عاجل

الفتنة الكبرى…… والفتنة القذرة بقلم : د /محمد سالم

بقلم : د /محمد سالم

مديرية اوقاف الغربية

كثير من الناس يحلو لهم بين الحين والحين ربط الأحداث المعاصرة بما كان عليه المسلمون في عهد سيدنا علي رضي الله عنه أو ما يعرف تاريخيا باسم الفتنة الكبرى ولكني أرى أن هذا الربط في غير موضعه لعده أسباب:

أنهم هناك: كان مقصد الجميع طلب الحق: – والحق فقط- وكان في نظرهم متمثلا في رفعه شأن هذا الدين لأنهم تربوا أن كل واحد منهم يحمل همّ الدين كأنه وحده هو المكلف بحماية هذا الدين دون سواه. فكانوا جميعا شديدي الحرص على مستقبل هذا الدين.

الأمر الثاني: أن الفريقين جميعا كان يطلب الحق لا يضيره أن يكون الحق معه أو مع الطرف الآخر وهو على استعداد كامل لأن يقبل هذا الحق وينصاع له دون أدني مضض بل ويسارع إليه أيّه مسارعة طالما ظهر له الحق المبين.

الأمر الثالث: أن تنازعهم لم يكن عن بغضاء ولا شحناء ولا مرض قلب كاستكثار الحكم على أحد الطرفين بل كانوا واضحي الرؤية في هذا تماما لأنهم كانوا يعرفون أن الخلافة تكليف لا تشريف وأن الخليفه خادم لا سيد … وهو يعلم أنه متى حاد عن الطريق وجد بدل الواحد ألفا يقوّمُه ويعيده إلى الصراط المستقيم دون أن يجامله في حق أو يتوانى في حمله عليه مهما كانت العواقب.

الأمر الرابع: أنهم كانوا في تنازعهم لا يرضون لغيرهم أن يكون له يد في أي نوع من الصراع مهما كان حجم سلطانه. ولعل موقف سيدنا معاويه كان واضحا جليا في رده على ملك الروم حين أراد أن يستغل الظروف ليشق الصف المسلم بدعوى أنه سينصر طرفا على حساب طرف لأنه يدرك أن الفناء لطرف مصلحة له أما فناء الطرفين جميعا فهو ما يتمناه ولو فقد فيه إحدى عينيه. ولكن سيدنا معاوية كان من الحصافة والذكاء بحيث فوّت عليه الفرصة بل وهدده إن تدخل أن يجتمع مع ابن عمه علي رضي الله عنه حتي يقلع ملك الروم من أرضه….. وليته فعل؟؟؟

*** من هنا نخلص….***

إلي أن مقايسه ماضي هذه الأمة بحاضرها في تلك الفتنة ظلما بيّنا لما عرفه التاريخ باسم الفتنه الكبرى….. وانا أقول إن كان التاريخ سمى الاخرى الفتنه الكبرى….. فإني اسمي هذه القتنة بالفتنة القذرة

نعم فتنه قذرة بكل ما تحمله الكلمة من معان:

قذرة : لأنها فتنة لا هدف لها سوى اسقاط الدولة المصرية بكل ما تحمله من علم وحضارة وشعب لا تجد له مثيلا في التاريخ كفاحا وصبرا وطيبة وخلقا

قذرة: لأنها لا تحترم صغيرا ولا توقر كبيرا ولا تُبْقِى على رحم كأنها منزوعة الرحمة …. خطابها رعد…. ولونها دم… وحديثها سب ولعن وطعن.

قذرة: لأنها استعانت بكل عدو عليها فبات بعض الناس يستأسد بعدوه على أخيه. ويتقوّى به حتى ينتهب بلده وشعبه. هل اصبحنا عبيدا إلى تلك الدرجة؟؟؟؟!!!! حتى ننادي عدونا باستعمارنا ولم يمض على خروجه عنا إلا سنوات أقل مما استعمرنا فيها…. كنا نقول عن الخديوي توفيق خائن لأنه وأد الثورة العرابية وفتح الأرض للانجليز ….. وكم عندنا من خديوي يريد أن يساعد عدوه على استلاب بلده من أبناءها حتى دون مشقة مواجهة اهلها بل يريد أن يهديها إليه.

قذرة: لأن الكل فيها خاسر مهما ظن أنه رابح …. لأنه حتى لو ربح …. فإنه أبدا سيظل الناس يحتقرونه ما بقوا…. إن من يرفع صوته على أبيه …. يظل يسب بها إلى يوم يموت… ويبقى أثرها لعنة في عقبه…. فما بالنا بمن يسب شعبا ودوله لها أركانها …. ألا فلتخرس تلك الألسن التى تتطاول على مصر ومؤسساتها

أعرفتم : كيف أنّا نظلم الفتنه الكبرى اذا سوينا بينها وبين ما نحن فيه؟؟؟!!! …. إنما أريد أن أدلل على أن المسلمين إذا فهموا أمر دينهم كانوا رحمة حتى في اختلافهم أو تقاتلهم أما هذا الجيل الذي لا يعرف شيئا لا عن دين ولا دنيا …. فأحيانا أعذره وأحيانا ألومه…. اعذره لجهله…. وألومه على أنه سلم قياده لمن يركب انفعاله ليصل إلى مأربه …. يموت من يموت من الشباب لا أحد يسأل عنه لتبقى تلك الحقيقة المرة

أن الشاب الغر سليم النية مات …. نعم مات…. ومات أمل أمه معه…. تقطّع قلبها حسرات….. ويزداد انفطاره كلما رأت من يتاجر بدم ولدها على شاشات التلفزيون ثم يخرج فيركب فاره السيارات ويلبس غالي الثياب…. ولا يتذكر هذه الام المسكينه حتى بالقاء سلام عليها …. رغم انه يتاجر بدم ولدها ليلا ونهارا.

يبقى سؤال مهم جدا

هل من حق الأقلية حتى ولو ظهر أنها كانت على الحق أن تخرج عن رأي الاكثرية وتسفه آرائهم وتنسحب أو تنقلب على ما اختارته الأكثرية؟؟؟؟؟!!!!

انا لن أقول رأيي ولكن سأترك للقارئ الكريم أن يختار أين يقف؟؟؟؟

بعد غزوة بدر: ولما سمع النبي صلى الله عليه وسلم بخروج قريش للهجوم على المسلمين في المدينة

جمع النبي أصحابه واستشارهم في الأمر ….. فكانوا فريقين

الآول: وهم الشيوخ: قالوا يا رسول الله نبقى في المدينة فما دخلها علينا أحد إلا هزمناه فيها

الثاني: وهم الشباب: قالوا بل نخرج إليهم فنقاتلهم خارج المدينة

واختار الرسول ومن معه الرأي الثاني

فخرجوا في ألف من المسلمين: فلما كانوا في ظاهر المدينة …. قال عبد الله ابن أُبيّ لم يسمع كلامنا وسمع كلام غيرنا فليقاتل بهم ثم رجع بثلث الجيش

فذهب النبي بالباقي وكان ما كان في غزوة أحد وما أصيب به المؤمنون …. ولكنك أبدا لم تسمع أحد منهم يلوم من حثّ على الخروج بأنهم السبب….. لأنهم يعلمون أنه بمجرد تبني رأي الاكثرية فعلى الجميع تحمل المسؤولية …. ولكنك أبدا ستجد في كل لقاء ….. عبد الله بن أبي وكثير على شاكلته بل قل الغالب على شاكلته…. طماااع…. انتهازي….. يظن نفسه أذكى الناس ….. ولكن القرآن وصفهم بهذا الوصف الدقيق (مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) ما ادق هذا الوصف لذا لا تعجب من كثرة المتحولين!!!!!

أما أهل الحق فدافعوا عن حقهم ولم يلوموا غيرهم على ما أصابهم حتى ولو كان عندهم بعض الحق في هذا اللوم…. فانظر قدميك …..واين تقف؟؟؟؟؟؟

كتبه د/ محمد سالم 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى