خطبة الجمعة للدكتور محمد داود : يا باغي الخير أقبل ، بتاريخ 29 شعبان 1446هـ – 28 فبراير 2025م
بتاريخ 29 شعبان 1446هـ - 28 فبراير 2025م

خطبة الجمعة للدكتور محمد داود : يا باغي الخير أقبل ، بتاريخ 29 شعبان 1446هـ – 28 فبراير 2025م
خطبة بعنــــوان word :يا باغـــي الخــــير أقبـــــل، للدكتــــور/ محمد حســــن داود، (29 شعبان 1446هـ – 28 فبراير 2025م)
خطبة بعنــــوان pdf :يا باغـــي الخــــير أقبـــــل، للدكتــــور/ محمد حســــن داود، (29 شعبان 1446هـ – 28 فبراير 2025م)
العناصـــــر:
– رمضان شهر الرحمات والخيرات والبركات.
– يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر.
– استقبال شهر رمضان.
– دعوة إلى اغتنام أيام الشهر الكريم.
الموضــــــوع: الحمد لله رب العالمين، نعمه لا تحصى، وآلاؤه ليس لها منتهى، فرض علينا صيام رمضان، وأكرمنا فيه بنزول القرآن، وجعله موسما للطاعة والبر والإحسان، وبابا واسعا للوصول إلى الرفعة والفلاح والفوز بالجنان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، خير من صام وصلى، وأصدق من تضرع ودعا، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
فمن فضل الله (سبحانه وتعالى) أن جعل من الأزمان مواسم للطاعات، واصطفى فيها أياما وليالي وساعات، أودعها صنوفا من الفضائل والنفحات والبركات والخيرات، وضاعف فيها الأجور والحسنات، فيها ترفع الدرجات، وتغفر السيئات، فضلا منه وإحسانا، وكرما على عباده وامتنانا، ولا شك أن من أعظمها شرفا، وارفعها قدرا، وأكثرها فضلا: “شهــــر رمضــــان”: شهر العِتْق والجود، شهر الترقي والصعود، كرمه زاهر، وفضله ظاهر، بالخيرات زاخر، زين الشهور، وبدر البدور، كنز المتقين، وبهجةُ السالكين، ودرة الخاشعين، وحبيب العابدين، وأنيس الذاكرين، وفرصة التائبين إلى رب العالمين… كم هفت إليه أرواحنا في شوق وحنين، ودعونا الله لبلوغه متضرعين، وها هو على الأعتاب، بركاته وعبير نسماته على الأبواب:
أَهْلاً بِصَوْمَعَةِ الْعُبَّـــــادِ مُـذْ بَزَغَتْ *** شَمْسٌ وَمَجْمَعِ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالْقِيَــمِ
هَذِي الْمَـآذِنُ دَوَّى صَوْتُهَـــا طَرَبًا *** تِلْكَ الْجَـوَامِـعُ فِيْ أَثْوَابِ مُبْتَسِــــــمِ
نُفُوْسُ أَهْلِ التُّقَى فِيْ حُبِّكُمْ غَرِقَتْ *** وَهَزَّهَا الشَّوْقُ شَوْقُ الْمُصْلِحِ الْعَلَمِ
فهو شهر تفتح فيه أبواب الرحمات والخيرات، فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه)، قَالَ: لَمَّا حَضَرَ رَمَضَانُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): “قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا، فَقَدْ حُرِمَ” (رواه أحمد). وعن أبي هُرَيْرَةَ أيضا، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): “كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ هُوَ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، إِذَا كَانَ يَوْمُ صِيَامِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَرِحَ بِصَوْمِهِ ” وقال صلى الله عليه وسلمَ: “إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَاب، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَاب، وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ ” (رواه الترمذي ).
فيا له من نعمة ما أعظمها، ومنة ما أجلها وأكملها؛ فيا باغي الخير أقبل، هذا نسيم القبول هب، هذا سيل الخير صب، هذا باب الخير مفتوح لمن أحب، يا باغي الخير أقبل، فجزاء الصيام غفران الذنوب والآثام، والفوز بالجنة ورفعة المقام، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(البقرة183) ويقول صلى الله عليه وسلم: “مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ”.
يا باغي الخير أقبل، فما أطيب المناجاة فيه في جوف الليل وعند السحر، والنبي (صلى الله عليه وسلمَ) يقول: “مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ “(رواه البخاري ومسلم).
يا باغي الخير أقبل، فما ألذ انشغال القلوب فيه بتدبر الآيات وترتيل السور، فهو شهر نزول القرآن، وقد قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ) (البقرة 185)، وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: “الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ “، قَالَ: ” فَيُشَفَّعَانِ ” (رواه أحمد)
يا باغي الخير أقبل، فما أعظم التضرع إلى الله وسؤاله في شهر هو أرجى للإجابة، والنبي (صَلى الله عليه وسلم) يقول: “ثلاثُ دَعواتٍ لا تُرَدُّ: دعوةُ الوالِدِ لِولدِهِ، ودعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المسافِرِ”.
يا باغي الخير أقبل، عسى أن تكون بطاعاتك وقرباتك من عتقاء هذا الشهر من النار، وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم): “إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ”( رواه أحمد وابن ماجه).
ويا باغي الشر أقصر، فإن لم تترك الذنوب في شهر تغفر فيه الذنوب فمتى تترك؟
يا باغي الشر أقصر، فقد قال النبي (صَلى الله عليه وسلم): “رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ” (رواه الترمذي).
إن شهر رمضان هبة ربانية، وفرصة إيمانية، تري الصحابة (رضي الله عنهم) يستقبلونه وهم مشحوذة هممهم، مهيأة نفوسهم، إذ انطلقوا في مضمار خيراته يتسابقون، وفي نيل بركاته يتنافسون، استغفارا وذكرا، صلاة وشكرا، يرجون رحمة الله، سيرا على هدي نبينا (صلى الله عليه وسلمَ) فعن أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها): “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَجْتَهِدُ فِي رَمضانَ مَالا يَجْتَهِدُ في غَيْرِهِ” (رواه مسلم).
إِذَا أَنْتَ لَمْ تَزْرَعْ وَأَبْصَرْتَ حَاصِدًا *** نَدِمْتَ عَلَى التَّفْرِيطِ فِي زَمَنِ الْبَذْرِ
– وإن من عظيم شكر الله (عز وجل) على هذه النعمة حسن استقبالها بالطاعات والعبادات، فالعمل الجاد لا يصل صاحبه إلى تمامه، ولا يقوم به على كماله إلا حين يتهيأ له تمام التهيؤ، فيوقظ همة النفس إلى الطاعات، ويقضي في ضروب الخير الأيام والليالي والساعات، يغتنم على أكمل وجه أبرك الأوقات؛ فرمضان ساحة للمسارعة إلى الخيرات، والتنافس في الطاعات، والمسابقة إلى رضا الله (سبحانه وتعالى)، ولقد قال الله (جل وعلا): (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) (آل عمران: 133) ويقول رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): “افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) نَفَحَاتٌ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ”. ويقول الحسن البصري (رحمه الله): “إن الله جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه، يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا”.
– كذلك من حسن استقبال شهر رمضان أن نجدد التوبة إلى الله (جل وعلا)، وقد قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (التحريم: 8) فمن فضل الله تعالى، وكرمه ،ورحمته ،وعفوه، أنه سبحانه يقبل التوبة عن عباده، إذ يقول: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر: 53)، ويقول: (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ) (التوبة: 104)، بل يبسط يده بالعفو، بالمغفرة، بقبول التوبة، ليتوب إليه من أساء ؛فعَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: “إِنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا” (رواه مسلم) بل يفرح بتوبة عبده إليه؛ فعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): “كَيْفَ تَقُولُونَ بِفَرَحِ رَجُلٍ انْفَلَتَتْ مِنْهُ رَاحِلَتُهُ تَجُرُّ زِمَامَهَا بِأَرْضٍ قَفْرٍ لَيْسَ بِهَا طَعَامٌ وَلَا شَرَابٌ؟ وَعَلَيْهَا لَهُ طَعَامٌ وَشَرَابٌ، فَطَلَبَهَا حَتَّى شَقَّ عَلَيْهِ ثُمَّ مَرَّتْ بِجِذْلِ شَجَرَةٍ، فَتَعَلَّقَ زِمَامُهَا فَوَجَدَهَا مُتَعَلِّقَةً بِهِ؟”، قُلْنَا: شَدِيدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): “أَمَا وَاللَّهِ لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنَ الرَّجُلِ بِرَاحِلَتِهِ”( رواه مسلم)، وها هو إمام التائبين وسيد المستغفرين صلى الله عليه وسلم، يقول كما في “صحيح مسلم”: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، تُوبُوا إِلَى اللَّهِ ، فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّة”. وعَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: “إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ “(رواه أبو داود) فإذا كان المصطفى (صلى الله عليه وسلم) وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، يستغفر الله (سبحانه وتعالى) ويتوب إليه ويناجيه، أفلا نستغفر آناء الليل وأطراف النهار، لعلنا نكون من أهل الفلاح، وقد قال الله (جل وعلا): (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور31). فطوبى لمن غسل على أبواب رمضان درن الذنوب بتوبة، ورجع عن خطاياه قبل فوت الأوبة.
إِلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّـــــــــي *** مُقِرٌّ بِالَّذي قَـــــــــــــد كانَ مِنّي
وَما لي حيلَةٌ إِلّا رَجائــــي *** وَعَفوُكَ إِن عَفَوتَ وَحُسنُ ظَنّي
فَكَم مِن زِلَّةٍ لي في البَرايا *** وَأَنتَ عَلَيَّ ذو فَضـــــــــلٍ وَمَنِّ
إِذا فَكَّرتُ فـي نَدَمي عَلَيها *** عَضَضتُ أَنامِلي وَقَرَعتُ سِنّي
يَظُنُّ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي *** لَشَرُّ النـــاسِ إِن لَم تَعفُ عَنّي
– كذلك من حسن استقبال هذا الشهر: استقباله بالتكافل والتراحم، فقد كان النبي (صَلى الله عليه وسلم) أجود الناس وكان أجود ما يكون في هذا الشهر، فالواجب علينا أن نقتدي برسولنا الكريم في كل أعماله ولا سيما في الجود والإنفاق، خاصة في شهر الجود والكرم.
إن الأعوام تتسابَق، والشهور تتراكض، والأيام تتسارع، والليالي تتوالى، والساعات تمر، واللحظات تكر، تشدُّنا إلى اللهِ شَدًّا، وما من يوم ينشق فَجْره إلا ويُنادي منادٍ: “يا بني آدم، أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فاغتنمني، فإنِّي إلى يوم القيامة لن أعود” وهذا شهر رمضان قد أظلكم فاعرفوا حقه، فهو منحة من رب العالمين لعباده، فأروا الله من أنفسكم خيرا، فقد فاز وربح من اغتنمه بالعبادات والطاعات، فعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ،(رضي الله عنه) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): “احْضَرُوا الْمِنْبَرَ” فَحَضَرْنَا فَلَمَّا ارْتَقَى دَرَجَةً قَالَ: “آمِينَ”، فَلَمَّا ارْتَقَى الدَّرَجَةَ الثَّانِيَةَ قَالَ: “آمِينَ” فَلَمَّا ارْتَقَى الدَّرَجَةَ الثَّالِثَةَ قَالَ: “آمِينَ”، فَلَمَّا نَزَلَ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْنَا مِنْكَ الْيَوْمَ شَيْئًا مَا كُنَّا نَسْمَعُهُ قَالَ: “إِنَّ جِبْرِيلَ (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ): عَرَضَ لِي فَقَالَ: بُعْدًا لِمَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يَغْفَرْ لَهُ قُلْتُ: آمِينَ، فَلَمَّا رَقِيتُ الثَّانِيَةَ قَالَ: بُعْدًا لِمَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ قُلْتُ: آمِينَ، فَلَمَّا رَقِيتُ الثَّالِثَةَ قَالَ: بُعْدًا لِمَنْ أَدْرَكَ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ عِنْدَهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ قُلْتُ: آمِينَ ” (رواه الحاكم في المستدرك). فطوبى لامرئٍ أحسنَ الصيام والقيام، وحمى جوارحه عن موارد الآثام، وأمسك عن فضول الكلام، وسابق الدقائق واللحظات والليالي والأيام، فاغتنم الخيرات خير اغتنام.
وَافَاكَ ضَيْفًا فَالتَزِمْ تَعْظِيمَهُ *** وَاجْعَلْ قِرَاهُ قِرَاءَةَ القُـــــــرْآنِ
صُمْهُ وَصُنْهُ وَاغْتَنِمْ أَيَّامَهُ *** وَاجْبُرْ ذَمَا الضُّعَفَاءِ بِالإِحْسَانِ
للَه قوم أخلصوا فخلّصـــوا *** من آفة الخســـــران والخذلان
نسألك اللهم أن تبارك لنا في شعبان وأن تبلغنا رمضان
وأن ترزقنا العتق من النار
وأن تحفظ مصر من كل مكروه وسوء