أخبار الصحةأخبار رياضيةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوععاجل
خطبة الجمعة 2 مايو 2025م، للشيخ ثروت سويف

خطبة الجمعة القادمة 1 : ٢ مايو ٢٠٢٥م، الموافق ٤ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ تحت عنوان : “ونغرس فيأكل من بعدنا” للشيخ ثروت سويف
اقرأ في هذه الخطبة
أولا : اغتنام عهد الشباب في البناء
ثانياً : ونغرس فيأكل من بعدنا
ثالثاً : بالاجتهاد والعمل نبلغ الأمل
خطبة الجمعة 2 مايو 2025م word ، للشيخ ثروت سويف
خطبة الجمعة 2 مايو 2025م pdf ، للشيخ ثروت سويف
الخطبة الأولى
الحمد لله مزين السماء ببديع المصابيح، ومغذي الملائكة بحلاوة التسبيح، الذي شهدت بتوحيده عجائب المصنوعات، ونطقت بتحميده غرائب الموجودات ، وسبح له الخلق باختلاف اللغات، فسبحان من لا مثيل له في الأرض والسموات
وأشهد أن ألا إله إلا الله وحده لا شريك له أبدع الكائنات المتنوعات على غير نظير ومثال وأتقن جميع المصنوعات فما يرى فيها تفاوت ولا إخلال وجعلها على قدرته ووحدانيته آيات
ألا له الخلق والأمر لا إله إلا هو شهادة تنفي الشرك وتنافي الضلال وتنجينا يوم القيامة من الخطرات
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله أكرم به نبيا وأنعم به عبدا اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه خير صحب وآل الذين اعتدل بهم قوام هذا الدين أتم اعتدال صلاة وسلامًا الي يوم البعث بعد الممات.
أما بعد
فان حديثنا اليوم عن الغرس والعمل والعبادة واعلموا ان من تعود إتقان العطاء ، وجد السعادة دوماً في طول البقاء
أولا : اغتنام عهد الشباب في البناء
إخوة الإسلام: إن غرس القيم في الأبناء يجب أن يكون من وقت مبكر، بل يجب أن يسبق ولادة الطفل، فقد سأل أحدهم عالمًا فقال: كيف أربّي ولدي؟ فقال له العالم: كم عمر ولدك؟ قال السائل عامان ..
فرد العالم قائلاً: لقد تأخرتَ.
فسأله: متى تبدأ التربية إذن؟ فقال: إن حسن التربية يجب أن يسبق ولادة الطفل، وذلك من خلال حسن اختيار الأم، كما أرشد لذلك النبي عليه الصلاة والسلام: “تُنكح المرأة لأربع: لحسبها، ونسبها، وجمالها، ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك”.
والأحلام أيضاً تحتاج الي مصلحين، فلا تروق أبداً لمن ينتظر أن يراها وهو نائم فان السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة
فربنا سبحانه وتعالى بين لنا انه لا يضيع اجر من احسن عملا فالغرس والزرعوتأمين المستقبل جهاد الرجال قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا } [الكهف: 30].
ولما كانت مرحلة الشباب هي المرحلة الأكثر أهمية في حياة الإنسان، لما تتميز به من الحيوية والنشاط، وحدة الذكاء، والقدرة على الاستيعاب، والصبر والتحمل كان لزاما علي شبابنا الكد والعمل لإثبات الذات
عباد الله : إن غنيمة الشباب فيها مصلحةٌ عظيمة، ذاك لأن في الشباب مقدرةٌ على العمل ، نعم في الشباب قدرةٌ، من الشباب من يقدر علي تحقيق ذاته وطموحة ورفعة بلاده روي الحاكم في المستدرك عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: ” اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاءَكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ « صحيح على شرط البخاري ومسلم
وقد كان شباب الصحابة مثالا لبناء الذات واتقان العمل والعبادة وإليك أمثلة من هؤلاء في مرحلة الشباب لتعلم أن الفتى إذا ربي تربى، وإذا علم تعلم، وإذا وجد يداً حانية، وقلباً رحيماً، وموجهاً حاذقاً، ومجتمعا صالحاً صدرت منه الأعاجيب، وتصرف كتصرف أشجع الرجال، وأعقل العقلاء. وإليك هذا المثال لتتبين حرص شباب الصحابة على طلب العلم وحفظ القرآن، فقد روى الإمام أحمد أن قوم زيد بن ثابت رضي الله عنه أتوا ِإلى النبي مفاخرين بما حصل صاحبهم، فقالوا: هذا غلام من بني النجار معه مما أنزل الله عليك بضع عشرة سورة فأعجب ذلك النبي وقال: ((يا زيد، تعلم لي كتاب يهود فإني والله ما آمن يهودي على كتابي))، قال زيد: فتعلمت كتابهم ما مرت بي خمس عشرة ليلة حتى حذقته، وكنت أقرأ له كتبهم إليه، وأجيب عنه إذا كتب.
يا شباب أتدرون من أول من سل سيفه في سبيل الله. اسمع رعاك الله.
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: “عن عروة قال: أسلم الزبير ابن ثمان سنين، ونُفخت نفخة من الشيطان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُخذ بأعلى مكة، فخرج الزبير وهو غلام ابن اثنتي عشرة سنة بيده السيف، فمن رآه عجب وقال: الغلام معه السيف، حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما لك يا زبير، فأخبره وقال: أتيت أضرب بسيفي من أخذك، فدعا له ولسيفه))”، يا شباب: على مثل سير هؤلاء فلتكن التربية، فلتكن القدوة، فلتكن الهمة، فليكن الشموخ والاستعلاء.
وعن حفصة بنت سيرين قالت: يا معشر الشباب اعملوا فإني رأيت العمل في الشباب.
وأسامة يقود الجيوش ولم يبلغ السابعة عشر من عمره، ومحمد بن القاسم يفتح بلاد الهند والسند ولم يبلغ العشرين، وعقبة بن نافع شاب في الخامسة والعشرين من عمره يفتح إفريقيا، وينتشر فيها الإسلام، ويجوب المغرب حتى وقف على المحيط موحّدًا مصلّيًا، وهو يقول: “والله، لو أعلم أن وراء هذا الماء أرضًا لخضته بفرسي هذا رافعًا لا إله إلا الله”. وما علم ـ رحمه الله ـ أن وراء ذلك المحيط قارتا امريكا الجنوبية والشمالية
ولله در شوقي حيث يقول:
كُن نَشيطاً عامِلاً جَمَّ الأَمَل … إِنَّما الصِحَّةُ وَالرِزقُ العَمَل
تِلكَ آثارُ بَني مِصرَ الأُوَل … أَتقَنوا الصَنعَةَ حَتّى في الجُعَل
ذكر صاحب كتاب موسوعة الأخلاق والزهد والرقائق قال ورد أن شقيق البلخي ودع صديقه إبراهيم بن أدهم، لسفره في تجارة، ولم يلبث إلا مدة يسيرة ثم عاد ولقيه إبراهيم، فعجب لسرعة إيابه من رحلته، فسأله: لِمَ رجع؟ فقص عليه قصة شهدها أنه رأى طائرًا أعمى كسيحًا وجاء طائر آخر يحمل إليه الطعام ويمده به، حتى يأكل ويشبع، فقال شقيق: إن الذي رزق هذا الطائر الأعمى الكسيح في هذه الخربة لقادر على أن يرزقني، وقرر العودة، فقال له إبراهيم بن أدهم: سبحان الله يا شقيق! ولماذا رضيت لنفسك أن تكون الطائر الأعمى العاجز الكسيح ، ولا تكون أنت الطائر الذي يسعى ويكدح ويعود بثمره على العُمى من حوله، أما سمعت قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “اليد العليا خير من اليد السفلى” [متفق عليه].
ثانيا : ونغرس فيأكل من بعدنا
اعلموا انه مامن زارع الا سيحصد خيرا ومن جد وجد ونزرع ليحصد ابناءنا كما زرع ابناءنا فحصدنا روي في الصحيحين البخاري ومسلم : (عَنْ أَنَسٍ – رضى الله عنه – قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – : « مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا ، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا ، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ ، إِلاَّ كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ »
وفي رواية لمسلم :عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قال دَخَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى أُمِّ مَعْبَدٍ حَائِطًا فَقَالَ : « يَا أُمَّ مَعْبَدٍ مَنْ غَرَسَ هَذَا النَّخْلَ أَمُسْلِمٌ أَمْ كَافِرٌ ». فَقَالَتْ بَلْ مُسْلِمٌ. قَالَ : « فَلاَ يَغْرِسُ الْمُسْلِمُ غَرْسًا فَيَأْكُلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ وَلاَ دَابَّةٌ وَلاَ طَيْرٌ إِلاَّ كَانَ لَهُ صَدَقَةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ».
فثواب ذلك لموصول، ما دام الزرع مأكولا منه، حتى ولو انتقل إلى ملك غيره ، ولو مات الغارس ، أو الزارع.
ولو سرق كما في رواية مسلم عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: « مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا إِلَّا كَانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةً، وَمَا سُرِقَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ مِنْهُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَا أَكَلَتِ الطَّيْرُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ، وَلَا يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةٌ ».
قال النّوويُّ في شرح مسلم : في هذا الحديث فَضِيلةُ الغَرْسِ وفضِيلةُ الزَّرْعِ وأنّ أجْرَ فَاعِلِي ذلكَ مُستَمِرٌّ ما دامَ الغَرْسُ والزّرْعُ وما توَلّدَ منهُ إلى يومِ القيامةِ ، ولقد أخذ صاحب هذا العمل تلك المنزلة من الأجر والمثوبة، لأنه بهذا شارك في عمارة الحياة، فلم يعش لنفسه فقط، وإنما عمل لمصلحة مجتمعه، وقدم لنماء الخير مستطاعه، وسواء حصل من زرعه على شيء ، أو لم يحصل، وسواء عاش ليأكل منه ، أم لا. فينبغي للمؤمن أن تكون له همة عالية ، وأن يستكثر من الخيرات ،والأعمال الصالحات، وأن لا يرغب بالأقل ، بل يجتهد في الاستكثار من الخيرات ، ومسارعة إلى الطاعات؛ لأن ذلك يزيد في ثوابه وأجره ، ورفعة درجاته؛ ، وقد استدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن الزراعة أفضل أعمال الكسب والمعاش
عباد الله خُلِقْتُمْ مِنْ سَبْعٍ، ورُزقتُمْ مِنْ سَبعٍ فاسجُدُوا للهِ على سَبْعٍ ليكون شكرًا لها والرزق من سبع، هو قوله تعالى ( فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا (27) وَعِنَباً وَقَضْباً (28 ) وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً (29) وَحَدائِقَ غُلْباً (30) وَفاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (32) عبس
أَيْ لِيَتَدَبَّرْ كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ طَعَامَهُ الَّذِي هُوَ قِوَامُ حَيَاتِهِ، وَكَيْفَ هَيَّأَ لَهُ أَسْبَابَ الْمَعَاشِ، لِيَسْتَعِدَّ بِهَا لِلْمَعَادِ.
*نزرع ليأكل من بعدنا*
مر كسري على شيخ كبير يغرس غرسا فقال له أنت تؤمل أن تأكل منه قال زرعوا لنا فأكلنا ونزرع لهم فيأكلون فأعطاه ألفا فضحك الشيخ فسأله عن ذلك فقال عجبت من سرعة ثمرة هذا الغراس فأعطاه ألفا أخرى فضحك فسأله فقال الغراس يحمل مرة في العام وغراسي هذا حمل مرتين فأعطاه ألفا أخرى وتركه
قال عبد الله بن سلام لا تدع غراس أرضك وإن خرج الدجال وقيل لعثمان بن عفان رضي الله عنه أنغرس بعد الكبر فقال لأن تقوم الساعة وأنا من المصلحين خير من أن توافيني وأنا من المفسدين
أنزل الله على داود عليه السلام في الزبور إني أنا الله رب كل شيء خلقت الدنيا وجعلت قوامها القمح والشعير ولم أخلق شيئا أعز علي منهما فمن أفسد منهما شيئا فقد برئت منه ذمتي
قال عبد الله بن سلام خلق الله القمح والشعير وجعلهما رأس كل بركة فيهما أمن الأرض أن تزول روي البزار عن عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ أُمِّ حَرَامٍ الْأَنْصَارِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَكْرِمُوا الْخُبْزَ فَإِنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ بِهِ بَرَكَاتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» رواه البزار، والطبراني
إن أول صناعة عملت على وجه الأرض صناعة الحرث وأول من حرث آدم ثم أدركه التعب في آخر النهار فقال لحواء ازرعي ما بقي فصار زرعها شعيرا فتعجب من ذلك فأوحى الله إلى آدم لما أطاعت العبد بدلت لها القمح بالشعير قال كعب الأحبار رضي الله عنه كانت الحبة في عهد آدم كبيض النعام..
فينبغي للمؤمن أن تكون له همة عالية ، ونية طيبة في كل أعماله؛ زراعة ، غراسة ، سقي ماء ، أو أي شيء ينفع الناس ، وتكون له فيه نية صالحة ، يرجو فيها ثواب الله؛ كالزرع والغرس ، وإيجاد مصانع الماء للناس ،ومحل ورد للناس ،وتسهيل الطريق ،وإزالة الأذى من الطرق ، إلى غير هذا من وجوه الخير فعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ” إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا، فَلْيَفْعَلْ ” مسند احمد
ونهى صلى الله عليه وسلم عن ترك الأرض بورًا من غير زرع؛ فقال: ((من كانت له أرض فليزرعها، أو ليمنَحها أخاه، فإن أبى فليُمسك أرضه))؛ [رواه البخاري، ومسلم
وعَنِ السَّائِبِ بْنِ سُوَيْدٍ، رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ شَيْءٍ يُصِيبُ زَرْعَ أَحَدِكُمْ مِنَ الْعَوَافِي إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى يَكْتُبُ لَهُ بِهِ أَجْرًا» المعجم الكبير للطبراني
وقد صرَّح النبي صلى الله عليه وسلم بأن الغرس من الأعمال التي تبقى للرجل بعد موته؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((سبعة يجري على العبد أجرهن بعد موته في بره: من علم علمًا، أو أكرى نهرًا، أو حفر بئرًا، أو غرس نخلًا، أو بنى مسجدًا، أو ورث مصحفًا، أو ترك ولدًا يستغفر له))؛ [أخرجه البزار وأبو نعيم].
إنَّ غرس الشجر ليس من العبث، واللهو، وإنَّما فيه أجر وثواب من الله
وذكر الشاشي وصاحب البيان وآخرون نحو ما ذكره الماوردي وأخذوه عنه: “ثم ذكر النووي حديث المقدام بن معديكرب رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده))؛ [رواه البخاري]، ثم قال: “فالصوابُ ما نص عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عمل اليد، فإن كان زراعًا فهو أطيب المكاسب وأفضلها؛ لأنه عمل يده، ولأن فيه توكلًا، كما ذكره الماوردي”.
نقل النووي في المجموع: “قال الماوردي: أصول المكاسب الزارعة والتجارة والصنعة، وأيها أطيب؟ قال (الماوردي): والأشبه عندي أن الزراعة أطيب؛ لأنها أقرب إلى التوكل”.
قال أرسطا طاليس: أول الصناعات الضرورية الصيد ثم البناء ثم الفلاحة، وذلك لو أن رجلاً سقط إلى بلدة ليس بها أنيس ولا زرع لم تكن له همة إلا حفظ جسمه ونفسه بالغذاء الذي به قوامه، فليس يفكر إلا فيما يصيده، فإذا صاد واغتذى فليس يفكر بعد ذلك إلا فيما يستظل به ويستكن فيه وهو البناء، فإذا تم له فكر حينئذ فيما يزرعه ويغرسه
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد
فإن الإسلامُ منهجٌ متكاملٌ وتشريعٌ شاملٌ لكلِّ مجالاتِ الحياة.. إِيمانٌ وعملٌ.. عقيدةٌ وشريعةٌ.. عبادةٌ ومعاملةٌ فكرٌ وعاطفةٌ.. أخلاقٌ وعمرانٌ.. ومسكينٌ من يعتقدُ أنَّ الإسلامَ صلاةٌ وعباداتٌ ومسجدٌ ويُهمل في الصلاة ثم الحياة والاقتصاد والسياسة، وحماية البيئةِ وعمارةُ الأرضِ حَجراً وشَجراً والنظافةُ مما يشمل البلاد والعباد ويُقيم الدين والدنيا؛ هذا هو الإسلام (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً)[المائدة: 3].
أرضٌ أنشأَها الله (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)[الملك: 15]، وأوصانا بعمارتها وعدم الإفساد فيها بعد إصلاحها لا بحروب ولا دمار ولا بقطعٍ للأشجار ولا فساد.
ثالثا : بالاجتهاد والعمل نبلغ الأمل
عباد الله : اعلموا ان الأمل مفاتيح الحياة وان العمل هو العطاء ليبقى الأمل وتوكلك على ربك هو ما يعطيك الأمل بأن رزقك مكتوب وعمرك محسوب وقدرك قد قدر
الأمل لا بد منه لتقدُّم العلوم، فلو وقف عباقرة العلم والاختراع عند مقررات زمنهم، ولم ينظروا إلا إلى مواضع أقدامهم، ولم يمدهم الأمل بروحه في كشف المجهول، واكتساب الجديد من الحقائق والمعارف، ما خطا العلم خطواته الرائعة إلى الأمام، ووصل بالإنسان إلى القمر
والأمل لا بد منه لنجاح الرسالات والنهضات، وإذا فقد المصلح أمله، فقد دخل المعركة بلا سلاح يقاتل به، وبلا يد تمسك بالسلاح، فأَنَّى يرتقب له انتصار وفلاح؟
وإذا استصحب الأمل، فإن الصعب سيهون، والبعيد سيدنو، والأيام تقرب البعيد، والزمن جزء من العلاج، والمثل الأعلى للمصلحين سيدنا رسول الله صلوات الله عليه، فقد ظل في مكة ثلاثة عشر عامًا يدعو قومه إلى الإسلام، فيَلْقَوْن دعوته بالاستهزاء، وقرآنه باللغو فيه، وحججه بالأكاذيب، وآياته بالتعنت والعناد، وأصحابه بالأذى والعذاب، فما لانت له قناة، ولا انطفأ في صدره أمل. وقد اشتد أذى المشركين لأصحابه، فأمرهم بالهجرة إلى الحبشة، وقال لهم في ثقة ويقين: ((تفرقوا في الأرض، وإن الله سيجمعكم)).
فلولا الأمل ما بني بان، ولا غرس غارس، ولولا الأمل لما تحققت كل الإنجازات التي وصلت إليها البشرية. وذلك لأن المخترع لم يتمكن غالبا من تحقيق انجازه من أول مرة. أديسون بعدما أخطأ 999 مرة نجح في صنع أول مصباح كهربائي.
وإلا فما يدفع الزارع الي الكد والعرق ويرمي بحبات البذور في الطين؟ إنه أمله في الحصاد وجني الثمار.
وما الذي يغري التاجر بالأسفار والمخاطر ومفارقة الأهل والأوطان؟ إنه الأمل في الربح.
وما الذي يدفع الطالب إلي الجد والمثابرة والسهر والمذاكرة؟ إنه أمله في النجاح.
وما الذي يحفز الجندي إلي الاستبسال في القتال والصبر علي قسوة الحرب؟ إنه أمله في إحدى الحسنيين إما نصر وإما شهادة.
وما الذي يجعل المريض يتجرع الدواء المرير وربما في ببعض الأحيان أن يقطع من جسده في عملية جراحية؟إنه أمله في العافية.
وما الدافع الذي يجعل المؤمن يسلك سلوكا تكرهه نفسه وبه يخالف هواه ويطيع ربه؟ إنه أمله في مرضاة خالقه والجنة.
فالأمل قوة دافعة تشرح الصدر وتبعث النشاط في الروح والبدن، واليأس يولد الإحباط فيؤدي إلي الفشل.
قصة الحمّال الذي صار خليفة للمسلمين
هذه القصة حدثت تفاصيلها في الأندلس في الدولة الأموية يرويها لنا التاريخ . وهي تحكي ثلاثة من الشباب كانوا يعملون حمّارين – يحملون البضائع للناس من الأسواق إلى البيوت على الحمير – وفي ليلة من الليالي وبعد يوم من العمل الشاق , تناولوا طعام العشاء وجلس الثلاثة يتسامرون فقال أحدهم واسمه ” محمد ” افترضا أني خليفة .. ماذا تتمنيا ؟فقالا هذا غير ممكن . فقال : افترضا جدلاً أني خليفة .. فقال ألأول أتمنى حدائق غنّاء , وماذا بعد قال الرجل و إسطبلاً من الخيل , قال وماذا بعد , قال وأريد مائة جارية .. وماذا بعد أيها الرجل , قال مائة ألف دينار ذهب . ثم ماذا بعد , يكفي ذلك يا أمير المؤمنين .
كل ذلك و محمد ابن أبي عامر يسبح في خياله الطموح ويرى نفسه على عرش الخلافة , ويسمع نفسه وهو يعطي العطاءات الكبيرة و أصبح غنياً بعد أن كان فقيرا
وبينما هو كذلك التفت إلى صاحبه الآخر وقال : ماذا تريد أيها الرجل . فقال : يا محمد إنما أنت حمّار , والحمار لا يمكن أن يكون خليفة ….. فقال محمد : يا أخي افترض جدلاً أنني الخليفة ماذا تتمنى ؟ فقال يا محمد إذا أصبحت خليفة فاجعلني على حمار ووجه وجهي إلى الوراء وأمر منادي يمشي معي في أزقة المدينة وينادي أيها الناااااااس ! أيها النااااااس ! هذا دجال محتال من يمشي معه أو يحدثه أودعته السجن … وانتهى الحوار ونام الجميع .
ومع بزوغ الفجر استيقظ محمد وصلى صلاة الفجر وجلس يفكر .. صحيح الذي يعمل حمارا لن يصل إلى الخلافة . فكر محمد كثيرا ثم قرر أن بيع الحمار . وفعلاً باع الحمار
وانطلق ابن أبي عامر بكل إصرار وجد . يبحث عن الطريق الذي يجعله خليفة وقرر أن يعمل في الشرطة بكل جد ونشاط – حتى أعجب به الرؤساء والزملاء والناس وترقى في عمله حتى أصبح رئيساً لقسم الشرطة في الدولة الأموية في الأندلس . ثم يموت الخليفة الأموي ويتولى الخلافة بعده ابنه هشام المؤيد بالله وعمره في ذلك الوقت عشر سنوات , وجعلوا محمد ابن أبي عامر وصياً علية.
وانتقلت شئون الحكم إليه , وقيادة الجيوش الية وفتح الأمصار واتسعت دولة بني أمية في عهده وحقق من الانتصارات ما لم يحققه خلفاء بني أمية في الأندلس .
وفي يوم من الأيام وبعد ثلاثين سنة من بيع الحمار والحاجب المنصور يعتلي عرش الخلافة وحوله الفقهاء والأمراء والعلماء .. تذكر صاحبيه الحمارين فأرسل أحد الجند وقال له : اذهب إلى مكان كذا فإذا وجدت رجلين صفتهما كذا وكذا فأتي بهما . أمرك سيدي ووصل الجندي ووجد الرجلين بنفس الصفة وفي نفس المكان … العمل هو هو ..المكان هو هو .. بنفس العقلية حمار منذ ثلاثين سنة .. قال الجندي : إن أمير المؤمنين يطلبكما , أمير المؤمنين إننا لم نذنب . لم نفعل شيئاً .. ما جرمنا .. قال الجندي : أمرني أن آتي بكما . ووصلوا إلى القصر , دخلوا القصر نظرا إلى الخليفة .. قالا باستغراب إنه صاحبنا محمد … قال الحاجب المنصور : اعرفتماني ؟ قالا نعم يا أمير المؤمنين , ولكن نخشى أنك لم تعرفنا , قال : بل عرفتكما.
ثم نظر إلى الحاشية وقال : كنت أنا وهذين الرجلين سويا قبل ثلاثين سنة وكنا نعمل حمارين وفي ليلة من الليالي جلسنا نتسامر فقلت لهما إذا كنت خليفة فماذا تتمنيا ؟ فتمنيا ثم التفت إلى ألأول وقال : ماذا تمنيت يا فلان ؟ قال الرجل حدائق غنّاء ,فقال الخليفة لك حديقة كذا وكذا . وماذا بعد قال الرجل : اسطبل من الخيل قال الخليفة لك ذلك وماذا بعد ؟ قال مائة جارية , قال الخليفة لك مائة من الجواري ثم ماذا ؟ قال الرجل مائة ألف دينار ذهب , قال : هو لك وماذا بعد ؟ قال الرجل كفى يا أمير المؤمنين . قال الحاجب المنصور ولك راتب مقطوع – يعني بدون عمل – وتدخل عليّ بغير حجاب . ثم التفت إلى الآخر وقال له ماذا تمنيت ؟ قال الرجل اعفني يا أمير المؤمنين , قال : لا و الله حتى تخبرهم قال الرجل : الصحبة يا أمير المؤمنين , قال حتى تخبرهم . فقال الرجل :- قلت إن أصبحت خليفة فاجعلني على حمار واجعل وجهي إلى الوراء وأمر منادي ينادي في الناس أيها الناس هذا دجال محتال من يمشي معه أو يحدثه أودعته السجن . قال الحاجب المنصور محمد ابن أبي عامر افعلوا به ما تمنى حتى يعلم ( أن الله على كل شيء قدير .. )
إن صناعة المل علمها لنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب لما حوصرت المدينة المنورة بعشرة آلاف، ووصل الموقف إلى درجة من الشدة حتى قال بعض المحاصرين: كان الرجل فينا لا يأمن على قضاء حاجته، فقد كانوا في حصار ومصائب وكوارث وحروب ومع ذلك لما عرضت لهم صخرة شديدة وذهبوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فجاء إليهم وأمسك بالمعول وضرب الحجر ضربة فانكسر ثلث الحجر، وتطاير الشرر
فعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ، قَالَ: وَعَرَضَ لَنَا صَخْرَةٌ فِي مَكَانٍ مِنَ الخَنْدَقِ، لَا تَأْخُذُ فِيهَا الْمَعَاوِلُ، قَالَ: فَشَكَوْهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ عَوْفٌ:، وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَضَعَ ثَوْبَهُ ثُمَّ هَبَطَ إِلَى الصَّخْرَةِ، فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ فَقَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ» فَضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ، وَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ مِنْ مَكَانِي هَذَا» . ثُمَّ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ» وَضَرَبَ أُخْرَى فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ فَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ الْمَدَائِنَ، وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الْأَبْيَضَ مِنْ مَكَانِي هَذَا» ثُمَّ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ» وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ فَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذَا» اخرجه احمد في مسنده
فبشرهم بفتح اليمن وفارس والشام وهم في ذلك الحصار، والمسلمون يسمعون ويصدقون، والمنافقون يقولون: {مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب:12]، وأما المؤمنون فلما رأوا الأحزاب {قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب:22]، وهذا الإيمان والتسليم واليقين هو الذي قادهم إلى فتح هذه البلاد
هذا هو مسك الختام وبدر التمام سيد البشرية سيدنا مُحمد -عليه الصلاةُ والسلام- وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرعى الغنم لأهل مكة بالقراريط قال سويد: يعني كل شاة بقيراط فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الغَنَمَ»، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ» كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وِآلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَمِلَ عَمَلاً أَثْبَتَهُ , فإتقان العمل يدل على كمال العامل.
وعمل النبيّ صلي الله عليه وسلم بالتِّجارة بعد عمله برعي الغنم، وذلك بعد أن طلب من عمِّه أبي طالب وهو في سنِّ الثانية عشر من عُمره أن يصحَبَهُ معه في تجارتهِ إلى بلاد الشّام، وهناك التقوا بالراهب بحيرا الذي أخبر أبا طالب أنّ ابن أخيه محمّد سيكون له شأنٌ عظيمٌ، ثُمّ كانت رحلته الثانيّة إلى بلاد الشَّام في تجارةٍ للسيدة خديجة -رضي الله عنها- مع غُلامها ميسرة وما قاله عن صدقه وأمانته وإتقانه وظل يتاجر حتي لحق بالرفيق الأعلى
واخيرا : الصانع المتقن ظاهرة حضارية.
والإتقان هدف تربوي، ومن أسس التربية في الإسلام، لأن الإتقان في المجتمع المسلم ظاهرة سلوكية تلازم المسلم في حياته، والمجتمع في تفاعله وإنتاجه، فلا يكفي الفرد أن يؤدي العمل صحيحاً بل لا بد أن يكون صحيحاً ومتقناً، حتى يكون الإتقان جزءاً من سلوكه الفعلي .
والإتقان في المفهوم الإسلامي ليس هدفاً سلوكياً فحسب، بل هو ظاهرة حضارية تؤدي إلى رقي الجنس البشري، وعليه تقوم الحضارات، ويعمر الكون، وتثرى الحياة، وتنعش، ثم هو قبل ذلك كله هدف من أهداف الدين يسمو به المسلم ويرقى به في مرضاة الله والإخلاص له لأن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه، وإخلاص العمل لا يكون إلا بإتقانه.
فالإتقان سمة أساسية في الشخصية المسلمة يربيها الإسلام فيه منذ ان يدخل فيه، وهي التي تحدث التغيير في سلوكه ونشاطه، فالمسلم مطالب بالإتقان في كل عمل تعبدي أو سلوكي أو معاشي؛ لأن كل عمل يقوم به المسلم بنيّة العبادة هو عمل مقبول عند الله يُجازى عليه سواء كان عمل دنيا أم آخرة. قال تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين)). [الأنعام: 162-163].
إننا نفتقد التربية الأسرية والمدرسية والاجتماعية التي تربي الصانع المتقن في حياتنا وان يكون عنده مهارة داخلية تعبر عن قوة الشخصية التي تكسب الإنسان الاتزان والثقة والاطمئنان والتفرد إلى جانب اكتساب المهارة المادية والحركية.
فلنشكر الله علي الصحة ولنتقن العمل والصنعة
أخرج مسلم وأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله عز وجل يقوم القيامة: يا ابن آدم حملتك على الخيل والإبل، وزوجتك النساء وجعلتك ترْبَع وترأس، فأين شكر ذلك؟)).
هذا وصلوا وسلموا على نبي الهدى ودين الحق، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
جمع وترتيب ثروت سويف امام وخطيب بالأوقاف المصرية