عاجل

حالنا بعد رمضان ، للدكتور خالد بدير

حالنا بعد رمضان ، للدكتور خالد بدير

 

لتحميل المقال بصيغة word 

لتحميل المقال بصيغة pdf

 

حالنا بعد رمضان ، للدكتور خالد بدير

إن حالنا وحال المساجد بعد رمضان حالٌ يدمي القلب السعيد؛ أبَعْدَ عمل الصالحات، وكسْب الحسنات في شهر رمضان؛ شهر البركات، ينقلب البعضُ على عَقبيه، فيعود إلى شهواتِه مرَّةً أخرى، فيعب منها عبًّا، وينغمس فيها انغماسًا، فلا يمضي عليه قليلٌ من الوقت حتى تتضاعفَ سيئاتُه، وتكثر أخطاؤه وخطاياه؟! فمِن الناس مَن يتركُ الصلاةَ ويهجر المساجد، ومنهم مَن يُطلق لشهواته العنان!! ويُفْسِح لها الميدان!! ومنهم مَن يُمسِك عن فِعْل البر والإحسان وقراءة القرآن!! كأنَّ رمضان وحده هو شهر الطاعة والعبادة!! وسجن المعصية والرذيلة، حتى إذا ما انتهى رمضانُ تحكَّمت في بعض الناس الرذائل وتولَّى قيادتَهم الشيطانُ، وما أولئك بالمؤمنين!!

أينَ الذين عمروا المساجدَ في رمضان، وازدحموا في ليلةِ سبعٍ وعشرين، وختم القرآن؟! أين الأصواتُ المدويةُ بتلاوةِ التالِين؟! أينَ الذينَ تكاثروا على المساجدِ والمراكزِ الخيرية؛ آداءً للزكاةِ، ودفعًا لصدقة الفِطرِ؟! هل زاغتْ عنهم الأبصارُ، أم تخطفهم طيورٌ مِنَ السماء، أم حلَّتْ بِهم قارعةٌ في الدِّيار، أم أصابتْهم نازلةٌ أقعدتْهم على الفُرُشِ، أم أصابتهم سِهامُ المنايا فجعلتهم جثثًا هامدةً؟!

بعد رمضان هدأت المساجد وقلت الصفوف!! وعادت المصاحف الي الرفوف!! وانشغل الناس بالأفراح والدفوف!! وياليتها دفوف!! وانكب على الخمر كل سكير ملهوف!! وحال هؤلاء كما قال البائس عن الخمر:

رمضان ولى هاتها يا ساقي ** مشتاقة تسعى إلى مشتاق

واعلم أخي المصلى أن المكان الذي كنت تصلى فيه في رمضان ينادي عليك؛ والصلاة نفسها في أوقاتها تفتقدك وتلعنك :

يا تاركاً لصلاته إن الصلاة لتشتكــــي *** وتقول في أوقاتها الله يلعــن تــاركـي

أيها المسلمون: إن المداومة على الطاعة هي وصية الله عز وجل لخير خلقه وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ حيث جاء في القرآن قولُ عيسى عليه السلام: { وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا }.(مريم 31)؛ وقد أمَر الله سيِّد البشر بذلك، فقال تعالى{ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } (الحجر 99). فالعبادة والطاعة تكون على الدوام لا في رمضان فحسب ؛ وقد قيل لبِشْر الحافي: إنَّ قومًا يتعبَّدون ويجتهدون في رمضان، فقال: بئس القومُ قومٌ لا يعرفون لله حقًّا إلاَّ في رمضان، إنَّ الصالح الذي يتعبَّد ويجتهد السَّنةَ كُلَّها، وسُئِل الشبليُّ – رحمه الله -: أيُّما أفضل؛ رجب، أو شعبان ؛ أو رمضان؟ فقال: كن ربانيًّا، ولا تكن رمضانيًا !!

أيُّها التائبُ الآيب في رمضان، استمِرَّ على توبتك، وابكِ على ذنبك، هذا السكيرُ الذي استطاع أن يهجر الخمر ثلاثين يومًا وثلاثين ليلة، فزَكَا قلبُه، وامتلأ جيبُه، وصحَّ بدنُه، لماذا لا يواصلُ العيش بعد رمضان على هذا المنوال والمنهاج، وقد عُلِم بالتجرِبة والاختبار أنَّ هذا الهجرَ قد نفعَه ولم يضرَّه، وتيسَّر له ولم يتعسَّر عليه؟! وهذا المدخِّن الذي ترَكَ التدخين ثلاثين يومًا، فأراح صدرَه، وسكنت أعصابُه، وقويت شهيتُه، لماذا لا يستمرُّ صائمًا عنه ليله ونهاره، وقد رأى أنَّ في طاقته الاستغناءَ عنه، والحياةَ بدونه؟!

واعلمْ أيُّها التائب، المقلع عن الذنب، النادم على التفريط، أنَّ مَن تَرَك لله شيئًا عوَّضَه الله خيرًا منه!!

        كتبه : خادم الدعوة الإسلامية

       د / خالد بدير بدوي

 

 

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

تابعنا علي الفيس بوك

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

للمزيد عن أخبار الأوقاف

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى