الخطبة المسموعةخطبة الأسبوععاجل

خطبة الجمعة بعنوان : خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ” جمال المظهر والجوهر ، للدكتور محمد حرز

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ” جمال المظهر والجوهر ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 30 جماد الآخر 1445هـ ، الموافق 12 يناير 2024م

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 12 يناير 2024م بصيغة word بعنوان : خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ” جمال المظهر والجوهر ، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 12 يناير 2024م بصيغة pdf بعنوان : خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ” جمال المظهر والجوهر ، للدكتور محمد حرز.

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 12 يناير 2024م بعنوان : خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ” جمال المظهر والجوهر.

 

أولًا: الإسلامُ دينُ الزينةِ والجمالِ والنظافةِ.

ثانيـــًا: أهميةُ المساجدِ في الإسلامِ

ثالثـــًا: يا عُمَّارَ المساجدِ انتبهُوا !!!

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 12 يناير 2024م بعنوان : خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ” جمال المظهر والجوهر : كما يلي:

 خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ للدكتور محمد حرز

 بتاريخ غرة رجب  1445هـ، الموافق 12 يناير 2024م

الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف:31]،وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه أولٌ بلا ابتداء، وآخرٌ بلا انتهاء، الوترُ الصَّمَدُ الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ القائلُ كما في حديثِ أَنَسٍ رضي اللهُ عنه قَالَ، قَالَ النَّبِيِّ ﷺ: ( مَنْ بَنَىِ للهِ مَسْجِدًا ، صَغِيرًا كَانَ ، أَوْ كَبِيرًا ، بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ) (أخرجه التِّرْمِذِي)، فاللهُمَّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ  المختارِ وعلى آلهِ وصحبهِ الأطهارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين. أمَّا بعدُ …..فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (آل عمران :102)

عبادَ الله: (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)، عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا.

عناصرُ اللقاء

أولًا: الإسلامُ دينُ الزينةِ والجمالِ والنظافةِ.

ثانيـــًا: أهميةُ المساجدِ في الإسلامِ

ثالثـــًا: يا عُمَّارَ المساجدِ انتبهُوا !!!

أيُّها السادةُ: بدايةً ما أحوجَنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلى أنْ يكونَ حديثُنَا عن الزينةِ والجمالِ والنظافةِ عندَ دخولِ بيوتِ اللهِ جلَّ وعلا وعندَ كلِّ صلاةٍ، وخاصةً وأنَّ الكثيرينَ مِن الناسِ لا يبالونَ ولا يهتمونَ بزينتِهِم ونظافتِهِم عندَ المساجدِ وهو على موعدٍ مع لقاءِ ربِّ العالمينَ في الوقتِ الذي يتزينُ ويتجملُ لشخصٍ ذو مكانةٍ وهيبةٍ عندَ الناسِ وللهِ المثلُ الأعلَى، وللْأَسَفِ هناك مَنِ اسْتَهَانُوا بِذَلِكَ، فَتَرَاهُمْ يَأْتُونَ إِلَى المَسَاجِدِ بِمَلَابِسَ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُقَابِلُوا بِهَا وُجَهَاءَ القَوْمِ، أَوْ أَنْ يَذْهَبُوا بِهَا إِلَى مُنَاسَبَاتِهِمْ الْخَاصَّةِ أَوْ الْعَامَّةِ، فَهُمْ يَسْتَحْيُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَحْيُونَ مِنَ رب الناس، يُوَقِّرُونَ النَّاسَ وَلَا يُوَقِّرُونَ رب الناس، وَهُمْ قِلَّةٌ وَللهِ الحَمْدُ، فدخولُ المساجدِ بصفةٍ عامةٍ، ودخولُ الصلاةِ بصفةٍ خاصةٍ يا سادةٌ أولَى بالزينةِ والنظافةِ والجمالِ، فاللهُ جميلٌ يجبُّ الجمالَ، نظيفٌ يحبُّ النظافةَ، ولَيْسَ الْأَمْرُ مَقْصُورًا عَلَى الْمَسَاجِدِ فحسب، بَلْ حَتَّى فِي البُيُوتِ، أيُّها الأخيارُ عندَ الصلاةِ كمَا أمرَنَا الإسلامُ ونبيُّ الإسلامِ ﷺ، وَالْخِطَابُ بِأَخْذِ الزِّينَةِ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى الرِّجَالِ فَحسب، وَإِنَّمَا يَشْمَلُ النِّسَاءَ ، فَعَلَيْهِنَّ إِذَا صَلَّيْنَ فِي البُيُوتِ أَنْ يَتَجَمَّلْنَ وَيَتَطَيَّبْنَ وَيُغَطِّينَ أَجْسَادَهُنَّ؛ لِقَوْلِه ﷺ: (لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ)، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.

العنصر الأول من خطبة الجمعة بعنوان : خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ” جمال المظهر والجوهر

أولًا: الإسلامُ دينُ الزينةِ والجمالِ والنظافةِ.

أيُّها السادةُ: دينُنَا دينٌ الإسلامِ دينُ  الزينةِ والجمالِ والنظافةِ، ونبيُّنَا ﷺ نبيُّ الجمالِ والكمالِ والحسنِ والبهاءِ والنظافةِ، وللهِّ درُّ حسانٍ رضي اللهُ عنهُ:

وَأَحسَنُ مِنكَ لَم تَرَ قَطُّ عَيني***وَأَجمَلُ مِنكَ لَم تَلِدِ النِساءُ

خُلِقتَ مُبَرَّءً مِن كُلِّ عَيبٍ***َكأَنَّكَ قَد خُلِقتَ كَما تَشاءُ

لذا اِمتَنَّ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَى عِبَادِهِ المؤمنين بِمَا جَعَلَ لَهُمْ مِنَ اللباس وَالرِّيَاشِ؛ فاللباسُ لسترِ العوراتِ وهي السوءاتُ، وَالرِّيشُ: مَا يُتَجَمَّلُ بِهِ ظَاهِرًا، فَالْأَوَّلُ مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ، وَالرِّيشُ مِنَ التَّكَمُّلَاتِ وَالزِّيَادَاتِ، قالَ جلَّ وعلا: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا)[الأعراف:26]، وحثَّ الإسلامُ المسلمَ على الظهورِ بالمظهرِ الطيبِ الجميلِ في ملبسِهِ ومسكنِهِ وهندامِهِ أمامَ الآخرين، فقالَ -سبحانَهُ-: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ)[الأعراف:31]. قال السعديُّ: “أي: استرُوا عوراتِكُم عندَ الصلاةِ كلِّها، فرضِهَا ونفلِهَا، فإنَّ سترَهَا زينةٌ للبدنِ، كما أنَّ كشفَهَا يدعُ البدنَ قبيحًا مشوهًا.. ويحتملُ أنَّ المرادَ بالزينةِ هنَا هو اللباسُ النظيفُ الحسنُ، ففي هذا الأمرِ بسترِ العورةِ في الصلاةِ، وباستعمالِ التجميلِ فيهَا ونظافةِ السُترةِ مِن الأدناسِ والأنجاسِ”.وقال ابنُ كثيرٍ: “وَيُسْتَحَبُّ التَّجَمُّلُ عِنْدَ الصَّلَاةِ، وَلَا سِيَّمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ الْعِيدِ، وَالطِّيبُ لِأَنَّهُ مِنَ الزِّينَةِ، وَالسِّوَاكُ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ ذَلِكَ”. وخاصةً ومِن المسلمينَ مَن لا يهتمُّ برائحةِ جسدِهِ وملابسِهِ فيأكلُ الثومَ والبصلَ وغيرهَا مِمّا لهُ رائحةٌ كريهةٌ ويأتِي للمسجدِ، وربَّمَا نسيَ تنظيفَ جسدِهِ وتغييرَ جواربِهِ فأصبحَ منتنَ الريحِ لا يحتملُ رائحتَهُ أحدٌ مِن البشرِ، فكيفَ يفد هذا إلى بيتِ اللهِ المليءِ بالمسلمينَ والملائكةِ؟! ورَسُولُ اللهِ ﷺ قَدْ قَالَ: “مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ“(رواه مسلم عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-)، وكفَى بالمرءِ إثمًا أنْ يؤذِي إخوانَهُ المصلين، وملائكةَ اللهِ المقربين، هذا في رائحةِ الثومِ والبصلِ الحلالِ، فكيفَ بروائحِ التدخينِ الحرامِ؟.

لِمِثْلِ هَذَا يَذُوبُ القَلْبُ مِنْ كَمَدٍ *** إِنْ كَانَ فِي القَلْبِ إِسْلَامٌ وَإِيمَانُ

فالتزينُ والتجملُ والتطيبُ عبادةٌ جليلةٌ سهلةٌ وميسورةٌ أمرَنَا بها الدينُ وتخلقَ بها سيدُ المرسلين ﷺ حيثُ قالَ: ( حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ“(رواه النسائي)، فالتزينُ والتجملُ والتطيبُ ليسَ عندَ الصلاةِ فحسب بل في جميعِ أحوالِكَ ومع زوجتِكَ فاللهُ جميلٌ يحبُّ الجمالَ، قالَ جلَّ وعلا: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) [المدثر: 4]، بعدَ أنْ قال: (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) [المدثر: 3] فقرنَ التوحيدَ بنظافةِ الثوبِ ولا صارفَ للفظِ عن ظاهرِهِ، وقالَ جلَّ وعلا: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)[البقرة: 222]. وحثَّ النبيُّ ﷺ على نظافةِ البدنِ بشتَّى وسائلِ النظافةِ، وسنَّ النبيُّ اهتمامًا بالطهارةِ والنظافةِ وحسنِ المظهرِ الاغتسالَ يومَ الجمعةِ، قالَ ﷺ كما في صحيحِ البخارِي مِن حديثِ سلمانَ الفارسِي رضى اللهُ عنه قالَ، قالَ ﷺ:” لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَومَ الجُمُعَةِ، ويَتَطَهَّرُ ما اسْتَطَاعَ مِن طُهْرٍ، ويَدَّهِنُ مِن دُهْنِهِ، أوْ يَمَسُّ مِن طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فلا يُفَرِّقُ بيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي ما كُتِبَ له، ثُمَّ يُنْصِتُ إذَا تَكَلَّمَ الإمَامُ، إلَّا غُفِرَ له ما بيْنَهُ وبيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى “وصدقَ المعصومُ  ﷺ: إذْ يقولُ:” الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ “(رواه مسلم) .

فدينُنَا دينُ الجمالِ والزينةِ والنظافةِ وكيفَ لا؟  ولقد فرضَ الإسلامُ الغسلَ والوضوءَ، قالَ جلَّ وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[المائدة: 6].وعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنهُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: إِذَا تَوَضَّأَ العَبْدُ المُسْلِمُ، أَوِ المُؤْمِنُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِن وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بعَيْنَيْهِ مع المَاءِ، أَوْ مع آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِن يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مع المَاءِ، أَوْ مع آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلَاهُ مع المَاءِ، أَوْ مع آخِرِ قَطْرِ المَاءِ، حتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ“[رَوَاهُ مُسْلِمٌ].وكيف لا ؟ ولقد حثَّنَا الإسلامُ  على نظافةِ المسكنِ، فعن سعدِ بنِ أبِي وقاصٍ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: ” إنَّ اللَّهَ طيِّبٌ يحبُّ الطَّيِّبَ، نظيفٌ يحبُّ النَّظافةَ، كريمٌ يحبُّ الكرمَ جوادٌ يحبُّ الجودَ فنظِّفوا أفنيتَكُم ولا تشبَّهوا باليَهودِ“( رواه الترمذي).

ولمَّا كانتْ الصلاةُ عبادةً ربانيةً، وصلةً بينَ العبدِ وربِّهِ، يلتقِي فيهَا العبدُ مع معبودِه، والحبيبُ مع محبوبِه، ولمَّا كان مِن تعظيمِ اللهِ – سبحانَهُ وتعالَى – تعظيمُ الصلاةِ، تأكّدَ التزينُ لهَا بالملبسِ والتطيبِ وغيرهِمَا، قالَ سبحانَهُ: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ)[الأعراف:31].

العنصر الثاني من خطبة الجمعة بعنوان : خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ” جمال المظهر والجوهر

ثانيـــًا: أهميةُ المساجدِ في الإسلامِ. 

أيُّها السادةُ: اعْلَمُوا أَنَّ الْمَسَاجِدَ هِيَ أَحَبُّ الْبِقَاعِ إِلَى اللهِ جلَّ وعلَا، وَأَشْرَفُهَا مَنْزِلَةً عند اللهِ، مَنْ أَحَبَّهَا للهِ، كَانَ حُبُّهُ لَهَا دِينًا وَعِبَادَةً، وَرِبْحًا وَزِيَادَةً، وَمَنْ تَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِهَا، أَظَلَّهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَحْتَ عَرْشِهِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ، صِيَانَتُهَا عَنِ الأَدْنَاسِ قُرْبَةٌ، وَتَنْظِيفُهَا طَاعَةٌ، وَتَطْييبُهَا عِبَادَةٌ، مَن عَمَّرَهَا بالصلاةِ والذكرِ، رفَعَهُ اللهُ جلَّ وعلا، وأسعَدَهُ في الدارينِ، وشرَحَ صدرَهُ، وكفاهُ همَّهُ، وتعليمُ الكتابِ والسنةِ فيها امتِثالٌ لأمرِ اللهِ ببنائِهَا، وإحياءٌ لسُنَّةِ سيدِ المرسلين فيها، وبركةٌ في الوقتِ والعملِ، وصلاحٌ للنفسِ والولدِ، مَن حُرِمَ فيها مِن الخيرِ أو صدَّ عنه فقد فاتَهُ فضلٌ عظيمٌ وشرفٌ كبيرٌ، وكيفَ لا ؟ والمساجدُ مكانُ لقاءِ العبدِ بربِّهِ جلَّ وعلا، حيثُ تتنزلُ الرحماتُ، وتُغفَرُ الزلاتُ، وتُمحَى السيئاتُ، والمساجدُ هي بيوتُ اللهِ في أرضِهِ، ومواطنُ عبادتِهِ وشكرهِ وتوحيدهِ، وهي مِن شعائرِ اللهِ التي يجبُ تعظيمُهَا، قال جلَّ وعلا: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾الحج: 32 وكيف لا ؟ والمساجدُ في الإسلامِ لهَا شأنٌ عظيمٌ، ومكانةٌ رفيعةٌ، وقدسيةٌ عظيمةٌ، ليستْ لغيرِهَا مِن البقاعِ حيثُ مدحَ اللهُ جلَّ وعلا عُمَّارَها ماديًّا ومعنويًّا فقالَ جلَّ وعلا: ( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ) التوبة: 18، قال ابنُ رجبٍ -رحمهُ اللهُ-: عمارةُ المساجدِ تكونُ بمعنيينِ: أحدُهُمَا: عمارتُهُا الحسِّيَّةُ ببنائِهَا وإصلاحِهَا وترميمِهَا، وما أشْبَهَ ذلك. والثاني: عمارتُهُا المعنويَّةُ بالصلاةِ فيها، وذكْرِ اللَّهِ وتلاوةِ كتابِهِ، ونشرِ العلمِ الذي أنزلَهُ على رسولِهِ، ونحو ذلك، قالَ جلَّ وعلا: ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) النور36 : 37، وعمارُ المساجدِ في ظلِّ عرشِ الرحمنِ يومَ لا ظلَّ إلّا ظلهُ يومَ تدنُو الشمسُ مِن الرؤوسِ يومَ يلجمُ العرقُ الإنسانَ إلجامًا  .فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ tعَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ : “سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ ومنهم وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ” (متفق عليه)، ويفرحُ البارِي جلَّ جلالُهُ، بزوارِ المساجدِ لحديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي اللهُ عنه  قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مَا تَوَطَّنَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ الْمَسَاجِدَ لِلصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ، إِلَّا تَبَشْبَشَ اللَّهُ لَهُ، كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ)، رواهُ ابنُ ماجه وابنُ خزيمةَ وإسنادُهُ صحيحٌ. وكيف لا ؟والْمَسَاجِدُ هِيَ خَيْرُ الْبِقَاعِ في الأرضِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ، كما في صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي اللهُ عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ، قَالَ: (خَيْرُ الْبِلَادِ وَأَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا)، فَهَذَا نَقِيضٌ وَنَقِيضٌ، هَذَا ضِدٌّ وَضِدُّهُ، مَسْجِدٌ وَسُوقٌ، وَلِكُلٍّ حُكْمُهُ. فاللهُ اصطفَى مِن كلِّ شيءٍ أفضلَهُ، ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون﴾ القصص 68، والمساجدُ نَسَبَها اللهُ عزَّ وجلَّ لنفسهِ؛ تعظيمًا لشأنِهَا: قال جلَّ وعلا : (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا )(الجن: 18، و قَال عُمَرَ رضي اللهُ عنه وأرضاهُ : الْمَسَاجِدُ بُيُوتُ اللهِ فِي الأَرْضِ، وَحَقٌّ عَلَى الْمَزُورِ أَنْ يُكْرِمَ زَائِرَهُ.(رواه ابن أبي شيبة في مصنفه)، والمساجدُ فيها السكينةُ والطمأنينةُ والرحمةُ والهدوءُ النفسي، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ “(مسلم). لذا رتَّبَ اللهُ على بنائِهَا أجرًا عظيمًا وفضلًا كبيرًا، فعن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ –رضي اللهُ عنه–، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: “مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ تَعَالَى يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللهِ بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ “(متفق عليه)، لذَا حذَّرَ الشرعُ مِن تعطيلِهَا ومنعِ عمارتِهَا قال ربُّنَا: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )البقرة: 114 . المساجدُ لها آدابٌ كثيرةٌ وعديدةٌ ينبغِي على المسلمِ أنْ يُراعِهَا لا يتسعُ الوقتُ لذكرِهَا منها على سبيلِ المثالِ لا الحصر:

تابع/  خطبة الجمعة بعنوان : خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ” جمال المظهر والجوهر

أولًا: صيانةُ المساجدِ عن الأذَى والقذرِ وتعهدُهَا بالحفظِ والرعايةِ وعدمِ إهانَتِهَا بقولٍ أو فعلٍ أو إقرارٍ، كمَا علّمنَا رسولُ اللهِ ﷺ  فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَامَ يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ: مَهْ مَهْ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: لَا تُزْرِمُوهُ دَعُوهُ فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ، وَلَا الْقَذَرِ إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قَالَ: فَأَمَرَ رَجُلًا مِنَ الْقَوْمِ فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَشَنَّهُ عَلَيْهِ )(متفق عليه)، ويدخلُ في ذلك إلقاءُ النجاساتِ والقاذوراتِ المختلفة، بل ومِمَّا تكرهُهُ النفوسُ كتقليمِ الأظفارِ وحلقِ الشعرِ وطرحِ المخلفاتِ وغيرِهَا. فعَنْ عَائِشَةَ رضي اللهُ عنها، قَالَتْ: أَمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ، وَأَنْ تُنَظَّفَ، وَتُطَيَّبَ)،أخرجه أبو داود، بل وصيانتُهَا عن كلِّ ما يُؤذِي الناس، فتصانُ المساجدُ عن البزاقِ والنخامةِ فيها، لحديثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: البُزَاقُ فِي المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا) متفق عليه، بل صيانتُهَا  أنْ لا يدخلَهَا مَن أكلَ ثومًا أو بصلًا أو ما في معناهمَا مِمَّا لهُ رائحةٌ كريهةٌ مِن المأكولاتِ وغيرِهَا، أو يتعاطَى شربَ الدخانِ، أو كان يلبسُ ثيابًا منتنَ الرائحةِ؛ لأنَّه يُؤذِي إخوانَهُ المسلمين بمَا يصدرُ منه مِن روائحَ مستقذرةٍ، لحديثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ عَنِ النَّبِيِّ  ﷺ قَالَ: ” مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ، الثُّومِ وقَالَ مَرَّةً: مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ “متفق عليه، وينبغي أنْ  يدخلَهُ على هيئةٍ حسنةٍ فيكونَ نظيفًا في ملابسهِ وبدنهِ، فلا يلبسْ ثوبَ نومٍ أو لباسًا لا يليقُ أو يُعابُ عرفًا، وحضورُ المسلمِ بهيئةٍ حسنةٍ إلى المسجدِ يدلُّ على اهتمامهِ بصلاتهِ وتعظيمهِ لها، فهو يعلمُ أنَّه سيقفُ بينَ يدي اللهِ مصلِّيًا، فيراهُ ربُّهُ -عزَّ وجلَّ- مستجيبًا لمَا أمرَهُ, قد أقبلَ عليهِ عبدُهُ متجمِّلًا ملبِّيًا دعوةَ المؤذنِ إلى الصلاةِ، لابسًا ما حسنَ مِن اللباسِ نظيفًا متطهِّرًا, طائعًا شاكرًا, مُظهِرًا نعمةَ اللهِ عليه, متجمِّلًا فإنَّ اللهَ –عزَّ وجلَّ– يحبُّ الجمالَ، في صحيحِ مسلمٍ أنَّ النبيَّ ﷺ قال: “إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ“ ويُؤدِّي صلاتَهُ خاشعًا مطمئنًا, يفعلُ ما أمرَهُ اللهُ فيها بأركانِهَا وواجباتِهَا وسننِهَا, ممتثلًا أمرَ ربِّهِ جلَّ وعلا (يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)(الأعراف: 31)

ومِن آدابِ المساجدِ : محبةُ المساجدِ وتقديرُهَا، والنظرُ إليها بعينِ التكريمِ والتعظيمِ والتقديسِ والاحترامِ؛ لأنَّها بيوتُ اللهِ تعالى التي بُنيتْ لذكرهِ وعبادتهِ، وتلاوةِ كتابهِ وأداءِ رسالتهِ، ونشرِ تعاليمهِ وتبليغِ منهجهِ، وتعارفِ أتباعهِ ولقائِهِم على مائدةِ العلمِ والحكمةِ ومكارمِ الأخلاقِ. قال جلَّ وعلا :{ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} الحج (32).وعن أبي الدرداءِ رضي اللهُ عنه أنَّ النبيَّ ﷺ قال:) المسجدُ بيتُ كلِّ تقيٍّ ، وتكفَّلَ اللهُ لمَن كان المسجدُ بيتَهُ بالرُّوحِ والرَّحمةِ ، والجَوازِ على الصِّراطِ إلى رِضوانِ اللهِ ، إلى الجنَّةِ) رواه الطبرانيُّ في الكبيرِ والأوسطِ بإسناد حسن، ورواه  والبزار، ورجالهُ رجالُ الصحيحِ .

ومِن آدابِ المساجدِ: الدعاءُ عندَ الدخولِ إليهَا والخروجِ منها، ففي صحيح مسلمٍ أنَّ النبيَّ –صلَّى اللهُ عليه وسلم– قال: إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، فَلْيَقُلْ: اللهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَإِذَا خَرَجَ، فَلْيَقُلْ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ))، ويُستحبُ أنْ لا يجلسَ حتى يُصلِّي ركعتين تحيةَ المسجدِ, كما في صحيح مسلمٍ أنَّ النبيَّ ﷺ قال: “إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ).

تابع/  خطبة الجمعة بعنوان : خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ” جمال المظهر والجوهر

ومِن آدابِ المساجدِ: تجنبُ الخصوماتِ والاشتغالُ بأمورِ الدنيا، كالبيعِ والشراءِ، والبحثِ عن ضائعٍ، وإنشادِ الضالةِ .فعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال:{ إذا رأيتُم مَن يبيعُ أو يبتاعُ في المسجدِ فقولوا : لا أربحَ اللَّهُ تجارتَك، وإذا رأيتُم مَن ينشُدُ ضالَّةً فقولوا : لا رَدَّ اللَّهُ عليكَ} رواه الترمذي. وقال سعيدُ بنُ المسيّبِ: مَن جلسَ في المسجدِ فإنَّما يجالسُ ربَّهُ، فحقُّهُ ألا يقولَ إلّا خيرًا.

وللمسجدِ دورُهُ الأساسيُّ في تماسكِ المجتمعِ وتقويةِ الروابطِ الاجتماعيةِ ويجعلُ المجتمعَ نسيجًا واحدًا متماسكًا كمَا أرادَ اللهُ وبيَّنَ ذلك النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  كما في الصحيحين مِن حديثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ   قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى“ وصدق النبي ﷺ إذ يقولُ كما في الصحيحينِ مِنْ حديثِ أَبِي مُوسَى ـ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْه ـ   عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ.

وللمسجدِ دورٌ في معالجةِ المشاكلِ والخلافاتِ والخصوماتِ فهو يعالجُ مشكلةَ الفقرِ وإشاعةَ التعففِ لدى الفقراءِ وحثهمْ على طلبِ الرزقِ، فقد أنزلَ اللهُ في أهلِ الصُّفَةِ(( لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا)) [البقرة: 273]. فكانَ المسجدُ متكفلًا بهم مراعيًا لهم، لا يألُو جُهدًا ولو بالقليلِ في إطعامِهِم وإدخالِ السرورِ عليهم، أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم.

الخطبةُ الثانية الحمدُ للهِ ربِّ العالمين ولا عدوانَ إلَّا على الظالمين والعاقبةُ للمتقين، الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلّا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلّا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وبعدُ…..

العنصر الثالث من خطبة الجمعة بعنوان : خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ” جمال المظهر والجوهر

ثالثـــًا: يا عمَّارَ المساجدِ انتبهُوا !!!

أيُّها السادةُ : يا روادَ بيوتِ اللهِ جلَّ وعلا في الأرضِ .يا مَن أعدَّ اللهُ لكُم نُزلًا في الجنةِ ،يا مَن تولون وجوهَكُم شطرَ المسجدِ الحرامِ في صلواتِكُم .. يا مَن وصفَكُم اللهُ عزَّ وجلَّ بأنَّكم رجالٌ لا تلهيهِم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكرِ اللهِ وإقامِ الصلاةِ ..يا مَن تُحافظون على الصلواتِ الخمسِ جماعةً في المسجدِ يا عمارَ المساجدِ انتبهُوا !!!قبلَ فواتِ الأوانِ وزينُوا قلوبَكُم قبلَ ثيابِكِم وطهرُوا قلوبَكُم قبلَ أجسادِكُم.

يا عمّارَ المساجدٍ طهرُوا قلوبَكُم مِن الحقدِ والغلِّ والحسدِ والكراهيةِ قبلَ أنْ تذهبَ صلاتُكُم هباءً منثورًا.

يا عمّارَ المساجدِ طهرُوا أبدانَكُم مِن الحرامِ وأكلِ الحقوقِ والمواريثِ والربَا قبلَ أنْ تشهدَ عليكُم صلاتُكُم بأنَّهَا لم تنهاكُمْ عن الفحشاءِ والمنكرِ.

يا عمَّارَ المساجدِ أخلاقُكُم قبلَ أفعالِكُم فمَن لم تنْهَهُ صلاتُهُ عن الفحشاءِ والمنكرِ فما فائدةُ صلاتُهُ، مَن لم تنْهَهُ صلاتُهُ عن الغيبةِ والنميمةِ فمَا فائدةُ صلاتُهُ، مَن لم تنْهَهُ صلاتُهُ عن ظلمِ الناسِ فما فائدةُ صلاتُهُ، مَن لم تنُهَهُ صلاتُهُ عن أكلِ حقوقِ البشرِ فمَا فائدةُ صلاتُهُ، قالَ جلَّ وعلا: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ الآية [العنكبوت: 45]، قال أبو العاليةِ : “إنَّ الصلاةَ فيها ثلاثُ خصالٍ، فكلُّ صلاةٍ لا يكونُ فيها شيءٌ مِن هذه الخلالِ فليستْ بصلاةٍ: الإخلاصُ، والخشيةُ، وذكرُ اللهِ، فالإخلاصُ يأمرُهُ بالمعروفِ، والخشيةُ تَنهاهُ عن المنكرِ، وذِكرُ اللهِ: القرآنُ يأمرُهُ وينهاهُ.

أضفْ إلى ذلك، أنَّ هذا الرجلَ صلاتُهُ ستنهاهُ يومًا ما، جاءَ رجلٌ إلى النبـيِّ ﷺ فقالَ: إنّ فلانًا يُصلِّى  بالليلِ فإذا أصبحَ سرقَ فقالَ ﷺ : (إنّه سينهاهّ ما تقولُ ) (رواه أحمد)

فالصلاةُ والمساجدُ تهذبُ الأخلاقَ وتربِّي الإنسانَ على كلِّ خلقٍ طيبٍ وجميلٍ وتبعدُ الإنسانَ عن الشرورِ والمفاسدِ.

 فاحرصْ على صلاتِكَ تكنْ مِن السعداءِ في الدنيا والآخرةِ، وأفقْ مِن غفلتِكَ، وحافظْ على صلاتِكَ وأحضرْ قلبَكَ مِن بيتِكَ، وأعلمْ بأنَّهُ لا نومَ أثقلُ مِن الغفلةِ ولا نذيرَ أبلغُ مِن الشيبِ، ولا رِقَّ أملكُ مِن الشهوةِ. أفقْ واغتنمْ الفرصةَ واغتنمْ حياتَكَ قبلَ موتِكَ وصحتَكَ قبلَ سقمِكِ وشبابَكَ قبلِ هرمِكَ وفراغَكَ قبلَ شغلِكَ بالصلاةِ وبالمحافظةِ عليها.

أيُّها المغترُ بطولِ الصحةِ  أمَا رأيتَ ميتًا مِن غيرِ سقمٍ، أيُّها المغترُ بطولِ المهلةِ أمَا رأيتَ ميتًا مِن غيرِ مهلةٍ، أبالصحةِ تغترون؟ أم بطولِ العافيةِ تمرحون؟ رحمَ اللهُ عبدًا عملَ لساعةِ الموتِ، رحمَ اللهُ عبداً عملَ لما بعدَ الموتِ.

يا مَن بدُنياهُ اشتَغَلْ          …          وغرَّهُ طّولُ الأمَل

الموتُ يأتي بغتةً     …               والقبرُ صندوقُ العَمَل

 حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين. 

                                                كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه

                                                د/ محمد حرز

                                                  إمام بوزارة الأوقاف

_______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى