أكد مجمع البحوث الإسلامية أن التغني بالقرآن الكريم بصحبة الآلات الموسيقية محرم شرعًا، ردًا على ما تم تداوله في بعض الصحف والمواقع الإلكترونية من قيام فرقة أوبرا بإندونيسيا بالتغنى بالقرآن بصحبة الآلات الموسيقية .
وأوضح المجمع: إن القرآن العظيم هو كتاب الله الدال عليه لمن أراد معرفته، ونوره المبين الذي أشرقت لـه الظلمات، والسبب الواصل بينه وبين عباده إذا انقطعت الأسباب، وأمر النبي – صلى الله عليه وسلم – بترتيله قائلا: (…. وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) (سورة المزمل: 4)، وأثني على الذين يتلونه حق تلاوته قائلاً: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ….) (سورة البقرة: 121) أي : يقرءونه قراءة حقة، مصحوبة بضبط لفظه، وتدبر معانيه.
وأضاف: المسلمون مأمورون أن يقرأوا القرآن على الوجه المشروع، كما كان يقرؤه السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، فإنّ القراءةَ سنَّةٌ يأخذُها الآخِرُ عن الأول.
والسلفُ كانوا يُحَسِّنون القرآنَ بأصواتِهم من غيرِ أن يتكلفوا أوزانَ الغِناء، مثلَ ما كان أبو موسى الأشعري يَفعلُ، فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لقد أُوتِيَ هذا مِزْمارًا من مَزاميرِ آلِ داودَ”. وقال لأبي موسى الأشعري: “مررتُ بك البارحةَ وأنتَ تقرأ، فجعلتُ أستمعُ لقراءتِك“، فقال: لو علمتُ أنك تسمعُ لَحبَّرتُهُ لكَ تحبيرًا. أي لحسَّنْتُه لك تحسينًا، ولم يُنكر عليه النبي عليه الصلاة والسلام ذلك، فدل على أن تحبير الصوت وتحسين الصوت والعناية بالقراءة أمر مطلوب ليخشع القارئ والمستمع ويستفيد هذا وهذا.
وجاء في السنة الصحيحة الحث على التغني بالقرآن، بمعنى تحسين الصوت به، وليس معناه أن يأتي به كالغناء، وإنما المعنى تحسين الصوت بالتلاوة، وفي ذلك أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها: ما رواه البخاري و مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن“، ومنها ما رواه البخاري و مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما أذن الله ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن”، ولكن لا يتجاوز بالتغني بالقرآن حتى يصير كألحان الأغاني؛ لأن القرآن لم ينزل ليطرب به الناس أو يتغنوا به، وإنما أمر الله المسلمين بفهم معانيه وتدبر ما فيه من عظات وآداب بكل أحكامه.
وعلى ذلك فإن تكلُّفِ القراءةِ على ألحانِ الغناءِ محرم شرعًا؛ لأنَّ ذلك فيه تشبيه القرآن بالغناء، ولأن ذلك يُورِثُ أن يَبقَى قلبُ القارئ مصروفًا إلى وزنِ اللفظ بميزان الغناءِ، لا يَتدبَّرهُ ولا يَعقِله، وأن يَبقَى المستمعون يُصغُون إليه لأجل الصوت الملحَّن، كما يُصْغَى إلى الغناء، لا لأجلِ استماعِ القرآن وفهمِه وتدبُّرِه والانتفاع به.
وإذا كان أهل الأديان السماوية السابقة، حرفوا وبدلوا في كتب الله التي أنزلها الله عليـهم لهدايتـهم وإرشـادهم، فـإننا إذا أجـزنا قـراءة القرآن ملحنًا تلحينًا موسيقيًا وسماعه مصحوبًا بآلات الموسيقى، نكون قد وقعنا فيما وقع فـيـه غـيرنا، وحـرفنا كـتاب الله وبدلناه، وفي ذلك ضـيـاع الدين وهلاك اتباعه.
يشار إلى أن دار الأفتاء المصرية قد أفتت بعدم جواز التغني بالقرآن الكريم بصحبة الآلات الموسيقية، واعتبرت ذلك حرام شرعًا.
|