خطبة الأسبوعخطبة الجمعةعاجل
أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ غَالٍ ، صلاح عبد الخالق ، خطبة الجمعة القادمة
20جماد أول 1446هـ ،22من نوفمبر2024م إن شاء الله )
أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ غَالٍ إعداد / صلاح عبدالخالق (خطبة الجمعة القادمة : 20جماد أول 1446هـ ،22من نوفمبر2024م إن شاء الله )
العناصر:
أولاً : قصة أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ غَالٍ.
ثانياً :«أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ غَالٍ»ما أجمله من شعار !
ثالثاً : كيف أكون عند الله غال؟
الخطبة الأولى :
الحمد لله على نعمة الإسلام ونشهد أن لاإله إلا الله الملك العلام ونشهد أن محمد ﷺ سيد الأنام وبعد فحديثى معكم بحول الله الواحد الديان تحت عنوان: أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ غَالٍ
أولاً : قصة أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ غَالٍ:
«عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ كَانَ اسْمُهُ زَاهِرًا، وَكَانَ يُهْدِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدِيَّةَ مِنَ الْبَادِيَةِ، فَيُجَهِّزُهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّ زَاهِرًا بَادِيَتُنَا، وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ “. وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّهُ، وَكَانَ رَجُلًا دَمِيمًا، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ، فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَلَا يُبْصِرُهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ: أَرْسِلْنِي مَنْ هَذَا، فَالْتَفَتَ فَعَرَفَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ لَا يَأْلُو مَا أَلْصَقَ ظَهْرَهُ بِصَدْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ عَرَفَهُ، وَجَعَلَ»النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ؟ ” فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِذًا وَاللهِ تَجِدُنِي كَاسِدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لَكِنْ عِنْدَ اللهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ أَوْ قَالَ: “لَكِنْ عِنْدَ اللهِ أَنْتَ غَالٍ “» “مسند أحمد (12648) ،صَحِيح الْجَامِع (2087)،وفى رواية ابن حبان فى صحيحه (5790) «بَلْ أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ غَالٍ»
-«وَاللَّهِ تَجِدُنِي كَاسِدًا» أَيْ: رَخِيصًا أَوْ غَيْرَ مَرْغُوبٍ فِيهِ.مرقاة المفاتيح (7/3065)
-في الحديثِ: مَنْقَبةُ وفَضْلُ زاهِرِ بنِ حَرامٍ رضِيَ اللهُ عنه.
وفيه: أنَّ المُؤْمِنَ قِيمَتُه غالِيَةٌ عندَ اللهِ.(الدرر السنية الموسوعة الحديثية) .
ثانياً :«أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ غَالٍ»ما أجمله من شعار !
(1) «أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ غَالٍ» ما أعجبها من كلمة محمدية هادية، تصنع الإنسان على بصيرة، وتعرفه بقدره، وتغرس في نفسه الثقة واليقين، وتنزع من نفسه الكبر والجبروت، وتدفعه إلى الله.
(2)«أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ غَالٍ» شعار جليل، نجدد به حياتنا، ونملأ به فراغ نفوسنا،ونعرف به دورنا ومقصود نا، وتنطلق به ألسنتنا بين أصدقائنا، وننشره في الدنيا كلها، ونشرح به للإنسانية كلها قيمة الإنسان عندنا.
(3)«أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ غَالٍ» بيان محمدي شريف، يضع بين يديك مفاتيح الفهم والبصيرة.
(4)«أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ غَالٍ» فاخرج من ضيق نفسك إلى سعة ربك، حتى يزدهر بك العمران، وتتحقق بك قضية العبودية، وتتزكى نفسك، وقد أفلح من تزكى.
(5)«أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ غَالٍ» وَحْي شريف، ونور منزل من الله، وبلاغ نبوي معصوم، يحقق إحياء الإنسان، ويصنعه من جديد، ويبصره بمراده، ويلخص له قضية الخلق والوجود.
(6)«أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ غَالٍ» تبرز أن قيمة الإنسان ليس بما يملك من حطام زائل، أو يكنز من متاع فانٍ، بل قيمته فيما يحمل من قِيَم و مبادئ، و ما انطوت عليه سريرته من صدق و حب لهذا الدين “
(7)«أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ غَالٍ» تصرف انتباهنا إلى أن أهم ما يجب الحرص عليه في هذه الدنيا هو مقامنا عند الله لا عند الناس، فرضا الله يسير بلوغه أما رضا الناس فغاية لا تدرك. “
(8)«أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ غَالٍ» تصحح معاييرنا التي نزِنُ بها الناس،هذه الأخيرة قد يصيبها التطفيف، بل قد تصيبها عدوى مما يروج في المجتمع من مقاييس زائفة فنحتاج أن نقوِّمَ الناس بميزان الشرع لا ميزان الهوى.
(9)«أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ غَالٍ» ترسم لنا المنهج الأمثل في التعامل مع الشباب إنه منهج الاحتضان العاطفي و النأي عن محاكمتهم انطلاقا من المظهر إنه تربية بالحب ،وتزكية بالاحتضان.
ثالثاً : كيف أكون عند الله غال؟
-للوصول إلى هذه الدرجة العالية والمكانة الغالية وهى أن تكون عند ملك الملوك سبحانه وتعالى ذات قيمة ووزن ، ومكانة عالية ومُقدر ومحبوب عند الله تعالى عليك بهذه الصفات والتى منها مثلاً :
(1)تقوى الله تعالى :
-قال تعالى :يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)الحجرات.
(أ)أي:إنَّ الأكرم عند الله الأرفع منزلة لديه عَزَّ وَجَلَّ في الآخرة والدنيا،هو الأتقى.(حدائق الروح والريحان (27/381).
(ب)مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ أَكْرَمَ النَّاسِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ وَالتَّقْوَى معناها مُرَاعَاةُ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى أَمْرًا وَنَهْيًا، وَالِاتِّصَافُ بِمَا أَمَرَكَ أَنْ تَتَّصِفَ بِهِ، وَالتَّنَزُّهُ عَمَّا نَهَاكَ عَنْهُ.(تفسير القرطبى (16/345).
(ج)لَمَّا تَسَاوَوْا فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ مِنْ أَبٍ وَاحِدٍ وَأُمٍّ وَاحِدَةٍ كَانَ الشَّأْنُ أَنْ لَا يَفْضُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا بِالْكَمَالِ النَّفْسَانِيِّ وَهُوَ الْكَمَالُ الَّذِي يَرْضَاهُ اللَّهُ لَهُمْ وَالَّذِي جَعَلَ التَّقْوَى وَسِيلَتَهُ وَلِذَلِكَ نَاطَ التَّفَاضُلَ فِي الْكَرَمِ بِعِنْدَ اللَّهِ إِذْ لَا اعْتِدَادَ بِكَرَمٍ لَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِ.وَالْمُرَادُ بِالْأَكْرَمِ: الْأَنْفَسُ وَالْأَشْرَفُ.(التحرير والتنوير (26/262).
(2)السعى للحصول عل محبة الله تعالى ورسوله ﷺ:
-قال تعالى :قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)آل عمران.فمن اتبع الرسول ﷺ دل على صدق دعواه محبة الله تعالى، وأحبه الله وغفر له ذنبه، ورحمه وسدده في جميع حركاته وسكناته.(تفسير السعدى(صـ128)
-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:”إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ فِي الأَرْضِ “صحيح البخارى (3209)،مسلم (2637).
-عندما يُحبك الله تعالى مالك السموات والأرض ومن فيهن يعلن ذلك وينادى الملك سبحانه وتعالى جبريل عليه السلام :إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ.ويعلن عن اسمك وتأخذ الصيت والشهرة ويعرفك ويحبك جبريل وكل الملائكة . عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ”إِنَّ اللَّهَ قَالَ:مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ،وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّاافْتَرَضْتُ عَلَيْهِ،وَمَايَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ،فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُبِهِ،وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ “صحيح البخارى (6502).
-اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ أَنَّ هَذَا مَجَازٌ وَكِنَايَةٌ عَنْ نُصْرَةِ الْعَبْدِ وَتَأْيِيدِهِ وَإِعَانَتِهِ وَالْمَعْنَى تَوْفِيقُ اللَّهِ لِعَبْدِهِ فِي الْأَعْمَالِ الَّتِي يُبَاشِرُهَا بِهَذِهِ الْأَعْضَاءِ وَتَيْسِيرُ الْمَحَبَّةِ لَهُ فِيهَا بِأَنْ يَحْفَظَ جَوَارِحَهُ عَلَيْهِ وَيَعْصِمَهُ عَنْ مُوَاقَعَةِ مَا يَكْرَهُ اللَّهُ مِنَ الْإِصْغَاءِ إِلَى اللَّهْوِ بِسَمْعِهِ وَمِنَ النَّظَرِ إِلَى مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ بِبَصَرِهِ وَمِنَ الْبَطْشِ فِيمَا لَا يَحِلُّ لَهُ بِيَدِهِ وَمِنَ السَّعْيِ إِلَى الْبَاطِلِ بِرِجْلِهِ.(فتح البارى (11/344).
(3)الإيمان بالله تعالى :
-قال تعالى :إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا (38)الحج . هذا إخبار ووعد وبشارة من الله، للذين آمنوا، أن الله يدافع عنهم كل مكروه، ويدفع عنهم كل شر- بسبب إيمانهم-من شر الكفار، وشر وسوسة الشيطان، وشرور أنفسهم،وسيئات أعمالهم، ويحمل عنهم عند نزول المكاره، ما لا يتحملون، فيخفف عنهم غاية التخفيف. كل مؤمن له من هذه المدافعة والفضيلة بحسب إيمانه، فمستقل ومستكثر.(تفسير السعدى (539)
(4)الصدق فى الأقوال والأفعال :
-عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِﷺ:«عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ،وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ،وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا» رواه مسلم (2607)،و البخارى(6094).قال العلماء مَعْنَاهُ: أَنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ الْخَالِصِ مِنْ كُلِّ مَذْمُومٍ وَالْبِرُّ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْخَيْرِ كُلِّهِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا مَعْنَى يُكْتَبُ هُنَا يُحْكَمُ لَهُ بِذَلِكَ وَيَسْتَحِقُّ الْوَصْفَ بِمَنْزِلَةِ الصِّدِّيقِينَ وَثَوَابِهِمْ.(شرح النووى (16/160).
-(وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ)أَيِ:الشَّخْصُ (يَصْدُقُ)أَيْ:فِي قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ (وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ) أَيْ:يُبَالِغُ وَيَجْتَهِدُ فِيهِ(حَتَّى يُكْتَبَ) أَيْ: يُثْبَتَ(عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا)أَيْ:مُبَالِغًا فِي الصِّدْقِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْكِتَابَةِ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَإِظْهَارُهُ لِلْمَلَأِ الْأَعْلَى،وَإِلْقَاءُ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ.(مرقاة المفاتيح (7/3030).
الخطب الثانية :
كيف أكون عند الله غال؟
(5)بالخوف من الله تعالى :
-قال تعالى :وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) النازعات.
-وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ أى: خاف عظمته وجلاله، وسلح نفسه بالإيمان والعمل الصالح استعداداً لهذا اليوم الذي يجازى فيه كل إنسان بما يستحقه.وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى أى: وزجر نفسه وكفها عن السيئات والمعاصي والميول نحو الأهواء الضالة المضلة.فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى أى: فإن الجنة في هذا اليوم، ستكون هي مأواه ومنزله ومستقره .(التفسير الوسيط لطنطاوى (15/277)
-عن أَبَى هُرَيْرَةَ،قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ المَنْزِلَ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ
اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الجَنَّةُ»سنن الترمذى (2450)صحيح الجامع (6222)-(من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل) يعني من خشي الله أتى منه كل خير،المراد التشمير في الطاعة.وفي الترغيب معناه من خاف ألزمه الخوف السلوك إلى الآخرة والمبادرة بالعمل الصالح خوف القواطع والعوائق.(فيض القدير (6/123).
(6)اجعل الآخرة أكبر همك:
-قال تعالى :وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19) كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21) الإسراء.
-أى: ومن أراد بقوله وعمله ثواب الدار الآخرة، وما فيها من عطاء غير مقطوع، وسعى لهذه الدار سعيها الذي يوصله إلى مرضاة الله تعالى حالة كونه مؤمنا بالله تعالى وبكل ما يجب الإيمان به، فَأُولئِكَ الذي فعلوا ذلك، كانَ سَعْيُهُمْ للدار الآخرة سعيا مَشْكُوراً: من الله تعالى، حيث يقبله سبحانه منهم، ويكافئهم عليه بما يستحقون من ثواب لا يعلم مقداره إلا هو سبحانه وعبر عز وجل بالسعي عن أعمالهم الصالحة، للإشعار بجدهم وحرصهم على أداء ما يرضيه تعالى بدون إبطاء أو تأخير، إذ السعى يطلق على المشي الذي تصاحبه السرعة. وأشار سبحانه إليهم بأولئك، للإشعار بعلو درجاتهم وسمو مراتبهم.(التفسير الوسيط لطنطاوى (8/320)
-الْمَعْنَى: أَنَّ تَفَاضُلَ الْخَلْقِ فِي دَرَجَاتِ مَنَافِعِ الدُّنْيَا مَحْسُوسٌ، فَتَفَاضُلُهُمْ فِي دَرَجَاتِ مَنَافِعِ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ وَأَعْظَمُ، فَإِنَّ نِسْبَةَ التَّفَاضُلِ فِي دَرَجَاتِ الْآخِرَةِ إِلَى التَّفَاضُلِ فِي دَرَجَاتِ الدُّنْيَا كَنِسْبَةِ الْآخِرَةِ إِلَى الدُّنْيَا، فَإِذَا كَانَ الْإِنْسَانُ تَشْتَدُّ رَغْبَتُهُ فِي طَلَبِ فَضِيلَةِ الدُّنْيَا فَبِأَنْ تَقْوَى رَغْبَتُهُ فِي طَلَبِ فَضِيلَةِ الْآخِرَةِ أَوْلَى.مفاتيح الغيب (20/319)
-عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:«مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ،وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ»سنن الترمذى (2465)صحيح الجامع (6510).من كانت الآخرة همه أن جعل غناه في قلبه؛ لأنه إذا اغتنى قلبه قنع ولم يتطلع إلى الدنيا، ومع ذلك من إيقاع القناعة في قلبه لا يُحرم عليه الدنيا، بل تأتيه الدنيا وهي راغمة ذليلة فهي التي تأتيه وليس هو الذي يجري وراءها فهذه هي السعادة التي يبحث
عنها الناس.(تفسير القرآن الكربم المقدم (120/6).