خطبة الأسبوععاجل

خطبة بعنوان : شمولية الإسلام في حقوق الطريق والمرافق العامة

خطبة بعنوان : شمولية الإسلام في حقوق الطريق والمرافق العامة.

لتحميل الخطبة أضغط هنا.

 

ولقراءة الخطبة كما يلي: 

عناصر الخطبة:

العنصر الأول:  شمولية الإسلام وتنظيم المجتمع

العنصر الثاني:   تعريف الطريق وآدابه.

                                          ويشمل:

    1- غض البصر.

     2- كف الأذي.

    3-  رد السلام .

     4- والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

العنصر الثالث :   الطريق أمن وآمان .       

                                   ويشمل:

     1 – الطريق آمن وآمان.

      2-  واحترام إشارات المرور.

العنصر الرابع الطريق ملك للجميع.

العنصر الخامس المحافظة علي المرافق العامة

أما بعد..

 شمولية الإسلام وتنظيم المجتمع:

إن شريعة الإسلام استوعبت شتى جوانب الحياة وشؤونها. ونظمت كل ما يعرض للمرء من مهده إلى لحده.

إن الدين الذي يبني أمة ذات رسالة لتبقى قائدة رائدة.. صالحة لكل زمان ومكان  إن ديناً هذا شأنه لا يدع مجالاً في السلوك العام، أو السلوك الخاص، إلا وجاء فيه بأمر السداد.

ومن هنا فلا غرو أن تدخل توجيهات الإسلام وأحكام الشريعة في تنظيم المجتمع، في دقيقه وجليله، في أفراده وجموعه، وفي شأنه كله. ولا تزال مدونات أهل الإسلام في الفقه والأخلاق مشحونة بالحكم والأحكام في فكر أصيل، ونظرٍ عميق، واستبحار في فهم الحياة، وشؤون الإنسان، وسياسة المجتمع، مع نماذج حية وسير فذة، وتطبيقات جليلة طوال تاريخ الأمة المجيد.

وإن مما يظهر فيه شمول هذا الدين، وجلاء حكمه وأحكامه، ما أوضحه الكتاب والسنة من آداب الطريق، ومجالس الأسواق، وحقوق المارة، وأدب الجماعة. جاء في محكم التنزيل:  وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَـٰهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً  [الفرقان:63].  وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَا أَعْمَـٰلُنَا وَلَكُمْ أَعْمَـٰلُكُمْ سَلَـٰمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِى ٱلْجَـٰهِلِينَ  [القصص:55].  وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً  وَلاَ تَمْشِ فِى ٱلأرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ ٱلأرْضَ وَلَن تَبْلُغَ ٱلْجِبَالَ طُولاً  كُلُّ ذٰلِكَ كَانَ سَيّئُهُ عِنْدَ رَبّكَ مَكْرُوهًا  [الإسراء:36-38].

تعريف الطريق وآدابه:

الطريق هو ما يطرقه الناس ويسلكونه سواءً كان حسياً أو معنوياً.

ويسمى: سبيلاً وصراطاً، قال تعالى:  وأن هذا صراطي مستقيما وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم.. . وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم.. .

 

عِبَادَ اللهِ، لَقَدْ وَصَفَ اللهُ عِبَادَ الرَّحْمَنِ بِصِفَاتٍ تُؤَهِّلُهُمْ لِنَيلِ الجَنَّاتِ، فَكَانَ مِنْ أَوْصَافِهمْ:  وَعِبَادُ الرَّحمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ فِي الأَرْضِ هَوْنًا ، فَالْمؤْمِنُونَ الصَّادِقُونَ إِذَا مَشوا فَإِنَّهُمْ يَمْشُونَ فِي اقْتِصَادٍ، حُلَماءُ مُتَوَاضِعونَ، وَالقَصْدُ وَالتُّؤَدَةُ وَحُسْنُ السَّمْتِ مِنْ أَخْلاَقِ النُّبُوَّةِ، وَيَقُولُ   لَمَّا رَأَى سُرْعَةَ النَّاسِ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ وَهُمْ عَلَى دَوَابِّهمْ قَالَ:((عَلَيكُمْ بِالسَّكِينةِ، فَإِنَّ البِرَّ لَيْسَ بِالإِيضاعِ)) رواه البخاري، وَرُوِيَ فِي صِفَتِهِ   أَنَّه كَانَ إِذَا زَالَ زَالَ تَقَلُّعًا وَيَخْطُو تَكَفُّؤًا وَيَمْشِي هَوْنًا، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: سُرْعَةُ المَشْيِ تُذْهِبُ بَهَاءَ الوَجْهِ، وَقَالَ ابنُ عَطِيَّةَ: الإِسْرَاعُ يُخِلُّ بِالوَقَارِ وَالخَيْرُ فِي التَّوَسُّطِ.

وَيَقُولُ اللهُ فِي وَصِيَّةِ لُقْمَانَ:  وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ   وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ  [لقمان: 18، 19]، وقال تعالى:  وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً  [الإسراء: 37]، وَنَهَى   أَنْجَشَةَ عَنْ حَدْوِ الإِبْلِ حَتَّى لاَ تُسْرِعَ وَفَوقَهَا النِّسَاءُ: ((يا أَنْجَشَةُ، رُوَيدًا سَوقَكَ بِالقَوَارِيرِ)) مُتَّفَقٌ عليه.

عِبادَ اللهِ، إِنَّهُ إِذَا كَانَ النَّهْيُ عَنْ سُرْعَةِ المَشْيِ عَلَى الأَقْدَامِ لمَا يَدُلُّ عَلَيهِ مِنَ الطَّيشِ والزَّلَلِ وَمَا يُؤَدِي إِليهِ مِنَ تَعَثُّرٍ وَتَهوُّرٍ، فَإِنَّ النَّهْيَ يَكْونَُ مِنْ بَابِ أَوْلَى إِذَا كَانَ السَّيرُ بِآلَةٍ تَنْهَبُ الأَرْضَ بِعَجَلاَتِهَا، تُسَابِقُ الرِّيحَ أَوْ تُطَاوِلُ الجِبالَ، تُؤَدِّي إِلى المَهَالِكِ مَا بَينَ قائدهَا وَبَينَ المَوتِ إِلاَّ خَلْخَلةُ مِسْمَارٍ أَوْ عَطَبُ مُحَرِّكٍ.

عبادَ اللهِ، حَدِيثٌ عَظِيمٌ جَمَعَ خِصَالاً وَآدَابًا مِنْ آدَابِ السَّيرِ فِي الطَّريقِ، رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وغَيرُهُمَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ   أَنَّ رَسُولَ اللهِ   خَرَجَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: ((إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ))، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا، فَقَالَ: ((فَإِذَا أَبَيْتُم إِلاَّ المَجْلِسَ فَأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ))، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: ((غَضُّ البَصَرِِ وَكَفُّ الأَذَى وَرَدُّ السَّلاَمِ وَالأَمرُ بِالمعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ))، وَفِي رِوَايةٍ : ((حُسْنُ الكَلاَمِ))، وَفِي رِوَايةٍ أُخْرَى: ((وَإِرْشَادُ ابنِ السَّبِيلِ وَتَشْمِيتُ العَاطِسِ إِذَا حَمِدَ))، وَزَادَ أَبُو دَاودَ: ((وَتُغِيثُوا المَلْهُوفَ وَتَهدُوا الضَّالَّ))، وَزَادَ أَحْمَد والتِّرْمِذيُّ: ((اهْدُوا السَّبِيلَ وَأعِينُوا المَظْلُومَ وَأفْشُوا السَّلاَم))، وَزَادَ البَزَّارُ: ((وَأَعِينُوا عَلَى الحُمُولَةِ))، وَزَادَ الطَّبَريُّ: ((ذِكْرُ اللهِ كَثِيرًا)). فَهَذِهِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَدَبًا مِنْ آدَابِ الطَّرِيقِ لَوْ طَبَّقَهَا النَّاسُ لَمَا وَجَدُوا تَصَرُّفَاتٍ هَوْجَاءَ وَلاَ أَفْعَالاً مُسْتَنْكَرَةً.

 غض البصر:

الأمر بغض البصر يشترك فيه الرجال والنساء على حد سواء فتعمد النظر يورث القلب علاقة يتعذب بها الإنسان. إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً .

كل الحـوادث مبـدأها النظـر         ومعظم النار من مستصغر الشرر

كم نظرة فتكت في قلب صاحبها         فتك السـهام بلا قـوس ولا وتر

وقد تقع من المؤمن النظرة المفاجئة، يقول عليه الصلاة والسلام لعلي: ((لا تتبع النظرة النظرة، فإن الأولى لك، والثانية عليك)).

فغض البصر أمر الله تعالى به الرجال والنساء على السواء، فقال عز من قائل:  قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها . إن الإسلام بهذا التشريع الحكيم يريد أن يقطع الداء من أصله، فقد حرم الزنا وحرم كذلك الطرق الموصلة إليه، وأعظمها النظر لذلك، سأل الإمام علي   عن نظرة الفجاءة فقال له  :((صرف بصرك فإن الأولى لك والثانية عليك)).

وقبل غض البصر أمر الله النساء بالاحتجاب عن الرجال، وإذا خرجن فليخرجن كما أمر الله تعالى:  وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن ، وإذا خرجت فلتخرج محتشمة في لباسها ومشيها بعيدة عن حركات الريبة ومواضع التهم غير متعطرة ولا متلفتة حذرة كل الحذر من قول الرسول  : ((أيما امرأة استعطرت وخرجت على قوم فهي كذا وكذا يعني زانية)). ولا تخضع بالقول قال تعالي: إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض . وقال تعالي:  ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن .

هذه قصة تروي النهاية السيئة لطريق الفساد والضياع – النظر المحرم -: أن امرأة كانت تسأل عن طريق حمام منجاب ؟ فجاءت إلى رجل عند باب بيته, وكان باب بيته يشبه ذلك باب الحمام, فلما سألته, قال لها: هذا حمام منجاب. فدخلت الدار ودخل ورائها فلما رأت نفسها في داره وعلمت أنه قد خدعها أظهرت له البشرى والفرح باجتماعها معه. وقالت له: يصلح أن يكون معنا ما يطيب عيشنا وتقر به عيوننا, فقال لها: الساعة آتيك بكل ما تريدين وتشتهين, وخرج وتركها في الدار ولم يغلقها فأخذ ما يصلح ورجع فوجدها قد خرجت وذهبت. فهام الرجل بها وأكثر من ذكرها وجعل يمشي في الطرق ويقول:
يا رب قائلةٍ يوماً وقد تعبت *** أين الطريق إلى حمام منجاب ؟
فبينما هو يقول ذلك وإذا بجارية أجابته من طاق:
هلاّ جعلت سريعاً إذ ظفرت بها *** حرزاً على الدار أو قفلاً على الباب ؟
فازداد هيمانه واشتد هيجانه ولم يزل كذلك حتى كان هذا البيت آخر كلامه من الدنيا.والعياذ بالله.

كف الأذى:

 ومن حقوق الطريق، كف الأذى وعدم إيذاء الناس في أبدانهم أو أعراضهم. وفي الحديث الذي رواه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن النبي قال: المسلم من سَلِم المسلمون من لسانه ويده.

ومن  المراد بكف الأذى إماطته عن الطريق إن وجد من غيرك، وأن لا تتعرض لأحد بما يكره، ولا تذكر أحدا من الناس إلا بخير، ولا تهزأ بالمارة ولا تسخر براكب ولا ماش ولا تشر بيدك ولا عينك إلى رجل أو امرأة بسوء، ولا تحتقر ضعيفا، ولا تضحك من شيخ أحدب، ولا عجوز شوهاء، ولا تفعل ما يفعل الأراذل والسفهاء من قول فاحش ونقد لاذع، وتهكم مزرٍ،  والكلمات التي تسمعها النساء في الطريق من الذين لا خلاق لهم ولا رادع من علم أو مروءة، ولا زاجر من عقل أو كرامة.

والأذى يكون:

1-   بالنظر.

2-   بالكلام.

3-   برمي القمائم والزجاج وقشر الموز والبطيخ..

4-   باللعب في الشوارع، فذلك يؤذ الناس في بيوتهم.

5-   بترك المجاري تسيل في الشوارع.

 

 حرمة وضع الأذى في الطريق:

عن أبي ذر مرفوعاً: ((عرضت علي أعمال أمتي حسنها وسيئها فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق ووجدت في مساوئ أعمالها النخامة تكون في المسجد)).

عن أبي هريرة مرفوعاً: ((اتقوا اللاعنين قالوا: وما اللاعنان قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم)).

إماطة الأذى من شعب الإيمان، وانعدامه نقص في الإيمان:

عن أبي هريرة: ((الإيمان بضع وسبعون شعبة فأفضلها: قول: لا إله إلا الله ، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان)).

 أجر إماطة الأذى عن الطريق:

عن أبي هريرة مرفوعاًً: ((تميط الأذى عن الطريق صدقة)) [متفق عليه].

عن عائشة مرفوعاً: ((إنه خلق كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل فمن كبر الله وحمد الله وهلل وسبح واستغفر الله، وعزل حجراً عن طريق الناس أو شوق أو عظماً عن طريق الناس أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر عدد السنين الثلاثمائة فإنه يمشي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار)) [مسلم].

عن أبي هريرة مرفوعاًً: ((لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين)).

وفي رواية: ((مر رجل ببعض شجرة على ظهر طريق فقال: والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم، فأدخل الجنة)).

وفي رواية: ((بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له)).


 رد السلام:

 ومن حقوق الطريق: رد السلام، وهو واجب لقوله في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: خمس تجب للمسلم على أخيه: رد السلام، وتشميت العاطس، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، وإتباع الجنائز ، وهو شعار المسلم فالله سبحانه من أسمائه السلام وجنته دار السلام وتحية أهل الجنة السلام، لذلك أمر الله بإفشائه بيننا وجعل إلقاءه على المسلمين سنة ورده فرضاً فقال تعالى وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا .

 ورد السلام على من عرفت ومن لم تعرف وهو من حق المسلم على المسلم والابتداء به سنة مستحبة ورده واجب على الكفاية، ويكون من الصغير على الكبير ومن القائم على القاعد ومن الراكب على الماشي والقليل على الكثير، وتكره الإشارة بالسلام إلا مع التلفظ به بحيث يشير بيده ويتلفظ بفمه.

وأما كيفيته فالأفضل أن يقول المسلم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فيأتي بضمير الجمع وإن كان المسلم عليه واحدا ويقول المجيب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، والأجر المرتب على هذه الكيفية من السلام هو ثلاثون حسنة كما ورد بذلك الحديث.

هذه بعض مسائل السلام وأما ما ورد في فضل إفشاء السلام فقد روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: ((أن رجلا سأل النبي  : أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف)).

وروى مسلم في صحيحه أن النبي   قال: ((لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم)).

وقال عمارة  : (ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم (أي للناس) والإنفاق من الإقتار).

 

وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

هذا باب عظيم الشأن والقدر، به كانت هذه الأمة خير الأمم: كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَتَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤمِنُونَ بِاللهِ . وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فوائد عظيمة للأمة، منها: نجاة سفينة المجتمع من الهلاك والغرق، ومنها قمع الباطل وأهله، ومنها كثرة الخيرات والحد من الشرور، ومنها استتباب الأمن، ومنها نشر الفضيلة وقمع الرذيلة… إلخ.

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيدخل  فيه الكثير من مكارم الأخلاق والآداب والمروءات، فلا تقول هجرًا، ولا تنطق فحشًا، تفض النزاع بين المتخاصمين، وتصلح ذات البين، وتحفظ اللقطة، وتدل على الضالة، تذبُ عن أعراض المسلمين، وتأخذ على أيدي الظالمين، وتنصر المظلومين، وتعين على رد الحقوق لأصحابها. اهدِ الضال في الطريق بأدب ولطف، وتبسّم في وجه أخيك، أعِن صاحب المتاع، احمل متاعه وارفعه وضعه، فقد يكون صغيرًا أو كبيرًا، لا تتعرض لأحد بمكروه، ولو كان عاملًا، لا تذكر أحدًا بسوء، ولا تهزأ بالمارَة، ولا تسخر من ذي عاهة، لا تُشر ببنان، لا تستطلْ بلسان، لا تحتقر صغيرًا، ولا تُهن كبيرًا.

إياك والجلوس في مضايق الطريق وملتقى الأبواب ومواطن الزحام، وخاصة عند قيادة المركبات. احفظ حقوق المشاة والراكبين والقاعدين، واعلم أن إهمال ذلك يصيب المسلمين بفساد عريض.

أمة الأدب والخلق، إن من الناس من يتخذون من الطرقِ وأماكنِ البيع مقاعد وأندية، ينشرون الأرائك والفُرشَ، ليتتبعوا العورات، ويمزقوا الأعراض، ويحرجوا أهل الأدب والمروءة، فضوليون يدسُون أنوفهم فيما لا يعنيهم، يتناولون السابلة غمزًا بالأبصار، وهمزًا بالأيدي، ولمزًا باللسان، وطعنًا بالبنان، إنه لا يحل لهؤلاء أن يجعلوا أماكنهم أوكارًا تمتدُ منها النظراتُ المحرَمة، وطريقًا إلى الرذيلة، وسبيلًا إلى المقابلات المريبة، إن هذه المواطن يجبُ فيها مراعاةُ آداب الإسلام، حتى تكون مجالسنا حلالًا.

الطريق أمن وآمان :

يعتبر قطع الطريق وإخافة السبيل وترويع الآمنين من أكبر الكبائر وهي من الحدود باتفاق الفقهاء ، وسمى القرآن مرتكبيها : محاربين لله ورسوله وساعين في الأرض بالفساد وغلظ عقوبتها أشد التغليظ فقال عز وجل :”إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض“[المائدة33] ونفى النبي صلى الله عليه وسلم انتسابهم للإسلام فقال علية الصلاة والسلام :”من حمل علينا السلاح فليس منا[14]
كذلك لا يجوز استخدام السلاح أو حمل ما يزعج الناس أو يخيفهم – إلا لمكلف بحماية الناس كالجيش والشرطة – ولو لم يقصد الاعتداء ،كمن يمشي في طريق الناس أو في أسواقهم وهو يحمل سيفاً خارجاً من غمده أو خنجراً مظهراً حدّه أو معه مسدس فهو من الإرهاب قال علية الصلاة والسلام :”إذا مر أحدكم في مجلس أو سوق وبيده نبل فليأخذ بنصلها ثم ليأخذ بنصلها ثم ليأخذ بنصلها ..”

السائق وإشارة المرور:

عباد الله , إن من الأمور المهمة والتي تنظم سير الناس في الطرقات هي إشارة المرور , وإن إشارة المرور وضعت بعد الدراسات التي أثبتت فائدتها ومن أجل تنظيم السير في الطرقات ومن أجل ذلك ينبغي للسائق المسلم طاعة ولي أمره في ذلك قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ } النساء59 ، فيقف ولا يقطع الإشارة المرورية لأنه قد يتسبب في حوادث خطيرة ويكون سببا في قتل المسلمين والضرر بهم والمآسي في ذلك والأحزان لا تخفى على كل ذي لب وقلب سليم ، فالإنسان يغضب على من يتعدى عليه فإذا لماذا يا أخي تتعدى على حقوق الناس بغير حق !!! وللأسف نشاهد بعض الناس سواء شبابا أو كبارا لا يبالون ولا يشعرون بالمسئولية فتجدهم يقطعون الإشارة المرورية دون أدنى مسئولية وأمام الناس بدون احترام لمشاعر المسلمين فاللهم اهدهم إلى سواء السبيل .

 

الطريق ملك للجميع :


وهو من المرافق العامة ، للجميع الانتفاع به بما لا يضر الآخرين باتفاق الفقهاء ، ومنفعته الأصلية : المرور فيه ، لأنه وضع لذلك ، فيباح لهم الانتفاع بما وضع له ، وهو المرور بلا خلاف ، وكذلك يباح للجميع الانتفاع بغير المرور مما لا يضر المارة ، كالجلوس في الطريق الواسعة لانتظار رفيق أو سؤال إن لم يضر المارة ، وإن لم يأذن الإمام بذلك لاتفاق الناس في سائر الأزمان والأعصار على ذلك ، وهذا أيضا محل اتفاق بين الفقهاء ، فإن ضر المارة أو ضيق عليهم لم يجز لخبر : “لا ضرر ولا ضرار” .
كما ذهب الفقهاء إلى حرمة التصرف في الطريق النافذة ويعبر عنه ب ( الشارع ) بما يضر المارة في مرورهم ، لأن الحق لعامة المسلمين ، فليس لأحد أن يضارهم في حقهم ، ويمتنع عند جمهور الفقهاء بناء دكة ، أو مطب – وهي التي تبنى للجلوس عليها  وأمام البيوت ونحوهما – في الطريق النافدة وغرس شجرة فيها وإن اتسع الطريق ، وأذن الإمام ، وانتفى الضرر ، وبنيت للمصلحة العامة؛ لمنعهما الطروق في محلهما ، ولأنه بناء في غير ملكه بغير إذنه ، وقد يؤذي المارة فيما بعد ، ويضيق عليهم ، ويعثر به العاثر ، فلم يجز ، ولأنه إذا طال الزمن أشبه موضعهما الأملاك الخاصة ، وانقطع استحقاق الطروق .
يتضح مما سبق تشديد الفقهاء ومنعهم من أي تصرف قد يضر المارة ويمنع استحقاقهم للطريق ؛ لأنه حق للجميع ولهذا نُهي عن الصلاة في قارعة الطريق مع أنها أعظم عبادة ، كما مُنع المسلم من التعريس على الطريق. كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم :”إذا عرستم فاجتنبوا الطريق فإنها طرق الدواب ومأوى الهوام
ولهذا لا ينبغي لأصحاب السيارات قطع طريق نافذ لأغراض شخصية ولا تضييقه على المارة ولا منع أحد من التصرف فيه؛ بل يضمن شرعا إن تعمد إيذاء أحد من أصحاب الطريق .

الحفاظ علي المرافق العامة:

 ما الأحب للإنسان أن يكون له خصم واحد أم خصوم كثر ؟. لا شك أن الجميع يقولون نتمنى أن لا يكون لنا خصوماً البتة،أما وإن كان لا بد فخصم واحد خير من الجماعة .أقول أحبتي حينما يأخذ أحدنا مال شخص أو يؤذيه فقد آذى شخصاً واحداً وهذا ليس بالأمر الهين فإن الله يغفر ما بينك وبينه إلا حقوق العباد فإما أن تتسامح منهم وإما أن يأخذوها منك يوم القيامة؛عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(( أَتَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ. قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم :إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِى يَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِى قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِى النَّارِ))(مسلم،تحريم الظلم،ح(4678)).وأما من يتعرض لمال المسلمين العام أو منافعهم العامة فإن جميع الأمة خصماء له يوم القيامة . هل أدركتم معي أحبتي خطورة الأمر ، نعم قد يَقِلُ من يسرق من المال العام أو ليس كل أحد يقدر على ذلك إلا أن هناك تهاون كبير في الإساءة للمنافع العامة التي ينتفع بها جميع المسلمين على السواء فهي مشاعة كل من أراد أن يستفيد منها لايمنع منها ومثالها: الطريق العام ، و الحدائق العامة والظل النافع وهكذا.ومن صور إفساد وانتهاك المنافع العامة: سلوكيات بعض الأشخاص أو الأسر ممن يذهبون للتنزه في الأماكن العامة والسياحية، ثم انظر بعد أن يغادروا المكان كيف يتركوه وقد انتن و تناثرت في جنابته نفاياتهم وبقايا طعامهم، حتى أحياناً لا يعد المكان صالحاً لأن يتنزه فيه غيرهم، بل لو جاءت نفس الأسرة للتنزه في نفس المكان لا تستطيع الجلوس فيه من آثار إفسادها السابق ، ومن الناس من يلقي بقاذوراته من شباك سيارته وهو يسير، وقد ينظر للأمر على أنه بسيط مجرد منديل، فنقول له نعم بسيط ولكن لو كان يعيش في البلد مليون شخص وكل واحد منهم رمى منديلاً كم من منديل يكون في الشارع فبتكاثر ذلك السلوك تكثر النفايات في الشوارع وتحتاج إلى عمال وسيارات وأموال لتنظيف الشارع، ولو امتنع أولئك القوم عن ذلك السلوك المشين لما اتسخت الشوارع ولتم استخدام تلك الأموال في أمور تعود بنفع أكبر على المجتمع،ومنهم مع الأسف من يتعمد الإفساد في الممتلكات العامة فتجده يأتي إلى جدار مدرسة أو جدار في أماكن سياحية عامة فيكتب عليها فيسيء إلى منظرها بعد أن كانت جميلة،وقد يكتب كلاماً يخدش الحياء!.وكم نشاهد اليوم في بعض المنشآت من إفساد متعمد.

ونري ونسمع يوميا عن تفجير أبراج الكهرباء فهو من الإضرار بكل المصريين ، وهو نوع من الإرهاب والإفساد في الأرض ، ولذا يجب المحافظة علي كل المرافق العامة ، وهذا ما أمرنا به ديننا الحنيف ، ونفع المرافق العامة يعود علي الجميع ، والضرر بها يؤثر علي الجميع .

والإسلام دين شامل لكل مناحي الحياة فما من شيء يعود بالنفع علي المجتمع إلا ودعا إليه الإسلام ، وما من شيئ يؤثر علي الفرد أو المجتمع إلا حرمه الإسلام ونهي عنه.

اللهم أحفظنا وأحفظ مصر يا رب العالمين…

آمييييييييييييين.

د.أحمد رمضان

 

 

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى