خطبة الأسبوعخطبة الجمعةعاجل

خطبة الجمعة بعنوان : الحال أبلغ من المقال ، للدكتور/ محمـد حسن داود

خطبة الجمعة بعنوان :  الحال أبلغ من المقال،  للدكتور/ محمـد حسن داود الشيخ محمد حسن داود (1 شعبان 1446هـ - 31 يناير 2025م)

خطبة الجمعة بعنوان :  الحال أبلغ من المقال،  للدكتور/ محمـد حسن داود
الشيخ محمد حسن داود (1 شعبان 1446هـ – 31 يناير 2025م)

لتحميل خطبة الجمعة بعنوان :  الحال أبلغ من المقال،  للدكتور/ محمـد حسن داود pdf

🔷 العناصـــــر:
– الحال أبلغ من المقال.
– صور ونماذج من حال النبي (صلى الله عليه وسلمَ).
– قراءة وتدبر في حال النبي (صلى الله عليه وسلمَ) وجوانب حياته.
♦️ ♦️ ♦️ ♦️ ♦️
🔷 الموضــــــوع: الحمد لله رب العالمين، الحمد لله فاطر السبع الطباق، مقسم الأرزاق، الهادي لأحسن الأخلاق، مالك يوم التلاق، نحمده على آلاء تملأ الآفاق، ونعم تطوق القلوب والأعناق، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، القائل في حديثه الشريف: “إنما بُعِثتُ لأُتَمِّمَ صالِحَ الأخْلاقِ”، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، و بعد
♦️ ♦️ ♦️ ♦️ ♦️
🔴 فإن الحال أبلغ من المقال، وإن وقع الأحوال وأثرها على القلوب أعظم أثرا من الكلام والأقوال، فرب حال أفصح من مائة لسان؛ وقد قيل: إنَّ حَالَ رَجُلٍ فِي أَلْفِ رَجُلٍ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِ أَلْفِ رَجُلٍ لِرَجُلٍ.
🔺 وإذا نظرنا في حال نبينا (صَلى الله عليه وسلم) وتدبرنا جوانب حياته لوجدناها جميعها مشرقة عظيمة، فتراه في كل جانب مثلا أعلى، وأسوة حسنة، وخير قدوة، إذ اتصف بأنبل الصفات، وأجمل الخصال، وأحسن الأخلاق؛ فهو أرجح الناس عقلا، وأكثرهم جودا وكرما، وأصدقهم حديثا، وأعظمهم أمانة، وأحسنهم عشرة، وأكثرهم أدبا، وأوفرهم حلما، وأكملهم قوة وشجاعة، وأعظمهم شفقة، وأكرمهم نفسا، وأعظمهم إنسانية ورحمة، ليس بفظ ولا غليظ، لم يكن فاحشا ولا متفحشا، ولا صخابا، ولا عيابا، ولا يجزي السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، ويجود ويمنح؛ عُرف بأسمى القيم، وأعظم المبادئ، وأطيب السلوك. ولعل هذا من أعظم الأسرار التي جذبت القلوب والأرواح والعقول إليه صلى الله عليه وسلمَ، حيث قال الحق سبحانه وتعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ َلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) (آل عمران: 159).
🔴 وفي هذه السطور نظرة تأمل وتدبر في سيرته صلى الله عليه وسلمَ، القدوة والأسوة الحسنة؛ قال الله (عز وجل) في حقه: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) (الأحزاب: 21)، فنتأمل حاله ونعيش بالقلب والجوارح هذه القيم النبيلة والسمات الجليلة، ونأخذ من مشكاته، ونقتدي به في سيرته وسريرته، وفي سائر أحواله، ننهل من أخلاقه، وقد قال الله عز وجل فيها: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم: 4) ولما سئلت أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) عن خُلُقه صلى الله عليه وسلمَ، فإذا بها تصفه قائلة: “كَانَ خُلُقُهُ القُرآنُ”. وها هي أم المؤمنين خديجة (رضي الله عنها) تفصل شيئا من حاله صلى الله عليه وسلمَ، فتقول: “فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ”.
👈 فانظر جوده وكرمه وإيثاره، ودلالته على ذلك بالفعل والحال: فقد كان أجود بالخير من الريح المرسلة: فهو القائل: “لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا يَسُرُّنِي أَنْ لاَ يَمُرَّ عَلَيَّ ثَلاَثٌ، وَعِنْدِي مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا شَيْءٌ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ” (رواه البخاري). فكان صلى الله عليه وسلمَ يجود بما عنده ولا يبخل بمال ولا طعام، فعَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ (رضي الله عنها)، أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً، فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): “مَا بَقِيَ مِنْهَا؟” قَالَتْ: مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلَّا كَتِفُهَا، قَالَ: “بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا” (رواه الترمذي)، بل يؤثر المحتاج على نفسه، ويعطيه العطاء وإن كان في حاجة إليه، فعَنْ سَهْلٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، “أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبِيَّ، (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ،بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ فِيهَا حَاشِيَتُهَا، أَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ؟ قَالُوا: الشَّمْلَةُ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: نَسَجْتُهَا بِيَدِي فَجِئْتُ لِأَكْسُوَكَهَا، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ ،(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ،مُحْتَاجًا إِلَيْهَا ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ فَحَسَّنَهَا فُلَانٌ، فَقَالَ: اكْسُنِيهَا مَا أَحْسَنَهَا ؟، قَالَ : الْقَوْمُ مَا أَحْسَنْتَ لَبِسَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ ، قَالَ : إِنِّي وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ لِأَلْبَسَهُ إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِي؟ ” قَالَ سَهْلٌ : فَكَانَتْ كَفَنَهُ” (رواه البخاري).
👈 وانظر جبره للخواطر ودلالته عليه بالفعل والحال: إذ تراه مع أصحابه في أفراحهم وأتراحهم، يشهد جنائزهم ويعود مرضاهم، ويواسيهم في مصائبهم؛ وتدبر ما جاء عن قرة بن إياس، قَالَ: كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِذَا جَلَسَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَفِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ، يَأْتِيهِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ فَيُقْعِدُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَهَلَكَ، فَامْتَنَعَ الرَّجُلُ أَنْ يَحْضُرَ الْحَلْقَةَ لِذِكْرِ ابْنِهِ فَحَزِنَ عَلَيْهِ، فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ: “مَالِي لَا أَرَى فُلَانًا”، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بُنَيُّهُ الَّذِي رَأَيْتَهُ هَلَكَ، فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَسَأَلَهُ عَنْ بُنَيِّهِ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ هَلَكَ، فَعَزَّاهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: “يَا فُلَانُ أَيُّمَا كَانَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ تَمَتَّعَ بِهِ عُمُرَكَ أَوْ لَا تَأْتِي غَدًا إِلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، إِلَّا وَجَدْتَهُ قَدْ سَبَقَكَ إِلَيْهِ، يَفْتَحُهُ لَكَ”، قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بَلْ يَسْبِقُنِي إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَيَفْتَحُهَا لِي لَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ قَالَ: “فَذَاكَ لَكَ”(رواه النسائي).
👈 وفي التيسير والوسطية ورفع الحرج، تقول أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها): “ما خُيِّرَ رَسولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) بيْنَ أمْرَيْنِ قَطُّ إلَّا أخَذَ أيْسَرَهُمَا، ما لَمْ يَكُنْ إثْمًا”، ولما دخل المسجد ووجد حبلا ممدودا بين ساريتين، قال: “ما هذا؟ “قالوا: لزينبَ تُصلِّي فإذا كسِلَتْ أو فتَرَتْ أمسكت به، قال: ” حُلُّوه” ثمَّ قال: “لِيُصَلِّ أحدُكم نشاطَه فإذا كسِل أو فتَرَ فليقعُدْ”. ويقول صلى الله عليه وسلمَ: “إنِّي لأقومُ إلى الصَّلاةِ وأنا أريدُ أن أطوِّلَ فيها، فأسمعُ بُكاءَ الصَّبيِّ فأتجوَّزُ كراهيةَ أن أشقَّ على أمِّه”،
👈 وانظر رفقه بأهل بيته: فعَنِ النُّعْمَان بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: جَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَسَمِعَ عَائِشَةَ(رضي الله عنهما) وَهِيَ رَافِعَةٌ صَوْتَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ: يَا ابْنَةَ أُمِّ رُومَانَ وَتَنَاوَلَهَا أَتَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قَالَ: فَحَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ جَعَلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ لَهَا يَتَرَضَّاهَا ” أَلَا تَرَيْنَ أَنِّي قَدْ حُلْتُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَكِ” قَالَ: ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ يُضَاحِكُهَا، قَالَ: فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْرِكَانِي فِي سِلْمِكُمَا كَمَا أَشْرَكْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا ” (رواه أحمد)
👈 وفي وفائه لزوجاته: تراه يكرم صديقات أم المؤمنين خديجة (رضي الله عنها) التي قال في حقها: “مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) خَيْرًا مِنْهَا، قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاءِ” (رواه أحمد) إذ تقول أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها): “وَكانَ رَسولُ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ) إذَا ذَبَحَ الشَّاةَ، فيَقولُ: أَرْسِلُوا بهَا إلى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ”.
👈 وفي قضاء الحوائج وتفريج الكرب: عنْ سيدنا أَنَسٍ (رضي الله عنه)”أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً،” فَقَالَ يَا أُمَّ فُلَانٍ، انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ، حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ ” فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا ” (رواه مسلم ) وعَنْ ‏ ‏أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أيضا ‏ ‏قَالَ:‏ “‏كَانَتْ الصَّلَاةُ تُقَامُ ‏ ‏فَيُكَلِّمُ النَّبِيُّ (‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ‏الرَّجُلَ فِي حَاجَتِهِ تَكُونُ لَه، فَيَقُومُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَمَا يَزَالُ قَائِمًا يُكَلِّمُهُ، فَرُبَّمَا رَأَيْتُ بَعْضَ الْقَوْمِ لَيَنْعَسُ مِنْ طُولِ قِيَامِ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏لَهُ “.
👈 وفي الهجرة تراه صلى الله عليه وسلمَ وقد أبقى سيدنا علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) في فراشه ليرد الأمانات إلى أهلها، مع أنهم ناصبوه العداء. في أعظم صور حفظ الأمانات والدلالة على هذا الخلق العظيم الطيب؛ فهو صلى الله عليه وسلمَ القائل: “أدِّ الأمانةَ إلى منِ ائتمنكَ، ولا تخنْ من خانكَ”.
👈 وفي العفو والصفح والمسامحة: تراه في رجوعه من الطائف يأتيه ملك الجبال فيعرض عليه أن يطبق على من بالغ في إيذائه الجبلين، فيقول: “بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا”، ويدخل مكة فاتحا منتصرا، فما ترى منه إلا التواضع والعفو إذ يقول: (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) “اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ”.
🔺🔴 إن حال النبي صلى الله عليه وسلمَ هذا كما يحثنا على أن نكون في بيوتنا مع زوجاتنا في تسامح ورفق ؛ إذ يقول صلى الله عليه وسلمَ: “لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلقًا رضِيَ مِنْهَا آخَرَ” وكما يدعونا إلى السماحة والرفق في البيع والشراء، حيث قال (صلى الله عليه وسلمَ): “رَحِمَ اللهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى”.
👈 يحثنا على التخلق بأفضل الأخلاق وأحسن الصفات، وأكرم الخصال، في كل زمان ومكان؛ فهو صلى الله عليه وسلمَ القائل: ” إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا”.
👈 كما يدلنا على الحفاظ على إصلاح بواطننا كما نحافظ على إصلاح الظاهر: إذ يقول النبي (صلى الله عليه وسلمَ): “ألا وإنَّ في الجسد مضغةً، إذا صلحتْ صلحَ الجسَد كلُّه، وإذا فسدتْ فسد الجسد كلُّه، إلا وهي القلب”. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ” كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ”، قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ، قَالَ: “هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيهِ، وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ، وَلَا حَسَدَ” (رواه ابن ماجه).
👈 كما يشير إلى أن نحفظ السرائر كما نحفظ العلانية؛ فإن النفوسُ الصادقة مع الله (عز وجل) هي تلكَ النفوس التي خلواتها لا تختلف عن علانيتها؛ إذ تحقق دائما قول النبي (صلى الله عليه وسلَم): “اعبُدِ اللهَ كأنَّك تراه، فإنْ لم تكُنْ تراه فإنَّه يراك”، وقوله صلى الله عليه وسلمَ: “اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ”.
👈 كذلك يجعلنا في حرص على تحقيق معاني القدوة مع الأبناء، فالقدوة من أهم الأساليب التربوية التي تؤثر في حياة الطفل، وتشكل رؤيته وثقافته، وتصوغ أفكاره، وذلك لوجود تلك الغريزة الملحة في كيان الطفل التي تدفعه نحو التقليد والمحاكاة؛ إذ يجد الصغير في والديه المثل الأعلى، ولله در من قال:
وَيَنشَأُ نَاشِئُ الفِتيَانِ فِينَا 🔹🔹 عَلَى مَا كَانَ عَوَّدَهُ أَبُوهُ
ومن ثم فإنه من غير المنطقي أن يحسن الإنسان تربية الأبناء وحاله أمامهم يخالف أقواله، فيأمرهم بخير ثم لا يأتيه، وينهاهم عن شر وهو يأتيه؛ وانظر هذا الدرس النبوي، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا وَرَسُولُ اللَّهِ (صلَى الله عليه وسلم) قَاعِدٌ فِي بَيْتِنَا، فَقَالَتْ: هَا تَعَالَ أُعْطِيكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلمَ):”وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ؟” قَالَتْ: أُعْطِيهِ تَمْرًا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلى الله عليه وسلم) :”أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةٌ”.
👈 كما يدعونا إلى الاقتداء به صلى الله عليه وسلمَ في القربات إلى رب البريات، لاسيما ونحن في بداية شهر عظيم طيب، فعَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا)، قَالَتْ: كانَ رَسولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) يَصُومُ حتَّى نَقُولَ: لا يُفْطِرُ، ويُفْطِرُ حتَّى نَقُولَ: لا يَصُومُ، فَما رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إلَّا رَمَضَانَ، وما رَأَيْتُهُ أكْثَرَ صِيَامًا منه في شَعْبَانَ”.
🤲 اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق واصرف عنا سيئها🤲
🤲 واحفظ اللهم مصر من كل مكروه وسوء 🤲
♦️ ♦️ ♦️ ♦️ ♦️
✍️✍️✍️
محمد حســـــــن داود
إمام وخطــيب ومدرس
دكتوراة في الفقه المقارن

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى