خطبة الأسبوعخطبة الجمعةعاجل
خطبة الجمعة بعنوان: صناعة العقول وأثرها في بناء الإنسان
بتاريخ 11 من جمادى الآخرة 1446 هجرياً 13 من ديسمبر 2024م
خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 11 من جمادى الآخرة 1446 هجرياً 13 من ديسمبر 2024م بعنوان: صناعة العقول وأثرها في بناء الإنسان
اعداد وترتيب العبد الفقير إلى الله #الشيخ احمد عبدالله عطوه إمام بأوقاف الشرقية
عناصر الخطبة٠٠٠٠٠٠؟
1/مكانة العقل في دين الإسلام؟
2/مظاهر اهتمام دين الإسلام بالعقل؟
3/حدود العقل في دين الإسلام؟
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمدهونشكرهونتوب إليه ونستغفره
أما بعد: أيها المسلمون: إن من افضل النعم التي أنعم الله بها على الإنسان بشكل عام، والمسلم بشكل خاص نعمة العقل، قال الله –تعالى-: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [النحل: 78].
وليس هناك دين يقوم على احترام العقل الإنساني والاعتزازُ به والمحافظة عليه كدين الإسلام.
وللعقل في الإسلام منزلة كبيرة ودرجة رفيعة، يتبوأ فيها ويتفيأ ظلالها، فليس هناك عقيدة تحترم العقل الإنساني وتعتمد عليه في ترسيخها كالعقيدة الإسلامية، وليس هناك كتاب خاطب العقل وغالَى بقيمته وكرامته ككتاب الإسلام، ونظرة إلى آيات القرآن الكريم تلقى عبارات ﴿ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 73] ﴿ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [يونس: 24] ﴿ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ ﴾ [الأنعام: 98] تتكرر عشـرات المرات، مؤكدة المنهج القرآني الفريد في الاقتناع العقلي للإيمان، كل هذا يؤكد ما للعقل من منزلة كبرى في الإسلام ومثل هذا كثير في القرآن.
اعلموا -رحمني الله وإياكم- بأن العقل هو مناط التكليف، ولا تكليف لمن لا عقل له لحديث: “رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق”.
إن العقل البشري نعمة عظمى من الله -جل وعلا-، وله قدرات هائلة أكثر مما يُظن. ويمكن القول: بأن العقل أشبه بعملاق نائم! وقد دلّت الدراسات النفسية والتربوية وأبحاث الكيمياء والفيزياء والرياضيات أن ما تم استخدامه من إمكانات العقل إلى اليوم لا يزيد على 1% من إمكاناته الحقيقية.
أيها المسلمون: ولنا مع نعمة العقل وقفات كل وقفة تعالج جانباً أو قضية معينة لها علاقة بالعقل.
الوقفة الأولى: لقد أكرمت الشريعة الإسلامية هذا العقل أيما تكريم، وإليك أبرز مظاهر تكريم الإسلام للعقل والاهتمامُ به:
أولاً: قيام الدعوة إلى الإيمان على الإقناع العقلي. فلم يطلب الإسلام من الإنسان أن يطفئ مصباح عقله ويعتقد. بل دعاه إلى إعمال ذهنه وتشغيل طاقته العقلية في سبيل وصولها إلى أمور مقنعة في شؤون حياتها: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) [ص: 29].
ثانياً: لم يجبر الإسلام العقل على الإيمان، وإنما ترك له الخيار بين الإيمان والكفر: (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) [الكهف: 29] وبعدها يتحمل المرء تبعات اختياره.
ثالثاً: ذم الإسلام ذلك العقل الذي يقلد دون أن يُعمل ذهنه، وحذّر من التقليد الأعمى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) [البقرة: 170].
رابعاً: أمر الإسلام العقل أن يتعلم وحثّه على ذلك، لأن نمو العقل بالعلم: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) [المجادلة: 11].
خامساً: من مظاهر تكريم الإسلام للعقل والمحافظةُ عليه، أنه نهى عن كل ما يؤثر في سيره أو يغطيه فضلاً عما يزيله، لذلك حرّم الإسلام شرب الخمر، بل وحرم كل مسكر، بل وامتد التحريم إلى الكمية التي لا تسكر منها فقال عليه الصلاة والسلام: “ما أسكر كثيره فقليله حرام” كل هذا حفاظاً على العقل وعلى بقائه.
الوقفة الثانية: ومع تقدير الإسلام للعقل إلا أن الشرع قد حدد للعقل مجالاتُه التي يخوض فيها حتى لا يضل. وفي هذا تكريم له أيضاً، لأن العقل مهما بلغ فهو محدود الطاقات والملكات، لا يستطيع أن يدرك كل الحقائق مهما أوتي من قدرة. وسيظل بعيداً عن متناول كثير من الأشياء.
وإذا حاول الخوض فيها التبست عليه الأمور، وتخبط في الظلمات، وركب متن العديد من الأخطار، لذا منع الإسلام العقل من الخوض في أربعة أمور: التفكير في ذات الله، والتفكير في القدَر، والتشريع من دون الله، ومحاولة معرفة حقائق الغيب.
فهذه الأمور الأربعة ضلال العقل فيها متحتم لو دخلها، ولهذا جاء النهي عن الخوضُ فيها. وما ضلال وفساد ما يسمى بالمدرسة العقلية، إلا بتغليب جانب العقل والتضخيم من حجمه، وتقديم العقل على النقل، فحصل منهم التخبطات التي ليس هذا مجال التفصيل فيها.
لذا فأمَر الإسلام العقل بالاستسلام والامتثال للنقل والشرع والوحي، حتى ولو لم يدرك الحكمة والسبب. ولذا يخطئ كثير من الناس، بل وينحرف إذا صار لا يسير مع الشرع إلا بما اقتنع به عقله. وما غواية إبليس إلا من هذا الباب، وهو أنه لما أمره الله بالسجود لآدم لم يمتثل، واستبد برأيه ونظر للقضية من باب: (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) [الأعراف: 12]، فلم يمتثل للأمر طلباً للسبب الذي لأجله يسجد الفاضل للمفضول حسب عقله، فكانت اللعنة عليه إلى يوم الدين.
فبعض الناس قد يؤتيه الله عقلاً، وتكون عقليته نادرة، فيصاب بالغرور من هذا الباب فيخرج من الدين -والعياذ بالله- وهو لا يشعر لأنه لا يُسلم عقله للشرع والدين والعلم. ومن أجمل ما قيل في ذلك هذه المحاورة بين العقل والعلم:
علم العليم وعقل العاقل اختصما *** من ذا الذي منهما قد أحرز الشرفا
فالعلم قال: أنا أدركت غايته *** والعقل قال أنا الرحمن بي عُرفا
فأفصح العلم إفصاحاً وقال له: *** بأينا الله في قرآنه اتصفا؟
فبان للعقل أن العلم سيده *** فقبَّل العقلُ رأسَ العلم وانصرفا
الوقفة الثالثة: أنّ العقل أصل التكليف ومداره:
قال الإمام العز بن عبد السلام: “والعقل هو مناط التكليف بإجماع المسلمين، مع أنَّ الشرع قد عدَّل العقل، وقبِل شهادته، واستدلَّ به في مواضع من كتابه، كالاستدلال بالإنشاء على الإعادة، وكقوله تعالى: “لوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا”(الانبياء/22). وقوله: “وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ”(المؤمنون/91). وقوله: “أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ”(الأعراف/185). فيا خيبة من ردَّ شاهداً قبله الله، وأسقط دليلاً نصبه الله”(64).
ومن المعلوم أنّ من بلغ مجنوناً ثمّ مات على جنونه، كان ناجياً، ومن مات من الأطفال دون سنّ البلوغ فهو ناجٍ من الناجين، قال الإمام النووي: “أجمع من يعتدّ به من علماء المسلمين على أنّ من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة لأنه ليس مكلفاً…”(65). فغير العاقل ليس مكلفاً بالأحكام الشرعيّة، ولهذا جاء في الحديث الشريف: “رُفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الطفل حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يبرأ أو يعقل”(66). والقلم المرفوع عن الثلاثة هو قلم التكليف وقلم المؤاخذة، بعكس قلم الثواب فإنه غير مرفوع عنهم. فقد روى مسلم وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “رفعت إمرأة صبياً لها فقالت: يا رسول الله ألهذا حج ؟ قال: نعم ولك أجر”(67).
وفي الحديث دلالة على صحة عبادة الصغير مع كونه غير مكلف. قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث: “فيه حجة للشافعي ومالك وأحمد وجماهير العلماء: أنّ حج الصبي منعقد صحيح، وإن كان لا يجزِ به عن حجّة الإسلام”(68).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أتت امرأة سوداء النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أُصرع وإني أتكشـّف، فادعُ الله لي. قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك. فقالت: أصبر. فقالت: إني أتكشـّف، فادعُ الله لي أن لا أتكشـّف، فدعا لها”(69). وفي الحديث دلالة على أنّ المجنون يؤجر….
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من امرئ تكون له صلاة بليل يغلبه عليها نوم إلا كتب له أجر صلاته وكان نومه عليه صدقة”(70). والحديث يفيد أن قلم الأجر لم يُرفع عن النائم الذي كان من عادته أن يصلي في الليل، فمن غلبه نومٌ على صلاته التي كان من عادته أن يصليها، كتب له أجر صلاته كما لو صلاها…
ولمكانة العقل في الكتاب والسنة فقد حرمت النصوص الشرعية كل ما من شأنه أن يضرّ به، ولذلك حرّمت المسكرات والمخدرات، قال تعالى: “إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”(المائدة/90)، وقال صلى الله عليه وسلم: “كل مسكرٍ خمر، وكل خمرٍ حرام”(71).
والحكمة من تحريم الإسلام للخمر تكمن في أضرارِ الخمر الدينيّة، والأخلاقيّة، والاقتصادية، والسياسيّة، والاجتماعية، والصحيّة… فالإسلام يحرص ويحضّ الإنسان ليبقى محافظاً على إنسانيته، والإنسان الذي يفقد عقله بسبب شربه للمسكر يفعل أفعالاً يترفّع عنها أصحاب العقول السويّة، وينحدر إلى ما هو أدنى من الحيوانية… كما أن الإسلام يدعو الإنسان للقيام بما افترضه الله عليه من واجبات، تلك الواجبات التي لا يستطيع الإنسان القيام بها إلا مع وجود العقل الذي يفقده من يشرب الخمر.
3- الحثّ على النظر والتفكر والتدبّر:
إنّ الناظر في آيات الكتاب العزيز يجد عشرات الآيات التي تدعو للنظر والتدبّر والتفكر فيما خلق الله تعالى، قال سبحانه: “إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”(آل عمران/190-191). وقد جاء في الحديث: “ويل لمن قرأها ولم يتفكر بها”(72).
وعن معنى الآية السابقة يقول الإمام ابن كثير: “ومعنى الآية أنـّه يقول تعالى: “إنّ في خلق السموات والأرض”، أي: هذه في ارتفاعها واتساعها، وهذه في انخفاضها وكثافتها واتضاعها، وما فيهما من الآيات المشاهدة العظيمة من كواكب سيّارات، وثوابت وبحار، وجبال وقفار، وأشجار ونبات وزروع وثمار، وحيوان ومعادن ومنافع، مختلفة الألوان والطعوم والروائح والخواص”واختلاف الليل والنهار”، أي: تعاقبهما وتقارضهما الطول والقصر، فتارة يطول هذا ويقصر هذا، ثم يعتدلان، ثم يأخذ هذا من هذا فيطول الذي كان قصيراً، ويقصر الذي كان طويلاً، وكل ذلك تقدير العزيز الحكيم، ولهذا قال: “لآيات لأولي الألباب”، أي: العقول التامّة الذكيّة التي تدرك الأشياء بحقائقها على جليّاتها، وليسوا كالصمّ البكم الذين لا يعقلون بارك الله لكم..
الخطبة الثانية:
الحمد لله..
أما بعد: أيها المسلمون:
الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهدٌ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدٌ أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيرًا، أما بعد:
أيها المؤمنون: ومع تكريم دين الإسلام للعقل واهتمامه به وصيانته له؛ إلا أنه حَدَّ للعقل حدودًا، هي كل ما يستطيع أن يستوعبه ويفهمه حسب قدرته، قال -عليه الصلاة والسلام-: “لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: خَلَقَ الله الخَلْق فمن خَلَقَ الله؟ فمن وجد من ذلك شيئًا؛ فليقل: “آمنت بالله”(رواه مسلم).
وقال -تعالى-: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي)[الإسراء:85]؛ صـرف الجواب عن ماهيتها؛ حتى لا يتيه العقل فيما ليس يدركه، وليس من طاقته، وهذا لا شك تكريم وأي تكريم لعقل الإنسان، ولذا كان الصحابة -رضي الله عنهم- لا يخوضون فيما لا يستطيعون دركه ومعرفته؛ فهذا عمر -رضي الله عنه- يقرأ على المنبر (وَفَاكِهَةً وَأَبًّا)[عبس:31]؛ فقال: “هذه الفاكهة قد عرفناها؛ فما الأبُّ؟”، قال: “الأبُّ هو المرعى وكل ما أنبتت الأرض مما تأكله البهائم كالكلأ والعشب”(صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ)، ثم رجع إلى نفسه فقال: “إن هذا لهو التكلف يا عمر”.
يقول أحد الفلاسفة: “يجب على العقل أن يقف في تصوره عند حد التجربة الحسية؛ إذ لا يمكن لأفكارنا أن تمتد إلى الأشياء في أنفسها، فإذا ما حاولنا أن نعرفها بنفس الوسائل التي تعرف بها الظواهر -أي الزمان والمكان والسببية وغيرها– تورطنا في التناقض والخطأ”.
إضافة إلى أن العقل مطالب بالتسليم للنص الشرعي الصريح ولو لم يفهمه، أو يدرك الحكمة التي فيه؛ لأن الشارع نص على كل ما يعصم من المهالك نصا قاطعا للعذر؛ فلا حجة لأحد بعد بيانه؛ كما ذكر ابن تيمية -رحمه الله- مستدلا على ذلك بآيات كثيرة، منها: قوله -عز وجل-: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)[التوبة:115]، وقوله: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا)[المائدة:3].
أيها المسلمون: مهما ابتكر عقل الإنسان من اختراعات وحل من مشكلات معقدة وكبيرة؛ إلا أنه قاصر وله حدود يجب أن يتوقف عندها؛ فقد لا يستطيع أن يفسر الكثير من الغيبيات التي اختص الله بها نفسه، وقد لا يستطيع أن يعرف من علل الأحكام والتشريعات إلا القليل، ولأن هذا القصور يصاحب العقل؛ فلم يتركه المولى -سبحانه وتعالى- يتخبط دون هداية؛ فأرسل لأجل ذلك الرسل، وأنزل الكتب.
اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مظلين.
وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى، (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب