خطبة الأسبوععاجل

خطبة بعنوان : “تصوير القرآن لحالة العالم قبل البعثة وبعدها”، لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 3 من ربيع 1438هـ، الموافق 2 ديسمبر 2016م

خطبة بعنوان : “تصوير القرآن لحالة العالم قبل البعثة وبعدها” ، لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 3 من ربيع 1438هـ، الموافق 2 ديسمبر 2016م.

لتحميل الخطبة بصيغة word أضغط هنا

لتحميل الخطبة بصيغة pdf أضغط هنا

 

 

ولقراءة الخطبة كما يلي:    

الحمدلله رب العالمين يارب لك الحمدكما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله الا الله ارسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله ولو كره الكافرون . وأشهد أن سيدناونبينا محمداً عبدالله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه بلغ الرسالة وادي الأمانة قال عن نفسه :” أن الله اصطفي من ولد اسماعيل كنانة واصطفي من كنانة قريش واصطفي من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم فانا خيار من خيارمن خيار”(مسلم والترمذي). اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي اله و صحبه و سلم . امابعد فيا جماعة الاسلام .. لقد ولد نبينا محمد صلي الله عليه وسلم والعالم يعج بالفوضي والاضطرابات فقد كان العربي يهجم علي أخيه العربي فيقتله ويسلب ماله ويستحل عرضه و كان يقتل ابنته خوفا عليها من الفقر والجوع أو العار وقد صور لنا القرءان الكريم حال الجزيرة العربية قبل البعثة الشريفة بقوله تعالي في سورة النحل :”واذا بشر احدهم بالانثي ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتواري من القوم من سوء مابشر به ايمسكه علي هون أم يدسه في التراب الا ساء ما يحكمون “.(النحل/٥٨؛٥٩). وقال تعالي :”واذا المؤدة سؤلت باي ذنب قتلت”وقال تعالي:”ولاتقتلوا أولادكم خشية املاق نحن نرزقهم وإياكم أن قتلهم كان خطأ كبيرا”(الاسراء). كانت الوثنية هي الديانة الكبرى في شبه الجزيرة العربية. وكانت عقيدة الشرك وعبادة الأصنام متفشية بين سكان هذه المنطقة. ويكفي أن نذكر أن عبادتهم للأصنام كانت ملونة باللون القبلي . فلكل قبيلة، بل لكل بيت وثن وطريقة في العبادة. ورغم أنهم كانوا يعتقدون بوجود الله وخالقيته للكون، إلا أنهم كانوا يرون أن عبادتهم للأصنام تقربهم من الله، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك بقوله تعالى:” والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى”. اخوة الايمان والاسلام:

فالعصبية كانت حياة العرب قبل الإسلام ومن هنا فقد نشأت من هذا الوضع ظاهرة الدويلات القبلية، فكان لكل قبيلة حاكم، ولكل صاحب قوة سلطان، ولم يكن يجمعهم نظام واحد، أو سلطة سياسية واحدة، وإنما كانوا يعيشون فراغا سياسيا في هذا الجانب.فكانت هذه القبيلة تغير على تلك القبيلة وتستولي على أموالها وتسبي نسائها وأطفالها، وتقتل أو تأسر من تقدر عليه من رجالها ثم تعود القبيلة المنكوبة لتتربص بالقبيلة التي غلبتها وهكذا. ولذلك فإن من يطالع كتب التاريخ يرى بوضوح إلى حد كانت الحال الاجتماعية متردية في ذلك العصر. فالسلب والنهب والإغارة والتعصب القبلي كان من طباع ذلك المجتمع. وكانت لأتفه الأسباب تحدث بينهم حروب طاحنة ومدمرة يذهب ضحيتها الاف الناس. اخوة الإسلام : ولعل أبرز الأمثلة على ذلك ما عرف بحرب داحس والغبراء. وحرب بعاث ولعل أفضل مرجع للتعرف إلى ملامح الوضع الاجتماعي في العقد الجاهلي هو كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام) التي يصف فيها حال العرب قبل بعثة النبي صلي الله عليه وسلم، إذ يقول في بعض كلماته :” إن الله بعث محمداً نذيراً للعالمين وأمينا على التنزيل، وأنتم معشر العرب على شر دين وفي شر دار منخيون (مقيمون) بين حجارة خُشن وحيات سم تشربون الكدر وتأكلون الجشب (الطعام الغليظ) وتسفكون دماءكم وتقطعون أرحامكم، الأصنام فيكم منصوبة والأثام بكم معصوبة.

زيادة على ما ذكرنامن الوضع الأخلاقي العام، فقد كانت القسوة والفاحشة وتعاطي الخمر والربا والزنا هي السمات العامة للأخلاق المتفشية في المجتمع الجاهلي. والكثير من العادات والتقاليد القبيحة التي كانت سائدة أنذاك، والتي أشار إليها القرآن الكريم لمعرفة مدى شيوع الفاحشة وظاهرة انعدام الغيرة والتحلل الاخلاقي في تلك المجتمعات الجاهلية. كما أن عاداتهم القبيحة أيضا الطواف حول الكعبة وهم عراة، سواء الرجال والنساء. اخوة بالايمان والاسلام: هذه كانت أوضاع المجتمع العربي وأحواله في شبه الجزيرة أنذاك وما ذكرناه غيض من فيض وقليل من كثير مما كان يرتكب في الجاهلية الأولي.

ومن قلب هذا المجتمع وهذا الجو القبلي المعقد والمشرذم الذي توافرت فيه كل أنواع الفساد والبعد عن القيم والأخلاق وأصبح بحاجة إلى عملية تغيير شاملة خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم ليكون قائد عملية التغيير هذه. ولقد استطاع هذا الرسول العظيم في مدة وجيزة جدا أن ينقل هذه الأمة من حضيض الذل والمهانة إلى أوج العظمة والعزة والكرامة. وأن يغيير فيها كل عاداتها ومفاهيمها، وأن يقضي على كل أسباب شقائها والامها. ايها الناس :

لقد استطاع رسول الاسلام في مدة لا تتجاوز سنواتها عدد أصابع اليدين أن يحقق أعظم انجاز في منطقة كان لها تلك الصفات والمميزات. وأن يحدث تغييرا حقيقيا وجذريا في عواطف وسلوك وعقلية الأمة، وفي مفاهيمها وأن ينقلها من العدم إلى الوجود ومن الموت إلى الحياة. ولقد عبّر عن ذلك جعفر بن طالب لملك الحبشة بعدما بيّن له الأوضاع المتردية التي كان يعيشونها قبل مبعث الرسول صلي الله عليه وسلم فقال :”فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وأباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الامانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم “. ويصور لنا الشاعر الكبير أحمد شوقي هذا الوضع في ابيات عظيمة فيقول : اتيت والناس فوضى لا تمر بهم … إلا على صنم قد هام في صنم. والأرض مملوءة جورا مسخرة … لكل طاغية في الخلق محتكم. مسيطر الفرس يبغي في رعيته … وقيصر الروم من كبر أصم عم. يعذبان عباد الله في شبه … ويذبحان كما ضحيت بالغنم. والخلق يفتك أقواهم بأضعفهم … كالليث بالبهم أو كالحوت بالبلم. وهو هنا يتوجه بحديثه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيقول: لقد جاء مولدك يا رسول الله والناس حياتهم فوضى، وعقائدهم فوضى، تراهم دائما هائمين أمام الأصنام، ومن يراهم يحسبهم أصناما لا يكاد يفرق بين الصنم الحقيقي، والصنم البشري، وقد أتيت يا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والأرض مليئة بالظلم يسخرها الطغاة لمصالحه

 

شتان مابين مجتمع الجاهليةومجتمع الاسلام اخوة الايمان والاسلام رأيناكيف صور القران الكريم مجتمع الجاهلية بما فيه من ظلم وبطش وقتل وظلام حالك .. وسوف نعرض هنا بعض ماصوره القرءان عن مجتمع مابعدً الميلاد مجتمع الصحابة قال تعالي :” محمد رسول الله والذين معه اشداء علي الكفار رحماء بينهم …..”. كما أخبر الرسول صلي الله عليه وسلم “بعثت بالحنيفية السمحة ” ويقول :”انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق” وبحق كانت بعثته صلي الله عليه وسلم رحمة وهداية واصلاح ومؤاخاة فحرر المجتمع من الهمجية الي النظام ومن العصبية القبلية الي الأثرة والألفة لذلك نجد وصف القرءان لهذا المجتمع وصفا دقيقا ” محمد رسول والذين معه اشداء علي الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من اثر السجود…” اخوة الاسلام لقد انقذ الله البشرية ببعثة رسولنا من الهلاك.

اخي الرسول بين الأوس والخزرج والف بينهم بعد حروب ظلت اكثر من ثلاثة قرون بسبب مابثه اليهود بينهم من عداوات وبغضاء كما يحدث بيننا اليوم ..مع أن اوس بن قيظي وخزرج بن قيظي اخوان شقيقان من اب واحد وهو قيظي ومن ام واحدة وهي قيلة لذلك كانا يلقبان بابناء قيلة فالف الرسول بينهم بعد عداوات وحروب ونزع من بينهم العصبات ودعوي الجاهلية لذلك عندما رأي شاس بن قيس زعيم اليهود شباب الأوس والخزرج يتسامرون ويلعبون فغاظه ذلك واراد أن يبث بينهم العصبية مرة اخري فذكرهم بيوم بعاث وكانت الغلبة فيه للأوس فاستل شباب الأوس والخزرج سيوفهم وكادوا أن تقع الفتنةومن بينهم لولا أن مر رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال قولته المشهورة “الله الله ابدعوي الجاهلية وانا بين ظهرانيكم ..دعوها فانها منتنة …دعوا العصبية فانها منتنة …ليس منا من دعي الي عصبية.. ليس منا من دعي بدعوي الجاهلية.. نعم اخوة الايمان والاسلام كان مولده رحمة وكان مولده اخاء ومودة فشتان مابين مجتمع الجاهلية والاسلام .. ولقدآخى بين المهاجرين والأنصار لتذهب عنهم وحشة الغربة وليؤنسهم من مفارقة الأهل والعشيرة ويشد بعضهم أزر بعض، وليذهب عنهم نعرة الجاهلية نوقد آخى بينهم على الحق والمواساة ويتوارثون بعد الممات دون ذوي الأرحام وكانوا تسعين رجلا خمسة وأربعين من المهاجرين وخمسة وأربعين من الأنصار، ويقال: كانوا مائة وخمسين من المهاجرين وخمسين من الأنصار وكان ذلك قبل بدر فلما كانت وقعة بدر وأنزل الله تعالى: “وَأُوْلُواْ الارْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَبِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلّ شَىْء عَلِيمٌ” (الأنفال/ 74)، نسخت هذه الآية ما كان قبلها وانقطعت المؤاخاة في الميراث ورجع كل إنسان إلى نسبه وورثه ذوو رحمه.. أخذ رسول الله بيد عليّ بن أبي طالب فقال: هذا أخي. …… قال المهاجرون: يا رسول الله ما رأينا مثل قوم قدمنا عليهم أحسن مواساة في قليل ولا أحسن بذلا في كثير، كفونا المؤونة وأشركونا في المهنة حتى لقد خشينا أن يذهبوا بالأجر كله، قال: «لا، ما أثنيتم عليهم ودعوتهم لهم»، أي فإن ثنائكم عليهم ودعاءكم لهم حصل منكم به نوع مكافأة، قال تعالى يثني على الأنصار في سورة الحشر: “وَالَّذِينَ تَبَوَّءوا الدَّارَ وَالإيمَنَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَةً مّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” (الحشر: 9).

عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصار: إن شئتم قسمتم للمهاجرين من دوركم وأموالكم وقسمت لكم من الغنيمة كما قسمت لهم، وإن شئتم كان لهم الغنيمة ولكم دياركم وأموالكم، فقالوا: لا، بل نقسم لهم من ديارنا وأموالنا ولا نشاركهم في الغنيمة، فأنزل الله تعالى: “وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ” (الحشر: 9).

فالأنصار أكرموا المهاجرين إكراما عظيما ليدفعوا عنهم غوائل الحاجة فكانوا يحرمون أنفسهم لمساعدة إخوانهم في الإسلام على حداثة عهدهم به حتى صاروا مثلا يُضرب للتعاون وحسن الخلق كل ذلك بسبب ميلاد الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى