المنزلقات الثلاثة
المنزلقات الثلاثة بقلم: فضيلة الشيخ /حسن عبد البصير
|
المنزلقات الثلاث مرت بالأمة أوقات عصيبة مع مطلع القرن العشرين .لقد كانت خاضعة للإمبراطورية العثمانية التي كانت تعاني لحظات الاحتضار ويطلق عليها (الرجل المريض) وتسعى أوربا لتقسيم تركتها . وبدأت انجلترا تبحث عن رجلها في المنطقة ، ووقعت عينها على حاكم مكة الشريف حسين الذي كان يحلم بعودة الخلافة إلى العرب _على أن يكون هو صاحبها الموعود- والعجيب أنه في الوقت الذي بحثت القوى الاستعمارية عن رجلها في المنطقة ،كان الشريف حسين هو الآخر يبحث عن من يساند أحلامه وبدأت بين الجانبين مراسلات محورها أن بريطانيا العظمى تريد من يثور على العثمانيين في مقابل أن تكون الدول العربية في آسيا دولة واحدة تحت سلطة الشريف حسين.واستطاع الإنجليز عبر مكماهون إقناع الشريف حسن بجديتهم مع أنهم يخططون لاقتسام كعكة الشرق . وساعدهم أن الدولة العليا بسياسة التتريك التى أغضبت العرب جميعا . وأخطاء منها :ـ 1-رفض الاتحاديين شروط الشريف الحسين التي حددها من أجل دعمهم والوقوف إلى جانبهم في الحرب،
2 ـ سياسة القمع التي مارسها الاتحاديون ضد العرب وأحرارهم؛فقد أعدموا عدداً منهم بتهمة التآمر على الدولة العثمانية، ويذكر هنا ما قام به جمال باشا (السفاح) في 21 آب 1915 م و 6 أيار 1916 م عندما أعدم عدداً من القيادات الوطنية في بلاد الشام.
3 ـ خنق الحريات العامة، وحرمان المواطنين العرب حتى من أقل الحقوق التي يجب على أي دولة توفيرها لأبنائها.
4 ـ عدم تجاوب الدولة العثمانية مع المطالب العربية بالإصلاحات الإدارية والسياسية والاقتصادية، ووضع حد للفساد الذي استشرى في أجهزة الدولة.
5 ــ إرغام الأهالي العرب على الالتحاق بالخدمة العسكرية الإجبارية وزجهم في أتون معارك الاتحاديين الخاسرة.
من هو الشريف حسين؟
الشريف حسين ينتمي إلى الاسرة الهاشمية (أسرة الرسول صلى الله عليه وسلم) وكان السلطان عبد الحميد قد قربه إليه وأبعده عن مكة ليكون في اسطنبول قريبا منه وقد دعاه السلطان لكي بيعده عن الحجاز وعاد إلى الحجاز بعد الانقلاب على عبد الحميد في عام 1909. وخلال الحرب العالمية الأولى بدأ في مراسلاته مع مكماهون واستغل كراهية العرب للاتراك بسبب سياسة التتريك كذلك استغل المجازر التي قام بها جمال باشا السفاح الوالي العثماني على سوريا لا ننسى أن الحسين طمع في أن يصبح ملكا على العرب.أصبح ملكا على الحجاز بعد الحرب العالمية الأولى الا أنه طرد من قبل آل سعود الذين أعلنوا عن قيام المملكة العربية السعودية).
ما هي أسباب المفاوضات بين مكماهون وحسين؟
1) أرادت بريطانيا أن تضعف الدولة العثمانية من الداخل بتحريض العرب الذين كانوا تحت الحكم العثماني على القيام بالثورة وبهذا يمكن التعجيل في القضاء على الدولة العثمانية.
2) استياء العرب من الاتراك بسبب سياسة التتريك ومجازر جمال باشا السفاح وعدم القيام بإصلاحات في الأقطار العربية.
3) أطماع الشريف حسين في أن يصبح ملكا على العرب بمساعدة بريطانيا.
وبدأت المراسلات بينهما وإليك التزامات كل منهما:_
التزم الحسين في رسائله بالقيام بالثورة العربية ضد الدولة العثمانية وتحرير الأقاليم العربية مثل الحجاز والأردن وسوريا وتخليصها من الحكم العثماني بمساعدة بريطانيا.
والتزم مكماهون باسم حكومته بالموافقة على ما جاء في (وثيقة دمشق) أو ما يسمى في (بروتوكول دمشق) وقد صدرت هذه الوثيقة في عام 1915 عندما اجتمع زعماء القومية العربية مع فيصل ابن الشريف حسين في دمشق قبيل المفاوضات بين الحسين ومكماهون واتفقت الجمعيات العربية مثل العربية الفتاة والعهد على التفاوض مع بريطانيا بشرط أن تقبل بريطانيا على ما جاء في هذه الوثيقة وتكون هذه الوثيقة هي الأساس للتفاوض وقد جاء في وثيقة دمشق التي وافقت عليها بريطانيا أثناء المراسلات ما يلي:
1)تعترف بريطانيا بمساعدة العرب على إقامة مملكة عربية موحدة على الأجزاء العربية الأسيوية من الشمال خط عرض 37 ومن الجنوب المحيط الهندي ومن الشرق الحدود مع إيران ومن الغرب البحر المتوسط والبحر الاحمر.
2)تلتزم بريطانيا بمساعدة هذه الدولة مستقبليا اقتصاديا وعسكريا.
3)تعمل بريطانيا على إلغاء الامتيازات الأجنبية.
هذه هي المطالب الحسين في رسائله التي أرسلها إلى مكماهون وقد وافق مكماهون على الحدود بين الدولة العربية المقترحة ولكنه ذكر بعض التحفظات في رسائله ومنها:
1)قال مكماهون يجب إخراج منطقة الأسكندرونة نظرا لكونها تركية وأغلب سكانها من الاتراك.
2)ادعى مكماهون أن منطقة جنوب العراق منطقة البصرة حتى شط العرب (مصب دجلة والفرات) يجب أن تبقى تحت السيطرة البريطانية, أما الحسين فقد قال إن منطقة غربي دمشق هي عربية خالصة لا يمكن التفريط بها.
3)ادعى مكماهون أن بعض الأقسام الواقعة غربي دمشق ليست عربية.
أما إجابات الحسين بالنسبة لهذه التحفظات فقد كتب في رسائله:
1)بالنسبة لمنطقة الاسكندرونة يمكن تأجيل هذا الأمر والتفاوض عليه بعد الحرب وتحرير الأقاليم العربية.
2)أما بالنسبة للمنطقة الجنوبية من العراق المتصلة في الخليج العربي فقد قال الحسين هذه المنطقة منطقة عربية, ولكن يمكن التفاهم حولهابحيث يمكن لبريطانيا تأجيرها واستخدامها لفترة معينة من الزمن بشرط أن تدفع بريطانيا تعويضا ماليا.
3)أما بالنسبة لمنطقة غربي دمشق فقد رفض الحسين التحفظات التي وردت بالنسبة لهذه المنطقة وقال في رسائله التي أرسلها إلى مكماهون بان هذه المنطقة منطقة عربية خالصة لا يمكن التفريط او التنازل عنها.
المفاجأة في ظل هذه المراسلات والاتفاقيات كانت بريطانيا وفرنسا يجتمعان من أجل تقسيم الوطن العربي بما عرف باتفاقية سيكس بيكو التي قطعت أوصال الوطن العربي ثم كانت المفاجأة الحزينة بوعد بلفور الذي أعطى فيه مالا يملك ما لا يستحق . أعطى اليهود الصهيونية الحق في بلد عربية وهي فلسطين. لندخل المنزلق الأول عبر الوثوق في الغرب القرصان لتدخل العروبة في حرب مع الخلافة يكون نتاجها احتلالا لكل البلاد العربية ، وإنشاء دولة صهيونية في قلب العالم العربي.
انتظروني مع باقي المنزلقات في اعداد قادمة