خطبة الأسبوعخطبة الجمعةعاجلمصــر
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : رحم الله رجلا سمحا ، للدكتور عبدالعزيز موسي الدبور
موقع منبر الدعاة
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة القادمة ان شاء الله تعالي في 2024/10/11 د عبدالعزيز موسي الدبور
بعنوان : من أخلاق النبي – صلى الله عليه وسلم- :
(السماحة واليسر والتيسير على الأمة)
-إن السماحة في الإسلام ليست مجرد كلمة تقال أو شعارًا يرفع…
إنما هي عقيدة وسلوكًا يحيا بها المسلم ويجعلها منهج حياة.
*الاسلام دين اليسر والتيسير على الناس ورفع الحرج والمشقة عنهم والمسلم مطالب بتحقيق ذلك:
= امتثالا لأمر الله – عز وجل-.
= وتأسيسًا بنهج رسول الله – صلى الله عليه وسلم- في ذلك-.
= فقد أراد الله تعالى لهذه الأمة اليسر والتخفيف لا العسر والحرج والمشقة…من خلال النصوص العديدة:
-قال تعالى: ﴿مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجۡعَلَ عَلَيۡكُم مِّنۡ حَرَجٖ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمۡ وَلِيُتِمَّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾ المائدة: 6.
وقال تعالى: ﴿هُوَ ٱجۡتَبَىاكُمۡ وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖ﴾ الحج: 78.
وقال تعالى: (لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها) البقرة: 286.
وقال تعالى: (لا يكلف الله نفسًا إلا ما أتاها).
-(فاتقوا الله ما استطعتم).
وقال تعالى: ﴿يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمۡۚ وَخُلِقَ ٱلۡإِنسَانُ ضَعِيفٗا﴾ النساء: 28.
وقال تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) البقرة: 185.
وفي الحديث: (إن الدين يسرٌ ولن يشاد الدين أحدٌ إلا غلبة، يسروا ولا تعسروا فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة وبشروا ولا تنفروا والروحة وشيء من الدُّلجةِ).
فهذا الحديث: يبين الفرق بين طلب الأكمل في العبادة وبين التنطع فيها.
وفي الحديث: (إن خير دينكم أيسره).
وفي الحديث: (إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق ولا تُبغِضوا إلى أنفسكم عبادة الله فإن المنبت لا أرضا قطع ولا نهرا أبقى).
وفي الحديث: (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم).
-وعائشة – رضي الله عنها – قالت: (ما خُير رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه).
-وفي الحديث: (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا).
*نماذج عملية من سماحة النبي – صلى الله عليه وسلم – ويسره وتيسيره على الناس والرفق بهم:
فمن ذلك:
-الأعرابي الذي بال في المسجد فقام إليه الناس ليضربوه فقال لهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: (دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبًا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا مُعسرين).
وصدق الله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّواْ مِنۡ حَوۡلِكَ) آل عمران: 159.
= ومن ذلك:
الرهط الذين ذهبوا إلى بيوت النبي – صلى الله عليه وسلم-:
– فعن أنس – رضي الله عنه- قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم- يسألون عن عبادة النبي – صلى الله عليه وسلم- فلما أخبروه كأنهم تقالُّوها، وقالوا: أين نحن من النبي – صلى الله عليه وسلم- ، قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟
قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبداً،
وقال الآخر: وأنا أصوم الدهر ولا أفطر،
وقال الآخر: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً،
– فجاء رسول الله – صلى الله عليه وسلم- إليهم فقال:
(أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني)
= فهؤلاء الثلاثة قد أقروا على أنفسهم أن الذي قالوه خلاف شرع الله –عز وجل- ونهج نبيه – صلى الله عليه وسلم-.
= فالرسول – صلى الله عليه وسلم- قد جعل من نفسه القدوة والمثل لأمته في السماحة واليسر والتيسير وترك الغلو والتشدد والتكلف.
= خاطبه ربه بقوله: (ونيسرك لليسرى).
= ومن ذلك أيضًا:
= أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- بين أن الغلو والتشدد يؤدي إلى النفور والفتن:
– ففي الحديث: (أيها الناس إن منكم منفرين فإياكم أم بالناس فليخفف فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف وذا الحاجة).
= ولهذا لما قرأ سيدنا معاذ بالناس في الصلاة سورة البقرة:
-قال له النبي – صلى الله عليه وسلم-: (أفتان أنت يا معاذ).
*من أثار المسامحة وفوائدها:
– للتسامح أثر كبير في سلامة الصدر وحلول المحبة والاخاء والتعاون وهذا يساعد في تطوير المجتمع …
= وامتثال الناس لخلق التسامح يساعد المجتمع على تجاوز المشاحنات والمشاكل.
– وتزداد بالمسامحة قوة التلاحم والاخاء بين الناس وتُزيد من تطور المجتمع.
= لكن يجب على المخطئ اعترافه بخطئه واقراره بالذنب :
= اخوة يوسف قبل أن يعفوا عنهم يوسف – عليه السلام- اعترفوا بذنبهم وبخطئهم في حق أخاهم “يوسف” وبأن الله تعالى فضله عليهم بالتقوى والصبر والعلم والحلم وبأن الله تعالى أعزه وأزلهم وأكرمه وأهانهم:
(قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين).
– فرد يوسف عليهم: (قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين).
= وهكذا كان تعامل أهل مكة مع الرسول – صلى الله عليه وسلم-.
(فاتظنون أني فاعل بكم…).
– والانفاق جعله الله من أسباب تيسير الأمور:
-(فأما مَن أعطى واتقى فسنيسره لليسرى وأما مَن بخل واستغنى فسنيسره للعسرى).
– والانفاق يقرب العبد من مولاه وبه تتآلف القلوب:
-(السخي قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة بعيد من النار والبخيل بعيد من الله بعيد من الناس بعيد من الجنة قريب من النار).
= والإسلام يشن حربًا على البخل والبخلاء:
-(ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم مَن يبخل وَمَن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قومًا غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم).
– الجزاء من جنس العمل:
= ففي الحديث: (الله ما من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فأشقق عيه ومَن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به).
-هذا الحديث ينطبق على كل راعي وكل مسؤول…:
– وفي الحديث: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)
– وفي رواية: (مَن فرج…).
– ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة،
– ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة،
– والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه…).
– وفي الحديث:( مَن أنظر معسرًا أو وضع عنه أظله الله في ظله).
– وفي الحديث: (كان رجل يداين الناس فكان يقول لفتاه إذا أتيت معسرًا فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عنا فلقي الله تعالى فتجاوز عنه).
*السماحة في البيع والشراء والاقتضاء:
ففي الحديث: (رحم الله عبدًا سمحًا إذا باع سمحًا إذا اشترى سمحًا إذا اقتضى).
= والسماحة في البيع والشراء تكون بأن لا يكون البائع مغاليًا في الربح حينئذ عليه أن يتساهل وأن لا يدقق في الفروق القلية وإنما يكون كريمًا مع البائع وخاصة إذا كان فقيرًا.
= والسماحة في الدَين: أن يراعي حال المَدِين وأن لا يطالبه بشدة وأمام الناس.
*فالواجب على الدعاة دعوة الناس بنفس المنهج الذي دعا به رسول الله – صلى الله عليه وسلم- دون زيادة أو نقص:
ففي الحديث: (نضر الله امرأ سمع مقالتي فحفظها فأداها كما سمعها).
= ولتكن دعوتنا خالصة لله رب العالمين لا لمذهب ولا لطائفة وإنما دعوة خالصة خالية من أي غرض دنيوي أو توجه حزبي.
= وأيضًا لتكن دعوتنا قائمة على اليقين والفهم:
(قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) يوسف: 108.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين