الدرس الرابع : السعي على الرزق والكسب ، من سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ للدكتور خالد بدير
سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ الدرس الرابع : السعي على الرزق والكسب ، للدكتور خالد بدير
لتحميل سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ الدرس الرابع : السعي على الرزق والكسب ، للدكتور خالد بدير ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ الدرس الرابع : السعي على الرزق والكسب ، للدكتور خالد بدير ، بصيغة pdf أضغط هنا.
وللإطلاع علي سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ الدرسُ الأولُ: الإخلاصُ والتحذيرُ من الرياء ، للدكتور خالد بدير
وللإطلاع علي سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ الدرس الثاني: التخطيط ودوره في بناء المجتمع ، للدكتور خالد بدير
وللإطلاع علي سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ الدرس الثالث : الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله تعالى ، للدكتور خالد بدير
ولقراءة سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ الدرس الرابع : السعي على الرزق والكسب ، للدكتور خالد بدير : كما يلي:
سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ
الدرس الرابع : السعي على الرزق والكسب.
إن من أروع الأمثلة – على طريق الهجرة – في السعي والضرب في الأرض من أجل الرزق؛ ما حدث بين عبدالرحمن بن عوف وسعد بن الربيع؛ ” فعن أنس قال: قدم عبدالرحمن بن عوف فآخى النبي ﷺ بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، فعرض عليه أن يناصفه أهله وماله، فقال عبدالرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلنى على السوق. فخرج إلى السوق وتاجر حتى أصبح من أغنى أغنياء المدينة؛ يقول عبدالرحمن بن عوف: فلقد رأيتنى ولو رفعت حجراً لرجوت أن أصيب ذهباً وفضة.” (السيرة النبوية لابن كثير) ؛ فقد ضرب لنا سعد بن الربيع أروع الأمثلة في الإيثار والمواساة؛ وضرب لنا عبدالرحمن بن عوف أروع الأمثلة في العفة والأخذ بالأسباب والسعي والضرب في الأرض من أجل الرزق ؛ وهذا تصديق لقوله ﷺ:” ومن يستعفف يعفّه الله، ومن يستغن يغنه الله.”(البخاري ومسلم) .
لذلك حث الإسلام على اتخاذ المهنة للكسب مهما كانت دنيئة فهي خير من المسألة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:” لَأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَتَصَدَّقَ مِنْهُ فَيَسْتَغْنِيَ بِهِ عَنْ النَّاسِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ رَجُلًا أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا أَفْضَلُ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ” (الترمذي وحسنه).
وإننا لو نظرنا إلى جميع الأنبياء لوجدنا أن لهم دوراً بارزاً في العمل والكسب والاحتراف؛ فقد كان لكل واحد من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام جميعاً حرفة يعيش بها، فهذا آدم – عليه السلام – كان حراثاً وحائكاً، وكانت حواء تغزل القماش، وكان إدريس خياطاً وخطاطاً، وكان إلياسُ – عليه السلام – نسَّاجًا، وكان نوح وزكريا نجارين، وكان هود وصالح تاجرين، وكان إبراهيم زارعاً وبناءً، وكان أيوب زراعاً، وكان داود زراداً – أي يصنع الزرد – وهو درع من حديد يلبسه المحارب، وكان سليمان خواصاً؛ وكان موسى وشعيب ومحمد ﷺ وسائر الأنبياء يعملون بمهنة رعي الأغنام.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:” مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ. فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟! فَقَالَ: نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ “( البخاري).
وهذا سيدنا محمد ﷺ خاتم الأنبياء والمرسلين؛ ضرب لنا أروع الأمثلة في العمل والكسب والاحتراف؛ فكان يقوم بمهنة أهله، يغسل ثوبه، ويحلب شاته، ويرقع الثوب، ويخصف النعل؛ ويعلف بعيره، ويأكل مع الخادم، ويطحن مع زوجته إذا عييت ويعجن معها، وكان يُقطِّع اللحم مع أزواجه، ويحمل بضاعته من السوق، ونحر في حجة الوداع ثلاثاً وستين بدنة بيده، وكان ينقل التراب يوم الخندق حتى اغبر بطنه، وكان ينقل مع صحابته اللبن – الطوب الترابي- أثناء بناء المسجد، فعمل فيه رسول الله ﷺ ليرغب المسلمين في العمل والبناء والتعمير؛ فقام المهاجرون والأنصار وعملوا بجد ونشاط حتى قال أحدهم:
لئن قعدنا والنبي يعمل……………… لذاك منا العمل المضلل
إن العمل الكسب والاحتراف لم يكن في حياة الأنبياء فقط ؛ بل ربي النبي ﷺ صحابته الكرام على الجد والاجتهاد والعمل والاحتراف من أجل بناء المجتمع، فكان لكل واحد منهم مهنة يتكسب بها؛ فهذا أبو بكر الصديق كان تاجر أقمشة؛ وكان عمر بن الخطاب دلالاً؛ وعثمان بن عفان تاجراً؛ وعلى بن أبى طالب عاملاً؛ وكان يقول مفتخراً:
لنقلُ الصخر من قلل الجبال ………………….أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مِنَنِ الرَّجَالِ
يَقُولُ النَّاسُ لي في الكسْبِ عارٌ……………….. فقلت العار في ذل السؤال
كما كان الزبير بن العوام خياطاً ؛ وسعد بن أبى وقاص نبالاً أي يصنع النبال؛ وعمرو بن العاص جزاراً؛ وخباب بن الأرت حدادًا، وعبد الله بن مسعود راعيًا، والزبير بن العوام خياطًا، وبلال بن رباح وعمار بن ياسر كانا خادمين، وسلمان الفارسي كان حلاقًا ومؤبرًا للنخل، وخبيرًا بفنون الحرب، والبراء بن عازب وزيد بن أرقم كانا تاجرين. (راجع فتح الباري لابن حجر) .
ومع أنهم دعاة حملوا مشاعل الهداية والنور للأمة؛ إلا أنهم سعوا للكسب والاحتراف من أجل بناء المجتمع؛ فأين نحن من هؤلاء؟!!
فالإسلام لا يعرف سناً للتقاعد، بل يجب على المسلم أن يكون وحدة إنتاجية ما دام قادراً على العمل، بل إن قيام الساعة لا ينبغي أن يحول بينه وبين القيام بعمل منتج، وفي ذلك يدفعنا النبي ﷺ دفعاً إلى حقل العمل وعدم الركود والكسل. فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: ” إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ ؛ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا، فليغرسها”. [ أحمد والبخاري في الأدب المفرد بسند صحيح ]، كما حث الإسلام على اتخاذ المهنة للكسب مهما كانت دنيئة فهي خير من المسألة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:” لَأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَتَصَدَّقَ مِنْهُ فَيَسْتَغْنِيَ بِهِ عَنْ النَّاسِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ رَجُلًا أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا أَفْضَلُ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ” (الترمذي وحسنه).
لذلك كان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يهتم بالعمل والترغيب فيه فيقول: ما من موضع يأتيني الموت فيه أحب إلىَّ من موطن أتسوق فيه لأهلي أبيع وأشتري، وكان إذا رأي فتى أعجبه حاله سأل عنه: هل له من حرفة ؟ فإن قيل : لا. سقط من عينيه .وكان إذا مدح بحضرته أحد سأل عنه : هل له من عمل؟ فإن قيل : نعم .قال : إنه يستحق المدح . وإن قالوا : لا. قال : ليس بذاك . وكان يوصي الفقراء والأغنياء معاً بأن يتعلموا المهنة ويقول تبريرا لذلك:- فإنه يوشك أن يحتاج أحدكم إلى مهنة، وإن كان من الأغنياء. وكان كلما مر برجل جالس في الشارع أمام بيته لا عمل له أخذه وضربه بالدرة وساقه إلى العمل وهو يقول: إن الله يكره الرجل الفارغ لا في عمل الدنيا ولا في عمل الآخرة. (إحياء علوم الدين – الإمام الغزالي). وصدق من قال:
إِذَا ما الْمَرْءُ لَمْ يَطْلُبْ مَعَاشًا ………………….وَلَمْ يَتَحَاشَ مِنْ طُولِ الْجُلُوسِ
جَفَاهُ الأَقْرَبُونَ وَصَــارَ كَلّاً ……………………عَلَى الإِخْــــــوَانِ كَالثَّوْبِ اللَّبِيسِ
وَمَا الأَرْزَاقُ عَنْ جَلَدٍ وَلَكِنْ ………………….بِمَا قَــــــــــدَرَ الْمُقَدِّرُ لِلنِّـــــــــــــــــــفُوسِ
إن القلب ليحزن حينما يري الشباب وهم في أعز قواهم العقلية والجسدية ومع ذلك يفني الشباب قوته وشبابه في الفراغ وفي كل ما حرم الله تبارك وتعالي من ملاهٍ ومشارب وخمور ومجون وغير ذلك؛ ولو لم يكن الإنسان في حاجة إلى للعمل، لا هو ولا أسرته، لكان عليه أن يعمل للمجتمع الذي يعيش فيه فإن المجتمع يعطيه، فلابد أن يأخذ منه، على قدر ما عنده. يُروى أن رجلاً مر على أبي الدرداء الصحابي الزاهد – رضي الله عنه- فوجده يغرس جوزة، وهو في شيخوخته وهرمه، فقال له: أتغرس هذه الجوزة وأنت شيخ كبير، وهي لا تثمر إلا بعد كذا وكذا عاماً ؟! فقال أبو الدرداء: وما عليَ أن يكون لي أجرها ويأكل منها غيري!! وأكثر من ذلك أن المسلم لا يعمل لنفع المجتمع الإنساني فحسب، بل يعمل لنفع الأحياء، حتى الحيوان والطير، والنبي ﷺ يقول: ” مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ” [البخاري]. وبذلك يعم الرخاء ليشمل البلاد والعباد والطيور والدواب.
نسألُ اللهَ أنْ يصبَّ علينا الخيرَ صبًّا؛ وأنْ لا يجعلَ عيشنَا كدًّا، وأنّ يحفظَ مصرنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ .
كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف