القاهرة: محمد عبده حسنين
أصدرت محكمة النقض، أعلى سلطة قضائية في مصر، أمس، حكما نهائيا وباتًّا بتأييد براءة جميع المتهمين في قضية قتل المتظاهرين يومي 2 و3 فبراير (شباط) 2011 قبيل تنحي الرئيس السابق حسني مبارك، والمعروفة إعلاميا بـ«موقعة الجمل»، وعدم قبول طعن النيابة العامة على حكم البراءة الذي صدر العام الماضي. ويأتي هذا الحكم في وقت جدد فيه جهاز «الكسب غير المشروع»، التابع لوزارة العدل، حبس مبارك 15 يوما على ذمة التحقيقات في تهم بتضخم ثروته.وقال عبد المنعم عبد المقصود، المستشار القانوني للرئيس محمد مرسي، محامي جماعة الإخوان المسلمين، لـ«الشرق الأوسط»: «وفقا لهذا الحكم فإن قضية (موقعة الجمل) قد انتهت ببراءة الجميع، وتم إغلاقها، إلا في حالة واحدة فقط، وهي حصول النيابة العامة على أدلة جديدة تثبت تورط المتهمين أنفسهم أو متهمين جدد، وفي هذه الحالة يتم النظر فيها كقضية جديدة من نقطة البداية».وأشار عبد المقصود إلى أن النائب العام المستشار طلعت عبد الله يدرس حاليا تقرير لجنة تقصي الحقائق، التي شكلها الرئيس مرسي، و«ربما يجد فيه أدلة جديدة تدعم موقف النيابة العامة».وكانت محكمة جنايات القاهرة قد برأت، في حكمها الصادر في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، جميع المتهمين في جرائم قتل والشروع في قتل وإصابة المتظاهرين خلال «موقعة الجمل»، التي راح ضحيتها 14 قتيلا، ونحو ألفي مصاب.. إلا أن النيابة العامة المصرية طعنت على الحكم.وقضت محكمة النقض في جلستها المنعقدة أمس برئاسة المستشار حامد عبد الله نائب رئيس المحكمة، بعدم قبول طعن النيابة العامة على حكم البراءة، وأصدرت حكما نهائيا وباتًّا بتأييد براءة جميع المتهمين.
وضمت قائمة المتهمين 24 من قيادات نظام مبارك، في مقدمتهم رئيسا مجلسي الشعب والشورى (غرفتي البرلمان) (آنذاك) فتحي سرور وصفوت الشريف، ووزيرة القوى العاملة السابقة عائشة عبد الهادي، ورئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر السابق حسين مجاور، وعددا من رموز الحزب الوطني (المنحل)، الذي هيمن على الحياة السياسية طيلة 30 عاما.
وخلال الجلسة، ترافع المحامي مرتضى منصور، أحد المتهمين في القضية، قائلا إن القضية ملفقة بشكل كيدي، وإنه لا توجد أي دلائل لا من قريب أو بعيد عن ارتكاب أو اشتراك أي من المتهمين في موقعة الجمل. وأوضح منصور أنه لا يجوز للنيابة أن تطعن على الحكم طبقا للقانون، حيث إن النقض لا يتم إلا في حالة ظهور أدلة جديدة أو متهمين جدد، وهو ما لم يحدث في تلك القضية.
وعقب الحكم أبدى سياسيون ونشطاء من شباب الثورة خيبة أملهم من «القصاص للشهداء وضحايا الثورة»، وطالبوا بإقالة النائب العام الحالي طلعت عبد الله (المتهم بولائه لـ«الإخوان») أسوة بسلفه المستشار عبد المجيد محمود، الذي تمت إقالته عقب حكم البراءة الأول للمتهمين في «موقعة الجمل».
من جهة أخرى، قرر جهاز الكسب غير المشروع أمس تجديد حبس مبارك 15 يوما على ذمة التحقيقات التي يجريها معه بشأن تضخم ثروته. وكانت محكمة الجنايات قد قررت في وقت سابق قبول الطعن المقدم من النيابة العامة على القرار الصادر من محكمة جنح مستأنف مدينة نصر بإخلاء سبيل مبارك على ذمة التحقيقات في قضية اتهامه بالكسب غير المشروع، واستمرار حبسه على ذمة القضية الجديدة.
وبذلك يبقى مبارك في محبسه بمستشفى سجن طرة على ذمة التحقيق في هذه القضية وقضايا فساد قصور الرئاسة وتبديد المال العام، رغم حصوله على حكم إخلاء سبيل على ذمة إعادة محاكمته في قضية قتل المتظاهرين.