خطبة الجمعة القادمة 20 سبتمبر : وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ، للدكتور محروس حفظي
خطبة الجمعة القادمة
خطبة الجمعة القادمة 20 سبتمبر 2024 م بعنوان : وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 17 ربيع أول 1446هـ ، الموافق 20 سبتمبر 2024م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 20 سبتمبر 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا .
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 20 سبتمبر 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 20 سبتمبر 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ، بصيغة pdf أضغط هنا.
___________________________________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
عناصر خطبة الجمعة القادمة 20 سبتمبر 2024 م بعنوان : وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ، للدكتور محروس حفظي :
(1) الإسلامُ دينُ الأمانِ والسلامِ.
(2) السلامُ مع الحياةِ بأسرِهَا، وكيفَ نُحققُهُ.
(3) ما أحوجنَا إلى تحقيقِ السلامِ والأمانِ في ذكرَى ميلادِ خيرِ الأنامِ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 20 سبتمبر 2024 م بعنوان : وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:
«وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا»
بتاريخ 17 ربيع الأول 1446 هـ = الموافق 20 سبتمبر 2024 م
الحمدُ للهِ حمداً يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِك، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، أمَّا بعدُ ،،،
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 20 سبتمبر : وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا
(1) الإسلامُ دينُ الأمانِ والسلامِ:
لقد بعثَ اللهُ النبيَّ ﷺ برسالةٍ أشرقتْ بأنوارِهَا على البشريةِ جمعاء، وقد كُلِّفَ ﷺ بتبليغِ تلك الدعوةِ لا محاسبةِ البشرِ على أعمالِهِم، ﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ﴾، كما أرسلَ اللهُ نبيَّهُ ﷺ؛ ليَكشفَ للإنسانيةِ الحائرةِ معالمَ الرقِيِّ، ويَنشرَ الأمانَ والمحبَّةَ، فبلَغَ مِن ذلكَ حظًّا لم يدركُهُ نبيٌّ قبلَهُ، وتَمَّ على يديهِ ما أرادَ اللهُ أنْ تصلَ إليهِ الإنسانيةُ مِن الكمالِ، فكانَ بحقٍّ إمامَ الأنبياءِ، وبحسبِ الإنسانِ أنْ يذكرَ ذلكَ؛ ليُؤمنَ بأنَّ هذا الرسولَ الأكرمَ كان منفردًا في عظَمتِهِ، ممتازًا في فِطرتِهِ ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ يقولُ ابنُ عباسٍ في تفسيرِهَا: “مَن آمنَ باللهِ ورسولِهِ تمتْ لهُ الرحمةُ في الدنيا والآخرةِ، ومَن لم يؤمنْ باللهِ ورسولِهِ عُوفِيَ مِمّا كانَ يصيبُ الأمم في عاجلِ الدنيا مِن العذابِ مِن الخسفِ والمسخِ والقذفِ؛ فذلكَ الرحمةُ في الدنيا” قال تعالى:﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾ .
إنَّ رحمةَ النبيِّ ﷺ لم تكنْ قاصرةً على مَن عاصرَهُ، بل كان ﷺ مشغولاً دائمًا وأبداً بأمتِهِ، وذلك في عمقِ الزمانِ والمكانِ إلى يومِ القيامةِ، ولا شكَّ أنَّ رحمتَهُ ﷺ بأصحابِهِ قد عادتْ على الأمةِ جميعًا بالخيرِ، لأنَّ أفعالَهُ معهُم لم تكنْ خاصةً بهِم، ولكنّهَا كانت تشريعًا ثابتًا سيظلُ معمولاً بهِ إلى يومِ القيامةِ، وصدقَ اللهُ حيثُ قالَ: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ وعن أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ جَعَلَ الفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِي تَقَعُ فِي النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا، فَجَعَلَ يَنْزِعُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَقْتَحِمْنَ فِيهَا، فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، وَهُمْ يَقْتَحِمُونَ فِيهَا» (متفق عليه)، شبّهَ ﷺ تساقطَ العصاةِ في النارِ بجهلِهِم لعاقبةِ الشهواتِ بتهافتِ الفراشِ في نارِ الدنيا بسببِ جهلِهَا وعدمِ تمييزِهَا لِمَا تقصدُ إليهِ، فهي تعتقدُ نفعَ النارِ وهي سببُ هلاكِهَا، فكذلك أهلُ الشهواتِ في شهواتِهِم الغالبةِ، يعتقدونَ أنّهَا نافعةٌ وهي مضرةٌ، والعاقلُ منهُم الذي تحققَ لهُ أنَّهَا مضرةٌ، لكن كان أسيراً للشهواتِ، فإنّهُ لا ينفعُهُ علمُهُ بالضررِ الذي فيها عن أنْ يسلكَ طريقَ النارِ فيقتحمَ فيها اقتحامَ الفراشةِ في النارِ مع علمِهِ بأنَّ فيهَا هلاكَهُ.
لا شكَّ أنَّ نعمَ اللهِ – عزَّ وجلَّ – على العبادِ كثيرةٌ، وآلاؤَهُ عليهِم عظيمةٌ ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾، لكنْ أعظمُ النعمِ على الإطلاقِ نعمةُ الأمنِ والسلامِ فبهَا يُعبدُ اللهُ في أرضِهِ، وبها تُحفظُ الدماءُ، وبهَا تُصانُ الأعراضُ أنْ تُنتهكَ، والأموالُ أنْ تُسلبَ، والأرضُ أنْ تُغتصبَ، وهكذا كلُّ طاعةٍ أو عبادةٍ مردُّهَا في الأساسِ إلى نعمةِ الأمنِ، ولذا قدمَهَا السياقُ القرآنِيُّ على طلبِ الرزقِ والمنافعِ الماديةِ فقالَ عزَّ وجلَّ: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾؛ لأنَّهُ بالأمنِ يحصلُ الاستقرارُ الذي هو سببُ البناءِ والتعميرِ في الأرضِ، وانظرْ في حالِ أيِّ بقعةٍ مِن أرجاءِ المعمورةِ إذا نُزِعَ الأمنُ منها، وحلَّ الخوفُ مكانَهَا كيفَ حالُهَا مِن الخرابِ والبوارِ والكسادِ في شتَّى مجالاتِ الحياةِ، والإنسانُ قد يُفتَحُ عليهِ مِن أبوابِ الخيرِ والبرِّ، لكنّهُ يفقدُ عنصرَ الأمنِ فلا يهنأُ ولا يستلذُّ بهذه النعمةِ، ولذا عدَّ رسولُنَا ﷺ مَن يملكُ هذه النعمةَ بأنّهُ حازَ الخيرَ والشرفَ كلَّهُ، وجمعَ الفضلَ وزيادةً قَالَ ﷺ: «مَنْ أَصْبَحَ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ طَعَامُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بحذافيرِها» (ابن ماجه)، فمتى بلغَ المجتمعُ مستوىَ عاليًّا مِن الاستقرارِ والسكينةِ وعدمِ وجودِ أيِّ نوعٍ مِن أنواعِ المخاوفِ حينهَا يصبحُ هذا المجتمعُ آمناً قادراً على أداءِ مسؤولياتِهِ التي خُلِقَ مِن أجلِهَا قال تعالى:﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾، وقال أيضاً:﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾؛ ولذا كان يدعُو نبيُّنَا ﷺ ربَّهُ أنْ يرزقَهُ الأمنَ حينَ يُمسِي وحينَ يُصبحُ، فعن ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ يَدَعُ هَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي، وَحِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي، وَآمِنْ رَوْعَاتِي، وَاحْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي» (النسائي) .
وقد تفضلَ اللهُ – عزَّ وجلَّ- على أهلِ دارِ كرامتِهِ، وسكانِ جنتِهِ بنعمةِ الأمنِ فقالَ سبحانَهُ: ﴿وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾، وجمعَ لهُم بينَ النعمِ الماديةِ كالأكلِ والشربِ والحورِ العين، وبينَ النعمِ المعنويةِ كصفاءِ القلبِ مِن الغلِّ والحسدِ ﴿وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾، وراحةُ البالِ والشعورِ بالأمانِ مِن خلالِ اجتماعِهِ بزوجِهِ وولدِهِ ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾؛ لأنَّ المؤمنَ إذا فقدَ إحدَى هذه النعمِ لن يحصلَ لهُ تمامُ كمالِ النعمةِ.
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 20 سبتمبر : وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا
(2) السلامُ مع الحياةِ بأسرِهَا، وكيفَ نحققُهُ:
يعتمدُ صرحُ الإسلامِ ومجتمعُهُ الكاملُ على قاعدتينِ: “قاعدةٌ إيجابيةٌ” وهي فعلُ الخيرِ مِن إفشاءِ سلامٍ، وإطعامِ طعامٍ، وعملٍ بناءٍ، و “قاعدةٌ سلبيةٌ” أو “قاعدةُ التركِ والكفِّ”، وهذه القاعدةُ الثانيةُ هي المقدمةُ، وهي الأهمُّ؛ لأنَّ التخليةَ مقدمةٌ على التحليةِ، مِن هنَا اهتمَّ الشرعُ بتهذيبِ أبنائِهِ وإبعادِهِم عن المساوئِ والرذائلِ، وإيذاءِ بعضهِم بعضاً، فجعلَ كمالَ الإسلامِ والإيمانِ أنْ يسلمَ الناسُ مِن لسانِهِ ويدهِ وبقيةِ جوارحِهِ قالَ ﷺ: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ» (أحمد)، دلَّ منطوقُ الحديثِ على أنَّ مِن علامةِ الإسلامِ التي يُستدلُ بهُا على حسنِ إسلامِ العبدِ سلامةَ الناسِ مِن شرّهِ وأذاه، وخصَّ اللسانَ واليدَ بالذكرِ مِن بينِ سائرِ الجوارحِ؛ لأنَّ اللسانَ هو المعبرُ عمَّا في النفسِ واليدِ هي التي بها البطشُ والقطعُ والوصلُ، والأخذٌ والمنعُ والإعطاءُ، وقدمَ اللسانَ على اليدِ؛ لأنَّ إيذاءَهُ أكثرُ وقوعًا مِن إيذائِهَا، وأسهلُ مباشرةً، وأشدُّ نكايةً منهَا، ولهذا قالَ الشاعرُ:
جراحاتُ السنانِ بها التئامُ … ولا يلتامُ ما جرحَ اللسانُ
ثم إيذاءُ اللسانِ يعمُّ، ويلحقُ عددًا أكثرَ مِمّا يلحقهُ إيذاءُ اليدِ، فقد يُؤذَي البعيدُ والقريبُ، والحاضرُ والغائبُ، والميتُ والحيُّ، وأسرةٌ، أو قبيلةٌ، أو دولةٌ بلفظٍ واحدٍ بخلافِ اليدِ؛ فذكرُ اللسانِ واليدِ مع غلبةِ مباشرتهِمَا الأذَى كالعنوانِ لكلِّ ما يباشرُ الأذَى مِن الأعضاءِ حتى القلب، فإنّهُ منهيٌ عن الحسدِ والحقدِ والبغضِ والغيبةِ وإضمارِ الشرِّ ونحوِ ذلكَ قالَ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ في قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا﴾ وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:«كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ»، قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ، نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: «هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيهِ، وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ، وَلَا حَسَدَ» (ابن ماجه) .
ومِن أهمِّ القيمِ التي تعملُ على إطفاءِ نيرانِ العداوةِ وإحلالِ الأمانِ “تطبيقُ العدلِ“: بمفهومِهِ الشاملِ مع الصديقِ والعدوِّ، القريبِ والجافِي قالَ تعالَى: ﴿أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى﴾، فالبعدلِ تقومُ الحضاراتُ، وتستقيمُ أمورُ الحياةِ، وما انتشرَ الإسلامُ إلّا بعدلِ التجارِ المسلمينَ الأوائلِ، وحسنِ تعاملِهِم في البلادِ التي مرُّوا بهَا، وأقامُوا فيهَا وسكنُوا إيَّاهَا وعمَّرُوهَا، فعَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ أَنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا» (مسلم) .
لقد تخطَّى الأمانُ والسلامُ كلَّ الحجزِ، وفاقَ كلَّ الأوصافِ حتى شملَ الحيواناتِ والجماداتِ التي لا تعقل، فقد يتصورُ البعضُ أنَّها منعدمةُ الشعورِ والإحساسِ، أو الحبِّ أو الميلِ، لكن يخبرُنَا القرآنُ الكريمُ والنبيُّ العدنانُ ﷺ خلافَ ذلكَ، قال تعالى: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً﴾، وهذا الذي حدَا برسولِنَا ﷺ أنْ تقعَ شفقتُهُ على هذا العالمِ مِن المخلوقاتِ، لتشملَ رحمتُهُ كلَّ الموجوداتِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: «دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ هَزْلًا» (متفق عليه).
وتأملْ كيفَ حققَ الأمانُ والسلامُ لهذا الجذعِ الذي بكَى وحنَّ شوقاً إليهِ ﷺ فعنْ جَابِرِ:«أنَّ امْرَأةً مِنَ الأنْصَارِ قالَتْ لِرَسولِ الله يَا رسولَ الله ألاَ أجْعَلْ لَكَ شَيْئا تَقْعُدُ عَلَيْهِ، فإنَّ لِي غُلاما نجَّارا قَالَ: إنْ شِئْتِ قَالَ فَعَمِلَتْ لَهُ المِنْبَرَ، فَلَمَّا كانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ قَعَدَ ﷺ عَلَى المِنْبَرِ الَّذِي صُنِعَ فَصاحَتِ النخْلَةُ الَّتِي كانَ يَخْطُبُ عنْدَهَا حَتَّى كادتْ أنْ تَنْشَقَّ فنَزَلَ ﷺ حَتَّى أخذَهَا فَضَمَّهَا إلَيْهِ، فَجَعَلَتْ تَئِنُّ أنينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّتُ حَتَّى اسْتَقَرَّتْ قَالَ بَكَتْ عَلى مَا كانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ» . (البخاري)، وللهِ درُّ القائلِ:
وألقَى حتى في الجماداتِ حبّهُ … فكانتْ لإهداءِ السلامِ لهُ تهدَى
وفارقَ جذعاً كان يخطبُ عندَهُ … فأنَّ أنينَ الأمِّ إذا تجدُ الفقدَا
يحنُّ إليهِ الجذعُ يا قومُ هكذَا … أمَّا نحنُ أولَى أنْ نحنَّ لهُ وجدَا
إذا كان جذعٌ لم يطقْ بُعدَ ساعةٍ … فليس وفاءٌ أنْ نطيقَ لهُ بُعدَا
كمَا أنَّهُ مِن أعظمِ ما يحققُ الأمانَ والسلامَ النفسيَّ والاطمئانَ القلبيَّ “العفوُ والتسامحُ”: فقد كانَ ﷺ متسامِحًا معَ البشرِ، يعفُو عنهُم ويصفحُ، وقدْ سئلَتِ السيدةُ عَائِشَةُ رضيَ اللهُ عنهَا عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللهِ، فَقَالَتْ: «لَمْ يَكُنْ فَاحِشاً وَلاَ مُتَفَحِّشاً وَلاَ صَخَّاباً في الأَسْوَاقِ، وَلاَ يَجْزِى بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ» (الترمذي وحسنه) .
لقد جعلَ اللهُ تعالَى خُلُقَ العفوِ مِنْ صفاتِ المتقينَ فقالَ تعالَى:﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ﴾، فالسماحةُ تتمثلُ في العفوِ عمَّن أساءَ، وفي صلةِ مَن قطَعَ، وفي إعطاءِ مَن منَعَ، كما قال ﷺ في وصيتهِ لعقبةَ رضي اللهُ عنهُ: «يَا عُقْبَةُ، أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ أَخْلَاقِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، تَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ، وَتُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ، وَتَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ، أَلَا وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمُرِهِ وَيُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ فَلْيَصِلْ ذَا رَحِمِهِ» (الحاكم وصححه)، فعلينَا أنْ نتمسَّكَ بِهذهِ الأخلاقِ النبويةِ، ونتسامَحَ فيمَا بينَنَا، ونصفَحَ عمَّنْ أساءَ إلينَا ابتغاءَ مرضاةِ ربِّنَا، وطلبًا للثوابِ منهُ سبحانَهُ، وإشاعةً للمحبةِ فِي المجتمعِ ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ .
ومِمَّا ينزعُ نارَ العداوةِ والبغضاءِ أيضاً أنْ يتخلقَ العبدُ ب “بالتواضعِ”: إذ الناسُ غالباً لا يحترمُوكَ إلّا لمالٍ أو جاهٍ، فإذا انصرفتَ عنهُم لعنوكَ، ولكنْ تُكسَبُ قلوبُ الناسِ بالتواضعِ، والبعدِ عن الكبرِ، يقولُ جلَّ وعلا مؤدباً لخيرِ المؤدبينَ ﷺ: ﴿وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا﴾، وانظرْ تواضعَهُ ﷺ فعن عَبْد اللَّهِ بْن بُسْرٍ، قَالَ: أَهْدَيْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ شَاةً، فَجَثَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، يَأْكُلُ، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: مَا هَذِهِ الْجِلْسَةُ؟ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ جَعَلَنِي عَبْدًا كَرِيمًا، وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا عَنِيدًا» (ابن ماجه)، فلا يعيرُكَ أحدٌ أنَّ التواضعَ مِن ضعفِ الشخصيةِ بل هو دليلٌ على الصحةِ النفسيةِ، وعلامةٌ على ثقةِ المرءِ بنفسِهِ ﴿رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ .
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 20 سبتمبر : وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا
(3) ما أحوجَنَا إلى تحقيقِ السلامِ والأمانِ في ذكرَى ميلادِ خيرِ الأنامِ:
أخِي الحبيب: أمرَ اللهُ بإصلاحِ ذاتِ البينِ لأجلٍ حفظِ سلامةِ الصدورِ فقالَ اللهُ:﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾، وجاءتْ الشريعةُ الغراءُ بكلِّ الأمورِ التي تكفلُ سلامةَ صدرِ المسلمِ لأخيهِ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:«لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» (مسلم) .
لقد كثرَ اليومَ في الناسِ الشحناءُ، وصارتْ الأحقادُ في القلوبِ كثيرةً، لقد صرنَا نجدُ تقطعَ العلاقاتٍ، وحملَ الناسِ في قلوبٍ بعضِهِم على بعضٍ مع أنَّ هذه الشريعةَ قد جاءتْ فيمَا جاءتْ بهِ تصفيةَ القلوبِ والنفوسِ، ومراعاةَ المشاعرِ حتى يعيشَ الناسُ في بحبوحةٍ مِن أمرِهِم، وفي سلامةٍ وعافيةٍ فعَنْ أَنَسِ قَالَ:«بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِذْ قَالَ: «يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» .. فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ بِشَيْءٍ، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا تَقَلَّبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللَّهَ، وَكَبَّرَهُ حَتَّى يَقُومَ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ، فَيُسْبِغَ الْوُضُوءَ..، فَلَمَّا مَضَتِ الثَّلَاثُ اللَّيَالِي، وَكِدْتُ أَنْ أَحْتَقِرَ عَمَلَهُ، قُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ وَالِدِي غَضَبٌ، وَلَا هَجْرٌ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ النبي ﷺ يَقُولُ لَكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي ثَلَاثَةِ مَجَالِسَ:«يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» ..، فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ؛ فَأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ؟ فَأَقْتَدِيَ بِكَ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَبِيرَ عَمَلٍ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ، فَانْصَرَفْتُ عَنْهُ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ، دَعَانِي، وَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي غِلًّا لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا أَحْسِدُهُ عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ» (أحمد) .
عندما يمعنُ الإنسانُ النظرَ في يومِ الميلادِ، ويومِ الموتِ ويومِ البعثِ يجدُ أنَّ هذه الثلاثةَ المواضعَ لا يمكنُ أنْ تتكررَ أبداً، فالإنسانُ أيّاً كانَ لا يولدُ مرتينِ، ولا يموتُ مرتينِ، ولا يبعثُ مرتينِ، فكلُّنَا يولدُ مرةً واحدةً، ويموتُ مرةً واحدةً، ويُبعثُ مرةً واحدةً، فإذا سلمَ الإنسانُ في هذه المواطنِ الثلاثةِ فقد سلمهُ اللهُ جلَّ وعلا، قال في وصفِ يحيى عليهِ السلامُ: ﴿وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾، قَال سُفْيَانُ بن عيينة:«أوحش ما يكون المرء فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ: يَوْمَ يُولَدُ فَيَرَى نَفْسَهُ خَارِجًا مِمَّا كَانَ فِيهِ، وَيَوْمَ يَمُوتُ فَيَرَى قَوْمًا لَمْ يَكُنْ عَايَنَهُمْ، وَيَوْمَ يُبْعَثُ فَيَرَى نَفْسَهُ فِي مَحْشَرٍ عَظِيمٍ» (تفسير ابن كثير)، فإذا أردتَ أنْ تسلمَ، وأنْ تكونَ في محلِّ العنايةِ الإلهيةِ في هذه الأحوالِ، فنظفْ قلبَكَ، وحقّقْ السلامَ مع ربِّكَ جلَّ وعلا ومع نفسِكَ ومع مَن حولِكَ، وقد جاء في ثنايَا دعاءِ سيدِنَا إبراهيمَ – عليهِ السلامُ- وهو يتضرعُ إلى خالقِهِ- عزّ وجلّ،- قولُهُ تعالَى: ﴿يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾، وهذا يقتضِي تعميمَ سلامتِهِ مِن آفاتِ المعاصِي الظاهرةِ والباطنةِ.
نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنّهُ أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، وأنْ يجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمناً أماناً، سلماً سلاماً وسائرَ بلادِ العالمين، ووفقْ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.
كتبه: الفقير إلى عفو ربه الحنان المنان
د / محروس رمضان حفظي عبد العال ،،،،
مدرس التفسير وعلوم القرآن – كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف