أخبار الأوقافخطبة الأسبوععاجل
خطبة الجمعة : (رحـم الله رجـلا سمحـا) للدكتـــــور/ محمـد حســــن داود
موقع منبر الدعاة خطبة بعنــــوان: (رحـم الله رجـلا سمحـا) للدكتـــــور/ محمـد حســــن داود
خطبة بعنــــوان: (رحـم الله رجـلا سمحـا) للدكتـــــور/ محمـد حســــن داود
(8 ربيع الآخر 1446هـ – 11أكتوبر 2024م)
العناصـــــر :
الإسلام دين السماحة.
السماحة في البيع والشراء.
من أبعاد التجارة في الإسلام.
أثر السماحة والتجارة الصادقة.
الموضــــــوع: الحمد لله رب العالمين، جعل السماحة من قيم الإسلام، وحث عليها منهجا للأنام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، نبي الرحمة ورسول السلام، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
فلقد جاء الإسلام لتحقيق أنبل القيم وأفضل السمات، فهو دين في جوهره ورسالته، وأحكامه وتشريعاته، وجملته وتفصيله؛ يجمع ولا يفرق، يوحد ولا يشتت، يقوي ولا يضعف، يبنى ولا يهدم، رحمة كله، إنسانية كله، سماحة كله؛ إذ يقول النبي (صلى الله عليه وسلمَ): “بُعِثْتُ بِالحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ” (رواه أحمد، والطبراني في الكبير)، ولما سئل عن أفضل الإيمان، قال: “الصَّبر والسَّماحة” (رواه أحمد والبيهقي).
فالسماحة خلق عظيم ومبدأ كريم، وقيمة عالية سامية، وخصلة راقية، تدل على سمو النفس، وصفاء القلب، وسلامة الصدر، ورجاحة العقل، وأصالة المعدن.
وإن من أجل مظاهر السماحة: السهولة في البيع والشراء، والسماحة في الأخذ والعطاء؛ فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن رسول الله (صَلى الله عليه وسلم) قال: “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ سَمْحَ البَيْعِ، سَمْحَ الشِّرَاءِ، سَمْحَ القَضَاءِ”(رواه الترمذي)، وعن محمد بن المنكدر (رضي الله عنه) أنه كان يقول: “أحبَّ اللهُ عبدًا سَمْحًا إن باع، سَمْحًا إن ابتاع، سمحًا إن قضى، سمحا إن اقتضى”(موطأ الإمام مالك)، فما أروعه من منهج يسعد به المتعاملون، وما أعظمه من منهج يستريح لنتائجه المتسامحون…
ومن ثم فإن تحقيق معاني السماحة في البيع والشراء يقتضي:
الصدق والأمانة في البيع والشراء، ونبذ الغش والخداع: فلا يبيع التاجر معيبا إلا بينه؛ إذ يقول رسول الله (صَلى الله عليه وسلم): “الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا فِيهِ عَيْبٌ إِلَّا بَيَّنَهُ لَهُ”.
ولقد بين لنا النبي (صَلى الله عليه وسلم) أثرا ليس بهين لإخفاء عيوب السلع فقال: “الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا “(رواه البخاري)، فكان الجزاء من جنس العمل: فمن دلس ابتغاء مكسب أكثر، كانت العاقبة أن محقت بركة البيع والكسب، ليس هذا وفقط، بل لما مَرّ رسول الله (صلى الله عليه وسلمَ)، على صُبْرَةِ طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بَلَلًا، قال: “مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟” قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: “أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي “(رواه مسلم)، وأنظر معي هذا الدرس الطيب من سيدنا أبى هريرة (رضي الله عنه)، إذ يمر بناحية “الحرة” فإذا بإنسان يحمل لبنا يبيعه، فنظر إليه سيدنا أبو هريرة (رضي الله عنه)، فإذا هو قد خلطه بالماء، فقال له: كيف بك إذا قيل لك يوم القيامة خلص الماء من اللبن؟ (رواه البيهقي).
على الجانب الآخر: هذا مثال طيب لحال أهل الصدق والأمانة من التجار، يكشفون للمشترى عن عيوب سلعتهم حتى وإن ضر ذلك بنفاذ بيعهم، فقد كان لمحمد بن المنكدر (رضي الله عنه)، سلع تباع بخمسة، وسلع تباع بعشرة، فباع غلامه في غَيبته شيئا من سلع الخمسة بعشرة لأعرابي، فلما عرف ابن المنكدر ما فعل غلامه اغتمّ لصنيعه، وطفق يبحث عن المشتري طوال النهار، حتى وجده، فقال له ابن المنكدر: إنَّ الغلام قد غلط فباعك ما يساوي خمسة بعشرة، فقال الأعرابي: يا هذا قد رضيت. فقال ابن المنكدر: وإن رضيت فإنّا لا نرضى لك إلا ما نرضاه لأنفسنا، فاختر إحدى ثلاث: إما أن تستعيد مالك وتعيد السلعة، وإما أن تُردَّ إليك خمسة، وإما أن تأخذ من سلعة الخمس سلعة العشر. فقال الأعرابي: أعطني خمسة، فرد عليه الخمسة وانصرف.
وفاء الكيل والميزان، فلقد اهتم القرآن الكريم بهذا الجانب من المعاملة، وجعله من وصاياه، قال تعالى: (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ) (الأنعام:152)، وقال سبحانه: (وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا) (الإسراء: 35)، أما التطفيف، فهو نوع من السرقة، وضرب من الخيانة، له عاقبة وخيمة، قال تعالى: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفينَ * الَّذينَ إِذا اكْتالوا عَلى النّاسِ يَسْتَوْفونَ * وَإِذا كالوهُمْ أو وَزَنوهُمْ يُخْسِرونَ * أَلا يَظُنُّ أولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعوثونَ * لِيَوْمٍ عَظيمٍ* يَوْمَ يَقومُ النّاسُ لِرَبِّ الْعالَمينَ ) (المطففين:1-6). يقول النيسابوري (رحمه الله) في “غرائب القرآن”: “وأعلم أن أمر المكيال والميزان عظيم لأن مدار معاملات الخلق عليهما، ولهذا جرى على قوم شعيب بسببه ما جرى”.
الرضا بقليل الربح فلا يغالي التاجر في الربح، ولعل هذا من أصول السماحة في البيع، فهو من الرفق، وما كان الرفق في شيء إلا زانه، وهو من التيسير على الناس والعون، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه؛ وما أعظمه من باب لجلب البركة؛ فلما سُئل سيدنا عبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنه) عن سر بركة ماله ويسر حاله، قال: “ما رددتُ ربحاً قط، وما كتمتُ عيباً قط”.
الوفاء بالعهود والعقود، فقد قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) (المائدة: 1) ففي الوفاء بهما ما يزيد الثقة بين الناس، وينشر المحبة بينهم، وفي نقضهما ما يذهب بالثقة بين الناس، وينشب الخلافات، ولقد قال صَلى الله عليه وسلم: “المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلاَّ شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلاَلاً”.
إنظار المُعْسر والوضع عنه: فقد قال تعالى: (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:280)، ويقول النبي (صلى اللهُ عليه وسلم): “مَن سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، فَلْيُنَفِّسْ عن مُعْسِرٍ، أَوْ يَضَعْ عنْه” (رواه مسلم)، وعَنْ أَبي مسْعُودٍ البدْرِيِّ، (رضي الله عنه)، قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّه (صلى الله عليه وسلمَ): “حُوسب رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَلَمْ يُوجدْ لَهُ مِنَ الخَيْرِ شَيءٌ، إلاَّ أَنَّهُ كَان يُخَالِطُ النَّاس، وَكَانَ مُوسِرًا، وَكَانَ يأْمُرُ غِلْمَانَه أنْ يَتَجَاوَزُوا عَن المُعْسِر. قَالَ اللَّه (عز وجل): نَحْنُ أحقُّ بِذَلكَ مِنْهُ، تَجاوَزُوا عَنْهُ” (رواه مسلم).
إقالة النادم: فقد يشتري الإنسان السعلة ثم يريد أن يرجع فيها لضيق أو مثل ذلك: وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلمَ): “مَنْ أَقَالَ نَادِمًا بَيْعَتَهُ، أَقَالَ اللهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ” (رواه ابن حبان)، قال ابن الأثير في “النهاية”: “أي وافقه على نقض البيع وأجابه إليه، يقال: أقاله يقيله إقالة، وتقايلا إذا فسخا البيع، وعاد المبيع إلى مالكه والثمن إلى المشتري، إذا كان قد ندم أحدهما أو كلاهما”.
عدم المماطلة في سداد الديون مع الاستطاعة: فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلمَ): “مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ” (رواه مسلم).
عدم بخس أثمان السلع: وقد قال تعالى: (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ) (الشعراء:183)، قال القرطبي في “الجامع لأحكام القرآن”: البخس: النقص. وهو يكون في السلعة بالتعييب والتزهيد فيها، أو المخادعة عن القيمة، والاحتيال في التزيد في الكيل والنقصان منه، وكل ذلك من أكل المال بالباطل”. قال النووي في “شرح صحيح مسلم”: روى الحافظ أبو القاسم الطبراني بإسناده أن جريرا أمر مولاه أن يشتري له فرسا فاشترى بثلاثمائة درهم وجاء به وبصاحبه لينقده الثمن فقال جرير لصاحب الفرس فرسك خير من ثلاثمائة درهم أتبيعه بأربعمائة درهم قال ذلك إليك يا أبا عبد الله فقال فرسك خير من ذلك أتبيعه بخمسمائة درهم ثم لم يزل يزيده مائة فمائة وصاحبه يرضى وجرير يقول فرسك خير إلى أن بلغ ثمانمائة درهم فاشتراه بها فقيل له في ذلك فقال إني بايعت رسول الله (صلى الله عليه وسلمَ) النصح لكل مسلم “.
عدم احتكار السلع: فقد قال صَلى الله عليه وسلم: “مَنِ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللَّهِ، وَبَرِئَ اللَّهُ مِنْهُ”. وعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ: “مَنِ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طَعَامَهُمْ ضَرَبَهُ اللَّهُ بِالْجُذَامِ وَالْإِفْلَاسِ”(رواه ابن ماجه).
إن احتكار السلع سلوك ذميم يحمل في طياته الضرر، والنبي (صَلى الله عليه وسلم) قال: “لا ضرر ولا ضرار”، كما أنه دليل على محبة الذات وتقديم النفس على حساب الآخرين، ولقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلمَ)” لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ” (رواه البخاري) حب لا أثرة فيه ولا استغلال، ولا غش، ولا تدليس أو احتكار وهذا ما كان عليه الصحابة والسلف الصالح ؛ فعن بعض السلف أنه جهز سفينة حنطة إلى البصرة وكتب إلى وكيله: بع هذا الطعام في يوم تدخل البصرة فلا تؤخره إلى غد، فوافق السعر فيه سعة، فقال له التجار: إن أخرته جمعة ربحت فيه أضعافاً فأخره جمعة فربح فيه أمثاله، وكتب إلى صاحبه بذلك فكتب إليه صاحب الطعام: يا هذا قد كنا قنعنا أن نربح الثلث مع سلامة ديننا وإنك قد خالفت أمرنا وقد جنيت علينا جناية، فإذا أتاك كتابي فخذ المال كله فتصدّق به على فقراء أهل البصرة وليتني أنجو من الاحتكار كفافاً لا عليّ ولا لي. (إحياء علوم الدين للغزالي).
وإن العاقل ليعجب كيف أن الاسلام حرم الغش والتدليس والاحتكار، وحث على التكافل والتراحم في كل الأوقات؛ ثم تسمع عن محتكر أو غاش أو مطفف في أوقات الشدة، الوقت الذي يتأكد عليه فيه إجابة السائل، وقضاء الحوائج، وتفريج الكرب، ما دام قادرا على ذلك.
فللتجارة في الإسلام بعدا لا يقف عند كونها مجرد سعي للكسب والربح، بل هي عامل من عوامل ترابط العلاقات الاجتماعية، ضرورة لاستمرار الحياة الإنسانية، وهناك من الصحابة والسلف الصالح من اتخذها سببا لكشف الكرب ومعاونة المحتاج، ولعلنا نذكر في هذا سيدنا عثمان بن عفان (رضي الله عنه)، فعن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: قحط الناس في زمان أبي بكر، فقال أبو بكر: لا تمسون حتى يفرج الله عنكم. فلما كان من الغد جاء البشير إليه قال: قدمت لعثمان ألف راحلة براً وطعاماً، قال: فغدا التجار على عثمان فقرعوا عليه الباب فخرج إليهم وعليه ملاءة قد خالف بين طرفيهما على عاتقه فقال لهم: ما تريدون؟ قالوا: قد بلغنا أنه قد قدم لك ألف راحلة براً وطعاماً، بعنا حتى نوسع به على فقراء المدينة، فقال لهم عثمان: ادخلوا. فدخلوا فإذا ألف وقر قد صب في دار عثمان، فقال لهم: كم تربحوني على شرائي من الشام؟ قالوا العشرة اثني عشر، قال: قد زادوني، قالوا: العشرة أربعة عشر، قال: قد زادوني. قالوا: العشرة خمسة عشر، قال: قد زادوني، قالوا: من زادك ونحن تجار المدينة؟ قال: زادني بكل درهم عشرة، عندكم زيادة؟ قالوا: لا!! قال: فأشهدكم معشر التجار أنها صدقة على فقراء المدينة قال عبد الله بن عباس: فبت ليلتي فإذا أنا برسول الله (صلى الله عليه وسلمَ) في منامي وهو على برذون أشهب يستعجل؛ وعليه حلة من نور؛ وبيده قضيب من نور؛ وعليه نعلان شراكهما من نور، فقلت له: بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد طال شوقي إليك، فقال صَلى الله عليه وسلم: إني مبادر لأن عثمان تصدق بألف راحلة، وإن الله تعالى قد قبلها منه وزوجه بها عروسا في الجنة، وأنا ذاهب إلى عرس عثمان.”( الرياض النضرة، للطبري).
فكيف بعد ذلك يصل الأمر إلى الاحتكار أو الغش أو الاستغلال أو الجشع أو التطفيف؛ والنبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يقول: “لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ” (رواه مسلم).
وفي مقابل ذلك تجد دعاء النبي (صَلى الله عليه وسلم) بالرحمة لمن جعل السماحة خلقا أصيلا من أخلاقه، يعقد بها في البيع والشراء صفقاته، ويجعلها نصب عينيه إذا وفى أو استوفى مستحقاته، فعن جابر بن عبدالله (رضي الله عنه) أن رسول الله (صَلى الله عليه وسلم) قال: “رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى”( البخاري). “أَلَا أُخْبِرُكم بمَن يَحْرُمُ على النَّارِ، وبمَن تَحْرُمُ عليه النَّارُ؟ على كلِّ قريبٍ هيِّنٍ سهْلٍ”. (رواه الترمذي)، وعن جابر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلمَ): “غَفَرَ اللَّهُ لِرَجُلٍ كَانَ قَبْلَكُمْ، كَانَ سَهْلًا إِذَا بَاعَ، سَهْلًا إِذَا اشْتَرَى، سَهْلًا إِذَا اقْتَضَى” (رواه الترمذي). وعن عبد الله بن مسعود أن النبي (صلى اللهُ عليه وسلم) قال: ” أَلَا أُخْبِرُكم بمَن يَحْرُمُ على النَّارِ، وبمَن تَحْرُمُ عليه النَّارُ؟ على كلِّ قريبٍ هيِّنٍ سهْلٍ” (رواه الترمذي).
إن الإسلام لا يرضى للأسواق أن يتهارش الناس فيها تهارش السباع، ولا أن يتغالب الناس فيها بالمكر والخديعة، كما أن الإسلام في تشريعاته لا يستكثر على التجار أن تكون لهم تجاراتهم الرابحة؛ ولكنه جعل لها طرقَها المشروعةَ التي لا يهضم بها حق، ولا يؤكل فيها مال بالباطل، فطرق الكسب المشروع ليست بضيقة على مبتغيها حتى توسع بحيل الكذب والغش والخديعة، فالإسلام حرم ذلك بكل صوره، وشتان بين الصادق والكذوب، بين الأمين والغاش المخادع في التجارة، إذ يقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِنَّ أَطْيَبَ الْكَسْبِ كَسْبُ التُّجَّارِ الَّذِينَ إِذَا حَدَّثُوا لَمْ يَكْذِبُوا، وَإِذَا ائْتُمِنُوا لَمْ يَخُونُوا، وَإِذَا وَعَدُوا لَمْ يُخْلِفُوا، وَإِذَا اشْتَرُوا لَمْ يَذِمُّوا، وَإِذَا بَاعُوا لَمْ يُطْرُوا، وَإِذَا كَانَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَمْطُلُوا، وَإِذَا كَانَ لَهُمْ لَمْ يُعَسِّرُوا”، ويقول أيضا: “التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ”(رواه الترمذي).
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق، واصرف عنا سيئها
واحفظ اللهم مصر من كل مكروه وسوء
محمد حســـــــن داود
إمام وخطــيب ومدرس
دكتوراه في الفقه المقارن
ماهي طربفة تحميل الخطب وورد
صباح النور