عاجل

مسئولية العقل في الإسلام بقلم : الدكتور/ أحمد عشماوي زيدان

 

العقل هو هبة الله للانسان به كرم آدم وذريته اذ به يتفحص ويتمحص ويعرف ما يصلح ومالا يصلح ويعرف به ما يضر ومالا يضر فالعقل كما قالوا من قديم الزمان (زينه) من أجل ذلك توج الله به الانسان فجعل محله في أعلى الدماغ ليس فوقه شيء وليس له نظير غيره في إصدار قرارات الإنسان فهو حر طليق يختار كيفما شاء دون إجبار أو تقييد ويتميز عقل الإنسان بأنه عقل متنامي يصول ويجول ولا يهدأ حتى يحل المعضلات ويفك أسرار الشفرات بل وينهي حيرة الناس في الطلسمات أما غير البشر فعقولهم ثابته عند حد معين من المعلومات لا تزيد عن تلبية الحاجه من الغرائز والدفاع عن النفس وهذا يدل على مسئولية العقل عند الناس باعتبارهم منحوا مالم يمنح غيرهم وفوق كل ذلك كفل الشرع للعقل البشري حرية الرأي والاعتقاد في كل شيء حتى في الذات العليه والله جل جلاله لايرضى جبرًا لعقل على توحيده وتقديسه ومن ثم كفل الحرية في كثير من آيات القران منها (لا إكراه في الدين) ومنها قوله (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) فالحرية مكفولة في الإسلام للعقل ولا تجوز مقاتلة أحد لأنه خالف المسلمين في اعتقادهم ولا توجد آيه واحده في القرآن تحث أو تحض على قتال قوم خالفوا في الاعتقاد من المسالمين إنما القتال للباغين والمعتدين وهذا يدفع شبهة أن الإسلام انتشر بحد السيف ويتخطى أكثر من ذلك إذ لا توجد ملة وضعيه احترمت العقل كما احترم الإسلام العقل فليس في الإسلام على طوله وعرضه ما يتنافى مع العقل أو حتى يمجه الذوق والطبع السليم من أجل ذلك عاب الله على أهل جهنم عدم احترامهم لعقولهم فقال تعالى (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) الأعراف آية 179. ورسالة الإسلام من أول لحظة لنزول القرآن كانت تحفيزا لإعمال العقول فكانت الآيات الأولى من القرآن ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ{2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ{3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ{4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ{5) العلق من آية 1:5.

 وليس المقصود منها القراءة المعروفة من الصحف ولكن المقصود تأمل في صفحات الكون الذي هو خلق الخالق كلها ناطقة باسم الله ومنادية بجمال الله وشاهدة بجلال الله ولما نزل قوله تعالى ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ (١٩٠) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار) آل عمران آية 190، 191. قال النبي صلى الله عليه وسلم (ويل لمن لاكها بين شفتيه ولم يتفكر فيها— نعم ‘ن المسئولية واقعة على العقل بقدر ما أخذ من التشريف ولذا كان القلم مرفوعا عن المجنون حتى يفيق وإن الله سيسأل كل إنسان يوم القيامة عن ما فهم هو لا عن ما فهم غيره، ومن هنا أوجه صرخة في وجه أولئك الذين باعوا عقولهم رخيصا رخيصا وآمنوا ببشر مثلهم ونسوا رب البشر فالناظر في الحياه يجد أصنافا وألوانا من الناس كل فرقة لها مشربها الخاص وزعيمها الخاض ولا تجد واحدًا فيهم يذكر الله كما يذكر زعيمه وقائده وهذه عبادة من دون الله ويوم القيامة سيكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا والقرآن يصف مجادلاتهم يوم القيامة بعضهم مع بعضهم واستخدم لها ما يناسبها من الفاظ مثل (أضلونا) ليمثل الحسرة التي يتجرعها هؤلاء عندما تكشفت لهم الحقائق ومن هنا أقول لجميع التيارات والاتجاهات ان ربكم واحد فاذكروه ولا تذكروا غيره وأعزكم الله بقرآنه فاعتمدوا كلامه ولا تعتمدوا كلام غيره وأكرمكم بنبيه صلى الله عليه وسلم فاقتدوا بسنته وتفسيره السمح للإسلام ولا تأخذوا عن غيره ما أحوجنا إلى أن نراجع عقولنا لنخلصها من الاستعمار العقلي والغزو الفكري لتعود إلى شاطيء الله آمنة مطمئنة سالمة مسالمة — هذا — ولكن أكثر الناس لا يعقلون — وفقنا الله لما فيه رضاه

 

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى