خطبة بعنوان: أثر مواجهة الدعوات الهدامة في تحقيق الأمن والاسقرار، للدكتور خالد بدير
خطبة بعنوان: أثر مواجهة الدعوات الهدامة في تحقيق الأمن والاسقرار، للدكتور خالد بدير
لتحميل الخطبة بصيغة أضغط هنا
لتحميل الخطبة بصيغة أضغط هنا
ولقراءة الخطبة كما يلي:
عناصر الخطبة:
العنصر الأول: أهمية الأمن ومكانته في الإسلام
العنصر الثاني: نعمة الأمن وأثرها في نهضة المجتمع
العنصر الثالث: وسائل تحقيق الأمن ومواجهة الدعوات الهدامة بين الواقع والمأمول
المقدمة: أما بعد:
العنصر الأول: أهمية الأمن ومكانته في الإسلام
عباد الله: إنَّ نِعَم الله علينا كثيرة، وآلاؤه عظيمة، ولو جلَسنا نُعدِّدها ما استطعنا عدَّها أو حصرها؛ قال تعالى:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا } [إبراهيم: 34]؛ لكن هنالك نعمة في غاية الأهميَّة والخطورة ربما لا نشعُر بها، ولا نُعيرها اهتِمامنا كثيرًا، إنها نعمة الأمن والأمان، فيجبُ علينا إدراك قيمة هذه النِّعمة، وأنْ نتذكَّرها، وأنْ نعرف كيف نُحافِظ عليها، وأنْ نحذر من أسباب زوالها؛ خاصَّة وأنَّ أصحاب الدعوات الهدامة يحاوِلون جادِّين زعزعة استِقرار بلادنا وأمننا، مستغلِّين في ذلك بعضًا من أبناء هذا الوطن، بتلويث أفكارهم وتحريضهم على ما يضرُّهم ولا ينفعُهم!!
أيها المسلمون: إنّ نعمة الأمن أعظم من نعمة الرزق؛ ولذلك قُدِّمت عليها في الآية الكريمة: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[البقرة: 126]. فبدأ بالأمن قبل الرزق لسببين:
الأول: لأن استتباب الأمن سبب للرزق، فإذا شاع الأمن واستتبَّ ضرب الناس في الأرض، وهذا مما يدر عليهم رزق ربهم ويفتح أبوابه، ولا يكون ذلك إذا فُقد الأمن.
الثاني: ولأنه لا يطيب طعام ولا يُنتفع بنعمة رزق إذا فقد الأمن؛ فمَن مِن الناس أحاط به الخوف من كل مكان، وتبدد الأمن من حياته ثم وجد لذة بمشروب أو مطعوم؟!
“وقد سئل بعض الحكماء فقيل له ما النعيم ؟! قال: الغِنَى فإنى رأيت الفقر لا عيش له، قيل: زدنا، قال: الأمن فإنى رأيت الخائف لا عيش له؛ قيل: زدنا؛ قال: العافية فإنى رأيت المريض لا عيش له، قيل: زدنا؛ قال: الشباب فإنى رأيت الهرم لا عيش له.” ( إحياء علوم الدين) .
ولأهمية الأمن كان مطلب الأنبياء والصالحين بل والناس جميعاً: فإبراهيم عليه السلام يدعو الله أن يجعل بلده آمناً؛{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ}(إبراهيم:35)؛ ويوسف عليه السلام يطلب من والديه دخول مصر مخبراً باستتباب الأمن بها؛ { فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ}(يوسف: 99). ؛ ولمَّا خاف موسى أعلمه ربه أنه من الآمنين ليهدأ رَوْعه، وتسكن نفسه؛ {وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ }(القصص: 31).
ولما عفا النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل مكة يوم فتحها ذكَّرهم بما ينالون به من الأمن؛ مما يدل على أهميته لدى المؤمنين والكافرين، فقال: « مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ ؛ وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ؛ وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ » ( مسلم)
ولأهمية الأمن ومكانته في الإسلام أعلاه العلماء منزلة أعظم من نعمة الصحة. قال الرازي رحمه الله: “سئل بعض العلماء: الأمن أفضل أم الصحة؟ فقال: الأمن أفضل، والدليل عليه أن شاة لو انكسرت رجلها فإنها تصح بعد زمان، ثم إنها تقبل على الرعي والأكل؛ ولو أنها ربطت في موضع وربط بالقرب منها ذئب فإنها تمسك عن العلف ولا تتناوله إلى أن تموت، وذلك يدل على أن الضرر الحاصل من الخوف أشد من الضرر الحاصل من ألم الجَسَد”(تفسير الرازي).
ولأهمية الأمن أكرم الله به أولياءه في دار كرامته؛ لأنه لو فُقد فُقد النعيم، قال رب العالمين: {ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ}(الحجر: 46)، وقال:{يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ} (الدخان : 55)، وقال:{وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} (سبأ : 37).
أحبتي في الله: إن الأمن والاستقرار إذا عَمَّ البلادَ، وألقى بظلِّه على الناس، أَمِنَ الناس على دينهم وأنفسهم وعقولهم وأموالهم وأعراضهم ومحارمهم، ولو كتَب الله الأمن على أهل بلد من البلاد، سارَ الناس ليلاً ونهارًا لا يخشَوْن إلا الله؛ وفي رِحاب الأمن وظلِّه تعمُّ الطمأنينة النُّفوس، ويسودُها الهُدُوء، وتعمُّها السعادة؛ ويجمع صلى الله عليه وسلم ذلك في قوله: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ؛ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا» (الترمذي وابن ماجة وصححه الألباني في الصحيحة)
وصدق من قال:
إِذَا اجْتَمَعَ الإِسْلاَمُ وَالقُوتُ لِلْفَتَى …………وَكَانَ صَحِيحًا جِسْمُهُ وَهْوَ فِي أَمْنِ
فَقَدْ مَلَكَ الدُّنْيَا جَمِيعًا وَحَازَهَا …………وَحَقٌّ عَلَيْهِ الشُّكْرُ للهِ ذِي الْمَنِّ
أيها المسلمون: إنَّ مكانة الأمن كبيرة، ولذلك كان نبيُّكم – صلَّى الله عليه وسلَّم – إذا دخل شهرٌ جديد ورأى هلاله سأل الله أنْ يجعَلَه شهر أمن وأمان، فيقول: ” اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان؛ والسلامة والإسلام؛ ربي وربك الله ” (الترمذي والحاكم وصححه الألباني)
فالأمن تُحقَن فيه الدِّماء، وتصَان الأموال والأعراض، وتَنام فيه العيون، وتطمئنُّ المضاجع، ويتنعَّم به الكبير والصغيرُ والإنسان والحيوان، فالأمن مِن نِعَمِ الله العُظمَى وآلائه الكبرى، لا تصلُح الحياة إلاَّ به، ولا يطيب العيش إلا باستِتْبابِه!!
إن الأمنَ لو سُلب من بلد ما، فتصوَّر كيف يكون حالُ أهله؟! لو خرَج ابنك إلى الشارع لا تأمن عليه، لو ذهبتْ بنتك إلى المدرسة خشيت ألاَّ ترجع إليك، لو ذهبتَ أنت إلى العمل جلست على مقعَد العمل قَلِقًا على نسائك ومَحارِمك في المنزل، إضافةً إلى سرقات البيوت وسرقة السيارات؛ وقُطَّاع الطُّرُق في السفر وغيرها كثير، كم من البلاد الآن عاقَبهُم الله – جلَّ وعلا – بنَزْعِ الأمن من بلادهم!! فعاشَ أهلها في خوفٍ وذُعر، في قلقٍ واضطراب، ليل نهار، لا يهنَؤُون بطعام، ولا يتلذَّذون بشراب، ولا يرتاحون بمنامٍ، كلٌّ ينتظر حَتْفَه بين لحظةٍ وأخرى، عَمَّ بلادَهم الفوضى، وانتشر الإجرامُ، لا ضبْط ولا أمن، فنسأل الله أنْ يرحمنا برحمته، وألاَّ يوصلنا إلى هذه النهاية!!
العنصر الثاني: نعمة الأمن وأثرها في نهضة المجتمع
عباد الله: إن نعمة الأمن لها علاقة وطيدة بنهضة المجتمع ورقيه؛ فإذا عم الأمن البلاد والعباد أصبح كل فردٍ منتجاً وفعَّالاً؛ فكم من مصانع أُغلقت؛ وشركاتٍ أعلنت إفلاسها ؛ وأماكن سياحية توقف نشاطها؛ وتجارات بارت بسبب زعزعة الأمن ونشر الفوضى في المجتمع !!!
لذلك يجب علينا أن نسعى جاهدين من أجل تحقيق الأمن في ديارنا وأوطاننا، لأنه في ظل انعدام الأمن لا تنهض أمة ولا تقوم حضارة، ألم تجد أن الله تعالى منَّ على ثمود قوم صالح بنعمة الأمن التي كانت من أسباب نهضة دولتهم وقيام حضارتهم؟!! فقال تعالى:{وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ}( الحجر: 82) ؛ فلو انعدم الأمن ما استطاعوا أن ينحتوا بيوتاً من الخشب فضلاً عن الجبال، ولهذا امتن الله على سبأ حيثُ أسكنهم الديار الآمنة، فتمكنوا من بناء حضارتهم، وتشييد مملكتهم، فقال تعالى:{وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِي وَأَيَّامًا آمِنِينَ}(سبأ: 18)
إخوة الإسلام: إنه في ظل انعدام الأمن يئنُّ المريض فلا يجد دواءً ولا طبيباً، وتختلُّ المعايش، فتهجَر الديار، وتفارَق الأوطان، وتتفرَّق الأسَر، فلا توصل الأرحام، وتنقَضُ العهود والمواثيق، ويتعسَّر طلبُ الرزق، وتتبدَّل طباعُ الخَلق، فيظهرُ الكَذِب ويغيب الصدق، ويصدق الكاذب ويكذب الصادق، ويؤتمن الخائن ويخون الأمين؛ وتُقتَل نفوسٌ بريئة، وتُرمَّل نساء، ويُيَتَّم أطفال؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله رب العالمين!!
أحبتي في الله: إن الواحد منا الآن ينظر يمنة ويسرة، ويقلب بصره في سوء الأحوال الأمنية التي تعيشها مصر بلد الأمن والأمان، فيتساءل كيف يتسنى لمصر أن تنهض من كبوتها، وأن تقوم من عثرتها في ظل هذا الجو المبلد بالترويع والتخويف والتخوين، والتفجيرات التي تدوي بروح الأبرياء في كل مكان من أرجاء المعمورة؟!! في ظل هذا الجو الذي أصبح فيه الفرد لا يأمن على نفسه حال خروجه من بيته إلى بيوت الله لتأدية شعائر الله، فضلاً عن خروجه إلى عمله، ودراسته، لكي ينهض بالوطن مما حلَّ به، ونزل بساحته!!
إننا نريد مصرنا آمنة مطمئنة برجالها وأهلها وناسها كما صورها القائل:
من شاهد الأرض وأقطارها …………..والناس ألوانا وأجناسا
ولا رأى مصر ولا أهلها… ………..فما رأى الدنيا ولا الناسا
أيها المسلمون: إن أثر الأمن لا يقتصر على قيام الحضارة ونهضة الأمة اقتصاديا واجتماعيا فحسب ؛ بل يؤثر ذلك على أداء العبادات والطاعات والمناسك لله رب العالمين؛ فالعبادة لا يتأتى القيام بها على وجهها إلا في ظل الأمن؛ فالصلاة قال الله عنها: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ * فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ} (البقرة: 238-239 ). وشرعت صلاة الخوف تخفيفا في حال الخوف؛ قال تعالى:{وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ………..فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} (النساء: 102-103). وقوله: {فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} أي: أدوها بكمالها وصفتها التامة في حال الأمن والاطمئنان.
وهذه عبادة الحج؛ فمن شروط وجوبها: الأمن، فإذا وجد الإنسان نفقة الحج ولم يكن الطريق إليه آمناً فلا يجب عليه الحج قولاً واحداً، قال الله تعالى: {فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (البقرة: 196). ولما أخبر الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم بأنهم سيدخلون البيت الحرام ويؤدون نسكهم بعدما صدهم المشركون عنه؛ وصف حال دخولهم بالأمن فقال: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ } (الفتح: 27) .
ولو انتقلنا إلى عملية نشر الدعوة الإسلامية نجد أن انتشارها يكون في وقت الأمن أكثر من غيره من الأوقات..قال الله تعالى عن موسى عليه السلام: {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ } (يونس: 83).
أحبتي في الله: وهكذا نعلم أن للأمن أثره الفعال في نهضة الأمة في جميع مجالات الحياة؛ فبالأمن تصلح الحياة، وتنبَسِط الآمال، وتتيسَّر الأرزاقُ، وتزيد التِّجارات، بالأمنُ تفشو معه الماشية، وتكثر الأمَّة، بالأمن تتقدَّم معه التنمية، وينتشر فيه العلمُ والتَّعليم، ويعزُّ فيه الدين والعدل، ويظهَر فيه الأخيارُ على الأشرار، وتوظَّف فيه الأموال في كلِّ مشروع نافعٍ للفرد والمجتمع.
في ظلِّ الأمن والأمان تحلو العبادة، ويصير النوم سباتًا، والطعام هنيئًا، والشراب مريئًا، فالأمن والأمان هما عماد كلِّ جهد تنموي، وهدف مرتقب لكلِّ المجتمعات على اختلاف مشاربها.
العنصر الثالث: وسائل تحقيق الأمن ومواجهة الدعوات الهدامة بين الواقع والمأمول
عباد الله: بعد أن عرفنا أهمية الأمن ومكانته؛ وأثر الأمن في نهضة الأمة؛ نأتي الآن إلى عنصرنا العملي التطبيقي في واقعنا المعاصر لنعرف كيف نحقق الأمن في مجتمعنا ؟! وما هي الوسائل التي بها يتحقق الأمن والاستقرار؟! وكيف نواجه الدعوات الهدامة التي تهدد أمن واستقرار وسلامة البلاد والعباد؟!! وقد جمعت لكم هذه الوسائل في نقاط حتى نعيها ونطبقها عملياً على أرض الواقع؛ وتتمثل فيما يلي:-
أولاً: الإيمان والتوحيد والعبادة
فالإيمان هو أساس الأمن؛ واشتقاقه اللغوي مشتق من الأمن الذي هو ضد الخوف؛ والإيمان أمن وطمأنينة واستسلام وانقياد, لأن المؤمن يدفعه إيمانه القوي إلى فعل المأمورات؛ ويردعه عن المنهيات؛ وكلما عظم العبد إيمانا عظم حظه من الأمن قال تعالى:{فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (الأنعام: 48)؛ فإذا انتفى الخوف حصل الأمن والسعادة؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بين الأمن والإيمان في دعائه إذا رأى الهلال – كما سبق بيانه- “اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله”؛ فالأمن لزيم الإيمان وقرينه؛ والسلامة لزيمة الإسلام وقرينته؛ فمن أراد الأمن والسلامة فعليه بالإيمان والإسلام؛ ولهذا يربي الإيمان أهله ليحصل به سعادتهم. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ؛ وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ”( الترمذي والنسائي وصححه الألباني)؛ فإذا وجد الإيمان بين أهله حصلت لهم السعادة الدائمة.
كما أن التوحيد والعبادة أمن في الدنيا والآخرة؛ قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ{ (النور: 55). فلا أمن إلا بإقامة العبادة الخالية من شوائب الشرك ؛ فلا يُدعى غير الله، ولا يُستغاث إلا بالله.
وأما في الآخرة فقد قال الله تعالى: {الذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} (الأنعام : 82). مهتدون في الدنيا ، آمنون في الآخرة؛ وهكذا كان الإيمان والتوحيد والعبادة أمن في الدنيا والآخرة.
ثانيا : الرجوع في الفتن والنوازل إلى أهل العلم الراسخين المحققين.
وهم أهل البصيرة والاستنباط قال تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} (النساء:83)
ففي الآية تأديب للناس وتربية لهم إذا حدث أمر من الأمور أن لا يتكلم كل أحد ولا يستفتى كل أحد؛ كما هو في عصرنا الحاضر وفي الفضائيات؛ يتصدر للفتوى كل جاهل وناعق؛ وما أجمل قول علي رضي الله عنه :” لا تَكُونُوا عُجُلاً مَذاييعَ بُذُرَاً ؛ فَإن مِن وَرائِكُم بَلاءً مُبْرَحَاً مُكلحاً ؛ وأموراً متماحِلةً رُدُحاً” ( الأدب المفرد للبخاري)
والمقصود من هذا الكلام العربي الفصيح: نهي المسلم أن يكون من دأبه المسارعة إلى نقل عيوب الناس وإشاعتها بين الناس؛ وإليكم معاني المفردات حتى تتضح الصورة. ( لا تَكُونُوا عُجُلاً )جمع عجل , مستعجل ؛ من العجلة والسرعة.
( مَذاييعَ ) جمع مذياع والمذياع اليوم معروف , ويراد به الوسيلة البالغة في إذاعة الأخبار في مختلف أقطار الدنيا ، فعليٌّ رضي الله عنه ينصح المسلمين أن لا يكونوا عجلا في إذاعة الأخبار عن عيوب الناس .
(بُذُرَاً) جمع بذور وهو الذي ينشر السر ولا يستطيع أن يكتمه . ولماذا يقول عليُّ هذه النصيحة ويوجهها للناس؟! , قال:
(فَإن مِن وَرائِكُم بَلاءً مُبْرَحَاً مُكلحاً)هذه الكلمات كناية عن أنها كثيرة الضرر والإفساد والإهلاك , هذا البلاء الذي سيأتي فيما بعد .
(وأموراً متماحِلةً رُدُحاً)وهي الفتن الثقيلة التي يأخذ بعضها برقاب بعض وتستمر ؛ وكفي بالواقع المعاصر على ذلك دليلاً !!
ثالثا: نشر الوعي وحفظ العقول مما يفسدها
فمن أهم وسائل تحقيق الأمن في المجتمع؛ نشر الوعي بين الناس وتفقيههم في الدين؛ فإن العلم والخير إذا انتشر بين الناس تحقق فيهم الأمن؛ وهذا مطلب يلزم الدعاة والخطباء والمعلمين؛ ولا ينشأ في المجتمع ما يخلل أمنه إلا بسبب نقصان العلم أو فساده؛ وممَّا يجبُ علينا حفظه لو أردنا حفظ الأمن ؛ أن نحفظ عقول المسلمين ممَّا يفسدها ويضرُّ بها، سواء كانت مفسدات ماديَّة أو مفسدات معنويَّة، كالتصوُّرات الفاسدة والأفكار المنحرفة.
أيها المسلمون: إنَّ المحافظة على عُقول الناس من أهمِّ أسباب حفْظ الأمن؛ لأنَّ الناس لو استقامتْ عقولهم، صاروا يُفكِّرون فيما ينفَعُهم ويبتَعِدون عمَّا يضرُّهم، فلو استقامتْ عُقول الناس لاستقامتْ حياتهم؛ لأنَّهم سوف يبحثون عمَّا يُرضِي الله فيفعلونه، ويتعرَّفون على ما يغضب الله فيبتعدون عنه، إذًا هناك علاقةٌ كبيرة بين المحافظة على عقول الناس وبين استقرار الأمن عندهم؛ لأن مما يذهب بأمن الناس انتشار المفاهيم الخاطئة حيال نصوص القرآن والسنة، وعدم فهمهما بفهم السلف الصالح، وهل كُفِّر الناس وأريقت الدماء وقُتل الأبرياء وخُفرت الذمم بقتل المستأمنين وفُجِّرت البقاع إلا بهذه المفاهيم المنكوسة؟!!
فعلينا أن نحافظ على أولادنا من الانزلاق في مهاوي الرذيلة والانجراف في الفكر التكفيري المنحرف، ونقول للغلاة أهل الغلظة والجفاء، متبعي الأخطاء المستهزئين بالعلماء، الخارجين على إجماع الأمة، نقول لكل مشترك في هذه الجرائم البشعة سواء بجلب هذه المتفجرات أو الإعانة على نقلها أو التواطؤ في تهريبها أو السكوت على أصحابها: توبوا إلى الله توبة نصوحًا، واعترفوا بأخطائكم، وعودوا إلى رشدكم، اتقوا الله في أنفسكم، اتقوا الله في دماء المسلمين، اتقوا الله في الأبرياء، واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله، وفي ذممكم دماء لأرواح بريئة، فماذا أنتم قائلون ؟! وما هي حجتكم إذا وقفتم حافية أقدامكم؛ عارية أجسامكم؛ شاخصة أبصاركم؛ بين يدي الله أحْكَمِ الحاكمين؟!!
يا شباب الإسلام: إياكم وهذه الدعوات الخطيرة التي تدعو إلى التكفير والتفجير، واعلموا أن من أعظم الواجبات الرجوع لأهل العلم الموثوق بعلمهم فيما يُشكل عليكم لأن الله جعلهم هداة مهتدين؛ ونسأل الله أن يجتث هذه الأفكار الدخيلة من بيننا!!
رابعاً: شكر النعم
فالنعم تثبت بالشكر ويتبعه الأمن والطمأنينة والاستقرار؛ وتذهب بالجحود والنكران، ويتبعه الخوف والرعب والدار البوار.{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ} (إبراهيم: 28 ؛ 29)؛ وقال: {وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} (النحل: 112). قال القرطبي رحمه الله: “سمى الجوع والخوف لباساً ؛ لأنه يظهر عليهم من الهزال وشحوبة اللون وسوء الحال ما هو كاللباس”(تفسير القرطبي).
خامساً: فرض عقوبات رادعة للمروعين والمجرمين.
فلو فرضت عقوبات رادعة والضرب بيد من حديد لكل من تسول نفسه العمل على زعزعة الأمن وانتشار الفوضى بالبلاد؛ لتحقق أمن الناس في عقولهم وأموالهم وأعراضهم وأمنهم على ديارهم. قال تعالى:{ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (المائدة: 45)
فالقصاص والحدود والعقوبات شُرِعتْ لإحكام الأمن، مَن قَتَل بغير حقِّ قُتِل، ولو لم يُقتلْ لقامت الثارات، وصار كلٌّ يأخُذ حقَّه بيده، ومَن سرق قُطِع، ولو لم يُقطَع لصارت البلاد مَنْهَبَة؛ كلٌّ يأخُذ ما يَشاء ويذَر، ومَن حارَب وسعَى في الأرض بالفَساد يُروِّع عباد الله ويقتلهم ويأخُذ أموالهم، أُقِيمَ عليه حدُّ الحرابة بالتقتيل أو بالصلب، أو بالتقطيع من خِلاف، أو بالنفي من الأرض، ومَن شرب الخمر أو قذَف محصنًا جُلِدَ، وشُرِع التعزيرُ لولِيِّ الأمر؛ ليؤدب كل معتدٍ بما يردعه عن العودة إلى فعلته، فيأمن الناس ويطمئنُّون.
سادساً: إصلاح ذات البين.
من وسائل تحقيق الأمن في المجتمع إصلاح ذات البين بين طوائف المجتمع؛ استجابة لقوله تعالى: { فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}
ومعنى ذات البين : صاحبة البين ، والبين في كلام العرب يأتي على وجهين متضادين :
الأول: الفراق والفرقة ومعناه : إصلاح صاحبة الفرقة بين المسلمين بإزالة أسباب الخصام والتسامح والعفو ، وبهذا الإصلاح يذهب البين وتنحل عقدة الفرقة .
الثاني: الوصل ومعناه: إصلاح صاحبة الوصل والتحابب والتآلف بين المسلمين ، وإصلاحها يكون برأب ما تصدع منها وإزالة الفساد الذي دبّ إليها بسبب الخصام والتنازع على أمر من أمور الدنيا ” [ الأخلاق الإسلامية للميداني]
فإصلاح ذات البين عزيمة راشدة ونية خيرة وإرادة مصلحة، والأمة تحتاج إلى إصلاح يدخل الرضا على المتخاصمين ، ويعيد الوئام إلى المتنازعين ، إصلاح تسكن به النفوس وتأتلف به القلوب ، ولا يقوم به إلا عصبة خيرة من خلق الله ، شرفت أقدارهم ، وكرمت أخلاقهم ، وطابت منابتهم ، ويكون ذلك بالحوار الطيب المقنع ؛ فالحوار من أفضل الطرق لقوام المجتمع ووحدته وائتلافه، والحوار الهادئ المقنع يفعل -في أكثر الأحيان- ما لا تفعله قوةُ المدافع والطائرات، وإذا كان كذلك، وأراد المسلمون أن يحموا أوطانهم، ويحفظوا وحدة أمتهم، فعليهم بالحوار لإصلاح ذات البين؛ والاجتماع والتآلف؛ فالاجتماع نعمة، والخلاف فرقة وشتات، وما فتئ القرآن يحذر من التنازع والخلاف، ويذكر بمصير المتنازعين، ويكفي أن يتذكر المسلم قول الله جل وعلا: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46].
وليكن فينا القدوة بنبينا صلى الله عليه وسلم في سعيه إلى الصلح بين أفراد وطوائف المجتمع؛ فعن أَنَس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَتَيْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ؛ فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَكِبَ حِمَارًا ؛ فَانْطَلَقَ الْمُسْلِمُونَ يَمْشُونَ مَعَهُ وَهِيَ أَرْضٌ سَبِخَةٌ ؛ فَلَمَّا أَتَاهُ النَّبِيُّ َقَالَ: إِلَيْكَ عَنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ آذَانِي نَتْنُ حِمَارِك.َ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الأنْصَارِ مِنْهُم:ْ وَاللَّهِ لَحِمَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْيَبُ رِيحًا مِنْك.َ فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَشَتَمَه ،ُ فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ فَكَانَ بَيْنَهُمَا ضَرْبٌ بِالْجَرِيدِ وَالأيْدِي وَالنِّعَالِ فَبَلَغَنَا أَنَّهَا أُنْزِلَتْ ” وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا …..الآية” [ رواه البخاري ]؛ فما كان من أمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه سعى في الإصلاح بين الطائفتين؛ قال ابن بطال:” الإصلاح بين الناس واجب على الأئمة وعلى من ولاه الله أمور المسلمين.” ؛ وقال ابن حجر:” وفي الحديث: بيان ما كان النبي صلى الله عليه وسلم عليه من الصفح والحلم والصبر على الأذى في الله والدعاء إلى الله وتأليف القلوب على ذلك .”
فعلينا عباد الله أن نتحرّر من الفرقة والتشاحن والتباغض والتقاتل والتحزب بالصلح والمصافحة والمصالحة .. والتنازل والمحبة .. والأخوة حتى تعود المياه إلى مجاريها ..يجب علينا أن نكون صَفًّا واحدًا مُتلاحِمًا كالبنيان المرصوص مع ولاة أمرنا وعلمائنا في استتباب الأمن والقضاء على هذه الظواهر المفزعة والأحداث المفجعة واستئصال شأفتها، يجب أن نكون جميعًا يدًا واحدة عَيْنًا ساهرةً مع رجال الأمن للحفاظ على ديننا وبلادنا وأمننا، ومنهجُنا منهجُ الوسطية والاعتدال، ونصيحتي للشباب وفلذات الأكباد ألا ينخدعوا بالأفكار الهدامة، والمناهج الضالة، وألا ينساقوا وراء حرب الشبهات التي يروجها مَن قَلَّ فَهْمُه، وضل سَعْيُه.
إن وسائل تحقيق الأمن هذه كلها تعود إلى أمرين لا ثالث لهما: تعظيم أمر الله في المأمورات والمنهيات؛ وإصلاح ذات البين!! وصدق القائل:
إن المكـارم كلها لو حصلت …… رجـعت جمـلتها إلى شـيئين
تعظيم أمر الله جـل جـلاله …… والسعي في إصلاح ذات البيـن
سابعاً: الدعاء بالأمن والأمان.
فيستحب لجميع أفراد المجتمع الدعاء في جميع الأوقات أن يرزقنا وأولادنا وأهلنا ومجتمعنا وبلادنا الأمن والأمان والاستقرار؛ فالدعاء مفتاح كل خير في الدنيا والآخرة؛ ولذلك كان يدعو النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يرزقه الأمن حين يمسي وحين يصبح؛ فعن ابْنَ عُمَرَ قَالَ: ” لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ يَدَعُ هَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي ، وَحِينَ يُصْبِحُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، اللَّهُمَّ أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي ، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي ، وَآمِنْ رَوْعَاتِي ، وَاحْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ ، وَمِنْ خَلْفِي ، وَعَنْ يَمِينِي ، وَعَنْ شِمَالِي ، وَمِنْ فَوْقِي ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي.” (النسائي وابن ماجة وأبوداود وصححه الألباني) فعلينا أن نقتدي بنبينا ونداوم على هذا الدعاء صباحا ومساء ليرزقنا الله الأمن والأمان.
نسأل الله بمنِّه وكرمه أن يديم علينا نِعَمه، وأن يعز هذه البلاد ويجعلها آمنة مطمئنة سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، وأن يوفق ولاة أمرها لما فيه صلاح البلاد والعباد، وأن يلهمهم السداد في القول والعمل، وأن يكبت عدوهم، وأن يهتك ستر المعتدين على حرمات الآمنين، وأن يكف البأس عنا وعن جميع المسلمين، إنه خير مسئول، وأقرب مجيب، وبالله التوفيق،؛؛؛
وأقم الصلاة؛؛؛؛
كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي