الخطبة المسموعةخطبة الأسبوععاجل

خطبة الجمعة القادمة 27 سبتمبر : يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 27 سبتمبر 2024 م بعنوان : يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 24 ربيع أول 1446هـ ، الموافق 27 سبتمبر 2024م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 27 سبتمبر 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 27 سبتمبر 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ، بصيغة word أضغط هنا.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 27 سبتمبر 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 27 سبتمبر 2024 م بعنوان : يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ، للدكتور محروس حفظي :

 

(1) الإسلامُ يرغبُ في العلمِ، ويحثُّ عليهِ.

(2) تحملُ المشاقِّ في سبيلِ طلبِ العلمِ.

(3) نصائحُ مهمةٌ لطالبِ العلمِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 27 سبتمبر 2024 م بعنوان : يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي: 

 

 «يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ»

بتاريخ 24 ربيع الأول 1445 هـ = الموافق 27 سبتمبر 2024 م

 

الحمدُ للهِ حمداً يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىُء مزيدَهُ، لكَ الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ ،،،

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 27 سبتمبر : يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ

(1) الإسلامُ يرغبُ في العلمِ، ويحثُّ عليهِ:

الإسلامُ دعَا للعلمِ منذُ لحظاتِهِ الأولَى؟! فأولُ كلمةٍ تنزلتْ على قلبِ سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ تأمرُهُ بتلمسِ العلمِ ﴿اقرأْ﴾، قال َسبحانَهُ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾، وهي تدلُّنَا على الطَّريقِ السليمِ، والصِّراطِ المستقيمِ، والمُتمثِّل في مدَى اهتمامِ الإسلامِ بالعِلم، وأهَمِّيةِ البحثِ العلمِيِّ وقيمتِهِ بالنِّسبةِ للفردِ والأُسرةِ والمُجتمعِ، تلكَ الآيةُ الأولَى ﴿اقرأْ﴾: تعلمْ وخذْ، لكنْ باسمِ ربِّكَ لا باسمِ الهوَى، لا باسمِ النزعةِ الإنسانيةِ الطاغيةِ، لا باسمِ الشهوةِ التي فيهَا نوعٌ مِن العدوانِ البشرِي باستخدامِ القوةِ والتسلطِ على البشرِ، هذه مزيةُ الإسلامِ على غيرِهِ مِن الحضاراتِ الماديةِ، ولذا لم يأمرْ اللهُ رسولَهُ ﷺ بالتزودِ مِن شيءٍ إلّا مِن العلمِ، فقالَ لهُ: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾.

إنَّ الإسلامَ حينمَا رغّبَ في البحثِ العلميِّ والتنقيبِ والمعرفةِ لم يخصْ علماً دونَ آخرٍ بل اعتبَرَ العلومَ النافعةَ هي تلك التي تُحقِّقُ مصلحةً دينيَّةً، أو توصلُ إلى منفعةٍ دنيويَّةٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْكَلِمَةُ الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ، حَيْثُمَا وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» (ابن ماجه)، وقد دعَا أيضاً إلى تمجيدِ العقلِ، وتحصيلِ العلمِ، حتَّى إنَّه قرنَ شهادةَ العلماءِ بشهادةِ الملائكةِ، وجعلَ أهلَ العلمِ شهداءَ على وحدانيتِهِ وألوهيتِهِ؛ وذلك لعظمِ قدرهِم فقالَ سبحانَهُ: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾، بل إنَّ الرسالةَ الخالدةَ والمبادئَ الأصيلةَ، والأهدافَ الجليلةَ لا يعقلُهَا إلّا مَن يفهمُ عن اللهِ أمرَهُ ونهيَهُ، ولذا وصفَ اللهُ طالبَ العلمِ بأنَّهُ يملكُ مِن أدواتِ الفهمِ والفقهِ والاستنباطِ شيئاً كبيراً فقالَ: ﴿وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾، وليحذرْ العبدُ أنْ يكونَ العلمُ حُجّةً عليهِ لا لهُ فمِن الناسِ مَن طلبَهُ فكان عليهِ خيبةً وندامةً، كما قالَ اللهُ في علماءَ بني إسرائيل: ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً﴾، وقالَ واصفاً أحدَ علمائِهِم أيضاً: ﴿فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ﴾.

وقد بيّنَ اللَّهِ تَعَالَى لَمَّا أرادَ مِن نفيرِ الأحياءِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ في غزوةِ تبوكٍ أنَّهُ ليسَ مِن الضرورِي أنْ ينفرَ جميعُ المؤمنينَ إلى الجهادِ، وأنَّهُ يكفِي أنْ ينفرَ مِن كلِّ فريقٍ منهُم قسمٌ، وأنَّ مِن شأنِ ذلكَ أنْ يتيحَ لبعضهِم التفقهَ في الدينِ وإنذارَ قومِهِم حينمَا يعودُونَ إليهِم حتى يحذرُوا مِمَّا يجبُ الحذرُ منهُ قالَ تعالَى: ﴿وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾، وبذلك يجمعُ المسلمونَ بينَ المصلحتينِ: مصلحةُ الدفاعِ عن الدينِ بالحجةِ والبرهانِ، ومصلحةُ الدفاعِ عنهُ بالسيفِ والسنانِ.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 27 سبتمبر : يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ

(2) تحملُ المشاقِّ في سبيلِ طلبِ العلمِ:

لقد قصَّ علينَا القرآنُ الكريمُ خبرَ موسَى– عليهِ السلامُ-، وأخبرَ أنّهُ ركبَ البحرَ في طلبِ العلمِ، وتحمّلَ المشاقَّ في سبيلِ ذلكَ، وبوَّبَ البخاريُّ في كتابِ العلمِ: (بابُ ركوبِ البحرِ في طلبِ العلمِ)، و”بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ ” قَالَ مُوسَى: لاَ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى: بَلَى، عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الحُوتَ آيَةً، وَقِيلَ لَهُ: إِذَا فَقَدْتَ الحُوتَ فَارْجِعْ، فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ، وَكَانَ يَتَّبِعُ أَثَرَ الحُوتِ فِي البَحْرِ، فَقَالَ لِمُوسَى فَتَاهُ:﴿أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ﴾، قَالَ:﴿ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا﴾، فَوَجَدَا خَضِرًا، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا الَّذِي قَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ” (البخاري)، فلامَ اللهُ موسَى وعاتبَهُ على أنّهُ ما ردَّ العلمَ إلى اللهِ، وأرشدَهُ إلى الخضرِ وأخبرَهُ أنَّهُ أعلمُ منه، فسافرَ إليهِ وطلبَ منهُ أنْ يعلمَهُ “وَجَاءَ عُصْفُورٌ حَتَّى وَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ، ثُمَّ نَقَرَ فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ: مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللهِ إِلَّا مِثْلَ مَا نَقَصَ هَذَا الْعُصْفُورُ مِنَ الْبَحْرِ” (مسلم)، لكنْ لمَّا تعجلَ أمرَهُ حُرِمَ مِن مطالعةِ الأسرارِ اللدنيةِ قَالَ :«يَرْحَمُ اللهُ مُوسَى، لَوَدِدْتُ أَنَّهُ كَانَ صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَخْبَارِهِمَا» (مسلم)،

وهنا ندركُ موطنَ العبرةِ وهو أنَّ الإنسانَ لا ينبغِي عليهِ ألّا يكفَّ عن البحثِ العلمِي والشغفِ بهِ، فمهمَا وصلَ إليهِ مِن علومٍ فأمامُهُ الكثيرُ والكثيرّ، ويجبُ ألًّا يُصابَ بالغرورِ وإلّا كانَ مصيرُهُ الهلاكَ والدمارَ ﴿ فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ﴾.

وفي قصةِ موسَى – عليهِ السلامُ- نلمحُ أيضاً حسنَ الأدبِ، وجميلَ التواضعِ الذي يجبُ أنْ يتحلَّى بهِ التلميذُ مع أستاذِهِ: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً﴾،  يا ليتَنَا نتأدبُ ونوقرُ مَن يعلمُنَا، وأنْ نسلكَ أسلوباً لطيفاً؛ لأنَّ الإنسانَ يخاطبُ مَن هو أعلمُ منهُ، ولهُ في نبيِّ اللهِ موسى عليهِ السلامُ أسوةٌ وقدوةٌ، وهو نبيٌ قد آتاهُ اللهُ الوحيَ والمعجزةَ، أمَّا سوءُ الاحترامِ فإنّهَا الآفةُ التي يُعانِي منهَا البعضُ فلا يعرفونَ لعلمائِهِم حقَّهُم ولا يوقرونَهُم، بدعوىَ “نحنُ رجالٌ وهم رجالٌ”.

لقد حفلتْ كتبُ السيرِ والتراجمِ بذكرِ ثلةٍ مِن العلماءِ بذلُوا أرواحَهُم وحياتَهُم في سبيلِ تحصيلِ العلمِ، فقد سافرَ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ الأنصارِي شهراً كاملاً في طلبِ حديثٍ واحدٍ مِن المدينةِ إلى الصحابِي عبدِ اللهِ بنِ أنيسٍ في مصرَ في العريشِ، فخرجَ عبدُ اللهِ بنُ أنيسٍ ورأَى صاحبَهُ فعانقَهُ، “قلتُ: حديثٌ بلغنِي لم أسمعْهُ، خشيتُ أنْ أموتَ أو تموت”، فأخذَ الحديثَ وهو واقفٌ، ثم ركبَ ناقتَهُ وانصرفَ . (الأدب المفرد) .

وعن عبدِ اللهِ بنِ بريدةَ: “أنَّ رجلاً مِن أصحابِ النبىِّ رحلَ إلى فضالةَ بنِ عبيدٍ، وهو بمصرَ فقدمَ عليهِ وهو يمدُّ ناقةً لهُ فقالَ إنِّي لم آتكَ زائراً، إنّمَا أتيتُكَ لحديثٍ بلغنِي عن رسولِ اللهِ رجوتُ أنْ يكونَ عندَكَ منهُ علمٌ، فرآهُ شعثاً، فقال: مالِي أراكَ شعثاً وأنتَ أميرُ البلادِ، قال: إنَّ رسولَ كان ينهانَا عن كثيرٍ مِن الإرفاه، أي: تركُ التنعمِ واللينِ، ورآهُ حافياً قال: إنَّ رسولَ اللهِ أمرَنَا أنْ نحتفيَ  أحياناً” (سنده جيد)، والظاهرُ أنَّ ذلكَ ليتعودُوا الخشونةَ وعدمَ الرفاهيةِ فربّمَا لا يجدُ يوماً ما نعلاً يلبسُهُ، فيتأذَى بمشيهِ حافياً فإذا تعودَ ذلكَ لا يتأذَى بهِ، واللهُ أعلمُ.

تأملْ كيفَ كانَ صبرُهُم على البحثِ، والمثابرةُ على طلبِ العلمِ رغمَ أنّهُ لم يكنْ عندَهُم ما عندنَا مِن الوسائلِ الحديثةِ لكن سهّلَ اللهُ لهُم ذلك، وطوَى لهُم الطرقَ، وذلّلَ لهُم الصعابَ، قال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ، وَإِنَّ المَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ العِلْمِ، وَإِنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ حَتَّى الحِيتَانُ فِي المَاءِ، وَفَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ، كَفَضْلِ القَمَرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ، إِنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» (أبو داود)، فكتبَ اللهُ لهُم القبولَ وخُلّدَتْ ذكراهُم في ذاكرةِ التاريخِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ ، قَالَ: “إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ” (مسلم) .

لقد كان العلمُ في حياةِ الأوائلِ مِن سلفِنَا الصالحِ يمثلُ اللبنةَ الأساسَ في حياتِهِم، فقد كانوا يحثون أبناءَهُم منذُ نعومةِ أظفارِهِم على طلبِ العلمِ ويجلسونَهُم منذُ الصغرِ في حلقاتِ العلمِ، والتي كانت لا يخلُو منها مسجدٌ أو قريةٌ، وكانوا يتركونَ لذةَ النومِ ويهجرونَ المضاجعَ في وقتٍ يهجعُ فيهِ الناسُ، قالوا لـ ابنِ عباسٍ: كيف حصلتَ العلمَ؟ قال: “كنتُ أخرجُ في الظهيرةِ في شدةِ الحرِّ، فأذهبُ إلى بيوتِ الأنصارِ، فأجدُ الأنصارِيَّ

 نائماً، فلا أطرقُ عليهِ بيتَهُ، فأتوسدُ بُرْدِي عندَ بابِ بيتِهِ، فتلفحنِي الريحُ بالترابِ، فيستيقظُ الأنصارِيُّ، ويقولُ: يا بنَ عمِّ رسولِ اللهِ ﷺ ألَا أيقظتنِي أُدْخِلكَ؟ فأقولُ: أخافُ أنْ أزعجَكَ” أ.ه.

أخي الحبيب: إنَّ العلمَ «مفتاحُ» كلِّ تقدمٍ ونهضةٍ، ومِن دونِهِ لن تتقدمَ الأمةُ الإسلاميةُ، وستظلُّ تعيشُ في وضعِهَا المؤسفِ الراهنِ، وربُّنَا– عزَّ وجلَّ- حينمَا سخرَ الطبيعةَ للإنسانِ، فقد سخرهَا لهُ بالعلمِ مع العملِ والجهدِ، ولم يكنْ هذا الأمرُ على سبيلِ الصدفةِ أو الحظِّ أو غيرِ ذلك؛ ولذا يجبُ أنْ يُوظفَ العلمُ لمصلحةِ الشعوبِ والمجتمعاتِ، وتحقيقِ تنميتِهِ ورقيِّهِ، وحلِّ مشكلاتِهِ، والتعاملِ مع أزماتِهِ، وليس لتخريبِهِ وهدمِهِ، وليوقن أنّهُ مهمَا أوتيَ مِن العلمِ أنَّهُ ﴿فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ .

أين نحن مِن منهجِ الإسلامِ الذي يريدُ منَّا أنْ نكونَ أقوياء؟! ﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ﴾، ﴿خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ﴾، دينٌ يدعُو إلى المسابقةِ في الخيراتِ والمسارعةِ إليهَا ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾، ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾، ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾، أين المراتبُ العاليةُ؟! وأين التنافسُ؟! وأين الذينَ سيخرجونَ علماءَ أو مبتكرينَ أو مخترعين؟! إنَّهُم أقلُّ مِن القليل، وذلك ما ينبغِي الالتفاتُ إليهِ، والعملُ عليهِ، لا شكَّ أنَّ العلمَ وتحصيلَهُ لا يُنالُ بالنومِ والكسلِ واللعبِ كمَا شاعَ وراجَ بينَ أبنائِنَا اليوم إلّا مَن رحمَ اللهُ، مِن هنَا نريدُ الهمةَ العاليةَ، والعزائمَ الماضيةَ كمَا كان عندَ الأوائلِ والسابقين .

إنَّ العلماءَ والمهتدينَ هم خلفاءُ الرسلِ والأنبياءِ، وهم القادةُ في توجيهِ الناسِ إلى أسبابِ النجاةِ، وتحذيرهِم مِن أسبابِ الهلاكِ، فجديرٌ بهِم أنْ يؤدُّوا هذه الأمانةَ بكلِّ عنايةٍ وإخلاصٍ وصدقٍ، قالَ : “إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ.. وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ، وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ، وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ..” (مسلم).

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 27 سبتمبر : يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ

(3) نصائحُ مهمةٌ لطالبِ العلمِ: طلبُ العلمِ فنٌّ قد لا يتقنُهُ الجميعُ، فاحفظْ وصايا أهلِ الخبرةِ والتجربةِ مِن العلماءِ العاملين، ومِن تلكَ الوصايا:

أولاً: الإخلاصُ في طلبِ العلمِ:  ينبغِي تصحيحُ النيةِ في طلبِ العلمِ بأنْ يكونَ خالصاً لوجهِ اللهِ – سبحانه-، وقد صدَّرَ الإمامُ البُخاريُّ كتابَهُ: «الجامع الصحيح» بحديث «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإنما لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: “تَعَلَّمْنَا الْعِلْمَ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَبَى أَنْ يَكُونَ إلَّا لِلَّهِ”، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: “طَلَبْنَا الْعِلْمَ لِلدُّنْيَا فَدَلَّنَا عَلَى تَرْكِ الدُّنْيَا”، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ إنَّ مَعْمَرًا قَالَ: “كَانَ يُقَالُ: إنَّ الرَّجُلَ لَيَطْلُبُ الْعِلْمَ لِغَيْرِ اللَّهِ فَيَأْبَى عَلَيْهِ الْعِلْمُ حَتَّى يَكُونَ لِلَّهِ”، وقد أرشد الشارع الحكيم إلى أن تقوى الله هي سبيل تحصيل العلم قال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾ .

ثانياً: ينبغِي لطالبِ العلمِ أنْ يستغرقَ جميعَ زمانِهِ: الوقتُ هو رأسُ مالِ الإنسانِ في هذه الحياةِ، ومَن فرّطَ في وقتِه ولم يستغلّهُ على الوجهِ الأمثلِ يكونُ قد خسرَ خسراناً كبيراً، وحُرِمَ أجراً عظيماً؛ ولذا سيُسْألُ الْعبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَة عن وقتِهِ وعلمِهِ ماذا عملَ فيهمَا عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ» (الترمذي وحسنه)، وإذا ملَّ مِن علمٍ يشتغلُ بعلمٍ آخر، وكان محمدُ بنُ الحسنِ الشيبانِي الحنفِي: “إذا ملَّ مِن نوعٍ ينظرُ في نوعٍ آخر، وكان يضعُ عندَهُ الماءَ ويزيلُ نومَهُ بالماءِ” أ.ه.

إنَّ الواقعَ يؤيدُ أنَّ الشخصَ عندمَا ينظمُ وقتَهُ، ويحددُ هدفَهُ، ويرتبُ أولوياتَهُ، ويخططُ لأعمالِهِ يكونُ أكثرَ إنجازاً مِن غيرِه، وأقربَ إلى توفيقِ ربِّهِ؛ لأنَّهُ أخذَ بالأسبابِ، وتوكلَ على مسببِ الأسبابِ، والصحابةُ قد حرصُوا على إِعْطَاءِ مَا يَسْتَحِقُّ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيمٍ لِمَا أَصْلُهُ التَّأْخِير، وَلَا تَأْخِيرٌ لِمَا أَصْلُهُ التَّقْدِيم، فحصلُوا الأعمالَ الصالحاتِ، وفازُوا بعلُوِّ الدرجاتِ يقولُ الصِّدِّيقُ: «يَا عُمَرُ، وَاعْلَمْ أَنَّ للهِ عَمَلًا بِالنَّهَارِ لَا يقْبَلُهُ بِاللَّيْلِ، وَأَنَّ للهِ عَمَلًا بِاللَّيْلِ لَا يَقْبَلُهُ بِالنَّهَارِ»، وعندمَا تقرأُ التاريخَ تجدُ ما هُو إلّا سِيرُ رِجَالٍ عُظمَاء، وعلماءٍ أفذاذٍ منهم مَن عاشَ وقتاً قصيراً، لكنَّهُ خلَّفَ خلفَهُ ثروةً هائلةً مِن العلومِ ما زالنَا نستقِي منهَا إلى يومنَا هذا، وَكَانَ الْحَسَن الْبَصْرِي يَقُولُ:«أَدْرَكْتُ أَقْوامًا كَانُوا عَلَى أَوْقَاتِهِمْ أَشَدَّ حِرْصًا مِنْكُمْ عَلَى دَرَاهِمِكُمْ وَدَنَانِيرِكُمْ»، فالبركةُ في العمرِ بحسنِ العملِ فيهِ، وليسَ بطولِهِ فعن نُفَيْعٍ بْنِ الحَارِثِ قال: «أنَّ رجلًا قال يا رسولَ اللهِ أيُّ الناسِ خيرٌ؟ قال مَن طالَ عمُرهُ وحسُنَ عملُهُ، قال: فأيُّ الناسِ شرٍّ؟ قال: مَن طالَ عمُرهُ وساءَ عملُهُ» (أحمد) .

ثالثاً: أنْ يتخيرَ أوقاتَ النشاطِ والحيويةِ: وردَ عن الخطيبِ البغدادِي أنَّهُ قال: “أجودُ أوقاتِ الحفظِ الأسحارُ، ثم نصفُ النهارِ، ثم الغداةُ، وحفظُ الليلِ أحسنُ مِن حفظِ النهارِ، ووقتُ الجوعِ أنفعُ مِن وقتِ الشبعِ” أ.ه.

وقالَ إسماعيلُ بنُ أبي أويسٍ: “إذا هممتَ أنْ تحفظَ شيئاً فنمْ، ثُم قُمْ عندَ السحرِ فأسرجْ وانظرْ فيهِ فإنَّك لا تنساهُ بعدُ” أ.ه.

وكان الإمامُ الشافعيُّ – رضي اللهُ عنه- “يقسمُ الليلَ ثلاثةَ أجزاءٍ: ثلثٌ للعلمِ، وثلثٌ للعبادةِ، وثلثٌ للنومِ” أ.ه.

رابعاً: عدمُ استعجالِ الثمرةِ، والاعتبارُ بتجاربِ الآخرينً: التعلمُ واكتسابُ الخبراتِ إنّمَا تحتاجُ إلى صبرٍ وعدمِ تعجلٍ قال ابْنِ مَسْعُودٍ: فَعَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ مَأْدُبَةُ اللَّهِ فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَأْدُبَةِ اللَّهِ فَلْيَفْعَلْ، فَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ» (البزار، وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ)، وقد بيَّنَ ربُّنَا في كتابِه العزيزِ أنَّ سنتَهُ الكونيةَ اقتضتْ أنَّ خلقَ البشرِ مِن أجلِ الكدحِ والكفاحِ وإلَّا لما كان للحياةِ طعمٌ أو مذاقٌ ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ﴾، ومَن فهمَ هذا القانونَ الربانيَّ هانَ كلُّ شيءٍ في طريقِهِ، وعافرَ وواصلَ الليلَ بالنهارِ، وحاولَ مرةً بعدَ أخرَى بغيةَ الوصولِ إلى مرماه، وتتعجبُ مِن حالِ الإنسانِ الذي هو الوحيدُ مِن بينِ الكائناتِ الحيّةِ الذي يرفضُ قانونَ «الجهدِ المهدورِ» ذاك قانونُ رجالِ الأعمالِ، والقادةِ العظامِ، والعباقرةِ الجسامِ، فتجدُ الأسودَ مثلًا لا تنجحُ في الصيدِ إلّا في ربعِ محاولاتِهَا أي تفشلُ في 75% مِن صيدِهَا ومع ذلك لا تيأسُ مِن محاولاتِ المطاردةِ والمتابعةِ، ونصفُ مواليدِ الدببةِ تموتُ قبلَ البلوغِ، ونصفُ بيوضِ الأسماكِ يتمُّ التهامهَا ومع ذلك ما زالَ هذا القانونُ الإلهيُّ مستمراً لا ينقطعُ عن الطبيعةِ، لكنْ الإنسانُ إذا أخفقَ لا يريدُ أنْ ينهضَ مرةً أخرى، بل يستسلمُ ويتكاسلُ، ويريدُ الحصولَ على مبتغاهُ بسهولةٍ، فيسلكُ سبلَ الحرامِ، وما يُؤتَى دونَ عَرَقٍ أو تعبٍ يذهبُ سُدَى، وقد يحتاجُ العلمُ إلى وقتٍ طويلٍ حتى يحصلَ الإنسانُ على نتيجةِ غرسهِ، فقد مكثَ ابنُ حجرٍ في تأليفِ “فتحِ الباري” خمسةً وعشرينَ عامًا، وابنُ عبدِ البرِّ مكثَ في تأليفِ “التمهيدِ” ثلاثينَ عامًا، والإمامُ البخاريُّ استغرقَ في تحريرِ “الجامعِ الصحيحِ” “ستةَ عشرَ عاماً”، فهل لنَا في هؤلاءِ أسوةُ وعبرةُ؟!

وما أعظمَ أنْ يضمَّ إلى علمِهِ علمَ الآخرين، ويستفيدَ مِن تجاربِهِم وخبراتِهِم فعَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ قَالَ: «مَنْ جَمَعَ عِلْمَ النَّاسِ إِلَى عِلْمِهِ، وَكُلُّ طَالِبِ عِلْمٍ غَرْثَانُ إِلَى عِلْمٍ» (سنن الدرامي، إسناده صحيح) .

تابع / خطبة الجمعة القادمة 27 سبتمبر : يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ

خامساً: الصحبةُ الصالحةُ، والإطلاعُ على مسيرةِ العظماءِ: لا شكَّ أنَّ مرافقةَ الصالحينَ، والجلوسَ بقربِ المتقينَ ينعكسُ إيجاباً على حالِ المقربينَ منهُم، والعكسُ بالعكسِ، وقد جاءتْ الأحاديثُ النبويةُ تأمرُ بتخيرِ الصحبةِ، وانتقاءِ الصديقِ لِمَا لهُ مِن أثرٍ فعالٍ في مداوةِ كثيرٍ مِن الأمراضِ السلوكيةِ، كما يجبُ على المرءِ منَّا كلمَا فترتْ عزيمتُهُ، وقلّتْ همتُهُ أنْ ينظرَ في حياةِ العظماءِ وكيفَ كانوا يديرونَ أوقاتَهُم بحرفيةٍ ومهارةٍ، ومَن علتْ همتُهُ لم يقنعْ بالدونِ، وعلى قدرِ أهلِ العزمِ تأتِي العزائِمُ، فهُم خيرُ مَن أدركَ قيمةَ العلمِ، وأهميةَ العمرِ في تحصيلِهِ؛ ولذا حثَّ الإسلامُ على مجالسةِ أهلِ العلمِ؛ لأنّهُم يحيونَ القلوبَ الميتةَ بسببِ المعاصِي والمنكراتِ، وينقلُهَا مِن الظلمةِ إلى النورِ، ويسمُو بالنفسِ إلى المعالِي، فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ :«إِنَّ لُقْمَانَ قَالَ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ عَلَيْكَ بِمُجَالَسَةِ الْعُلَمَاءِ، وَاسْمَعْ كَلَامَ الْحُكَمَاءِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَيُحْيِي الْقَلْبَ الْمَيِّتَ بِنُورِ الْحِكْمَةِ، كَمَا يُحْيِي الْأَرْضَ الْمَيْتَةَ بِوَابِلِ الْمَطَرِ» (قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: سَنَدُهُ حَسَّنَ بِهِ التِّرْمِذِيُّ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَعَلَّهُ مَوْقُوفٌ) أ.ه.

وقد لخصَ ما سبقَ الإمامُ الشافعِيُّ – رضي اللهُ عنه- فقالَ:

أخي لن تنالَ العلمَ إلَّا بستةٍ … سأنبيكَ عن تفصيلِهَا ببيانِ

ذكاءٌ وإخلاصٌ وصدقٌ …  وبلغةٍ وصحبةِ أستاذٍ وطولِ زمانِ

نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنّهُ أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، وأنْ يجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمناً أماناً، سلماً سلاماً وسائرَ بلادِ العالمينَ، ووفقْ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.

                                          كتبه: الفقير إلى عفو ربه الحنان المنان

                                          د / محروس رمضان حفظي عبد العال ،،،،

                              مدرس التفسير وعلوم القرآن – كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط

 

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى