خطبة الأسبوععاجل

خطبة جمعه بعنوان “ترتيب الأولويات وأثره في حياة الأفراد والمجتمعات” للدكتور خالد بدير

خطبة جمعه بعنوان: ترتيب الأولويات وأثره في حياة الأفراد والمجتمعات.

بتاريخ:20 جمادى الأولى 1435هـ الموافق: 21 / 3 / 2014م

عناصر الخطبة:

العنصر الأول: أهمية ترتيب الأولويات في الإسلام.

العنصر الثاني: نماذج لترتيب الأولويات في الإسلام.

العنصر الثالث: كيفية تطبيق فقه ترتيب الأولويات في الإسلام.

المقدمة:                                                            أما بعد:

العنصر الأول: أهمية ترتيب الأولويات في الإسلام

المقصود بترتيب الأوليات في الإسلام ” وضع كل شيء في مرتبته بالعدل من الأحكام والقيم والأعمال، ثم يقدم الأولى فالأولى بناءً على معايير ( موازين ) شرعية صحيحة، فلا يقدم غير المهم على المهم، ولا المهم على الأهم ولا المرجوح على الراجح، بل يقدم ما حقه التقديم ويؤخر ما حقه التأخير، ولا يكبر الصغير ولا يصغر الكبير، بل يوضع كل شيء في موضعه الذي شرع له.”

فالقيم والأحكام والأعمال والتكاليف متفاوتة في نظر الشرع تفاوتاً بليغاً، وليست كلها في مرتبة واحدة، فمنها الكبير ومنها الصغير، ومنها الأصلي ومنها الفرعي، ومنها الأركان ومنها المكملات، وفيها الأعلى والأدنى، والفاضل والمفضول، وغير ذلك.

إنه فقه ترتيب الأولويات الغائب عن حياتنا والذى يدعونا إلى تقديم الأصول على الفروع، ومقاصد الشريعة على الوسائل والآليات، والإيمان على بر الوالدين، وبر الوالدين على الجهاد، وفرض الكفاية والفرض على السنة، والعلم قبل العمل، والكيف على الكم، والعمل الدائم على المنقطع، وعمل القلب على عمل الجوارح، وترك الكبائر قبل الصغائر، والكفر والشرك قبل البدع.

والأولى بمعنى الأحق والأجدر والأقرب ، وفي كل مجال يكون للأحق والأجدر والأقرب معنىً مناسباً للموضوع، ومن ذلك ما سلكه النبيr في ترتيبه للأولويات كما أورده البخاري عن ابن عباس – رضي اللَّه تعالى عنهما – ، ” أن النبيَّ r بعَثَ مُعاذًا رضي الله عنه إلى اليمنِ ، فقال : ادعُهم إلى شهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأني رسولُ اللهِ ، فإن هم أطاعوا لذلك ، فأَعْلِمْهم أن اللهَ قد افتَرَضَ عليهم خمسُ صلواتٍ في كلِّ يومٍ وليلةٍ ، فإن هم أطاعوا لذلك ، فأَعْلِمْهم أن اللهَ افتَرَضَ عليهم صدقةً في أموالِهم ، تُؤْخَذُ مِن أغنيائِهم وتُرَدُّ على فقرائِهم ” ( متفق عليه )، قال ابن حجر رحمه الله: ” بدأ r بالأهم فالأهم، وذلك من التلطف في الخطاب؛ لأنه لو طالبهم بالجميع في أول مرة لم يأمن من النفرة “

كما ببن النبي r الأولويات والمهم فالأهم من الأعلى إلى الأدنى في شعب الإيمان، فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله :r” الإيمان بضع وسبعون شعبة ، أفضلها : قول لا إله إلا الله، وأدناها : إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان “( متفق عليه ) فجعل الرسول r من هذه الشعب أعلى وأدنى ، وبين الأعلى والأدنى وسط ورتب أخرى، فلا يجوز أن يقلب المسلم الأوضاع فيجعل الأعلى أدنى ، والأدنى أعلى، فمثلاً الوفاء بالدين أوجب من أداء الحج، لكن يجوز تأجيل الدين إذا وافق الدائن وتيقن من الوفاء بعد الحج.

إن من الأهمية البالغة لكل مسلم أن ينضبط عنده ميزان الأولويات بشكل منطقي وصحيح حتى لا يقدِّم المهم على الأهم، أو يحرص على المفضول ويترك الفاضل، كمن يحرص على أداء بعض النوافل والمستحبات ويفرط في أداء الفرائض والواجبات أو يتساهل في فعل المحرمات، وكان ابن عمر يقول لأهل العراق حينما سألوه عن حكم دم البعوضة: “ما أسْأًلَكم عن الصغيرة وأجرأكم على الكبيرة، تقتلون الحسين ابن بنت رسول الله r وتسألون عن دم البعوضة!!!”

والذين يجلدون الإمام أحمد بن حنبل كانوا يسألونه عن الدم الذي ينضح على ثيابهم، وكانوا ينتقدونه على أن يصلي وهو جالس والقيد في يديه وفي رجليه، وكالذي سأل شيخاً وقال: إني زنيت وصارت المرأة حاملاً من الزنا فماذا أصنع؟ فقال له الشيخ: ولماذا جعلت المصيبة مصيبتين، لماذا لم تعزل؟ فقال: بلغني أن العزل مكروه، فقال له الشيخ: بلغك أن العزل مكروه ولم يبلغك أن الزنا حرام؟

والفهم الصحيح للدين يستلزم معرفة فقه الأولويات وكيفية الموازنة والترجيح بين المصالح والمفاسد إذا تعارضت فكما يقال: (ليس العاقل الذي يعلم الخير من الشر، ولكن العاقل الذي يعلم خير الخيرين وشر الشرين).

ولقد اهتم كثير من الناس بفروع الأعمال وأهملوا الأصول، مع أن الأقدمين قالوا: من ضيَّع الأصول حُرِمَ الوصول.

ومما وقع فيه الخلل والاضطراب: اشتغال كثير من الناس بتغيير المكروهات أو الشبهات، أكثر مما اشتغلوا بتغيير المحرمات المنتشرة أو الواجبات المضيعة، ومثل ذلك: الاشتغال بما اختلف في حله وحرمته عما هو مقطوع بتحريمه، وهناك أناس مولعون بهذه الخلافيات مثل مسائل التصوير والغناء والنقاب والساعة أين تلبس، أفي اليد اليمنى أم في اليسرى ؟!! ولبس الثوب الأبيض بدل القميص والبنطال ( السروال): واجب أم سنة ؟!! والأكل على المنضدة والجلوس على الكرسي للطعام ، واستخدام الملعقة والشوكة: هل يدخل في التشبه بالكفار أولا ؟؟!! وغيرها من المسائل التي تأكل الأوقات وتمزق الجماعات وتخلق الحزازات وتضيع الجهود، وكأنما لا همَّ لهم إلا إدارة المعارك الملتهبة حولها، ومحاولة سَوْق الناس قسراً إلى رأيهم فيها، في حين هم غافلون عن القضايا المصيرية الكبرى التي تتعلق بوجود الأمة ومصيرها وبقائها على الخريطة ! فبعض الناس يكثرون الشكوك في الطهارة والنجاسة، وبينما لا توجد عندهم شكوك في أكل أموال الناس بغير حق! وبعض الأغنياء يحرصون على بناء المساجد والمدارس و… و…، ولكنهم لا يهتمون أحلال أموالهم أم حرام!؟

أيها الإخوة ، إن بعض الدعاة – وللأسف – يجهلون فقه الأولويات هذا في دعوة الناس، ( فهذا شاب يدخل المسجد وفي رقبته سلسلة ذهبية ، ما كاد ينتهي من صلاته حتى يتسابق إليه من ينهاه وينذره ويكاد يخرجه من المسجد، ولو فقه هؤلاء الشباب وعرفوا رسالتهم لعلموا أن هذا الشاب قد جاءهم من المسارح والملاهي منيباً إلى الله تعالى، فكان الأولى بهم أن يفرحوا به ويستقبلوه أحسن استقبال، إنه عضو جديد، ورصيد جديد، لو كانوا يعلمون !! ) وانظروا كيف تعامل النبي r مع الرجل الذي بال في المسجد؟!! وكيف تعامل مع الرجل الذي طلب منه أن يرخص له في الزنا؟! وغير ذلك كثير من مواقفه r في مراعاة ترتيب الأولويات.

أيها الإخوة ، إن الذي يدخل في الإسلام ، لابد أن نعلمه الوضوء قبل أن نعلمه الصلاة، ففقه الأولويات فقه مهم جداً ، وحري بنا أن لا نغفل عنه في حياتنا، وإليك بعض الأمثلة في ترتيب الأولويات التي يجدر التنبيه إليها، كما في عنصرنا التالي إن شاء الله تعالى.

العنصر الثاني: نماذج لترتيب الأولويات في الإسلام:

حفلت الشريعة الإسلامية بنماذج كثيرة لترتيب الأولويات في الإسلام، منها على سبيل المثال لا الحصر:

أولوية الصحبة والنفقة للأبوين والأهل على غيرهم:

فقد بين النبي r أن أولى الناس بالبر الأم ثم الأب، فعن أبي هريرة جاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ r فقال : مَن أَحَقُّ الناسِ بحُسنِ صحابتي ؟ قال ” أمُّك ” قال : ثم من ؟ قال ” ثم أمُّكَ ” قال : ثم من ؟ قال ” ثم أمُّكَ ” قال : ثم من ؟ قال ” ثم أبوك ” ( متفق عليه )

فحق الأم مقدم على كل شيء، ( وروى أن بعض المتقدمين كان يحج ماشياً على قدميه كل عام؟، فكان ليلة نائماً على فراشه، فطلبت منه أمه شربة ماء، فصعب على نفسه القيام من فراشه لسقي أمه الماء، فتذكر حجه ماشياً كل عام و أنه لا يشق عليه، فحاسب نفسه فرأى أنه لا يهونه عليه إلا رؤية الناس له ومدحهم إياه، فعلم أنه كان مدخولاً.) ( لطائف المعارف لابن رجب)

وفي حديث آخر رتب النبي r الأولويات في النفقة فقال:” ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ ، أُمَّكَ وَأَبَاكَ ، أُخْتَكَ وَأَخَاكَ ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ.” ( النسائي وصححه الألباني )

كما بين r أن أولوية النفقة وأفضلها ما يكون على الأهل: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قال رسول الله r :” دِينَارٌ أَنْفَقْته فِي سَبِيلِ اللَّهِ , وَدِينَارٌ أَنْفَقْته فِي رَقَبَةٍ , وَدِينَارٌ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ , وَدِينَارٌ أَنْفَقْته عَلَى أَهْلِك , أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْته عَلَى أَهْلِك ” ( مسلم )

ورتب النبي r الأولويات في النفقة فقال: ” ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ ، فَلأَهْلِكَ ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ ، فَلِذِي قَرَابَتِكَ ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ ، فَهَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ، يَقُولُ : بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَعَنْ يَمِينِكَ ، وَعَنْ شِمَالِكَ.”( مسلم )

أولوية العلم قبل العمل والعبادة:

ففي مجال العلم والعبادة قدم النبي r العلم على العبادة، فقال:” إِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ” وفي رواية ”  فضلُ العالمِ على العابِدِ ، كفَضْلِي علَى أدناكم ” ( حسنهما الألباني )، ومن هنا كان فضل العلم والدعوة إلى الله أعظم أجراً من الانقطاع إلى العبادة مرات ومرات، لذلك قرر الفقهاء أن المتفرغ للعبادة لا يأخذ من الزكاة، بخلاف المتفرغ للعلم، لأنه لا رهبانية في الإسلام، ولأن تفرغ المتعبد لنفسه، وتفرغ طالب العلم لمصلحة الأمة ! ، فقديم العمل المتعدي نفعه إلى الغير؛ على العمل القاصر نفعه على صاحبه، فقيامه بتعليم الناس أولى من العبادة، وذلك لتعدي نفعه وشمول خيره، وهذا الذي جعل الشيطان يفرح بموت العلماء أكثر مما يفرح بموت العباد ، فروي أن جنود الشيطان جاءوا إليه فقالوا له: يا سيدنا نراك تفرح بموت الواحد من العلماء، ولا تفرح بموت آلاف العباد؟!!! فهذا العابد الذي يعبد الله ليلاً ونهاراً يسبّح ويهلل ويصوم ويتصدق، لا تفرح بموت الألف منهم فرحك بموت الواحد من العلماء. قال: نعم أنا أدلكم على هذا، فذهب إلى عابد فقال له: يا أيها الشيخ هل يقدر الله أن يجعل السماوات في جوف بيضة؟ قال العابد: لا. وهذا جهل كبير.ثم ذهب إلى العالم وقال له: هل يقدر الله أن يجعل السماوات في بيضة؟. قال العالم: نعم، قال: كيف؟ قال: إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له: كن فيكون، فإذا قال للسماوات: كوني في جوف بيضة كانت، فقال الشيطان لجنوده: انظروا الفرق بين هذا وهذا. انظروا كيف كذب الأول بجهله، وكيف اعتصم الثاني بعلمه، وكيف اهتدى بكلمته أناس كثيرون.

فالذي يعبد الله على علم لا يُخشى عليه من وقوعه في حبائل الشيطان، وتكون عبادته مقبولة لأنها مكتملة الشروط والأركان، وإلا كانت باطلة، فقد روي أن عابداً من بني إسرائيل كان يعبد الله تعالي في صومعة فوق الجبل، وذات يوم خرج كعادته لكي يتجول متأملاً في ملكوت الله تعالي ، وبينما هو يتجول رأي في طريقه جثة آدمي تنبعث منها رائحة كريهة، فمال العبد وأعرض بوجهه لتفادي شم الرائحة الكريهة، عند ذلك ظهر له الشيطان في صورة رجل من الصالحين الناصحين وقال له: لقد تبخرت حسناتك. فقال له العابد: لمَ ؟ قال : لأنك أبيت أن تشم رائحة آدمي مثلك ، وعندما ظهر علي وجه العابد الحزن والألم قال له الشيطان مشفقاً: إذا أردت أن يغفر لك الله هذا الذنب يجب أن تصطاد فأراً جبلياً وتعلقه في رقبتك وتعبد الله به طوال حياتك، ونفذ العابد واصطاد الفأر وظل يعبد الله به ستين عاماً ؛ وهو حامل هذه النجاسة حتى مات فبطلت عبادته، لذلك قال النبي r : ” مسألة علم – أو مجلس علم – خير من عبادة ستين سنة” ( رواه الديلمي في الفردوس )، فمسألة العلم التي جهلها هذا العابد من شروط صحة الصلاة التي لا تصح الصلاة ولا تقبل إلا بها؛ وهي طهارة البدن والثوب والمكان ، وهذا العابد بجهله بهذه المسألة ظل معلقاً النجاسة في رقبته وهو يصلي بها ستين عاماً، فكيف تصح هذه الصلاة مع النجاسات ؟!! فبطلت صلاة ستين عاماً بجهل مسألة علم واحدة، فما بالك لو كان جاهلاً بمسائل الفقه كلها، لذلك كان العلم أولى من العبادة.

وأما عن كيفية عبادة الله على علم وليس على جهل؛ فيكون ذلك بأن يتعلم المسلم ما يجب عليه فعله في كل عبادة، فيعرف الصلاة الصحيحة من غيرها، وكذا أحكام الطهارة وصيام رمضان، وإن كان من أهل الأموال يعرف حكم الزكاة وما يجب عليه في ماله من حق، وإن كان من أهل الاستطاعة على الحج فيعرف أن الحج واجب عليه ثم يعرف كيف يحج حجاً صحيحاً متقبلاً، وهكذا يلزمه أن يتعلم أحكام الحرفة التي يحترفها، فيعرف الحلال والحرام وينبغي له أن يجتهد في تعلم ما زاد على ذلك، وإذا لم يستطع المسلم التعلم فيسأل أهل العلم، ويستمع إلى دروسهم ومحاضراتهم حتى يعبد الله على بصيرة وتكون عبادته صحيحة مقبولة، وقبل كل هذا يتعرف على وحدانية الله وأسمائه وصفاته وأركان الإيمان، وهذا ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم، فعن التابعي الجليل أبي عبد الرحمن السلمي قال: “حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن أنهم كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يعلموا ما فيهن من العلم والعمل، قالوا : فتعلمنا العلم والعمل جميعًا “.، قارن بين ذلك وبين حالنا اليوم، فكم من أناس في كسبهم للأموال وسعيهم علي الرزق يلتمسون طرقاً غير مشروعة ، معظمها من الربا والسحت وأكل أموال الناس بالباطل والنصب في الأسواق وإتباع أساليب اللؤم والخداع في البيع والشراء وغير ذلك من طرق أكل الحرام ، وهو يعتقد أن هذه الطرق ليس فيها ما يخالف الدين والشرع ويتبع طرق ملتوية في تحليل مثل هذه الطرق فيظل طوال عمره يأكل الحرام وهو لا يدري.

أولوية الفرائض على السنن والنوافل:

إن فقه الأولويات يقتضي أن نقدم الأوجب على الواجب، والواجب على المستحب، ومن الخطأ إذن اشتغال الناس بالسنن والتطوعات من الصلاة والصيام عن الفرائض، فنرى بعض المنتسبين إلى الدِّين مَن يقوم كل الليل، ثم يذهب إلى عمله الذي يتقاضى عليه أجراً وهو متعب كليل القوة، فلا يقوم بواجبه كما ينبغي, ولو علم أن إحسان العمل فريضة، وأن التفريط فيه خيانة للأمانة وأكل للمال – آخر الشهر – بالباطل، لوفّر على نفسه ذلك القيام لأنه ليس أكثر من نفل، لم يلزمه الله به ولا رسوله، ومثله من يصوم الاثنين والخميس، فيتعبه الصيام، وخصوصاً في أيام الصيف، فيمضي إلى عمله مكدوداً مهدوداً، وكثيراً ما يؤخر مصالح الناس بتأثير الصوم عليه، والصوم هنا نفل غير واجب ولا لازم وإنجاز المصالح واجب ولازم !

فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: ” إِنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ ” ( السلسلة الصحيحة ).

وكما هو ملاحظ عند كثير من المتدينين الذين أكثروا من الأذكار والتسابيح والأوراد ولم يولوا هذا الاهتمام لكثير من الفرائض -وخصوصاً – الاجتماعية مثل: بر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان بالجار، والرحمة بالضعفاء، ورعاية اليتامى والمساكين..!

وليعلم أن ذلك كله لا يغنيه عن الفرائض الاجتماعية؛ بل إن إهمالها يحرمه من دخول الجنة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فُلاَنَةَ تُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلاَتِهَا، وَصِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: هِيَ فِي النَّارِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنَّ فُلاَنَةَ تُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، وَصَلاَتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالأَثْوَارِ مِنَ الأَقِطِ، وَلاَ تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: هِيَ فِي الْجَنَّةِ” (صحيح الترغيب والترهيب، الألباني) ، كما قدم r حق الزوجة على الصيام والقيام لأنهما سنة وتطوع ، وحق الزوجة فرض، فقد آخى النبيُّ r بين سلمانَ وأبي الدرداءِ، فزار سلمانُ أبا الدرداءِ، فرأى أمَّ الدرداءِ متبذِّلةً، فقال لها : ما شأنُكِ ؟ قالت : أَخُوكَ أبو الدرداءِ ليس له حاجةٌ في الدنيا، فجاء أبو الدرداءِ، فصنع له طعامًا، فقال : كُلْ فإني صائمٌ، قال : ما أنا بآكِلٍ حتى تأكلَ، فأكل، فلما كان الليلُ ذهب أبو الدرداءِ يقومُ، فقال : نَمْ، فنام، ثم ذهب يقومُ، فقال : نَمْ، فلما كان آخِرُ الليلِ، قال سلمانُ : قُمِ الآنَ، قال : فصَلَّيَا، فقال له سلمانُ : إن لربِّكَ عليك حقًّا، ولنفسِك عليك حقًّا، ولأهلِك عليك حقًّا، فأَعْطِ كلَّ ذِي حقٍّ حقَّه، فأتى النبيَّ r  فذكر ذلك له، فقال النبيُّ r: ( صَدَق سلمانُ ) .( البخاري )

كما قدم النبي r حق الزوج على الصيام لأنه تطوع، وحق الزوج فرض، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: ” لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ” ( البخاري )

وحينما اختلف الناس في الجامع الأزهر على عدد ركعات صلاة التراويح وكادوا يقتتلون، فاتصلوا بأحد علماء الأزهر يسألونه في ذلك؟ فقال: عليكم بغلق المسجد وعدم صلاة التراويح اليوم، لأن اجتماع المسلمين ووحدتهم وعدم اختلافهم وتفرقهم فرض وواجب، وصلاة التراويح سنة؛ والفرض مقدم على السنة.

أولوية الإنفاق على الفقراء والكادحين على حج النافلة:

فنرى كثيراً من المسلمين يحجون تطوعاً بعد الفريضة مرات عديدة، مع أن كثيراً من الفقراء يحتاجون إلى المال، وكثيراً من المناطق تحتاج إلى المراكز الدعوية لتعليم الناس أمور الدين، وكثيراً من الناس يموتون لأنهم لا يجدون الدواء المناسب، والأولى لهم أن ينفقوا هذا المال على مَنْ يحتاج إليه كمساعدة من يريد الزواج أو كفالة يتيم أو فقير، أو أن يسدد دين عن أحد معسر ونحوه. !! فهؤلاء لو فقهوا دينهم وعرفوا شيئاً من فقه الأولويات، لقدموا مساعدة مشاريع دعوية وإنسانية كثيرة على استمتاعهم الروحي بالحج التطوعي ، فذلك أولى من مزاحمة حجاج بيت الله الذين ذهبوا لأول مرة.!! وهذا ما قاله الفقهاء:

أن العمل الأكثر نفعاً مفضلٌ على غيره، وعلى قدر نفعه للآخرين يكون فضله وأجره عند الله – تعالى -.فعَنْ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلاً، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ r، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ، وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r: أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلَئِنْ أَمْشِي مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ شَهْرًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلأَ اللهُ قَلْبَهُ رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يُثَبِّتَهَا لَهُ ثَبَّتَ اللهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامُ “.” الطبراني والصحيحة للألباني”

أولوية تقديم أعمال القلوب على أعمال الجوارح:

لأنه إذا صلح القلب صلح سائر العمل وإذا فسد القلب فلا عبرة بصلاح الظاهر عند فساد السرائر، فالإكثار من العبادات الظاهرة والاجتهاد فيها من غير إصلاح للباطن قد يقترن بما يحبط العمل ويفسده، فقد أخبر النبي r عن قوم (يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ) متفق عليه، وفي رواية في البخاري: (يَقْتُلُونَ أهْلَ الإسلامِ وَيَدَعُونَ أهْلَ الأَوثَانِ)، فهؤلاء مع كثرة عبادتهم يمرقون من الدين ويخرجون منه، وقد علَّل كثير من العلماء ذلك بأنَّ في باطنهم من الكبر الخفي الذي يقودهم إلى تضليل المسلمين أو تكفيرهم ويجعلهم يعتقدون أنهم وحدهم على الحق المبين ومن سواهم على الضلال، وهذا الحديث وإن كان في الخوارج إلا أنَّ فِكْرَهم ما زال موجوداً، فالحذرَ الحذرَ من فكر الخوارج وتطرفهم ومغالاتهم.

 أولوية تقديم العلم النافع على العلم الذي لا يترتب عليه ثمرة:

فهناك من يشغل نفسه بقضايا لا تقدِّم ولا توخِّر، ويضيع وقته وأوقات الآخرين فيما لا ينفع، أو فيما ضرره أكبر من نفعه، كمن يبحث هل والدي النبي r في الجنة أم في النار، وقد يستغرق أحدهم سنة كاملة في البحث ويخرج للناس بمجلد ضخم يؤيد فيه أحد الأقوال، وهناك الكثير من المسائل المستجدة التي تحتاج إلى بحث ودراسة هي أولى بالعناية من هذه المباحث.

ومن هذه النماذج أيضاً: العفو والصفح أولى من المعاقبة والانتقام، وإبراء المعسر أولى من إنظاره،….. وغير ذلك، ومن أراد المزيد فليرجع إلى كتب أصول الفقه.

العنصر الثالث: كيفية تطبيق فقه ترتيب الأولويات في الإسلام:

إن تطبيق فقه ترتيب الأولويات يكون من جهتين:

الجهة الأولى: كيفية تطبيق الدعاة لمبدأ ترتيب الأولويات:

 فعلى الداعية إلى الله عز وجل أن يدرس ويفهم طبيعة المجتمع الذي هو فيه ، فإن لكل مجتمع خصائص تختلف عن بقية المجتمعات، وكذلك يدرس ما يحتاج المجتمع ، وما المنكرات المتفشية بينهم؟ ثم يرتب هذه المنكرات فيبدأ بمعالجة أشدها وأعظمها، وهكذا يأخذ الناس بالتدرج ويبدأ بالأهم ثم المهم، وعلى هذه القاعدة يكون خارجاً عن فقه الإنكار ، كمن أنكر على من لا يربي لحيته، وهو يعلم أنه لا يصلي ولا يصوم ولا يزكي،  وكمن أنكر على أحدهم إسبال الإزار وهو يعلم أنه منغمس حتى النخاع في تقليد كل ما هو غربي، وغارق من رأسه إلى أخمص قدميه في كل ما هو محرم، وكذلك من أنكر على أحدهم أكله بيده الشمال، وهو يعلم أنه لا يعلم أين القبلة؟ وما دخل في حياته بيتاً من بيوت الله، والأمثلة كثيرة جداً.

ولو نظرنا إلى القرآن والسنة لوجدنا أن هذا هو منهج القرآن الكريم, فإن القرآن في بداية نزوله كان يعالج قضايا العقيدة من الإيمان بالله واليوم الآخر، حتى استقر الإيمان في القلوب ونزلت الأحكام في المدينة بعد قرابة ثلاثة عشر عاماً، وكذلك ما نزل تحريم الخمر دفعة واحدة بل أخذهم الله تعالى بالتدرج والنبي r وضح هذا المنهج، وهذه القاعدة “قاعدة الأولويات وتقديم الأهم فالمهم” لمعاذ بن جبل رضي الله عنه عندما أرسله إلى أهل اليمن كما سبق.

إنني من خلال تجربتي الدعوية حينما أنتقل مسجد إلى آخر؛ فإن أول الأمور أسأل عنها هو حال الناس ووضع البيئة التي يعيشون فيها، وما هي أكثر الأمراض الاجتماعية المنتشرة في هذه البلدة؟ ثم يتم وضع العلاج الناجع لها تدريجياً، فالداعية كالطبيب يشخص المرض أولاً ثم يقرر العلاج الناجح لكل نوع من هذه الأمراض، ويذلك تؤتي دعوته ثمارها.

كما ينبغي على الداعية أن يبصر الناس بترتيب الأولويات في عباداتهم ومعاملاتهم وجميع أمور حياتهم الدينية والدنيوية.

الجهة الثانية: كيفية تطبيق المسلمين لمبدأ ترتيب الأولويات:

 إن كثيراً من المسلمين يتناولون مسائل فرعية ثانوية لا تغني ولا تسمن من جوع, فانشغلوا بالحديث عن المكروهات والمندوبات وقضايا كثر فيها خلاف الفقهاء, وهذه الخلافات تؤدي إلى ضياع المقاصد والمعاني وضياع الجهد والوقت وتوسيع دائرة الخلافات بين المسلمين, وهو أمر يخالف تعاليم الشريعة, قال تعالى: }وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ {[الأنفال: 46].

إن كثيراً من المسلمين اليوم يسيرون خبط عشواء، تارة إلى يمين وتارة إلى شمال، ويضيع بسبب ذلك كثير من الجهد والوقت والمال، ومن أسباب ذلك أنهم في عماء شديد عن فقه الأولويات في حياتهم، والأمثلة على هذا كثيرة ، فنحن مثلاً نجد من الرجال والنساء من يحرص على أخذ دورات في الإعجاز العلمي، ولكنهم لا يجيدون قراءة القرآن بالطريقة الصحيحة، أو يجهلون أحكام ستر العورة!!.

بل إنني كل العجب ممن يقدم – لا أقول يقدم السنة على الفرض – بل يقدم الحرام على الواجب، فتراه فقيراً ضيق المعيشة يعيش تحت خط الفقر؛ ومع ذلك يقدم شهواته من التدخين والمخدرات على نفقات أسرته، فهو بذلك ارتكب جريمتين: ارتكاب مُحرَّم ، وترك واجب.

وقد عنى العلماء بذلك في بحوثهم: أيهما أولى وأفضل عند الله؟ ترك المناهي والمحرمات أم فعل الأوامر والطاعات؟ فقالوا: ترك المناهي أهم وأشد خطراً من فعل الأوامر، واستدلوا بالحديث الصحيح المتفق عليه، وهو: ” إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ” .. قالوا: هذا يؤخذ منه أن النهي أشد من الأمر، لأن النهي لم يرخص في ارتكاب شيء منه، والأمر قيد بحسب الاستطاعة، ويشبه هذا قول بعضهم: أعمال البر يعملها البر والفاجر، وأما المعاصي، فلا يتركها إلا صديق.

وهذا رجل آخر يقدم الواجب المعنوي على الحرام، فتراه في وظيفته يعامل زميلاته بعطف ورقة ونعومة ولطف ومزاح، وتراه في بيته مع أهله كأنه شيطان، يسب ويشتم وينهر ……إلخ ، فهو بذلك – لا أقول خالف الأولى – بل خالف الشرع فجعل الحرام حلالاً والحرام حلالاً.

ومن النساء من تحرص على التنفل بالصلاة والصيام والقيام ، ولكنها مقصرة جداً في حق زوجها وأولادها وبيتها، فهي منشغلة بالنوافل عن أداء واجباتها، وهل تُقبل النوافل إذا لم تُؤد الفرائض ؟!

ومن المسلمين من يهتم بالقضايا الصغيرة والمسائل الفرعية ، ويهمل القضايا الكبيرة والأصـول ، وتراه يبحث عن المسائل الاجتهادية وينشئ من خلالها عداوات بين المسلمين ، والأولى بنا كمسلمين وخاصة في هذا الزمن أن نسعى لتوحيد الجهود ولَمِّ الشَّمل ، وأن لا نسمح بشق الصف وتمزيق الأمة . يقول الشيخ علي الطنطاوي – رحمه الله – 🙁 إن الاجتماع على العمل بالقول المرجوح أقل ضرراً من شق الصف ، وإيقاع الخلف بين المسلمين للعمل بالقول الراجح في المسائل الفرعية التي لا تُحل حراماً ولا تعطل واجباً، وليست من أصول الدين ). فلا ينبغي إذن أن نجعل القضايا الاجتهادية والخلافية بين المذاهب معول هدمٍ في صرح الأمة، وأداة تمزيق لشملها، بل الأولى والأحرى بنا أن نبحث عما يقرب بين المذاهب، ويجمع شمل الأمة، وكفانا هذا التمزق وهذه العداوات، بل إنه من الأولى ترك الأفضل إذا كان فيه تأليف للأمة وعدم تمزقها،كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع فتاويه: ” استحب الأئمة – أحمد وغيره – أن يدع الإمام ما هو عنده أفضل إذا كان فيه تأليف المأمومين؛ مثل أن يكون عنده فصل الوتر أفضل بأن يسلم في الشفع ثم يصلي ركعة الوتر وهو يؤم قوماً لا يرون إلا وصل الوتر، فإذا لم يمكنه أن يتقدم إلى الأفضل كانت المصلحة الحاصلة بموافقته لهم بوصل الوتر أرجح من مصلحة فصله مع كراهتهم للصلاة خلفه.”

وأذكر قصة الإمام الشافعي رضي الله عنه عندما صلى في مسجد أبي حنيفة النعمان، فترك القنوت في صلاة الصبح – مع أنه سنة عند الشافعي – احتراماً لرأي الإمام أبي حنيفة، وحين سأله الناس قال: ذلك من احترام مذهب أبي حنيفة، والشافعي عنده أولويات، فترك السنة ليس عليه إثم، وفعلها له أجر، وهو قد سن سنة صالحة في المجتمع وهى الاحترام والتوقير وجمع شمل الأمة، وهي سنة أكبر من التعبد الشخصي، لأنها تعطى مثالاً للآخرين، وتعلم الناس على مدى واسع، وهو هنا يرى أنه يخسر أجره عن سنة أصغر ليكسب أجراً عن سنة أكبر، جمع فيها الناس، والتنازل هنا لا يضر بل ينفع.

قارن بين ذلك وبين حال الأمة اليوم وهم يتقاتلون من أجل: الجمعة أذان واحد أم اثنان؟ والفجر أذان واحد أم اثنان؟ والقنوت في الصبح! والاختلاف في جواز إخراج قيمة زكاة الفطر! وصلاة العيد في الخلاء ! بل بعضهم يترك صلاة العيد كلية إذا صلى الناس في الخلاء…….إلخ، والأمثلة في واقعنا كثير وأنت بها خبير.

أسأل الله أن يوحد صفوفنا وكلمتنا، ويجمع شملنا، وأن يردنا إلى دينه رداً جميلاً.

 

الدعاء……..                    وأقم الصلاة،،،،                              كتبه : خادم الدعوة الإسلامية

د / خالد بدير بدوي

دكتوراه فى الدعوة والثقافة الإسلامية

                                                                                                                                                 

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى