عاجل

ثقافة الاختلاف وثقافة خلف خلاف بقلم : د/أسامة فخري الجندي

ثقافة الاختلاف وثقافة خلف خلاف

بقلم : د/أسامة فخري الجندي

لقد جاء الإسلام ليؤسس وليؤصل لبناء أخلاقي في المقام الأول ، جاء ليحقق إنسانية الإنسان ، جاء ليؤكد على أن الإنسان ينبغي أن يعيش مادية الأرض بقيم السماء ، جاء الإسلام يدعوا إلى المحبة والمودة ، والتعاون والتآلف ، والتعاطف والتآخي ، ومعلوم أن بناء الأمم يرتبط ارتباطا وثيقا بالبناء الأخلاقي ، وأن انهيار الأمم يرتبط أيضا ارتباطا وثيقا بانهيار الأخلاق ، فأمة بلا أخلاق ماذا ننتظر منها ؟ 

إن كل من يبذر بذور الفتنة ، ويفرق بين أفراد الأمة ، ويمشي بالنميمة ، والغيبة ، والخوض في أعراض الغير ، كأنه يمسك بيده معول (فأس) يهدم به البنيان الذي جاء الإسلام ليقيمه ، وكأنه ينسف الإنسان قِيما وأخلاقا وروحا ….

إذا كانت الحروب والأزمات والكوارث تستهدف الإنسان بأسلحتها الفتاكة ، فإنما تستهدف الإنسان كجسد ،،، لكن هناك حربًا أخرى أشد فتكا وهي حرب الشائعات والفتن وضرب التلاحم الإنساني الذي أراده الإسلام ….. إنها حرب تستهدف الإنسان لا كجسد وإنما كقيم وكروح ,  ونحن نعلم أن الإنسان لا يقاس أبدًأ بطول قامته ، أو بقوة عضلاته ، أو بجمال صورته ، وإنما يقاس بقلبه وعقله .

لقد جحد الإنسان نِعَم الله عليه ، فعوقب بمنعها عنه ، ولكن إن عاد الإنسان عادت النعم مرة أخرى ؛ لأن الحق جلا وعلا يقول : ” وإن عدتم عدنا ” .

فمتى للعقلاء أن ينتبهوا ، لماذا حرمنا نعمة الأمن ؟ لماذا حرمنا نعمة    السلام ؟ لماذا حرمنا نعمة التآلف ؟ لماذا حرمنا نعمة التوافق ؟ لماذا وصلنا إلى التحزب والتفرق ؟ لماذا نُنَمّي ثقافة الضجيج ؟ لماذا لا نعمل على ثقافة الاختلاف ؟ لماذا نتكالب على المناصب ؟ لماذا الأصل هو المصلحة الشخصية ؟ أين مصلحة العامة ؟  ما الذي يحطم معنويات الناس؟ شائعات لا أساس لها ، أخبار لا أصل لها ، تحليلات شيطانية ، توقعات يائسة ، تبعد الناس عن رحمة الله .

لقد وصلنا إلى مرحلة خطيرة من تاريخ الأمة ، وجدنا فيها شقًّا للصف ، نسفًا للقيم والأخلاق ، نفيًّا للآخر ، صراعًا مع الغير ، فأين الحوار ؟ وأين قبول الآخر ؟ وأين التدافع الذي يدعوا إليه الإسلام وليس الصراع ؟ 

لقد وصلنا في زماننا هذا إلى حد أن البعض يهدر دم البعض الآخر ، فأين حرمة الدماء ؟ وأين مقاصد الشريعة التي تحفظ على الإنسان نفسه ودمه وروحه وعقله ؟

هذه رسالة أرسلها للعقل الجمعي في مصر :

أن نتعلم ثقافة الاختلاف …..ونترك ثقافة خلف خلاف ……

أن نتعلم اختلاف التنوع ….. ونترك اختلاف التضاد

أن نتعلم ثقافة الحوار … ونترك ثقافة الضجيج ….

أن نتعلم قبول الآخر … ونترك نفيه وعدم الاعتراف به ……

أن ندعوا إلى السلم والأمن ….. ونترك العنف بأنواعه ( العنف النفسي – العنف الفكري – العنف الجسدي ) .

أن نغلب المصلحة العامة على المصالح الشخصية …..

فهل من مستمع ؟

نسأل الله السلامة ….. اللهم احفظ مصر من كل سوء ….. اللهم اجعل مصر واحة للأمن والأمان …. اللهم اجعل مصر واحة للسلامة والسلام …. اللهم ادرأ عنها الفتن ما ظهر منها وما بطن يا رب العالمين ………

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى