أستاذ التاريخ الحديث بجامعة الأزهر : الأزهر حافَظَ على المذهب السُّنِّي في مصر والعالم الإسلامي
أوضح الدكتور/ السيد بلاط، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة الأزهر، أن الأزهر حافَظَ على المذهب السُّنِّي في مصر والعالم الإسلامي، على الرغم من أنه تم إنشاؤه في عهد الدولة الفاطمية لنشر التشيع، ولكن بعد زوال دولة الفاطميين على يد صلاح الدين الأيوبي عطَّل صلاة الجمعة في الجامع الأزهر، وأنشأ عدة مدارس سُنِّيَّة لتنافسه في رسالته العلمية؛ للقضاء على المذهب الشيعي في مصر، واستطاع بهذه الخطوة أن يعيد إلى مصر المذهب السُّنِّي بحيوية ونشاط؛ فانتهت بذلك علاقة الجامع الأزهر بالمذهب الشيعي.
وأوضح أستاذ التاريخ، خلال حديثه اليوم بندوة “الأزهر..تاريخ وحضارة”، والتي تقام في رحاب الجامع الأزهر، في إطار فعاليات «أسبوع الدعوة الإسلامي» الذي تُنظِّمه اللجنة العليا للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، أوضح أن الجامع الأزهر شهد تحولًا كبيرًا في ظل الحكم المملوكي؛ حيث أُعيدت فيه صلاة الجمعة، وسرعان ما اتجه السلاطين المماليك للعودة بالأزهر إلى نشاطه العلمي، وتوجيه هذا النشاط توجيهًا سُنِّيًّا (وفق المذاهب الأربعة)؛ حيث استأثر الجامع الأزهر في هذا العصر بالزعامة الدينية والعلمية معًا.
وفي ظل الحكم العثماني، احتفظ الجامع الأزهر على مدار ثلاثة قرون بقوته وتقاليده، ومضى يؤدي رسالته باللغة العربية في الحقلَيْن الدِّيني والتعليمي، وظل موطنًا للدراسات الدينية، وملاذًا للغة العربية، وكعبة علمية يفد إليها أعلام الفكر الإسلامي، يتصدرون الحلقات الدراسية في رحابه، وأصبح مقصِدًا لعلماء العالم الإسلامي في مشارق الأرض ومغاربها. وأضاف أستاذ التاريخ، أنه عندما تم إنشاء قسم الوعظ بالأزهر في عام ١٩٢٨م، خرَّج الأزهر آلاف الوعاظ الذين جابوا العالم؛ لنشر الوسطية والفضيلة، ومحاربة الرذيلة، ونُصح الناس وإرشادهم وإفتائهم، موضحًا أن دور هؤلاء الوعاظ لم يتوقف على المساجد، بل تعداه إلى السجون والمستشفيات والأندية ومراكز الشباب.
كما أن الأزهر قام بإنشاء مراكز إسلامية في مختلف بلدان العالم؛ لنشر الإسلام الوسطي السمح، ومحاربة الخرافات والبدع المنتشرة في هذه البلاد. إضافة إلى إنشاء لجنة الفتوى عام ١٩٣٥م بقرار من فضيلة الإمام المراغي، شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله.
وأكَّد الدكتور/ السيد بلاط، أن الأزهر لم ينفصل عن السياسة طوال تاريخه، لا في مصر ولا في خارجها؛ لأن الإسلام لا يفصل بين الدِّين والسياسة، وكان للأزهر دورٌ بارزٌ في مواجهة الاستعمار الفرنسي، كما كان له دَورٌ سياسيٌّ كبيرٌ في مواجهة الاستعمار الإنجليزي. أيضا بارك الأزهرُ ثورةَ ١٩٥٢م، وكان دوره بارزًا في رَدِّ وتوعية الناس في مقاومة العدوان الثلاثي على مصر.
كما دعم الأزهرُ ثورةَ الشعب السوداني ضد الاستعمار الإنجليزي، ودعم ثورة الشعب الليبي بقيادة عمر المختار ضد المستعمر الإيطالي. وحول الدور الاجتماعي للأزهر في التاريخ المعاصر، أوضح الدكتور “بلاط” أن الأزهر أنشأ بيت العائلة المصرية بالتعاون مع الكنيسة؛ حيث لعب دورًا كبيرًا في وأد الفتنة الطائفية، وعمل على حل العديد من النزاعات؛ لتوحيد النسيج المجتمعي.
كما أنشأ فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بيت الزكاة والصدقات المصري؛ من أجل صرف أموال الزكاة والصدقات في وجوهها المقررة شرعًا، وبث روح التكافل والتراحم بين أفراد المجتمع.