوم الفلسفية تعانى تجاهل تام لها وهناك افتئات عليها, لأنها المدرسة الوحيدة في المنطقة العربية والاسلامية التى خصصت قسما كاملا من اقسامها العلمية للفلسفة الاسلامية, لأن دار العلوم عندما ارادت ان تلبى تصور مؤسسها ومنشئها على مبارك باشا كانت تقوم على جناحى الاصالة والمعاصرة, والاصالة تتمثل في الدرس الإسلامي كما انتجته العقلية الاسلامية, والمعاصرة في البحوث والدراسات الحديثة عند الغربيين القائمة على الفلسفة وتيارات الفكر الغربى المعاصر, وهذا النسيج الرائع لا يوجد إلا في دار العلوم, لكنهم ارادوا اخفاءها ولم يتمكنوا من ذلك ,والكلية عرفت عددا من الاعلام الكبار الذين اثروا تاريخ الحركة الفلسفية مثل الدكتور محمود قاسم رحمه الله الذى قام بدراسة الفكر المقارن بين ابن رشد وتوماس الكوينى, والدكتور ابراهيم بيومى مدكور والدكتور حامد طاهر, وبالتالى وجد لهذه المدرسة تيار فكرى يقوم على البحث الاصيل في الفلسفة الاسلامية مقارنة بالغرب .

** كيف ترى واقع التاريخ الإسلامي والسنة النبوية الآن.. تدوينا وتدريسا ؟ وهل يعانيان من ظلم اكاديمي وبحثى ؟

* ارى ان هناك اهتماما كبيرا بالتاريخ الاسلامى والسنة النبوية الآن , وليس هناك ظلم اكاديمى لهما, لكن الظلم يأتى من الجهالة المعرفية بحقائق تاريخنا الاسلامى والسنة النبوية من “العيال” الذين يتطاولون عليها, لأنهم عيال على المعرفة فلم تشيبهم, ونحن مازلنا بحاجة لكتاب واحد يقدم السيرة النبوية بمعانيها الوضيئة وقيمها ودلالاتها ودروسها المستفادة, ونفتقد هذه الامور فاعتمدنا على الموسوعات ولا احد يقرأها .

** كيف ترصد آفاق التفاعل الآن بين الفكرين الإسلامي والغربى ؟ و ماذا استشرفتم في مؤتمرات حوار وتقارب الاديان التى شاركتم بها؟

* الدعوة لوحدة المذاهب الاسلامية المختلفة دعوة جيدة ومطلوبة لتقارب الناس, لكن لن تكون لأن ذلك انباء من محمد   انه ستفترق الامة على ثلاث وسبعين شعبة, لكن المقصود ان نقرب بين المذاهب لكى لا يحدث بينها اختلافات فتؤدى الى صراعات وصدامات عسكرية وتشرذم, والعالم الان لا يعرف صراعات مذهبية الا الموجود الان بين الشيعة والسنة, اما مسألة التفاعل بين الفكرين الاسلامى والغربى فهذه ضرورة حياتية وفكرية, لأن الله خلقنا شعوبا وقبائل لنتعارف لا لنتناكر ونتصادم, وهم ونحن مجبورون على ذلك التفاعل والحوار لأن الصدام الكونى الشامل لن يستفيد منه احد, وفكرة حوار الاديان فكرة جيدة, فنجلس مع الآخر ونستمع اليه ويستمع الينا ويعرف كل منا ماذا يريد من الآخر وماذا يراد منه .

**بماذا تستشرف مستقبل الإسلام فى الغرب ؟ وكيف نعالج ظاهرة الاسلاموفوبيا  لديه ؟

* الاسلام في الغرب يسير بخطوات جيدة, ولا ينسحب من اى مكان يذهب اليه, هكذا يقول التاريخ,وما حدث في اسبانيا حالة استثنائية ولن تتكرر, لكن الاسلاموفوبيا -الخوف من الاسلام- لا يمكن علاجها, لأننا نحاول تحسين الصورة وتقديم الإسلام الصحيح نفند الشبهات على مدار اعوام , وصورة واحدة بالتلفاز لمشهد من مشاهد اعدام الرهائن لدى داعش تمحو من الاذهان كل ما قدمناه سلفا, لأن هذه الجماعات المتطرفة تعمل  وتمول بقوة وبذخ , من القاعدة الى الزرقاوى الى داعش , وننتظر المولود الجديد بعد ان تهزم داعش ويقضى عليها يعيد استنساخ الصور السابقة .

**  كيف نظرت أدبيات ومرآة الغرب لنبينا محمد  ؟

*ذلك أمر به عدة نظرات مختلفة, اذ هناك بعض الباحثين والتيارات والمفكرين التى تنظر ايدلوجيا منكرة ان محمدا رسولا او نبيا, وهناك تيارات وباحثون آخرين بدأت مع “توماس كارلايت” فى محاضرته عام 1881 تتحدث عن صدق النبى وكيف انه لو كان كاذبا لما استطاع ان يبنى هذه الامة .

** بما تقّوم دور الهيئة العالمية للتعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم ونصرته وفضيلتكم مستشار علمي لها؟

* الهيئة تقوم بجهد جيد فى مجال تحسين صورة النبى  فى الغرب, ومحاولة الرد على الشبهات المثارة من خلال المؤلفات الجيدة وعقد الندوات وورش العمل واقامة علاقات تبادل علمى وثقافى مع الغرب واقامة المعارض التى تحاول ايجاد عملية التخلية والتحلية, اى تخلية الاجواء العدائية ضد النبى والتحلية بعرض صورته الصحيحة, وقد اتت هذه الجهود ثمارها بالغرب .

** كيف ترى واقع الاعلام المصرى الآن عامة ؟ والاعلام الإسلامي خاصة ؟

* الاعلام المصرى الآن منشغل بالقضايا السياسية على حساب القضايا الاخلاقية التى تهم المجتمع, والمشكلة لديه الآن مشكلة اخلاقية, اما الاعلام الإسلامي فمنشغل بالجدليات والصراع السنى الشيعى, ويحتاج الى العارفين والخبراء بواقع العالم الإسلامي والغربى لكى يستطيع الرد وتشجيع التفاعل والتواصل البناء .

** في ظل الانحلال الخلقى الذى يحياه المجتمع الان ..كيف ترى دور التربية في بناء الأخلاق الإسلامية بناء حقيقيا مفعلا ؟ وعلى عاتق من يقع ذلك ؟

* نظرية الاخلاق فى الاسلام نظرية مركبة تعتمد على السلوك والمعرفة والتربية, وهو المجال الذى يحول المعرفة الاخلاقية الى سلوك عملى, فيتحول الانسان من سلبى الى ايجابى ومن حالة السكون الى الحركة بسبب الصحبة والقدوة الحسنة والتحفيز والادلة الاقناعية العقلية, وتوضيح الوسائل المانعة التى تحول بينه وبين الاقدام على التردى الاخلاقى, ويقع كل ذلك على عاتق المجتمع كله بدءا من الاسرة ثم المدرسة ثم الجامعة ثم الاعلام الذى عليه نشر الاخلاق والدعوة اليها والابتعاد عن الموضوعات الفتن والاخلاق الرذيلة .

** ينظم قسم الفلسفة الإسلامية بدار العلوم مؤتمره الدولى التاسع عشر وجعل عنوانه «الخطاب الدينى بين الواقع والمأمول» .. وما المقصود من العنوان؟

* المقصود من العنوان طرح واقع الخطاب الدينى الآن كما هو موجود بايجابياته وسلبياته, ومحاولة ايجاد خطاب دينى مثالى مأمول يسود الساحة لنحل به مشكلة التدين الزائف الذى يذهب بنا الى التطرف.

** قلتم سلفا : يجب أن نعترف أن الخطاب الدينى مقصر فى مخاطبة المستهدفين به واختيار ما يتناسب معهم.. بماذا تعنى من ذلك؟

* نعم الان خطابى الدينى سيكون موجه الى الشاب الصغير الذى سرعان ما ينتقل من مربع التدين الى مربع التطرف ويمر فيه بمراحله الثلاثة, فكر التنفير ثم فكر التكفير ثم فكر التفجير, فكيف اخاطب هذا ؟فيجب ان اعرف ما الذى يدور فى ذهنه واخاطبه على هذا الفهم وبالوسائل التى يفهمها هو وليس بالوعظ والارشاد التقليدى , فأذهب اليه من خلال الانترنت والفيس وجميع وسائل الاتصال الاجتماعى .

** وكيف يستقطب الشباب لشراك التطرف فى نظركم ؟

* يستقطب من خلال عاملين , الاول ذاتى يتعلق بنفسية الشاب وتطلعاته ليكون حاكما متحكما فيلجأ الى الجماعات المتطرفة وهناك يستطيع ان يكون حاكما متسلطا بالقوة والسلاح والرعب والقتل , والثانى يتمثل فى الجهالة المعرفية عند هؤلاء الشباب بأصول الاسلام, فلا يعرف ان نبينا بعث رحمة للعالمين, وانه ما خير بين أمرين إلا اختار  ايسرهما, وانه حرم على النار كل هين لين سهل قريب .

**  وكيف فضيلتكم مناهج كلية دار العلوم اللغوية والشرعية مقارنة بالأزهر الشريف ايجابا وسلبا؟

* نحن ندرس فى دار العلوم كل ما يدرسه طالب الأزهر, ففى قسم الشريعة ندرس ما يدرسونه فى كلية الشريعة , وفى قسم التاريخ الإسلامي ندرس ما يدرسه طالب كلية الدراسات الاسلامية وكذلك فى قسم الفلسفة الاسلامية , ونزيد على الازهر اننا ندرس فى دار العلوم ما يدرسه طالب كلية الآداب فى اقسام اللغة العربية, فنحن نجمع بين الحديث والمعاصر والأصيل .

** «تموت اللغة العربية فى كل مكان وتحيا فى دار العلوم».. بماذا تمثل لكم تلك العبارة الخالدة ؟ وكيف تنظر لخريجيها ؟

*هى تاج على رأس دار العلوم, فقائلها الامام محمد عبده رائد حركة الاصلاح المعاصر فى مصر, وقالها بعد معرفة عميقة بحال الدراسات العربية فى الازهر, وعندما جاء دار العلوم ورأى المقررات والمناهج الدراسية بها وحال خريجيها ودارسيها تبين له مدى قوة هذا الدارس وتمكنه من اللغة العربية , وأرى خريجى دار العلوم نجوما تتلألأ فى سماء المجتمع سواء أكانوا إعلاميين أم اساتذة مدرسين, وكما قال الشاعر فاروق جويدة: تركنا على كل ارض علامة.. قلاعا من النور تحمى الكرامة .

** بعد تكفير د.سيد القمنى والحكم بحبس ناعوت  و البحيرى لازدرائهم للدين الإسلامي خرج العلمانيون يقولون إنه عودة لمحاكم التفتيش وإساءة لاستخدام قضايا الحسبة السياسية والدينية وسيف مسلط علي رقاب المبدعين وأصحاب الرأي .. ماذا تقول فى تلك الدعوات؟

* اقول إنه لكى تستمر الحياة فى مجتمع ما فلابد ان يكون هناك نظام وقانون يجب أن يراعيه كل المنتسبين اليه,, لأننا لو تركنا كل واحد يفعل ما يشاء لتحول ذلك المجتمع الى غابة, مجموعة من الناس لم تراع ذلك النظام, ومجموعة اخرى تدافع عن هذا النظام تقدمت الى صاحب السلطة القضائية, هل ذلك خرق للنظام الاجتماعى المتعارف عليه أم لا ؟ قال نعم, اذن هى مسألة قضائية بحتة وليست مسألة فكرية, وليس هناك شئف ى حرية الرأى يسمى ازدراء, فأنا اختلف معك لكنى أوقرك, والا لو سمحنا بازدراء الدين لسمحنا بازدراء الاشخاص, والدين الإسلامي و المسيحى جزء من النظام الاجتماعى الموجود بالحالة المصرية ,فأنت حينما تزدرى الاسلام أو المسيحية فأنت تزدرى جزء من النظام الاجتماعى الذى يحميه القانون والدستور المجتمعى المتوافق والمتعارف عليه .

**بوصفكم وكيلا لكلية دار العلوم لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة…ما الذى اضفتموه لمجتمعكم و بيئتكم ؟

* نقوم بدور مهم جدا يتمثل فى مشروع قومى لمحو أمية منطقة بين السرايات , ونشارك فى القوافل التوعوية والتنموية والعلاجية التى تقوم بها جامعة القاهرة من اجل التوعية الدينية والفكرية, كذلك نقوم بتدريب المدربين لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها, ولدينا مركزا للبحوث والدراسات الاسلامية يقدم الاستشارات الدينية لمن يحتاج اليها, ولدينا مركزا للتدريب اللغوى لتنمية المعارف اللغوية .

** ختاما .. كيف ترى المستقبل وتستشرفه ؟ ورسالة توجهها لمن؟ وماذا تقول فيها ؟

* أنا ممن يرى أن القادم دائما أفضل , ورسالتى أوجهها للقائمين على الحوار بين الاديان , وأقول لهم: يجب أن تتم الاستعانة بالمتخصصين فى مقارنة الاديان للمشاركة فى هذه الحوارات ليسهموا فى الجهد الضرورى به, ورسالة الى القائمين على مؤسساتنا التعليمية سواء فى التعليم العام ام الجامعى , لابد من وضع كتابين يقرران ويوظفان بطريقة منهجية تناسب العصر الحديث, أحدهما عن الحوار والآخر عن التسامح الدينى , ويقرران فى مراحل التعليم المختلفة من الابتدائية الى الجامعة, وتلك خطوة مهمة فى استعادة الهوية المصرية وتجديد الخطاب الدينى المفقود الذى نريده لمصرنا الحبيبة .

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى