الخطبة المسموعةخطبة الأسبوععاجل

خطبة الجمعة القادمة 3 ديسمبر 2021م بعنوان : إنسانية الحضارة الإسلامية ، للشيخ طه ممدوح

خطبة الجمعة القادمة 3 ديسمبر 2021م بعنوان : إنسانية الحضارة الإسلامية ، للشيخ طه ممدوح، بتاريخ 28 ربيع الآخر 1442هـ ، الموافق 3 ديسمبر 2021م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 3 ديسمبر 2021م بصيغة word بعنوان : إنسانية الحضارة الإسلامية ، للشيخ طه ممدوح

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 3 ديسمبر 2021م بصيغة pdf بعنوان : إنسانية الحضارة الإسلامية، للشيخ طه ممدوح

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 3 ديسمبر 2021م بعنوان : إنسانية الحضارة الإسلامية ، للشيخ طه ممدوح:

 

أولاً: الإسلامُ دينُ الإنسانيةِ والحضارةِ

ثانيًا : مظاهرُ إنسانيةِ الحضارةِ الإسلاميةِ

ثالثاً: خصائصُ الحضارةِ الإسلاميةِ

 

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 3 ديسمبر 2021م ، بعنوان : إنسانية الحضارة الإسلامية ، كما يلي:

  الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، القائلِ في كتابهِ العزيزِ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ)، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنّ سيدَنَا ونبيَّنَا محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ وصفيُّهُ من خلقِهِ وخليلُهُ، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلي آلهِ وصحبِهِ، ومن تبعَهُم بإحسانٍ إلي يومِ الدين.

 وبعــــدُ:

  فقد أقامَ الإسلامُ حضارةً بلغتْ بالقيمِ الإنسانيةِ أوجَّ كمالِهَا، ورسمتْ للبشريةِ طريقَ المحبةِ والإخاءِ والعدلِ والمساواةِ، من خلالِ منظومةٍ أخلاقيةٍ وحضاريةٍ من شأنِها أنْ تجمعَ ولا تفرق، وتبني ولا تهدم؛ ليتحققَ الأمنُ والسلامُ والخيرُ للناسِ جميعًا.

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 3 ديسمبر 2021م بعنوان : إنسانية الحضارة الإسلامية:

أولاً: الإسلامُ دينُ الإنسانيةِ والحضارةِ

  إنّ الرسالةَ المحمديةَ بمجموعِها رسالةٌ إنسانيةٌ؛ فقد جاءتْ لتُراعي إنسانيةَ الإنسانِ فيما تأمرُ به أو تنهى عنه؛ وإذا نظرنَا إلى المصدرِ الأولِ للإسلامِ؛ وهو القرآنُ كتابُ اللهِ، وتدبرنَا آياتِه، وتأملنَا موضوعاتِه واهتماماتِه، نستطيعُ أنْ نصفَهَ بأنَّه: “كتابُ الإنسانِ”؛ فالقرآنُ كلُّه إما حديثٌ إلى الإنسانِ، أو حديثٌ عن الإنسانِ؛ ولو تدبرنا آياتِ القرآنِ كذلك لوجدنا أنّ كلمةَ “الإنسانِ” تكررتْ في القرآنِ ثلاثًا وستين مرةً، فضلًا عن ذكرهِ بألفاظٍ أخرى مثل: “بني آدمَ”، التي ذُكرتْ ستَّ مراتٍ، وكلمةَ “الناسِ” التي تكررتْ مائتين وأربعين مرةً في مكيِّ القرآنِ ومدنيِّهِ ،وكلمةَ (العالمين) وردتْ أكثرَ من سبعين مرَّةً ،والحاصلُ أنّ إنسانيةَ الإسلامِ تبدو من خلالِ حرصِ الشريعةِ الإسلاميةِ وتأكيدِهَا على مجموعةٍ من القضايا المهمةِ.

  ولعلّ مِن أبرزِ الدلائلِ على ذلك أنّ أولَ ما نزلَ مِن آيات القرآنِ على رسولِ الإسلامِ محمدٍ -صلى اللهُ عليه وسلم- خمسُ آياتٍ من سورةِ “العلقِ” ذُكرتْ كلمةُ “الإنسانِ” في اثنتين منها، ومضمونهَا كلهَا العنايةُ بأمرِ الإنسانِ. قال تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)[العلق: 1-5].

  والعباداتُ كلُّهَا فيها معانٍ إنسانيةٌ ساميةٌ؛ فالزكاةُ المفروضةُ مثلًا- ليستْ ضريبةً تؤخذُ من الجيوب، بل فيها معانٍ إنسانيةٌ ساميةٌ؛ فهي غَرْسٌ لمشاعرِ الحنانِ والرأفةِ، وتوطيدٌ لعلاقاتِ التعارفِ والأُلفةِ بين شتى الطبقاتِ، وقد نصّ القرآنُ على الغايةِ من إخراجِ الزكاةِ بقولهِ: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ)[التوبة: 103].

  وفي الصيامِ نعلمُ أنّ رمضانَ هو شهرُ الأخلاقِ ومدرستِهَا، فهو شهرُ الصبرِ، وشهرُ الصدقِ، وشهرُ البِرِّ، وشهرُ الكرمِ، وشهرُ الصلةِ، وشهرُ الرحمةِ، وشهرُ الصفحِ، وشهرُ الحِلْمِ، وشهرُ المراقبةِ، وشهرُ التقوى، وكلُّ هذه أخلاقٌ إنسانيةٌ يغرسُهَا الصومُ في نفوسِ الصائمين، وذلك من خلالِ قولهِ -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[البقرة: 183]، بكلِّ ما تحملهُ كلمةُ التقوى من دلالاتٍ ومعانٍ إيمانيةٍ وأخلاقيةٍ وإنسانيةٍ .

وشعيرةُ الحجِّ مدرسةٌ أخلاقيةٌ وإنسانيةٌ؛ فيجبُ على الحاجِّ أنْ يجتنبَ الرفثَ والفسوقَ والجدالَ والخصامَ في الحجِّ، فضلًا عن غرسِ قِيَمِ الصبرِ وتحمُّلِ المشاقِّ والمساواةِ بين الغنيِّ والفقيرِ والتجردِ من الأمراضِ الخلقيةِ.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 3 ديسمبر 2021م بعنوان : إنسانية الحضارة الإسلامية:

ثانيًا : مظاهرُ إنسانيةِ الحضارةِ الإسلاميةِ

1ـ  الإنسانيةُ في التعاملِ مع كبارِ السنِّ: فقد جاءَ أبو بكرٍ بأبيهِ عامَ الفتحِ، يقودُه نحوَ رسولِ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلم- ورأسهُ كالثَّغامةِ بياضًا من شدةِ الشيبِ، فرحمَ النبيُّ -صلى اللهُ عليه وسلم- شيخوختَهُ وقال: “هلَّا تركتَ الشيخَ في بيتهِ حتى أكونَ أنا آتيَهُ فيه، قال أبو بكرٍ -رضي اللهُ عنه-: هو أحقُّ أنْ يمشيَ إليك يا رسولَ اللهِ مِن أنْ تمشيَ إليه”(مجمع الزوائد – الهيثمي)، وهو القائلُ -صلى اللهُ عليه وسلم-: “لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا”(رواه أحمد، والترمذي).

2ـ  الإنسانيةُ في التعاملِ مع الأطفالِ والصبيانِ: فقد كان -صلى اللهُ عليه وسلم- رحيمًا بالأطفالِ: فعن أَبَي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ:” قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فَقَالَ الْأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قَالَ: مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ”(متفق عليه)؛ وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: “مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كَانَ إِبْرَاهِيمُ مُسْتَرْضَعًا لَهُ فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ، وَكَانَ ظِئْرُهُ قَيْنًا فَكَانَ يَأْتِيهِ وَإِنَّ الْبَيْتَ لَيُدَّخَنُ فَيَأْخُذُهُ فَيُقَبِّلُهُ”(رواه مسلم).

3ـ  الإنسانيةُ في التعاملِ مع النساءِ: فكان رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلم- دائمَ الوصيةِ بالنساءِ، وكان يقولُ لأصحابه: “اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا”(البخاري)، بل إنّ هناك ما هو أعجبُ من ذلك، وهو رحمتُه -صلى اللهُ عليه وسلم- بالإِمَاءِ، وهُنَّ الرقيقُ من النساءِ، فقد روى أنسُ بنُ مالكٍ قال: “إِنْ كَانَتِ الْأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ!”(البخاري).

4ـ  الإنسانيةُ في التعاملِ مع المخطئِ: فعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَامَ أعرَابِيٌّ فَبَالَ في الْمَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: “دَعُوهُ وَهَرِيْقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، أوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَم تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ”(البخاري). وعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ، مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي، لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ، وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ: “إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ، لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ”(مسلم).

5ـ  الإنسانيةُ في التعاملِ مع الحيوانِ: فقد تجاوزتْ إنسانيتُه -صلى اللهُ عليه وسلم- ذلك كلّه إلى الحيوانِ والبهيمةِ، فيروي عبدُ اللهِ بنُ جعفرٍ -رضي اللهُ عنهما- أنّ النبيَّ -صلى اللهُ عليه وسلم- دخلَ حائطًا لرجلٍ من الأنصارِ، فإذا فيه جملٌ، فلما رأى النبيَّ -صلى اللهُ عليه وسلم- حنَّ وذرفتْ عيناهُ، فأتَاهُ -صلى اللهُ عليه وسلم- فمسحَ ظفراهُ فسكت، فقال صلى الله عليه وسلم: “مَن رَبُّ هذا الجَمَلِ؟ لمَن هذا الجملُ؟”، فجاء فتىً من الأنصارِ فقال: لي يا رسولَ اللهِ، فقال له: “أَفَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا؛ فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ ‏‏وَتُدْئِبُهُ”(أبو داود)، (وَتُدْئِبهُ: أَيْ تُكْرِههُ وَتُتْعِبهُ وَزْنًا وَمَعْنًى).

**********

   الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ علي خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين، سيدِنَا محمدٍ(صلي اللهُ عليه وسلم)، وعلي آلهِ وصحبِهِ أجمعين

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 3 ديسمبر 2021م بعنوان : إنسانية الحضارة الإسلامية:

ثالثاً: خصائصُ الحضارةِ الإسلاميةِ

مِن أهمِّ خصائصِ حضارتِنَا الإسلاميةِ الخصائصُ التاليةُ:

1- إنّها حضارةٌ بانيةٌ مصدرُهُا الوحيُ الذي يغرسُ في دنيا النفوسِ والقلوبِ والعقولِ حقيقةَ الإيمانِ باللهِ وتوحيدهِ وإقدارهِ حقَّ قدرهِ.. فهي حضارةُ (توحيدٍ مطلقٍ) يضفي على كلِّ النظمِ والتياراتِ طابعهُ التوحيديّ الإيمانيّ.. فهناك وحدةٌ في المشاعرِ، ووحدةٌ في العبوديةِ والربوبيةِ، ووحدةٌ في التشريعِ، ووحدةٌ في النظرةِ للإنسانِ والكونِ.

2- وكما أنّها حضارةُ توحيدٍ وربانيةٍ ووحيٍ.. هي -كذلك- (حضارةٌ إنسانية) جاءتْ لتخاطبَ كلَّ الناسِ، وتكرمَ بني آدمَ جميعًا، وهي -كذلك- ذاتُ نزعةٍ إنسانيةٍ في أهدافِهَا، وقد ضمتْ بين جناحيْهَا أجناسًا مختلفةً أسهمَ أبناؤُهَا في صناعةِ ألوانِ التقدمِ العلميةِ والفنيةِ والأدبيةِ، وافتخرتْ الحضارةُ الإسلاميةُ بهم جميعًا، وأعطتهُم فرصًا متساويةً.

3- وهي حضارةُ (أخلاقٍ مطلقةٍ)، تعاملُ الناسَ جميعًا على أساسِها دونَ ازدواجيةٍ في المعاييرِ، ودونَ عبثٍ بالقيمِ تحت مسمى (النسبيةِ) أو التطوريةِ.. فالعدلُ والصدقُ والوفاءُ والعفةُ كلُّها قيمٌ أخلاقيةٌ مطلقةٌ، وقد وصفَ الرسولُ -عليه الصلاةُ والسلامُ- نفسَهُ بأنّه بُعثَ ليتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ، بل إنّها حضارةٌ (تقومُ على التسامحِ) الذي لم يعرفْهُ دينٌ ولم تعرفْهُ حضارةٌ من الحضاراتِ.

4- وهي حضارةُ (عقلٍ وعلمٍ) وتآزرٍ متناغمٍ بين العقلِ والوحيِ، والعلمِ والدينِ، وكلّهُم يعضدُ الآخرَ، ولا يناقضُهُ في حقيقةِ الأمرِ، وإنما يأتي التصادمُ من عدمِ صحةِ الوحيِ، أو من عدمِ سلامةِ العقلِ.. وفي القرآنِ مئاتُ الآياتِ التي تربطُ بين العلمِ والإيمانِ، وتحثُّ على التعبدِ بالتفكيرِ وإعمالِ العقلِ، وهي -أيضًا- حضارةٌ تحترمُ (الوجدانَ الإنسانيَّ كلَّه)، ولا تقفُ في تحقيقِ الوعيِ عند حدودِ العقلِ، فالقلبُ له دورٌ في الفقهِ، والروحُ لها دورٌ في التغييرِ، والنفسُ المؤمنةُ المطمئنةُ نفسٌ إيجابيةٌ تقودُ إلى الخيرِ.. فالقيادةُ متكاملةٌ بين عالمي الشعورِ واللاشعورِ، وبين عواملِ الوحيِ والعقلِ والقلبِ والروحِ.

5- وهي حضارةُ (حقٍّ وعدلٍ ورحمةٍ ومساواةٍ) وتكاملٍ معنويٍ وماديٍ بين كلِّ الناسِ: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، فالكلُّ سواءٌ… سواءٌ عندَ اللهِ في آدميتهِم وإنسانيتِهم، وسواءٌ أمامَ الخضوعِ لشريعةِ اللهِ، فالكلُّ لآدمَ وآدمَ من ترابٍ، ولا فضلَ لعربيٍّ على أعجميٍّ إلا بالتقوى، ولا تمايزَ بينهم إلا بالحقِّ، فالقضاءُ عدلٌ للجميع، وحسابُ اللهِ عدلٌ مع الجميعِ كذلك.

6- وهي حضارةٌ حيويةٌ وإيجابيةٌ ترفضُ الزهدَ اليائسَ من الحياة، وتتسعُ نظرتُهًا للعمل على تحقيقِ السعادةِ في الدنيا والآخرةِ، وتعميرِ الأرضِ باسم اللهِ.

7- وهي حضارةُ تكاملٍ لا تصادمٍ، لا بين المرأةِ والرجلِ، أو الفردِ والمجتمعِ، ولا بين مقتضياتِ الروحِ ومقتضياتِ المادةِ والجسدِ والعقلِ.

  الحضارةُ سلوكٌ ومنهجُ حياةٍ، وأفعالٌ موجودةٌ علي أرضِ الواقعِ لتحقيقِ التنميةِ في كلِّ المجالات.

 الحضارةُ : قائد عظيم يريدُ حياةً كريمةٍ لكلِّ المصريين.

 إنّ مسئوليتَنَا تجاه هذه الحضارةِ الإسلاميةِ (الربانيةِ الإنسانيةِ) التي هي حضارتُنَا توجبُ علينا أنْ نتعرفِ على خصائِصهَا وقسماتِهَا التي تتميزُ بها عن غيرِها من الحضاراتِ، كما توجبُ علينا أنْ نجاهدَ بكلِّ الوسائلِ في سبيلِ بعثِهَا وتقديمِهَا للإنسانيةِ.

وإذا كانتْ هذه الحضارةُ توجبُ على المسلمِ أنْ يتعرفَ على ذاتهِ المسلمة، ومسئوليتِهِ الإنسانيةِ والكونيةِ، وطبيعةِ الاستخلافِ العمرانيِ الذي كلفَهُ اللهُ به وسيحاسبُهُ عليه… فإنّنا -في المقابل- مطالبون بأنْ نتعرفَ -أيضًا- على خصائصِ هذه الحضارةِ التي جعلتْ منا ذات يومٍ خيرَ أمةٍ أُخرجتْ للناس، وهي ما زالتْ مؤهلةً تمامًا؛ لبعثِنَا من جديدٍ (خير أمة) في عصرٍ عجزتْ فيه كلُّ الحضاراتِ المعاصرةِ عن أنْ تكونَ إنسانيةً عادلةً، أو أنْ تكونَ دينيةً دنيويةً. معًا.. أو أنْ تتسعَ في تعامِلِها الودودِ لكلِّ العقائدِ والمنظوماتِ الحضاريةِ.

اللهم اجعل بلادَنا مصرَ سخاءً رخاءً وسائرَ بلادِ العالمين

الدعاءُ،،،،،                                           وأقم الصلاةُ ،،،،،

     كتبه: طه ممدوح عبد الوهاب 

إمام وخطيب بوزارة الأوقاف 

 

_____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى