الخطبة المسموعةخطبة الأسبوععاجل

خطبة الجمعة : فضل الشهادة ومكانة الشهداء عند ربهم للدكتور مسعود عرابي

خطبة الجمعة القادمة 6 أكتوبر 2023م بعنوان : فضل الشهادة ومكانة الشهداء عند ربهم للدكتور مسعود عرابي، بتاريخ  21 ربيع الأول 1445هـ ، الموافق 6 أكتوبر 2023م

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 6 أكتوبر 2023م بصيغة word بعنوان : فضل الشهادة ومكانة الشهداء عند ربهم ، للدكتور مسعود عرابي

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 6 أكتوبر 2023م بصيغة pdf بعنوان : فضل الشهادة ومكانة الشهداء عند ربهم ، للدكتور مسعود عرابي

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 6 أكتوبر 2023م ، بعنوان : فضل الشهادة ومكانة الشهداء عند ربهم ، للدكتور مسعود عرابي.

 

أولًا: حرمةُ النفسِ مصانةٌ في شــــريعتِنَا الغراء.

ثانيًا: الحروبُ في الإسلامِ حالةٌ عارضة.

ثالثًا: منزلةُ الشهداءِ لا تعدلُهَا منزلة.

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 6 أكتوبر 2023م ، بعنوان : فضل الشهادة ومكانة الشهداء عند ربهم ، للدكتور مسعود عرابي ، كما يلي:

فضلُ الشهادةِ ومكانةُ الشهداءِ عندَ ربِّهِم

الحمدُ للهِ الذي تتحيرُ دونَ إدراكِ جلالِهِ القلوبُ والخواطرُ، وتدهشُ في مبادئِ إشراقِ أنوارِهِ الأحداقُ والنواظرُ، المطلعِ على خفياتِ السرائرِ، العالمِ بمكنوناتِ الضمائرِ، المستغنِي في تدبيرِ مملكتِه عن المشاورِ والمؤازرِ، مقلبِ القلوبِ، وغفارِ الذنوبِ، وستارِ العيوبِ، ومفرجِ الكروبِ. وأشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ مُحمدًا عبدُ اللهِ ورسولُهُ، اللهُمَّ صلِّ صلاةً على سيدِ المرسلين، وجامعُ شملِ الدينِ، وقاطعُ دابرِ الملحدين، وعلى آلِه الطيبينَ الطاهرينَ وسلمْ تسليمًا كثيرًا.

وبعــدُ،،، فإنَّ خطبتَنَا هذه بعــونِ اللهِ ومــددِهِ وتوفيقِهِ ورعايتِهِ تدورُ حــولَ هذه العناصـــــرِ:

أولًا: حرمةُ النفسِ مصانةٌ في شــــريعتِنَا الغراء.

ثانيًا: الحروبُ في الإسلامِ حالةٌ عارضة.

ثالثًا: منزلةُ الشهداءِ لا تعدلُهَا منزلة.

العنصر الأول من خطبة الجمعة : فضل الشهادة ومكانة الشهداء عند ربهم

أولًا: حرمةُ النفسِ مصانةٌ في شــــريعتِنَا الغراء.

قامتْ الشريعةُ الإسلاميةُ على رعايةِ مصالحِ الخلقِ، ولا يوجدُ مصلحةٌ أعظمَ مِن حمايةِ النفسِ البشريةِ، فالإسلامُ كرّمَ الإنسانُ، وفضلَهُ على كثيرٍ مِن المخلوقاتِ، وسخرَ لهُ ما في الأرضِ جميعًا، وما يثارُ مِن شبهٍ حولَ الإسلامِ في أنّهُ دينُ عنفٍ ونُشِرَ بالسيفِ، إنَّما هو زعمٌ كاذبٌ، وأقاويلٌ ملفقةٌ، روّجَ لهَا الأعداءُ متخذين مِن بعضِ المواقفِ السلبيةِ التي يقومُ بها بعضُ الجماعاتِ المتطرفةِ مِن أعمالِ عنفٍ وتخريبٍ سببًا في إلحاقِ التهمةِ بالإسلامِ، وهذه الجماعاتُ، وما يقومونَ بهِ مِن أعمالٍ إنّمَا هي مخالفةٌ لصحيحِ وصريحِ الإسلامِ.

كلُّ الحروبِ التي خاضَهَا رسولُ اللهِ مع الأعداءِ خيرُ شاهدٍ على سماحةِ الإسلامِ، والمتتبعُ بعينِ البصرِ والبصيرةِ يدركُ ذلك جيدًا، ويعلمُ هذه الحقيقةَ التي لا يغفلُ عنها إلّا جاهلٌ بتعاليمِ هذا الدينِ الحنيفِ، أو مروجٌ للأكاذيبِ لينالَ مِن عظمتِه، فجلُّ غزواتِ رسولِنَا الكريمِ كان السببُ فيها أعداءَ الإسلامِ وأعداءَ رسولِ الإنسانيةِ، لم يطلبْ رسولُ اللهِ منهم ســــوى أنْ يُخلُّوا بينَهُ وبينَ الناسِ، فعذّبُوا أصحابَهُ، وعذبُوه، وضيقُوا عليه أمرَ الدعوةِ وأعلنُوا له العداءَ، وأعلنُوا له المقاطعةَ حتى أكلَ رسولُ اللهِ ﷺ وأصحابُه الكرامُ ورقَ الأشجارِ مِن شدةِ الجوعِ، وظلُّوا يستجلبونَ عليه الأعداءَ حتى ضاقتْ عليه الأرضُ بما رحبتْ، فجاءَهُ بصيصُ النورِ مِن قبلِ المدينةِ المنورةِ، وأذنَ اللهُ له بالهجرةِ، فأخرجُوه وأصحابَهُ متوعدين لهم بالمتابعةِ والقتلِ، إلّا أنَّ اللهَ أرادَ لهُم النجاةَ، لكن لم يسلمْ مِن شرِّهِم العديدُ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ، فقتلُوا والدَ عمارِ بنَ ياسرٍ، وأخاهُ، وأمَّهُ، وعذبُوا بلالَ وغيرَهُم الكثير، فلَمَّا استقرَّ الأمرُ لرسولِ اللهِ في المدينةِ، وهاجرَ معهُ مَن تمكنَ مِن الهجرةِ بقَي عددٌ في مكةَ ليس بالقليلِ تحتَ وطأةِ النكالِ والتعذيبِ.

فعلمَ رسولُ اللهِ ﷺ بقافلةٍ تجاريةٍ لقريشٍ تمرُّ بالمدينةِ، فأرادَ أنْ يناوشَهُم ليوصلَ لهم رسالةً إنْ لم ترفعُوا أيديَكُم عن الضعفاءِ فسأهددُ تجارتَكُم، وهي أقلُّ الحقوقِ التي فعلَهَا رسولُ اللهِ ﷺ لنصرةِ المستضعفين، لكن هذا لم يعجبْ قريش، وأعدُّوا له العدةَ، وجيشوا الجيوشَ، وأتوهُ في ديارهِ .. وقامتْ غزوةُ بدرٍ على مشارفِ مدينةِ رسولِ اللهِ ﷺ لكنَّ اللهَ هزمَ عدوَّهُ ونصرَ جندَهُ وأعزَّ الإسلامَ وأهلَهُ، وعادتْ قريشٌ بخيلِهَا ورجيلهَا بعدما فقدوا سبعينَ قتيلًا وأُسِرَ منهم سبعينَ.

ثم تأتِي غزوةُ أحدٍ، لم تستسلمْ قريشٌ، ولم يكنْ للغزوةِ سببٌ سوى أنَّ قريشًا أرادتْ أنْ تستعيدَ كرامتَهَا ولو على حسابِ جثثِ المسلمين، فجهزُوا الجيوشَ، وأغارُوا على رسولِ اللهِ ﷺ بالمدينةِ ثانيةً، في عقرِ دارِهِ، ثم هكذا غزوةُ الخندقِ، لم يكن لها سببٌ سوى اجتثاثِ المسلمين ومَن ناصرَهُم، ورغم كلِّ هذا لمَّا ردَّ اللهُ كيدَ الأعداءِ، وظلَّ النصرُ حليفَ رسولِ اللهِ ﷺ على مرِّ الغزواتِ، ورغم قوةِ دولتِه، وانتصاراتِه المتكررةِ على أعدائِه أبرمَ معهُم صلحَ الحديبيةِ، وأجحفُوا عليهِ في بنودِ المعاهدةِ، لكنَّهُ فضلَ أنْ تحقنَ الدماءُ، فقال كلماتٍ تُكتبُ في سجلاتِ الشرفِ بحروفٍ مِن النورِ يتباهَى بهِ كلُّ مَن نالَ شرفَ الانتسابِ إلى هذا الدينِ الحنيفِ، فقالَ رسولُ اللهِ ﷺ:« وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا».[صحيح البخاري].

ثم نقضُوا العهدَ، وتعدُّوا على مَن دخلَ في حلفِ رسولِ اللهِ ﷺ  بالقتلِ، وساندتْ قريشٌ حليفتَهَا قبيلةَ بنِي بكرٍ في تعدِّيهَا على قبيلةِ خزاعة التي كانت في حلفِ رسولِ اللهِ ﷺ، فأرسلتْ قبيلةُ خزاعةَ عمرو بنَ سالمٍ يطلبونَ النصرةَ مِن رسولِ اللهِ ﷺ ، فلمَّا وقفَ بينَ يدي رسولِ اللهِ ﷺ  أنشدَ يقولُ:

إِنَّ قـــــــريشًا أخلفوك المـــوعــــــدا … ونقضــوا ميثاقك المــــــــــــؤكدًا

هُـــــــــمْ بَيَّتُونَا بِالْوَتِيرِ هُجَّــــــــــــدَا … فَقَتَلُــــــــــــــونَا رُكَّعًا وَسُجــــــــــــَّدَا

فقالَ رســـولُ اللهِ ﷺ: « نُصِرْتَ يَا عَمْرُو بْنَ سَالِمٍ » فَمَا بَرِحَ رَسُـــــــولُ اللَّهِ ﷺ حتَىَّ مَرَّتْ عَنَانَةٌ فِي السَّمَاءِ، فَقَالَ رَسُـــــــولُ اللَّهِ ﷺ: « إِنَّ هَذِهِ السَّحَابَةَ لَتَسْتَهِلُّ بِنَصْـــــرِ بَنِي كَعْبٍ وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ النَّاسَ بِالْجِهَازِ، وَكَتَمَهُمْ مَخْرَجَهُ، وَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُعَمِّيَ عَلَى قُرَيْشٍ خَبَرَهُ حَتَّى يَبْغَتَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ. [السنن الصغير للبيهقي].

ولمَّا دخلَ رسولُ اللهِ مكةَ ﷺ منتصرًا، عَفَا عَنْ مَكَّةَ وَأَهْلِهَا وَقَالَ: «مَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ» وَنَهَى عَنِ الْقَتْلِ إِلَّا نَفَرًا قَدْ سَمَّاهُمْ، إِلَّا أَنْ يُقَاتِلَ أَحَدٌ فَيُقَاتَلُ، وَقَالَ لَهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا فِي الْمَسْجِدِ: «مَا تَرَوْنَ أَنِّي صَانِعٌ بِكُمْ؟» قَالُوا: خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ، وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ قَالَ: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ». [معرفة السنن والآثار].

ينابيعُ الرحمةِ تتفجرُ منهُ في أشدِّ اللحظاتِ، ولم يتمكنْ الانتقامُ مِن قلبهِ على مرِّ الأوقاتِ، سامحَ وصفحَ، وعفَا عمَّن ظلمَ، حضَّ قادةَ جيوشِهِ في المعارِكِ على عدمِ التخريبِ، وقطعِ الأشجارِ، وهدمِ الديارِ، والتعرضِ للعزلِ مِن الأطفالِ والنساءِ والكهولِ، ثم بيّنَ لأمتِهِ أنَّه يومَ القيامةِ حجيجُ مَن أعتدَى على الآمنينَ مِن غيرِ المسلمين، ومَن قتلَ مَن لهُ عهدًا لم يرحْ رائحةَ الجنةِ يومَ القيامةِ، ما أجملَ هذا الدينَ، وما أسمَى مبادَئَهُ، وأعظمَ مقاصدَهُ، ورحمةَ نبيِّهِ صلواتُ ربِّي وسلامُه عليه.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة : فضل الشهادة ومكانة الشهداء عند ربهم

ثانيًا: الحروبُ في الإسلامِ حالةٌ عارضة.

الأصلُ في العلاقاتِ في الإسلامِ قيامُهَا على السلامِ، والحربُ عارضٌ، حتى قرنَهُ ربُّنَا سبحانَهُ وتعالَى بالاعتداءِ، فقالَ جلَّ وعزَّ: ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾. [ سورة البقرة، 191].

وقالَ تعالى: ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾. [ سورة البقرة، 194].

أَيْ: قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَا تَعْتَدُوا فِي ذَلِكَ، وَيَدْخُلُ فِي الاعتداء ارْتِكَابُ الْمَنَاهِي، مِنَ الْمَثُلَةِ، وَالْغُلُــولِ، وَقَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالشُّيُوخِ، الَّذِينَ لَا رَأْيَ لَهُمْ وَلَا قِتَالَ فِيهِمْ، وَالرُّهْبَانِ وَأَصْـــحَابِ الصَّوَامِعِ، وَتَحْرِيقِ الْأَشْجَارِ، وَقَتْلِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ. وَلِهَذَا جَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ بُرَيْدَةَ أَنَّ رسولَ اللهِ ﷺ كان يقولُ: « اغزُوا في سبيلِ اللهِ وقاتلُوا مَنْ كَفَرَ بِالْلَّهِ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تغدرُوا ولا تمثلُوا ولا تقتلُوا الوليدً وَلَا أَصْحَابَ الصَّوَامِعِ »[ تفسير ابن كثير].

وهكذا كانت سيرةُ أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ الكرامِ في الحروبِ مِن بعدِه، فعن عطاء بنِ أبي رباحٍ، قال: لما استعملَ أبو بكرٍ يزيدَ بنَ أبي سفيانَ على الشامِ خرجَ معه يشيعُهُ أبو بكرٍ ماشيًا وهو راكبٌ. فقال له يزيدُ: يا خليفةَ رسولِ اللهِ إمّا أنْ تركبَ، وإمّا أنْ أنزلَ، فقال أبو بكرٍ: ما أنتَ بنازلٍ ولا أنا براكبٍ، إنِّي أحتسبُ خطايَ هذه في سبيلِ اللهِ، إنِّي أوصّيكَ وصيةً إنْ أنت حفظتَهَا، ستمرُّ على قومٍ قد حبسُوا أنفسَهُم في الصوامعِ زعمُوا للهِ فدعْهُم وما حبسُوا له أنفسَهُم… ثمّ قال: « لا تقتلُوا امرأةً ولا صبيًا ولا شيخًا فانيًا ولا تعقرُوا شجرًا مثمرًا ولا تغرقُوا نخلًا ،ولا تحرقُوه، ولا تذبحــُـــوا بقرةً، ولا شاةً إلّا لمأكلٍ، ولا تخربُوا عامرًا».[ تفسير الثعلبي]. فهذا خيرُ شاهدٍ على أنّ الإسلامَ دينُ سلامٍ، ولا مجالَ فيهِ للحروبِ والتخريبِ والعنفِ إلّا بقدرِ صدِّ العدوانِ، وإظهارِ النصرةِ للمستضعفين.

العنصر الثالث من خطبة الجمعة : فضل الشهادة ومكانة الشهداء عند ربهم

ثالثًا: منزلةُ الشهداءِ لا تعدلُهَا منزلة.

الشهيدُ مَن ماتَ مِن المسلمين في سبيلِ اللهِ دونَ غرضٍ مِن الدنيا، وهؤلاء الذي ضحُّوا بأرواحِهِم ولم يبخلُوا بها تجاهَ نصرةِ دينِهِم وأوطانِهِم وأعراضِهِم، وبذلُوهَا في سبيلِ ربِّهِم لا بطرًا ولا رياءً وتاجرُوا مع اللهِ عزّ وجلّ بهذه الأرواحِ، حباهُم اللهُ منزلةً عاليةً لا يبلغُهَا أحدٌ مِن الخلقِ، وجعلَهُم أحياءً عندَ ربِّهِم، يفرحُون بمنازِلِهِم، وحسنِ مقيلِهِم، قال اللهُ تعالى: ﴿ وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾. [ سورة آل عمران، 169].

فعندَ أحمدَ وغيرِهِ مِن حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ ـــ رضي اللهُ عنهمَا ـــــ، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: « لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ، جَعَلَ اللَّهُ ـــــ عَزَّ وَجَلَّ ــــ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ، تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ، فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَشْرَبِهِمْ وَمَأْكَلِهِمْ، وَحُسْنَ مَقِيلِهِمْ قَالُوا: يَا لَيْتَ إِخْوَانَنَا يَعْلَمُونَ بِمَا صَنَعَ اللَّهُ لَنَا، لِئَلا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ، وَلا يَنْكُلُوا عَنِ الْحَرْبِ، فَقَالَ اللَّهُ ــــ عَزَّ وَجَلَّ ــــــ : أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ـــــ عَزَّ وَجَلَّ ــــ هَؤُلاءِ الْآيَاتِ عَلَى رَسُولِهِ: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا﴾.

كافأَهُم اللهُ تعالى على حسنِ صنيعِهِم، وعوضَهُم عن حياتِهِم الدنيا بحياةٍ باقيةٍ لا نصبَ فيها ولا صخبَ، فاشترَى منهم أنفسَهُم وجعلَ لهم الجنةَ عوضًا عنها، ثم جعلَ أرواحَهُم في حواصلِ طيرٍ تسبحُ في رياضِ الجنةِ إلى قيامِ الساعةِ، فلمَّا آثرَ الشهداءُ حياةَ غيرِهِم على حياتِهِم حباهُم اللهُ فضلَ الحياةِ الدائمَ الذي لا ينقطعُ، ولا يقفُ الفضلُ والمنازلُ الكريمةُ للشهداءِ عندَ هذا الحدِّ، بل لهم منازلُ عظيمةٌ  قال عنها رسولُ اللهٍ ﷺ: « يُعْطَى الشَّهِيدُ سِتَّ خِصَالٍ عِنْدَ أَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهِ: يُكَفَّرُ عَنْهُ كُلُّ خَطِيئَةٍ، وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَيُزَوَّجُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَيُؤَمَّنُ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَيُحَلَّى حُلَّةَ الْإِيمَانِ ». [مسند أحمد وغيره].

ومِن جميلِ فضلِ اللهِ وعظمتِهِ على خلقِهِ أنَّه وسعَ لأمةِ الحبيبِ دائرةَ الشهداءِ، وأعطَى مَن صلحتْ نيتُهُ متى طلبَ الشهادةَ بصدقِ منازلِ الشهداءِ وإنْ ماتَ على فراشِه، ثم جعلَ أصحابَ الكوارثِ والمرضَى، والحرقَى، والغرقَى، والهدمَى متى صبرُوا واحتسبُوا في منازلِ الشهداءِ، وما هذا إلّا لعظيمِ فضلِ هذه الأمةِ عندَ ربِّهَا.

اللهُمّ إنَّا نسألُكَ عيشَ السعداءِ وميتةَ الشهداءِ ومرافقةَ الأنبياءِ .. اللهُمّ احفظْ مصرَ مِن كلِّ سوءٍ واجعلْهَا في أمانِكَ وضمانِكَ وسائرَ بلادِ المسلمين، ووفقْ اللهُمّ شعبَهَا وولاةَ أمرِهَا للخيرِ أجمعين!  

بقلم/ مسعود عرابي .. مدرس الفقه المقارن بجامعة الأزهر.

_____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى