عاجل

الدكتور إبراهيم أبو محمد مفتي أستراليا للمسلمين في افتتاح مؤتمر الدعوة بسيدني :

نحتاج تقديم الإسلام في صورته الحقيقة.. لا كما تصوره دوائر المكر السيئ الكارهة

قدموا الإسلام مؤسسا للحضارة الإنسانية وحاضنا للعلم وراعيا للعقل البشرى وحاميا للحريات

كتب – أحمد نور الدين :

افتتح فضيلة الدكتور إبراهيم أبو محمد مفتي أستراليا مؤتمر الدعوة بمدينة سيدني , والذى حضره أئمة ودعاة استراليا وعدد من البلاد الاوروبية, وقال فضيلته في افتتاح مؤتمر الدعوة بمدينة سيدني: دينكم يواجه كثيرا من التحديات التي تحاول أن تحجب نوره وتعيق حركته وربما تحاول وقف نشاطه ومنع قيم الهداية والنور فيه من الانطلاق لعقول الآخرين وقلوبهم, نماذج هذا التحدي كثيرة وأنتم خير من يرصدونها ويعرفونها , أساليب هذا التحدي تفتقد الدليل والمنطق لكنها تملك أدوات العصر وآلياته وتوظفها بذكاء خطير ومؤثر.

في مقدمة تلك الأليات هي إعلام الغواية الذي يلبس ويدلس ويختار مقاطع يقطعها عن سياقها ويقدمها في محاولات بائسة ويائسة لتصلق بالدين الذي جاء أصلا لحماية الإنسان على أنه دين يخاصم الحياة والحضارة ويهدر قيمها الجميلة ويروع الإنسان ومنه هنا ينشأ ما يعرف بالإسلاموفوبيا لدى الآخرين وهم ضحايا الغش الثقافي وضحايا غيابنا نحن عن الساحة بشكل علمي ومدروس , ولذلك نحتاج أن نقدم الإسلام في صورته الحقيقة، لا كما تصوره دوائر المكر السيئ، ودوائر الشرور والكراهية , ولتصحيح الصورة وإنقاذ الضحايا من وهم الخوف من الإسلام دينا وأتباعا نحتاج أن نعيد النظر في صياغة أساليب دعوتنا لتنفي عن الدين الحق وعن المسلمين تهمة الشراسة والعنف والعدوان.

لذلك أقول في تواضع من يكبركم سنا، ويعرف أقداركم أرجوكم:  قدموا الإسلام مؤسسا للحضارة الإنسانية، وحاضنا للعلم، وراعيا للعقل البشرى وحاميا للحريات , قدموه ضامناً لكرامة الإنسان – كل الإنسان ,  قدموه نصيراً للمظلومين وخصما للظالمين ورادعا للمعتدين, قدموه عدواً للفقر والمرض والجوع وكل ما يذل كرامة البشر ويهين إنسانيتهم , قدموه كما هو منهجا للعدل وحماية للناس وعمارة للكون, قدموه صديقاً للمنطق لا نقيضاً له، وباعثاً يوسع دوافع الخير في الناس والأشياء، ويقلص دوافع الشر ويحاصرها في الناس والأشياء, قدموه منقذا للأخلاق والقيم الإنسانية الرفيعة, قدموه دعوة لسعادة الحياة لا لشقائها، فقد قال ربنا لنبيه ومصطفاه ” طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى “, قدموه هداية للناس وبشرى لهم بحياتين سعيدتين واحدة هنا والأخرى في الجنة فقد قال ربنا لنبيه ” تلك آيات القرآن وكتاب مبين هدى وبشرى للمؤمنين”, قدموه على أنه دعوة إلى العقل ليفكر فيهتدى، ودعوة إلى القلب ليؤمن فيطمئن، ودعوة إلى الوجدان ليمتلئ حبا وفرحا فقد قال ربنا جل وعلا “قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون” , ودعوة إلى الحركة لترشد وتستقيم، ودعوة إلى اللسان ليكف أذاه ويعف، فلا ينطق إلا حقا، ولا يقول إلا صدقا, قدموه على أنه بناء للحياة لا هدما لها، وعمارة للكون لا تخريب له، وصلاح للوجود لا فساد له, قدموه أدباً رفيع المستوى، وعفة لا يخدشها فجور، وسمواً يرفض السقوط والتدني، وشرفاً يرفض المساومة ويأبى المتاجرة، وأن يباع أو يشترى.

قدموه عزة ترفض الخضوع والخنوع والذل، وولاء لله لا يباع بمليء الأرض ذهباً، ولا يتخلى صاحبه ولا بسعة الأرض حراباً وعذاباً, قدموه دعوة للسلام ترفض الحروب وتدين تجارها وسماسرتها، ودعوة للأمن ترفض العنف والإرهاب وترويع الناس، قدموه واحة للمحبة وساحة مفتوحة الميدان للفكر والثقافة وكل ما يرقي الإنسان ويطهر وجوده ويصحح رسالته ويرشد دوره, قدموه منهجا للنظام والضبط الإداري العظيم الذي عجزت عن إبداع مثله كل أنظمة الحياة القانونية والأمنية, قدموه على أنه منهجاً لاستثمار الطاقات الإنسانية ودافعاً لقوى الإبداع فيها لتتقدم وتجدد وتضيف, قدموه منهجا يفتح كل ساحات الحياة ليجعلها ميادين للطاعة والعبادة بإتقان العمل وزيادة الإنتاج ورفع الكفاءة، فقد قال نبينا عليه الصلاة والسلام (جعلت لي الأرض مسجداً).

قدموه على أنه منهجاً يرى: في الزهرة جمالاً ينبغي ألا يدمر, ويرى في القيم جمالاً ينبغي ألا يباع , ويرى في الحرية جمالاً ينبغي ألا يصادر, ويرى في العدل جمالاً ينبغي ألا يغيب , ويرى في العزة جمالاً ينبغي ألا يهان, ويرى في المساواة جمالاً ينبغي ألا يعكر , ويرى في الأخوة ة جمالاً ينبغي ألا يزول , ويرى في الاستقامة جمالاً ينبغي ألا يلوث , ويرى في الشرف جمالاً ينبغي ألا يهدد أو يستباح , ويرى في الكرامة جمالاً ينبغي ألا يسلب , ويرى في العمل الجاد جمالاً ينبغي ألا يحقر, ويرى في الإبداع البشرى جمالاً ينبغي ألا يبدد, ويرى في عمارة الكون وترقية الحياة جمالاً ينبغي ألا يهمل , ويرى في الإنجاز العلمي جمالاً ينبغي ألا ينسى , ويرى في الأداء العالي جمالاً ينبغي ألا يضيع, ويرى في الإنسانية جمالاً ينبغي يكرم وألا يذل, ويرى في الطفولة جمالاً ينبغي ألا يفزع أو يروع , ويرى في حماية الدماء والأموال والأعراض جمالاً ينبغي ألا يهدر أو يراق, قدموه رحمة للعالمين.. يرحمني ويرحمكم الله .

 

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى