خطبة الجمعة : لا يسخر قوم من قوم ، صلاح عبدالخالق
لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ
إعدادا/صلاح عبدالخالق
(خطبة الجمعة القادمة : 15ربيع الأخر 1446هـ 18 من أكتوبر 2024م إن شاء الله )
العناصر :
أولاً:مالك الملوك ينادى عليك .
ثانياً:حكم الإسلام فى السخرية من الناس .
ثالثاً:من معانى السخرية.
رابعاً :من أنواع السخرية.
خامساً :كيف تتخلص من السخرية ؟
الخطبة الأولى
الحمد لله على نعمة الإسلام ونشهد أن لاإله إلا الله الملك العلام ونشهد أن محمد ﷺ سيد الأنام وبعد فحديثى معكم بحول الله الواحد الديان تحت عنوان: لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ
-قال تعالى :يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) الحجرات.هيا نحاول المعايشة مع هذه الآية العظيمة لنأخذ الدروس والعظات :
أولاً:مالك الملوك ينادى عليك –
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا :الملك سبحانه ينادى عباده المؤمنين في تسعة وثمانين موضعا في القرآن،ومن معانى ياأيُّها اللّذين آمنوا ؟ مثلاً:
(1)هذا نداء الله تعالى لعباده المؤمنين، ناداهم بعنوان الإيمان؛ لأن المؤمن حي بإيمانه،يسمع ويعقل ويقدر على الفعل والترك بخلاف الكافر، فإنه لا يسمع ولا يعقل ولا يفعل إن أمر، ولا يترك إن نهي، واعلم أيها القارئ لهذا النداء أن الله تعالى إذا نادى عباده المؤمنين إنما يناديهم ليأمرهم بما فيه سعادتهم وكمالهم، أو لينهاهم عما فيه شقاؤهم ونقصانهم أو ليبشرهم، أو ينذرهم، أو ليعلمهم ما ينفعهم.
(2)عَنْ مَعْن أَنَّ رَجُلًا أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: اعْهَدْ إِلِيَّ. فَقَالَ:إِذَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فَأَرْعِهَا سَمْعك، فَإِنَّهُ خَيْرٌ يَأْمُرُ بِهِ أَوْ شَرٌّ يَنْهَى عَنْهُ. (تفسير ابن كثير (1/374)
(3)اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خاطب المؤمنين بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْقُرْآنِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا خَاطَبَ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالْإِيمَانِ أَوَّلًا فَإِنَّهُ تَعَالَى يُعْطِيهِمُ الْأَمَانَ مِنَ الْعَذَابِ فِي النِّيرَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَيْضًا فَاسْمُ الْمُؤْمِنِ أَشْرَفُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، فَإِذَا كَانَ يُخَاطِبُنَا فِي الدُّنْيَا بِأَشْرَفِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ فَنَرْجُو مِنْ فَضْلِهِ أَنْ يُعَامِلَنَا فِي الْآخِرَةِ بِأَحْسَنِ الْمُعَامَلَاتِ.(مفاتيح الغيب (3/634)
ثانياً:حكم الإسلام فى السخرية من الناس:
(1)السخرية حرام شرعاً:
-يَنْهَى تَعَالَى عَنِ السُّخْرِيَةِ بِالنَّاسِ، وَهُوَ احْتِقَارُهُمْ وَالِاسْتِهْزَاءُ بِهِمْ،كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: “الكِبْر بَطَرُ الْحَقِّ وغَمْص النَّاسِ” وَيُرْوَى: “وَغَمْطُ النَّاسِ” وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ: احْتِقَارُهُمْ وَاسْتِصْغَارُهُمْ، وَهَذَا حَرَامٌ.(تفسير ابن كثير (7/367).
-فى صحيح مسلم (2564)بَابُ تَحْرِيمِ ظُلْمِ الْمُسْلِمِ، وَخَذْلِهِ، وَاحْتِقَارِهِ وَدَمِهِ، وَعِرْضِهِ، وَمَالِهِ-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:«لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا» وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ».وَلَا يَحْقِرُهُ) أَيْ:لَا يَحْتَقِرُهُ بِذِكْرِ الْمَعَايِبِ وَتَنَابُزِ الْأَلْقَابِ وَالِاسْتِهْزَاءِ وَالسُّخْرِيَةِ إِذَا رَآهُ رَثَّ الْحَالِ، أَوْ ذَا عَاهَةٍ فِي بَدَنِهِ أَوْ غَيْرَ لَائِقٍ فِي مُحَادَثَتِهِ.(مرقاة المفاتيح (7/3105)
(2)السخرية من الرذائل :
-قوله تعالى: بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ تعليل للنهى عن هذه الرذائل والمراد بالاسم: ما سبق ذكره من السخرية واللمز والتنابز بالألقاب،أى: بئس الفعل فعلكم.(التفسير الوسيط لطنطاوى (13/312).
ثالثاً:من معانى السخرية :
(1)قوله:يَسْخَرْ من السخرية: وهي احتقار الشخص لغيره بالقول أو بالفعل، يقال: سخر فلان من فلان، إذا استهزأ به، وجعله مثار الضحك، ومنه قوله تعالى حكاية عن نوح مع قومه:إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38)هود.التفسير الوسيط لطنطاوى (13/311)
(2)التنمر :إن هذه الكلمة تعنى ممارسة ما فيه إساءة وأذى للآخر من ضرب وطعن أو سب وشتم أو تهديد ووعيد، واستفزاز ،وابتزاز أو سخرية و استهزاء أو تهكم وازدراء أو تكبر واحتقار أو غمز ولمز أو حتى اغتياب وتتبع لعورته أو تشويه له وتغيير لحقائق الأشياء أو غيرها من أساليب التعدي والإيذاء التي لا يسلم منها إنسان أو غيره من المخلوقات.
رابعاً :من أنواع السخرية:
(1)لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ: –
-قال تعالى :يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ (11) الحجرات.-الْقَوْمُ: اسْمُ جَمْعٍ: جَمَاعَةُ الرِّجَالِ خَاصَّةً دُونَ النِّسَاءِ، وَتَنْكِيرُ قَوْمٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لِإِفَادَةِ الشِّيَاعِ، لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ نَهْيُ قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ سَخِرُوا مِنْ قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ. وَإِنَّمَا أَسْنَدَ يَسْخَرْ إِلَى قَوْمٌ دُونَ أَنْ يَقُولَ: لَا يَسْخَرْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا قَالَ: وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا (12)الحجرات .لِلنَّهْيِ عَمَّا كَانَ شَائِعًا بَيْنَ الْعَرَبِ.(التحرير والتنوير (26/247) ،وعَنِ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ،وَعَلَى غُلاَمِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ،فَقَالَ:إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ:«يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ،وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ»صحح البخارى (30)
-إنك امرؤ فيك جاهلية ” أي إن ما فعلته معه من تعيير بسواد أمّه نعرة جاهلية، وأثر من آثار التمييز العنصري الذي كان موجوداً قبل الإِسلام. ” إخوانكم خولكم ” أي إن هؤلاء الخدم ليسوا في الحقيقة سوى إخوانكم في الدين أو الإِنسانية سخرهم الله لكم.(منار القارى (1/15)
(2)سخرية النساء من النساء:
-قال تعالى :يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ (11) الحجرات.(أ)عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قُلْتُ لِلنَّبِىِّ ﷺ حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا-قَالَ غَيْرُ مُسَدَّدٍ تَعْنِى قَصِيرَةً- فَقَالَ «لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ » سنن أبى داود (4877)،صحيح الجامع (5140).سبحان الله هذه الكلمة الصغيرة حجماً العظيمة جرماً لو مُزجت بماء البحر لمزجته يعني لو خلطت بماء البحر على كبره وسعته خالطته مخالطة يتغير بها طعم ماء البحر ،و ريحه ولونه لشدة خبثها ونتنها وقبحها،وهي كلمة يسيرة ؛ لكنها عند الله عظيمة.
(3) وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ:
-قال تعالى : وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ (11) الحجرات.
-{وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ}؛ أي: ولا يعب بعضكم بعضًا بقول أو إشارة على وجه الخفية، فإن المؤمنين كنفس واحدة، والأفراد المنتشرة بمنزلة أعضاء تلك النفس، فيكون ما يصيب واحدًا منهم كأنه يصيب الجميع، إذا اشتكى عضو واحد من شخص .تداعى سائر الأعضاء إلى الحمى والسهر، فمتى عاب مؤمنًا . فكأنما عاب نفسه، كقوله تعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}، وفي قوله: {أَنْفُسَكُمْ}: تنبيه إلى أنَّ العاقل لا يعيب نفسه، فلا ينبغي أن يعيب غيره؛ لأنّه كنفسه.(حدائق الروح والريحان (27/366)
-عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى.صحيح مسلم (٢٥٨٦)
(4)وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ:-
-قال تعالى :وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ (11) الحجرات.
-قوله: وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ أى: ولا يخاطب أحدكم غيره بالألفاظ التي يكرهها، بأن يقول له يا أحمق، أو يا أعرج، أو يا منافق.أو ما يشبه ذلك من الألقاب السيئة التي يكرهها الشخص. فالتنابز: التعاير والتداعي بالألقاب المكروهة، يقال: نبزه ينبزه- كضربه يضربه- إذا ناداه بلقب يكرهه، سواء أكان هذا اللقب للشخص أم لأبيه أم لأمه أم لغيرهما.(التفسير الوسيط لطنطاوى (13/312).
خامساً :كيف تتخلص من السخرية ؟ منها مثلاً :
(1)عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ :
-قال تعالى :يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ (11) الحجرات.قوله: عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ تعليل للنهى عن السخرية. أى: عسى أن يكون المسخور منه خيرا عند الله تعالى من الساخر، إذ أقدار الناس عنده تعالى ليست على حسب المظاهر والأحساب.. وإنما هي على حسب قوة الإيمان، وحسن العمل. (التفسير الوسيط لطنطاوى (13/312). عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ»صحيح مسلم(2564).”إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ”أَيْ: نَظَرَ اعْتِبَارٍ(إِلَى صُوَرِكُمْ):إِذْ لَا اعْتِبَارَ بِحُسْنِهَا وَقُبْحِهَا (وَأَمْوَالِكُم):إِذْ لَا اعْتِبَارَ بِكَثْرَتِهَا وَقِلَّتِهَا (وَلَكِنْ) :وَ إِنَّمَا (يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ) أَيْ: إِلَى مَا فِيهَا مِنَ الْيَقِينِ، وَالصِّدْقِ، وَالْإِخْلَاصِ، وَقَصْدِ الرِّيَاءِ، وَالسُّمْعَةِ، وَسَائِرِ الْأَخْلَاقِ الرَّضِيَّةِ،وَالْأَحْوَالِ الرَّدِيَّةِ (وَأَعْمَالِكُمْ) أَيْ:مِنْ صَلَاحِهَا وَفَسَادِهَا، فَيُجَازِيكُمْ عَلَى وَفْقِهَا.(مرقاة المفاتيح (8/3331)
-عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ يَجْتَنِي سِوَاكًا مِنَ الْأَرَاكِ، وَكَانَ دَقِيقَ السَّاقَيْنِ، فَجَعَلَتِ الرِّيحُ تَكْفَؤُهُ،فَضَحِكَ الْقَوْمُ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:”مِمَّ تَضْحَكُونَ؟ “قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ، فَقَالَ:”وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ “مسند أحمد(3991) ،الصَّحِيحَة: 2750، 3192)
(2) البغض والكره من الله تعالى:
-عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ:«مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ،وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيءَ»سنن الترمذى(2002)،وصحيح الجامع (135)
-(الْفَاحِشِ) أَيْ: مَنْ لَهُ الْفُحْشُ فِي كَلَامِهِ وَفِعَالِهِ قِيلَ أَيِ: الشَّاتِمُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الشَّتْمُ الْقَبِيحُ الَّذِي يَقْبُحُ ذِكْرُهُ.(وَلَا الْبَذِيءِ) وَهُوَ الَّذِي لَا حَيَاءَ لَهُ.(مرقاة المفاتيح (7/3044)
(3)أصلح عيوب نفسك :
-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يُبْصِرُ أَحَدُكُمُ الْقَذَاةَ فِي عَيْنِ أَخِيهِ، وَيَنْسَى الْجِذْعَ فِي عَيْنِهِ»صحيح ابن حبان (5761)، صحيح الجامع (8013).(في عينه) مثل ضرب لمن يرى الصغير من عيوب الناس ويعيرهم به وفيه من العيوب ما نسبته إليه كنسبة الجذع إلى القذاة وذلك من أقبح القبائح وأفضح الفضائح فرحم الله من حفظ قلبه ولسانه ولزم شأنه وكف عن عرض أخيه وأعرض عما لا يعنيه فمن حفظ هذه الوصية دامت سلامته وقلت ندامته فتسليم الأحوال لأهلها أسلم.(فيض القدير (6/456)
(4) السخرية شر :
-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،قال :قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ،إِنَّ فُلَانَةَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ، وَتَفْعَلُ، وَتَصَدَّقُ، وَتُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:”لَاخَيْرَ فِيهَا هِيَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ.شعب الإيمان (9098)السلسلة الصحيحة (190).تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا: بالسب والشتم والمعايرة ،والغمز واللمز والغيبة والنميمة
(5)سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ:
-قال تعالى :الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79) التوبة .
-المعنى:أي فجازاهم الله بمثل ذنبهم، فجعلهم سخريةً للمؤمنين وللناس أجمعين، بفضيحتهم ،ببيان مخازيهم وعيوبهم، وقيل: هو دعاء عليهم بأن يسخر الله بهم كما سخروا بالمؤمنين. {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}؛ أي: وجيع في الآخرة.حدائق الروح والريحان (11/376).-سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بيان لجزائهم وسوء عاقبتهم.أى: إن هؤلاء الساخرين من المؤمنين جازاهم الله على سخريتهم في الدنيا، بأن فضحهم وأخزاهم، وجعلهم محل الاحتقار والازدراء .(التفسير الوسيط لطنطاوى (6/362)
-عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، فَقَالَ:«يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُوا المُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ المُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ»سنن الترمذى (2032)،صحيح الجامع (7984).
-زُبْدَةُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ لَا يَقَعَ فِي عِرْضِ أَخِيهِ بِالْغِيبَةِ وَالطَّعْنِ وَالْقَذْفِ وَالشَّتْمِ وَالْغَمْزِ وَاللَّمْزِ وَالتَّجَسُّسِ عَنْ عَوْرَاتِهِ وَإِفْشَاءِ أَسْرَارِهِ، فَإِنَّ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ فَيَفْضَحُهُ،وَلَوْ فِي جَوْفِ بَيْتِهِ.(مرقاة المفاتيح (7/3104)
(6)التوبة إلى الله تعالى :-
-قال تعالى :يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) الحجرات.{وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} فهذا [هو] الواجب على العبد، أن يتوب إلى الله تعالى، ويخرج من حق أخيه المسلم، باستحلاله، والاستغفار، والمدح له مقابلة [على] ذمه.(تفيسير السعدى صـ801)