وزارة الأوقاف….. الحائط المائل بقلم د/ محمد سالم
وزارة الأوقاف….. الحائط المائل
بقلم د/ محمد سالم
وخطيب بوزارة الأوقاف
إني أكتب هذا المقال بعد يوم حزين لا أظن أنه قد مر علىّ منذ عملت في وزارة الأوقاف مثله!!! نعم …. في يوم تسلط فيه الأمن على علماء الآوقاف يفرق جمعهم بالغاز المسيل للدموع تارة….. وتارة يضرب …. وتارة يأسر.
وأيَّا ما كان توجه من ذهب اليوم للوزارة فلا يمكن أن يستجيز بحال داعيةٌ حر هذا الذي كان من اعتداء على إخوانه من الائمة
أليس من حق كل إنسان أن يعبر عن رأيه في حرية كاملة خاصة في بيته… نعم في بيته !!!! إن وزارة الآوقاف هي بيت الآئمة لا بيت سيادة الوزير …. فإن سيادة الوزير وإن كان يتحكم في الوزارة لكنه ليس منها … وليس من أبناءها ومهما طالت مدته فلابد أنه عنها راحل لتُبْقِي الأيام له ذكرى… إما ذكرى تستجلب لصاحبها الرحمة …أو ذكرى تستجلب على صاحبها حَرَّ الدعاء.
ثم أيها القارئ ألا تعجب معي لحال هؤلاء الذين يدعون تجديد الخطاب الديني ثم يريدون أن يغيبوا الإمام عن واقعه الذي يعيش فيه تحت دعوى أنه يتكلم في السياسة ولابد أن ينأى بنفسه عن مثل هذه السياسة (بل باختصار عن واقعه) حتى يصبح مسخا يتكلم فيما لا يحتاج إليه الناس ….. بل يريدون أن يحبسوه في فقه الحمامات كما كان يقال …. ولكنه قديما كان حبسا اختياريا ….
أما الآن فهو حبس اضطراري
قد تعجب أيها القارئ حينما أسأل سيادتكم هذا السؤال: هل كان الازهر على مدار العامين السابقين الا لاعبا سياسيا بدرجه امتياز بحديثه تارة وانزوائه تارات؟؟؟ ….. وهو في صمته في كثير من الاوقات أسوأ الف مرة من حديثه في الأوقات التى تحدث فيها …. لم لا ننكر على شيخ الازهر حديثه في السياسة ؟؟؟؟!!!! أليس قدوتنا ؟؟!!! أليس كل واحد من الأئمة في مسجده وبيئته هو شيخ للأزهر؟؟؟ بل الناس يستطيعون أن يصلوا للإمام في مسجده أو في بيته في أي وقت أرادوا …. بل لا أكون مبالغًا حين أقول إن الامام في بعض الأمور أنفع للناس من شيخ الآزهر : حينما يدخل بيوتهم فيحل مشاكلهم في وقت لا يستطيعون أصلا أن يهاتفوا فضيلة الإمام الآكبر أو من يقوم مقامه …. فلم إذن تريدون أن يفرغ مضمون الخطاب من قضايا الواقع..
إننا كأئمة للأوقاف في الفترة الآخيرة وأقصد في 15 عاما المنصرمة قد غيرنا نظرة الناس لإمام الآوقاف … كانوا قبل ذلك يرونه مجرد ببغاء يردد كلاما من دواوين الخطب القديمة حتى أنه لا ينتبه أن يختم خطبته بالدعاء للسلطان وعساكره …. أما نحن ولأننا عايشنا الواقع فقد وثق فينا الناس فانجذبت إلينا قلوب الجماهير بما في ذلك قطاعات كبيرة ممن يعرفون بالسلفية والاخوان أتوا لانهم أدركوا أننا نحمل الفكر الوسطي ونربط واقعهم بكتاب ربهم فنخرج بمفهوم جديد للإسلام ….. أو إن شئت فقل نخرج لهم الاسلام منهج حياه حي قادر على أن يعيش وسطهم كائنا حيا يعلمهم كيف تكون الحياة كما أرادها الله.
فكيف بعد ما عرضت لا يستطيع الآئمه ان يعبروا عن رأيهم في بيتهم ؟؟؟!!! وهو وزارة الاوقاف!!! أليس من الواجب أن يكفل لكل انسان حقه في التعبير …. أليس هذا من بديهات الدساتير ؟؟؟ أم أننا كمصرين ملزمين بدستور لنا خاص خلاصته أنه كلام ورق …. في أحسن الاحيان إن سمح لك أن تستشهد به أن تقابل بقولهم …. – بله واشرب ميته –
فيا سيادة الوزير كن لإخوانك من الائمة عونا …. ولا تكن عليهم وبالا وسيفا مسلطا …. فإنه في أحسن الظروف لن تطول أيامك في الوزارة عن عام ….. فاجعله على الأئمة عام رخاء لا عام قحط …. واجعله عام فكر ورأي لا عام سجن وسحل ….
كتبه د/ محمد سالم