عاجل

د. أحمد سالم يكتب : وسيبقى الأزهر الشريف حاملًا للواء الوسطية ولو كره النمنم

في الوقت الذي يحتفل فيه المسلمون ليس في مصر وحدها بل في العالم أجمع بالاستقبال المشرف لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر في دولة الشيشان، وما تبعه من تكريم ورفعة وتقدير لشأن الأزهر، وفي سابقة هي الأولى من نوعها أن يقوم رئيس دولة بقيادة السيارة لشيخ الأزهر، واستضافته في قصر الحكم، وافتتاح فضيلة الإمام الأكبر مؤتمر من هم أهل السنة والجماعة؛ يطالعنا الوزير حلمي النمنم بتصريحات يهاجم فيها الأزهر الشريف ومناهجه، وقد ورد هذا الهجوم الغاشم في الجلسة الختامية من مؤتمر السلام المجتمعي الذي نظمته الهيئة القبطية الإنجيلية بالإسكندرية، بعنوان: “دور المجتمع المدني في مواجهة العنف” بحضور النمنم وزير الثقافة والنائب البرلماني محمد أبو حامد الذي أدار الجلسة، والقس الدكتور أندرية زكي رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر  ورئيس الهيئة الإنجيلية.

ومما ذكره النمنم في هجومه على الأزهر  – حسب ما ذكرته الصحف -: “أن انتشار العنف في مصر يرجع إلى قصور في النواحي الثقافية والتعليمية، وذلك يرجع إلى عدة أسباب منها توغل التعليم الأزهري في مصر، حيث يشكل التعليم الأزهري نسبة كبيرة في مصر، وهو أمر لابد من إعادة النظر فيه، وكذلك إعادة النظر في المناهج الدينية التي تدرس في المعاهد الأزهرية”.

كيف يسمح أي مسئول لنفسه أيًّا كان منصبه أن يدعي على الأزهر هذا الكلام، فضلًا عن أن يخرج هذا الكلام من وزير الثقافة الذي يجهل أبجديات تاريخ الأزهر وانتشار المعاهد الأزهرية في مصر، ومدى حب المصريين بل وجميع المسلمين للأزهر الشريف، حتى أصبح الانتماء إلى الأزهر  في إحدى الدول شرفًا موروثًا يتوارثه الأبناء عن الآباء عن الأجداد، حيث صار التعلم في الأزهر وشرف النسبة إليه يسابق النسب الحقيقي في المكانة والرفعة، ويأتينا من مصر بلد الأزهر من يتهجم على الأزهر الشريف.

ألم يعلم النمنم أن كبار المثقفين الحقيقيين قد تخرجوا من الأزهر الشريف؛ فقد سطع في مصرَ من أبناء الأزهر من كانوا من أعلامِ العصر  ونوابغِهِ ممن شهد لهم التاريخ بالعلم، ولم نَر  واحدًا منهم يُتَّهمُ بما يُتَّهمُ به أبناءُ الأزهر الآن، ومن هؤلاء الأعلام:  الإمام محمد عبده، والمراغي، وشلتوت، وطه حسين، وأحمد أمين، والمنفلوطي، ودراز، والهلباوي، ومحمد أبو شادي، وعبد الوهاب خلاف، وأبو زهرة، وعبد الله النديم، وغيرُهم، ويقيني أنه لا يوجد وجه للمقارنة بين هؤلاء الأعلام ومدعىي الثقافة الآن، ممن لم يحصلوا من العلم بابًا أو نصيبًا.

ثم تابع النمنم هجومه على الأزهر ثانية باستنكاره عدم اتخاذ خطوات جادة في تجديد الخطاب الديني، مدعيًا – دون علم أو وقوف على بينة _ : ” أنه إلى الآن لم يحدث شيء حقيقي في تجديد الخطاب الديني تنفيذا لتعليمات الرئيس السيسي، ولم تتخذ الجهات المنوط بها ذلك مثل مؤسسة الأزهر أي خطوات جدية في الأمر خاصة وإنها قضية جدية هامة للمجتمع”، وطالب بأن يكون تجديد الخطاب الديني تجديدًا عمليًّا وليس نظريًّا”.

وللرد على هذا الافتراء سأحيل الوزير إلى اللقاء الأخير الذي أجراه فضيلة الإمام مع السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي مؤخرًا حيث تناول اللقاء الجهود التي يبذلها الأزهر الشريف لتصحيح صورة الإسلام وتنقيتها مما علق بها من أفكار مغلوطة، فضلاً عن التعريف بصحيح الدين، كما عرض فضيلة الإمام شيخ الأزهر على سيادته نتائج الجولات الخارجية التي قام بها فضيلته خلال الفترة الأخيرة إلى عدد من الدول الآسيوية والأوروبية والإفريقية، والتي هدفت في المقام الأول إلى تقديم المبادئ الصحيحة للإسلام وإيضاح حقيقته السمحة ونبذه للإرهاب ولجميع أشكال العنف والتطرف، مؤكدًا أن الأزهر الشريف الذي ظل وما زال يمثل منبرًا للإسلام المعتدل بوسطيته وسماحته لا يدخر جهدًا لإيضاح الحقائق وبيان فضائل الإسلام، الذي يحاول مجموعة من المتطرفين والإرهابيين تبرير أفعالها باسمه وهو منها براء.

كما استعرض فضيلة الإمام الأكبر الجهود الجارية للارتقاء بمستوى شباب الوعاظ بمختلف محافظات الجمهورية، وتحسين مستواهم العلمي والثقافي وزيادة إلمامهم بالقضايا المستجدة، فضلاً عن إعطائهم التوجيهات الإرشادية للعمل في مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية والرد على الشبهات، والذي سيتم افتتاحه قريبًا ليكون انطلاقة كبرى لمواجهة الفكر المتطرف عبر الإنترنت، بما يُسهم في القضاء على فوضى الفتاوى، وفى رصد كل ما يُثار من شبهات ومفاهيم مغلوطة لتصحيحها والرد عليها.

كما أكد السيد رئيس الجمهورية خلال اللقاء على دعم الدولة الكامل والمتواصل لمؤسسة الأزهر الشريف العريقة، جامعًا وجامعة، منوهًا إلى دوره المحوري في التعريف بصحيح الدين الإسلامي، والاستمرار في تقديم النموذج الحضاري الحقيقي للإسلام، في مواجهة دعوات الغُلو والتطرف، وذلك من أجل الحفاظ على الصورة الحقيقية للدين الحنيف، ومواصلة مسيرة التنمية.

والسؤال الآن: أين وزير الثقافة النمنم من مثل هذه الأحداث التي لا ينبغي له كمسئول في الحكومة أن يغفل عنها، أم أنه يسير في مسار سياسي يخالف به رئيس الدولة؟!!

وأخيرًا أطالب السيد رئيس الجمهورية بمحاسبة وزير الثقافة على هذه الادعاءات والافتراءات ضد مؤسسة الأزهر الشريف، لأنها تروج لتضليل الرأي العام، وإجحاف الجهود التي يبذلها الأزهر الشريف في خدمة الإسلام والمسلمين.

وسيبقى الأزهر الشريف شامخًا بإذن الله تعالى محافظًا على الفكر الوسطي للأمة الإسلامية، وسيلحق النمنم بركب من سبقه.

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى