حضارة بحاجة لترميم.. فهل من مُجيب؟! بقلم: هبه أبوالمجد
(فوت علينا بكرة) جملة أكاد أجزم بأننا جميعًا سمعناها في أي مصلحةٍ من المصالح الحكومية في مصر التي تتميز عن غيرها بـ (الروتين) الذي يكاد يتحول لرجلٍ سفّاح يقتلنا واحدًا تلو الآخر دون النظر وراءه لجثثنا المتكدسة … إن هذه الجملة إن دلت علي شئ فإنما تدل علي أننا كشعب مصريّ نتميز بالتسويف؛ فلكم سمعنا عبارة (لا تؤجل عمل اليوم إلي الغد) وكأنها غمغمة لا معنى لها في قاموسنا المصري .. أيها السادة … أيتها السيدات دعوني ألخص لكم مشكلة مصر في هذا العصر ، بل وفي كل عصر ، إن مصر تغرق ببطءٍ في وحلٍ يُسمَّى (التسويف)، يساعد هذا الوحل في الإغراق مستنقع يُدعَى (اللامبالاة والأنامالية( ولأترجم لك عزيزي القارئ ما أقوله، بكل بساطة، فـ (التسويف) هو ترجمة جملة (فوت علينا بكرة) ، فنحن نؤجل جميع أعمالنا إلي (غدًا) الذي لا يأتي أبدًا.. و(اللامبالاة) لا أعتقد بأنها كلمة تحتاج لتوضيح، فهي التبلد وجمود التفكير… نعم جمود التفكير لا المشاعر؛ حيث أن الشعب المصري يتميز بالعاطفة ولكن للأسف يتميز إلي جانب تلك العاطفة بجمود التفكير واللامبالاة الفكرية. أما (الأنامالية) فبكل بساطة هي كلمة (وأنا مالي) التي تتردد علي ألسنتنا؛ فالكل يلقي باللوم علي الآخر … تمامًا كما حدث في قضية قتل المتظاهرين في ثورة 25 يناير 2011 ، وتمامًا كما حدث في قضية ال 74 قتيلاً فيما يُسمَّى بـ (مذبحة بورسعيد(.. وما أكثر الأمثلة علي قضية (التسويف) في مصرنا الحبيبة، وأقول (قضية التسويف) لا (كلمة التسويف)، بل هي مشكلة عويصة تحتاج منَّا إلي تدقيق نظر وتصحيح رؤية وتغيير مسار …. )hلتسويف) هو المرض المسرطن الأعظم الذي يهد الأهرامات ويُسقِط البرج وسقارة والمعابد الفرعونية … نعم يهدها ويدمرها . وقبل أن تعارض ما أقوله وتقسم بأنه كذب وادعاء وبأن كل ذلك يستحيل هدمه، أقول لك : لا ياسيدي؛ فكل هذا دخل حيز التنفيذ بالفعل منذ فترةٍ بعيدةٍ، وبالطبع تتسائل كيف هذا وأنت مازلت تزور الأهرامات وتصعد برج القاهرة ، وتذهب إلي معبد الكرنك؟؟! وأرد قائلة : كل هذه ياسيدي ما هي إلا آثار حضارتنا التي لا نفتأ نتفاخر بها أمام كل العالم ، ولكن دعوني أسألكم سؤالاً : مَن منَّا زاد علي هذه الحضارة؟ من منَّا ترجم كتب العلم كما فعل أجدادنا من ترجمة العلوم اليونانية والرومانية؟ ألا يخزكم أيها المصريين أن تسمعوا أنه يبلغ عدد الكتب المترجمة عبريًّا (100) كتاب لكل مليون إسرائيلي في حين يبلغ عددها بالنسبة للعالم العربي (3) كتب تقريبًا لكل مليون عربي؟ ألا يخزكم هذا الرقم المشين؟؟!! أأنتم من نسل مَن حرَّر سيناء من أيدي مغتصبيها؟! أأنتم أحفاد بُناة الأهرامات؟؟ لا تقولوا (لقمة العيش)، لا تقولوا ( غلاء الأسعار)، لا تقولوا (كثافة سكانية)، ولا تقولوا (قلة موارد بشرية ومادية)؛ لأني حينها سأرد متسائلة : وأين كثافتكم السكانية إلي جانب الصين التي أصبحت من أكبر الدول الصناعية وغَزَت العالم وعلى رأسه مصر بمنتجاتها؟؟ وسأرد قائلة بأن غلاء الأسعار (من أعمالكم سُلط عليكم) .. نعم فأنتم الذين تسوّفون ولا تبالون.. مستوردين كل شئ حتى عاداتكم تنازلتم عنها واستوردتم غيرها.. أيها المصريين إلي متي ستظلون مستهلكين مستوردين؟! متي ستصبحون مُصنِّعِين مُصدِّرين؟؟!! ألا يؤلمكم تصنيفكم بأنكم من دول العالم الثالث؟؟!!