خطبة الأسبوععاجل

خطبة بعنوان : “إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ”، لفضيلة الشيخ / عبد الناصر بليح .

خطبة بعنوان : “إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ”، لفضيلة الشيخ / عبد الناصر بليح .

لتحميل الخطبة بصيغة word أضغط هنا

لتحميل الخطبة بصيغة pdf أضغط هنا

 

 

 

ولقراءة الخطبة كما يلي:

 

 

الحمد لله رب العالمين .. يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ..ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ..

وأشهد أن لا إله وحده لا شريك له في سلطانه .. وأشهد أن سيدنا ونبيناً وحبيبنا  وعظيمنا وشفيعنا وأستاذنا ومعلمنا   محمداً عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه طب القلوب ودوائها وعافية الأبدان وشفائها ونور الأبصار وضيائها محمد صلي الله عليه وسلم القائل:” “بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ” (البخاري) .اللهم صلاة وسلاماً عليك يا سيدي  يا رسول الله وعلي آلك وصحبك الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً كثيراً ..

أما بعد فيا جماعة الإسلام :”

يقول الله  تعالى:” هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ” (هود/ 61) .

فيبين لنا المولي عز وجل أنه ” أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ” أي ابتدأ خلقكم بخلق أبيكم آدم منها “وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا” أي جعلكم تعمرونها بالسكن فيها والعيش عليها.

يقول الشيخ الشعراوي – رحمه الله: قوله تعالى:” اسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا” ساعة ترى الألف والسين والتاء فاعلم أنها للطلب، وهكذا يكون معنى كلمة “اسْتَعْمَرَكُمْ”  هو طلب التعمير والإصلاح , أي: طلب منكم عمارتها، وهذا يتطلب أمرين اثنين: أن يبقي الناس الأمر الصالح على صلاحه، أو يزيدوه صلاحًا.  ويستدل من الآية على أن عمارة الأرض وإصلاحها واجبة لهذا الطلب،

وقسّمها  الإمام الزمخشري في الكشاف”  إلى واجب :” كعمارة القناطر اللازمة والمسجد الجامع”  ومندوب :” كعمارة المساجد”  ومباح :” كعمارة المنازل”  وحرام :ط”كعمارة الحانات، وما يبنى للمباهاة أو من مال حرام كأبنية كثير من الظلمة” .( الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل).

أخوة الإيمان :

والإصلاح فطرة إنسانية: خلق الله الناس عليها، قبل أن يجعلها رسالة الأنبياء والمرسلين   فالإنسان السوي يمارس  الإصلاح بصورة طبيعية في كثير من شئون حياته  وربما يغفل أنه  يمارس نوعًا من الإصلاح, فحينما يبشر النبيُّ – صلى الله عليه وسلم-  من يجد أذى على الطريق فيعزله عن طريق الناس، فماذا نسمى هذه العملية ؟ أليس إصلاحًا ليسهل حياة الناس؟ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:”بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ”  (البخاري) .

 

 

 

 

أخوة الإيمان والإسلام :

** والإصلاح هو منهج الأنبياء والمرسلين :

منهج أنبياء الله ورسله وهو الهدف الأساس للنبوات على مر التاريخ، قال عز شأنه حاكياً قول نبى الله شعيب عليه السلام:  ” .. إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ”( هود / 88)  .  

وهو ميراث الأنبياء للصالحين من عباد الله؛ فما ورَّث الأنبياء ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم، الذي هو داعية الاستقامة والصلاح ثم الإصلاح.

  عن قَيسِ بن كَثِيرٍ قال: قَدِمَ رَجُلٌ مِنَ المَدِينَةِ إلى أبى الدَّرْدَاءِ وهو بِدِمَشْقَ فقال: ما أَقْدَمَكَ أي أخي؟ قال: حَدِيثٌ بلغنى أَنَّكَ تُحَدِّثُ بِهِ عن رسول الله ﷺ.قال: أَمَا قَدِمْتَ لِتِجَارَةٍ؟ قال: لاَ. قال: أَمَا قَدِمْتَ لِحَاجَةٍ؟ قال: لاَ. قال: ما قَدِمْتَ إِلاَّ فى طَلَبِ هذا الحديث؟ قال: نعم. قال: فإنى سمعت رَسُولَ الله ﷺ يقول:”من سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فيه عِلْماً سَلَكَ الله بِهِ طَرِيقاً إلى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّهُ لَيَسْتَغْفِرُ لِلْعَالِمِ مَن فى السماوات وَالأَرْضِ،حتى الْحِيتَانُ فى الْمَاءِ، وَفَضْلُ الْعَالِمِ على الَعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ على سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، لم يَرِثُوا دِينَاراً وَلاَ دِرْهَماً، وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِر”(أحمدوأبو داوود ).

  فما من نبي ولا رسول بعثه الله إلى قومه إلا وجاء بإنقاذهم من أنواع الجهل والضلال، وانتشالهم من أشكال الفساد والانحلال، وعمل بفضل الوحي الإلهي على إصلاح ما فسد من أوضاع الناس وتقويم ما أعوج من أحوالهم الدينية والاجتماعية والاقتصادية، وعلى العودة بهم إلى سلوك طريق الجادة والاستقامة، والتزام السير بهدي وتعقل على النهج السليم الذي يسعد الفرد ويسعد الأمة جمعاء في كل عصر وجيل، وفي كل ميدان من الميادين، وهو ما سنستفيده من عموم قول الله تعالى في حق نبيه المصطفى الكريم :” هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ “(الجمعة\2).

 إن الّذي يتصوره الناس عادة هو أنّ الأنبياء مجرد معلّمين إلهيين بُعِثوا لتعليم البشرية . فكما يتعلم الطفل خلال حركته التعليمية ابتداء من الابتدائية ومروراً بالمتوسطة وانتهاء بالجامعة دروساً معينة ومواضيع خاصة على أيدي الأساتذة والمعلمين، كذلك يتعلم الناس في مدرسة الأنبياء أموراً خاصة، ويكتسبون معارف معينة، وتتكامل أخلاقهم وصفاتهم وخصالهم الاجتماعية جنباً إلى جنب مع اكتسابهم المعرفة والعلم على أيدي الأنبياء والمرسلين .

ولكن  مهمة الأنبياء ووظيفتهم الأساسية هي (تربية) المجتمعات البشرية لا تعليمها، وأن أساس شريعتهم  هو الإصلاح والنهي عن الإفساد في الأرض ..   على أن هذه الحقيقة قد أشار إليها قادة الإسلام العظماء .

فقد قال أمير المؤمنين علي ـ عليه السلام ـ في نهج البلاغة عن هدف الأنبياء: “أخذَ عَلى الوَحي ميثاقهم، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم… لِيَستأدُوهم ميثاق فِطرتِه، وَ يُذكرُوهم مَنْسىَّ نِعمته، ويحتجّوا عليهم بالتَبليغ، ويُثيروا لهم دفائنَ العُقول” (  نهج البلاغة: قسم الخطب، الخطبة رقم 1) .

** وفي قصص القرآن عبرة:

أخوة الإيمان : يبين لنا  القرآن الكريم  منهج الأنبياء عليهم السلام و قد اتسم بوضوح الغايات وشرف الوسائل، وخير مثال علي ذلك هو:”

* نبي الله شعيب  عليه السلام فقد لخص دعوته لقومه، وأبان لهم غايته بعبارة جزلة موجزة بينة، فذكر أن الذي يريده هو الإصلاح وليس غير الإصلاح.

 فغاية دعوته هي الإصلاح، وهكذا دعوات الأنبياء، الإصلاح غايتها في مضمونها الحقيقي وعمقها البعيد، والأنبياء مصلحون؛ مصلحون للعقول، والقلوب، والحياة العامة، والحياة الخاصة.

يقول اله تعالي :” قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ”( هود / 88)  .

فنبي الله شعيب عليه السلام،   يدعو قومه إلى التوحيد والإيمان، والعبادة وصالح الأعمال. قَالَ ْ لهم شعيب: ” يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي ” أي: يقين وطمأنينة، في صحة ما جئت به، “وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ْ” أي: أعطاني الله من أصناف المال ما أعطاني. وَ ْ أنا لا  ” أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ْ”  فلست أريد أن أنهاكم عن البخس، في المكيال، والميزان، وأفعله أنا، وحتى تتطرق إليَّ التهمة في ذلك. بل ما أنهاكم عن أمر إلا وأنا أول مبتدر لتركه. ” إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ْ”أي: ليس لي من المقاصد إلا أن تصلح أحوالكم، وتستقيم منافعكم، وليس لي من المقاصد الخاصة لي وحدي، شيء بحسب استطاعتي.  ولما كان هذا فيه نوع تزكية للنفس، دفع هذا بقوله: ” وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ْ” أي: وما يحصل لي من التوفيق لفعل الخير، والانفكاك عن الشر إلا بالله تعالى، لا بحولي ولا بقوتي. ” عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ْ” أي: اعتمدت في أموري، ووثقت في كفايته، ” وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ْ”في أداء ما أمرني به من أنواع العبادات، وفي [هذا] التقرب إليه بسائر أفعال الخيرات.(تفسير السعدي ).

** وهذا هو نبي الله موسي : قد سجل القرآن عن إصلاحه للفساد  فى مواضع عدة، فقال تعالي “وقال موسى لأخيه اخلفني في قومى وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين” (الأعراف: 142).

 و حينما اتّجه  جهة مدين، تاركًا فرعون وبلاده، من أجل معرفته الطريق، دعا ربّه أن يهديه الطريق الأقوم، فامتن الله عليه، وهداه إلى السبيل الصحيح، المؤدي به إلى بلاد مدين, ورزقه الله بالزوجة الصالحة, والوطن الآمن, لأمانته, وفعله للخيرات.  قال تعالى:” وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ . فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ”(القصص/ 23, 24). وهذا هو طريق الفلاح في الدنيا والآخرة,”وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” (الحج: 77).

** وهذا هو العبد الصالح والداعية المستنير :” ذو القرنين “فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ”

إن الله تعالى مكّن لذي القرنين، وآتاه ملكًا عظيمًا بلغ المشرق والمغرب، وأعطاه من كل ما يتعلق بمطلوبه سببًا يتوصل به إلى ما يريده، وتعامل مع قوم لا يكادون يفقهون قولًا, وبرغم ذلك استطاع أن يبني بهم سدًا حال بينهم وبين ما يخافونه من يأجوج ومأجوج, فما الصفات التي مكنته من تحقيق هدفه وبلوغ مراده؟

– الأخذ بالأسباب: “إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا. فَأَتْبَعَ سَبَبًا” (الكهف:84, 85). داعية دائم الحركة بدعوته: كما قص القرآن الكريم” حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ”, ” حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ”, ” حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ” (الآيات: 86, 90, 93 ).

– يعدل بين الناس ويرفق بهم وييسر لهم: “وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا” (الكهف: 88).

– داعية عفيف:” قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ” (الكهف: 95).

– مبدأه التعاون وتفعيل الطاقات:” فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا”(الكهف: 95).

– الاستفادة بالإمكانيات والتعامل مع التقنيات: “آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا” (الكهف:96).

الإخلاص والتجرد: “قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِن رَبِّي” (الكهف: 98).

** معاشر الإسلام  :

 والإصلاح هو منهج الإسلام :

حيث إن الدعوة إلى صلاح أحوال الناس، والسعي في إرشادهم وهدايتهم إلى ما فيه خيرهم وصلاحهم ديناً ودنيا مبدأ متأصل في الإسلام بعث الله به نبيه ورسوله سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم كما بعث الله به كافة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام.

وللإشارة إلى جوانب من هذا الإصلاح الذي جاء به الأنبياء و المرسلون، وجاء به إمامهم وخاتمهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وللتذكير به والاهتداء إليه، ينبغي للمسلم ويجدر بالمؤمن أن يتتبع آيات القرآن الكريم، وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام، ليجد أن الإصلاح الذي بعث الله به من اصطفاهم من خلقه، وجعلهم بواسطة بينه وبين عباده، هو إصلاح عام وشامل لكل مناحي الحياة البشرية، وجوانبها المتعددة.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، يكفي أن يستحضر المسلم آيات الوصايا العشر، ويقرأها بتدبر وإمعان ليجد تلك الحقيقة واضحة ناصعة، بادية للعيان، ظاهرة لأولي الألباب والأبصار، وهذه الآية الجامعة الشاملة لبعض جوانب الإصلاح في حياة الناس عقيدة وعبادة، أخلاقا ومعاملة، هي قول الله تعالى في سورة الأنعام :”  قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ .وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ  “(الأنعام /151-152).

 ** خير مصلح :”نبي الإسلام  محمد صلي الله عليه وسلم” :

ولقد امتن الله علي البشرية  به  فقد جاء – صلى الله عليه وسلم-  مصلحًا لهذه البشرية، مصلحًا لدينها ودنياها وآخرتها، وهو الذي يقول- صلى الله عليه وسلم- في دعائه:”اللهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ” (مسلم)  .

وإصلاح النبي – صلى الله عليه وسلم- متوافق مع إصلاح الأنبياء من قبله: وإذا كان الإصلاح الذي بعث الله به الأنبياء والمرسلين، يتواصل ويستمر بعدهم في الصالحين من أتباعهم المؤمنين، فإن الإصلاح الذي بعث الله به نبيه ورسوله سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم، وجاء به الدين الإسلامي الحنيف الذي هو خاتمة الأديان، وصالح لكل زمان ومكان، قد استمر في حفظ الله كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وفي قيام هذه الأمة الإسلامية على أمر الله، وفي ظهورها على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله، وهم ظاهرون، مصداقا للحديث النبوي الشريف :” تركتكم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك” (ابن ماجه).  وقوله :” تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا : كتاب الله وسنتي”(مالك).

** تعدد طرق الإصلاح :

وقد تعددت سبل الإصلاح بين المصلحين وتنوعت، ما بين مُؤْثِرٍ للإصلاح الدينى؛ يرى نهوض هذه الأمة بالعودة إلى دينها، وتمسكها بأصولها، وآخر يرى العمل الاجتماعي واحتذاء مناهج الأمم المتقدمة سبيلا إلى الإحياء والنهوض، وغيره يرى ذلك فى النهوض بالاقتصاد، وتوجيه ثروات الأمة وجهة رشيدة، وآخر يرى الحل فى البدء بأولى الأمر، ومن بيدهم الحل والعقد، حتى لو تطلب الأمر حدوث انقلابات ثورية، معللا ذلك بأن إصلاح النظام من شأنه أن يساعد على إصلاح الإنسان دون عكس.

وهذه السبل رغم تنوعها نستطيع أن نقسمها قسمين:

الأول: إصلاح يبدأ من الداخل إلى الخارج، من الأسفل إلى الأعلى، من روح الإنسان إلى ما حوله من الأكوان.

والثاني: على النقيض من الأول؛ إذ يعمد أصحابه إلى البدء بالخارج قبل الداخل، من الأعلى إلى الأسفل، من الحكومات إلى الشعوب.

فالإصلاح مفردة قرآنية ذات دلالة عظيمة، وقد جاءت في القرآن والسنة بصيغ متعددة، والإصلاح مهمة ووظيفة الأنبياء عليهم السلام كما رأينا ..

أخوة الإسلام :

** ومن مقومات وشروط الإصلاح والإعمار:

أولًا: إصلاح النفوس بالإيمان والأخلاق الفاضلة:

ولذلك تجد النبي – صلى الله عليه وسلم-  يقول في بداية دعائه: (اللهم أصلح لي ديني)، أول شيء إصلاح الدين فهو الأساس، يبدأ بأن يصلحَ عقائدَ الناس، ويربطَ الناس بالله، ويربط الناس بالآخرة، ويربط الناس بالجنة ويربط الناس بما عند الله، ويقارن لهم بين متاع الدنيا ومتاع الآخرة, أما طالما بقيت النفوس على فسادها فلن يتحقق الإصلاح, لأن الله تعالى يقول: “إِنَّ اللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ المُفْسِدِينَ” (يونس: 81)، فلا يمكن أن يتحقق صلاح الأمة إلا بصلاح النفس أولًا قال الله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ” (الرعد: 11).

ثانياً :”  التعاون والإيجابية:  فنحن نعيش في سفينة واحدة, والنجاة بها يتطلب من المجتمع الترابط والتعاون, والمشاركة والإيجابية, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فعن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا “. (البخاري)

ثالثاً: إصلاح ذات البين ومراعاة حرمة الدماء والأموال والأعراض:

فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ؟” قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: “إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ”( أبو داود), ووقف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   يوم النحر ليعلن الخطاب الفاصل، ويحدد الدستور الخالد، فقال: “أيها الناس، أي يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. ثم سكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، ثم قال: أليس يوم النحر؟، قلنا: بلى ، قال: فأي شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. ثم سكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس ذا الحجة؟، قلنا: بلى، ثم قال: فأي بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. ثم سكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس البلد الحرام؟، قلنا: بلى، قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه “. فالإصلاح الحقيقي شرط لعدم التعرض للهلاك  . .

جماعة الإسلام : 

**    أثار الإصلاح :

ثم إن للإصلاح آثار حسنة وثمار طيبة ينبغي للمسلم أن يحرص عليها، ولو لم يكن فيه إلاّ النجاة من الهلاك في الدارين، وفتح أبواب الخير فيهما لكفى: “وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ” (الأعراف/ 96).

و قال تعالي :”فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون”(الأعراف/35).

وقال: “فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون”(الأنعام/ 48).

وأما شهادة الواقع فما حدث في عهد خامس الخلفاء الراشدين دليل تاريخي ملموس؛ إذ عم الخير وفاض حتى وصل إلى السباع في البراري في شهور معدودة، فهل تدرك الأمة مقصود ربها من الإصلاح لتنجو من الهلاك ويعم الخير البر والبحر؟

*ومن أثار الإصلاح التأكيد علي خيرية هذه الأمة المحمدية  فالأمة الإسلامية هي خير أمة أُخرجت للناس، قال تعالى :”كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله” (آل عمران/110).  والخيرية هنا مشروطة بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وبعبارة واحدة مشروطة بالإصلاح؛ فالإصلاح هو علة خيرية هذه الأمة.

*ومن أثار الإصلاح الطيبة  هو الفلاح في الدنيا والآخرة فقد أخبرنا الحق تعالى بأن الإصلاح هو سر الفلاح، فقال تعالي “ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون”(آل عمران/104). *كما أنه سر الأمن والاستقرار بدفعه للبلاء والهلاك، قال تعالى “وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون“(هود/117).

* ومن أثار الإصلاح أنه  شرط لقبول التوبة:

قال تعالى:”وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ” (هود/117).

 إذا تخلَّوْا عن هذا الشرط، وهو شرط الإصلاح، فإنهم يتعرضون للهلاك.

بل إنك تعجب وأنت تقرأ القرآن حينما يدعو المخطئين إلى التوبة، فيعلن الحق جل وعلا أنه لا يقبل التوبة بمجرد إعلان لفظي، إنما يشترط على كل تائب من كل ذنب أن يحدث إصلاحًا، قال تعالى:” كَتَبَ رَبُّكُمْ على نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” (الأنعام/ 54). ” وَالْعَصْرِ . إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ “( العصر).

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المصلحين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

الخطبة الثانية :

الحمد لله ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، أحمده وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، واشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،؛ بعثه الله تعالى رحمة للعالمين، وحجة على الخلق أجمعين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

أما بعد فيا جماعة الإسلام :

لازلنا نواصل الحديث حول دعوة الأنبياء لٌصلاح الدين والدنيا ..

** الإصلاح غاية شريفة لا يدعيها من فقد الشرف :

وهو عنصر هام من عناصر:” منهج الأنبياء والرسل للإصلاح في القرآن الكريم ..

وقد حاول المفسدون اختطاف هذا الشعار العظيم ومنهم فرعون حيث اتهم المصلحين بإظهار الفساد إشارة إلى تبنيه للإصلاح فقال: “وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ “(غافر:26).

وادعاه المنافقون كما قال تعالى: ” وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ المُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ “(البقرة/11). وهؤلاء بزعمهم قد خالفوا الفطرة والطبيعة السوية والشريعة الإسلامية.

والمعيار الذي يميز بين صاحب الحق، أو مدعي الإصلاح بالباطل هو صاحب الأمر والتشريع، وهو الله جل جلاله، فهو وحده من يحدد المصلح من المفسد كما قال :” وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ “(البقرة/220).  ويقول سبحانه: وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ “(الأعراف:56).

وعندما تغيب الضمائر وتموت النوايا السليمة عن الإصلاح يصبح شعاراً أجوف لا قيمة له، فلا يسمى العمل إصلاحاً إلا بأصحاب الضمائر اليقظة والنوايا السليمة التي تستمد دعوتها من النبعين الصافيين القرآن الكريم و السنة النبوية المطهرة وإتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين ، لأن البدع والأهواء ليست إسلاماً حتى لو صدرت من المسلمين، ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:”من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد”( البخاري ومسلم). ولا يسمى ما ردته الشريعة إصلاحاً بأي وجه من الوجوه.

وقد تكون دعوى الإصلاح دعوى مطلوبة في واقع ما لكن امتطاها صاحبها ليحقق بها لنفسه أغراضاً شخصية، وأهواء ذاتية، وكم من كلمة حق أريد بها باطل!

وعلى كل منا أن يبدأ بنفسه وبمن حوله: لذلك يقول سيدنا شعيب لقومه وهو يدعوهم “وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ” (هود: 88)، فإذا تقدم شخص ليقول: نحن نقوم بعملية إصلاح.. فلا بد أن يظهر بوضوح أمام الناس ويبين هذا الإصلاح، ويُظْهِرَ الإصلاح في نفسه وأهل بيته.

وهو ما نهجه  نبي  الله شعيب عليه السلام فقد قدم لقومه بينة صدق دعواه الإصلاح، فأخبرهم بأنه لا يخالفهم إلى ما ينهاهم عنه، وهذا يدل على قناعته بصلاح ما يدعو إليه والتزامه له، ولم يكن   بحاجة إلى كبير حجة يقنعهم بها  ..

أخوة الإسلام :  

* المصلح  غريب في وسط المفسدين :

 أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ”  

المفسدون في الأرض هم من يكن الفساد هاجسهم الأول ولا يرتاح لهم بال إلا إذا أفسدوا جميع من حولهم وإن لم يستطيعوا اتهموهم بالفساد .فهم ينشرون الفساد بكل أشكاله حتى  أنهم لايعيرون أي اهتمام لقضايا الشرف . وبما أنهم فاسدون بالجملة فلا يروق لهم أن يروا شرفاء بينهم. دأبهم ومنهجهم هم آل لوط فقد حكي القرآن الكريم عنهم :”فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ “(النمل /56).

فالطهارة  عدوتهم والشرف ألد أعدائهم . وأقل ما يمكن أن يفعلوه هو قذف المحصنات وتلويث سمعة العوائل المحافظة.وحبك الشعارات ونشر الأراجيف حول المصلح فالمتمسك بدينه مستكره .. والقابض علي دينه كالقابض علي جمر.  

و:” جاء الإسلام غريباً وسيعود غريباً فطوبي للغرباء” (متفق عليه).

الدعاء :

عباد الله أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم ..

وقوموا إلي صلاتكم يرحمكم الله .. وأقم الصلاة . :” إن الصلاة كانت علي المؤمنين كتاباً موقوتاً ” .

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى