وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ، خطبة الجمعة القادمة – وزارة الأوقاف
خطبة الجمعة القادمة : وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ، بتاريخ 17 ربيع الأول 1446 هـ ، الموافق 20 سبتمبر 2024م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف بصيغة صور : وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا
ننفرد حصريا بنشر خطبة الجمعة القادمة 20 سبتمبر 2024م لوزارة الأوقاف بصيغة word : وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا word
و لتحميل خطبة الجمعة القادمة 20 سبتمبر 2024م لوزارة الأوقاف بصيغة pdf : وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا بصيغة pdf
* الجمعة الثالثة من شهر سبتمبر بعنوان : “وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا”، وهي الجمعة التالية مباشرة لأيام الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وقالت وزارة الأوقاف إن الهدف من هذه الخطبة هو توجيه وعي جمهور المسجد إلى أن سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) نبي السلام ونبي الأمان وأن احتفالنا بمولده الشرف لا يتحقق إلا بإطفاء نيران العداوة وإحلال الأمان والسلام في كل شئوننا، وأضافت الوزارة أن هذا الموضوع يحقق المحورين الاستراتيجيين الأول والثالث معًا من محاور وزارة الأوقاف وهما إطفاء نيران التطرف وبناء الإنسان، جدير بالذكر أن هذه الجمعة تتوافق مع اليوم العشرين من شهر سبتمبر الموافق السابع عشر من شهر ربيع الأول لعام 1446 من هجرة النبي (صلى الله عليه وسلم).
وتؤكد الأوقاف علي الالتزام بـ خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف : وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا :
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع
و للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
وتؤكد الأوقاف علي الالتزام بـ خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف 20 سبتمبر 2024م.
وتؤكد وزارة الأوقاف على جميع السادة الأئمة الالتزام بموضوع خطبة الجمعة القادمة نصًا أو مضمونًا على أقل تقدير ، وألا يزيد أداء الخطبة عن خمس عشرة دقيقة للخطبتين الأولى والثانية .
مع ثقتنا في سعة أفقهم العلمي والفكري ، وفهمهم المستنير للدين .
ولقراءة خطبة من الأرشيف عن موضوع خطبة الجمعة القادمة : وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا :
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : السلام مع النفس والمجتمع والبيئة والكون ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 10 ربيع آخر 1444هـ ، الموافق 4 نوفمبر 2022م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 4 نوفمبر 2022م بصيغة word بعنوان : السلام مع النفس والمجتمع والبيئة والكون ، للدكتور محمد حرز.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 4 نوفمبر 2022م بصيغة pdf بعنوان : السلام مع النفس والمجتمع والبيئة والكون ، للدكتور محمد حرز.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 4 نوفمبر 2022م بعنوان : السلام مع النفس والمجتمع والبيئة والكون.
أولًا: شعارُ الإسلامِ هو السلامُ .
ثانيــــًا : فلنحافظْ على بيئتِنَا.
ثالثــــًا :دينُنَا دينُ السلامِ مع الكونِ كلِّهِ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 4 نوفمبر 2022م بعنوان : السلام مع النفس والمجتمع والبيئة والكون: كما يلي:
خطبةُ الجمعةِ القادمةِ: السلامُ مع النفسِ والمجتمعِ والبيئةِ والكونِ د.محمد حرز بتاريخ: 9ربيع الآخر 1444هــ – 6 نوفمبر 2022م
الحَمْدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ ﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾يونس: 25،وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ ولي الصالحين، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ مِن خلقِهِ وحبيبُهُ، القائلُ كما في حديث ثَوْبانَ رضى اللهُ عنه قال: كانَ رَسولُ اللهِ ﷺ، إذَا انْصَرَفَ مِن صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا وَقالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ((رواه مسلم ، فاللهُمَّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ المختارِ وعلى آلهِ وصحبهِ الأطهارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.
أمَّا بعدُ …..فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوَى العزيزِ الغفارِ))يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ((الحشر: 18
عبادَ الله :(( السلامُ مع النفسِ والمجتمعِ والبيئةِ والكونِ)) عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا
عناصر اللقاء:
أولًا: شعارُ الإسلامِ هو السلامُ .
ثانيــــًا : فلنحافظْ على بيئتِنَا.
ثالثــــًا :دينُنَا دينُ السلامِ مع الكونِ كلِّهِ.
أيُّها السادةُ : ما أحوجَنَا إلي أنْ يكونَ حديثُنَا عن السلامِ مع النفسِ ومع الأسرةِ ومع الجيرانِ بل ومع المجتمعِ كلِّهِ ومع الكونِ كلِّهِ وبل مع البيئةِ؛ لننعمَ في الدنيا ولنسعدَ في الآخرةِ، وخاصةً ونحن نعيشُ زمانًا ضاعَ فيهِ السلامُ والراحةُ والاستقرارُ والطمأنينةُ ، بسببِ الطمعِ والجشعِ والأنانيةِ وحبِّ الذاتِ وعدمِ احترامِ الآخرِ ولا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ العليِّ العظيمِ، فكلُّنَا في حاجةٍ إلى سلامٍ واستقرارٍ ولا يتأتَّى هذا إلَّا لأصحابِ النفوسِ الزكيّةِ الصافيةِ، التي لا تعرفُ سوَى طريقِ الخيرِ والحقِّ، وأصحابِ العقولِ الواعيةِ التي تفهَمُ سننَ اللهِ (عزَّ وجلَّ) في كونهِ، فتؤمنَ بحقِّ التنوعِ والاختلافِ، واحترامِ آدميةِ الإنسانِ كإنسانٍ بغضِّ النظرِ عن دينهِ أو عِرقهِ أو جنسهِ أو لغتهِ أو لونهِ.
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : السلام مع النفس والمجتمع والبيئة والكون
أولًا: شعارُ الإسلامِ هو السلامُ .
أيُّها السادةُ: إنَّ شعارَ الإسلامِ هو السلامُ بمفهومهِ الشاملِ المتكاملِ فليسَ السلامُ في الإسلامِ خاصًا بالمفهومِ القاصرِ كما يعتقدُ البعضُ مِنَّا، حيثُ يعتقدُ أنَّ السلامَ إنَّما يكونُ بينَ المسلمينَ وغيرِهِم مِن أعدائِهِم فتلكَ نهايةُ المرحلةِ لا بدايتُهَا، وما السلامُ الدوليُّ إلّا الحلقةُ الأخيرةُ التي تسبقُهَا حلقات، فهناكَ سلامٌ مع النفسِ وسلامٌ مع المجتمعِ وسلامٌ مع الكونِ كلِّهِ وسلامٌ مع البيئةِ التي نعيشُ عليهَا …واليوم نقفُ مع شموليةِ السلامِ في الإسلامِ ليعِي العالمُ كلُّهُ أنَّ الإسلامَ هو الدينُ الوحيدُ على وجهِ الأرضِ الذي جعلَ السلامَ شعارَهُ ودثارَهُ، فالإسلامُ لا يجتزئُ نوعًا مِن السلامِ ويتركُ أنواعًا أُخرَى، بل لا بدَّ مِن سلامٍ يعمُّ مناحِي الحياةِ الروحيةِ والأسريةِ والاجتماعيةِ والأخلاقيةِ والسياسيةِ والبيئةِ والمجتمعيةِ، بل يعدوا ذلك كلّه إلى السلامِ التامِ الشاملِ مع الكائناتِ المحيطةِ بهِ مِن حيواناتٍ وأطيارٍ وأشجارٍ وسهولٍ وجبالٍ وبحارٍ وأنهارٍ، إنَّها النظرةُ الشاملةُ المتكاملةُ للسلامِ كمَا أمرَنَا الإسلامُ ياسادة.
أيُّها السادةُ: دينُنَا هو دينُ السلامِ، ونبيُّنَا هو نبيُّ السلامِ، وشريعتُنَا هي السلامُ، وقرآنُنَا هو قرآنُ السلامِ، واللهُ جلَّ وعلا هو السلامُ، والجنةُ هي دارُ السلامِ، وتحيتُنَا هي السلامُ، وشعارُ أهلِ الإيمانِ: السلامُ. وحاجةُ الإنسانيَّةِ إلى السلامِ غرِيزةٌ فِطريَّةٌ، وضرورةٌ بشريَّةٌ، ومصلَحةٌ شرعيَّةٌ، إذْ لا بِناءَ ولا إعمارَ، ولا رُقِيَّ ولا ازدِهار، ولا تنمِيةَ ولا ابتِكارَ إلَّا بالسلامِ، وبضِدِّه الدَّمارُ والخرابُ والهلاكُ والبَوَارُ.….يا رب سلم.
فالإسلامُ دينُ السِّلمِ والسلامِ، والوِفاقِ والوِئامِ، والإخوةِ والمحبةِ وكيف لا ؟وكلمةُ “السلامِ” مُشتقَّةٌ مِن الإسلامِ وكيف لا ؟واللهُ جلَّ وعلا جمعَ بينَ الإيمانِ والإخوةِ، قالَ ربُّنَا: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) الحجرات10, فالمؤمنونَ جميعًا كأنَّهُم روحٌ واحدةٌ، جسدٌ واحدٌ، وصدقَ النبيُّ ﷺ إذ يقولُ كما في صحيحِ مسلمٍ مِن حديثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى( ، ولا شكَّ أنَّ السَّلامَ هدفٌ أسمَى للشرائعِ السماويةِ كلِّهَا، ومِن أهمِّ غاياتِهَا في الأرضِ، ومِن ثمَّ جاءتْ الرسالاتُ مُؤَكِّدةً ضرورةَ المعاملةِ في ضوءِ السلمِ النفسِي والأسرِى والمجتمعِي، فهذا نوحٌ عليه السلامُ يخاطبهُ ربُّهُ بقولهِ تعالى ))يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ) سورة هود 48، وهذا إبراهيمُ عليه السلامُ لمَّا وصلً مع أبيهِ إلى نقطةٍ لا يمكنُ معها الاتفاقُ، وأصرَّ أبُوهُ على طردِهِ، فمَا نالَ منهُ أو أساءَ إليهِ، وإنَّما قالَ كما قالَ القرآنُ :( قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِى يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِى مَلِيًّا قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّى إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيًّا))سورة مريم 46، فمعَ كلِّ هذا الوعيدِ والتهديدِ مِن والدِ إبراهيمَ عليه السلامُ، لم يقابلْهُ إبراهيمُ إلَّا بالسلامِ، سلامٍ مع النفسِ، وسلامٍ مع الآخرِ، وسلامٍ مع الكونِ كلِّه، ومقابلةِ السيئةِ بالحسنةِ) قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّى إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيًّا ))، وهذا عيسَى عليه السلامُ يُلقِى السلامَ على نفسِهِ، فيقول: ((وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا )) مريم 33.
والسلامُ هو الشعارُ الأولُ للإسلامِ قال ربُّنَا: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)) البقرة: 208 والسلامُ هو الطُّمأنينةُ والسكينةُ والاستقرارُ والراحةُ والهدوءُ، والسلامُ هو أمانُ الفردِ على النفسِ والمالِ، والسلامُ هو الذي يُقرِّرُ العبوديةَ لربِّ الأربابِ، ويُؤمِنُ بهِ سبحانَهٌ ربًّا خالقًا رازِقًا لا معبودَ غيره ولا ربَّ سِواه، والسلامُ الذي شرَعَهُ اللهُ الملكُ القدُّوسُ السلامُ الذي لا يأتيه الباطلُ مِن بين يدَيْهِ ولا مِن خلفِهِ تنزيلٌ مِن حكيمٍ حميدٍ، السلامُ مِن ربِّ البشرِ إلى البشرِ، والسلامُ هو الإسلامُ قالَ ربُّنَا: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾النساء125
والسلامُ اسمٌ مٍن أسماءِ اللهِ – جلَّ وعلَا قالَ ربُّنَا ﴿ هو السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ﴾ الحشر: 23 والسلامُ معناهٌ ذو السلامةِ الّذي يملكُ السّلامَ، أي: سلمَ في ذاتهِ عن كلِّ عيبٍ، وفي صفاتهِ عن كلِّ نقصٍ وآفةٍ، وفي أفعالهِ عن كلِّ شرٍّ، والجنةُ هي دارُ السلامِ قالَ ربُّنَا ((وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ))يونس: 25، وقال جل وعلا ((لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ )الأنعام: 127.وتحيةُ أهلِ الجنةِ السلامُ: قالَ اللهُ ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾الرعد: 23، 24،وقالَ سبحانَهُ: ﴿ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ يونس: 10، وحياةُ المؤمنينَ في الجنةِ سلام ٌكما وصفَهَا اللهُ بقولِهِ: ﴿ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا ﴾ الواقعة: 25، 26 بل لا يدخلُ الجنةَ إلَّا مَن أتَى اللهَ بقلبٍ سليمٍ قالَ ربُّنَا: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ))الشعراء: 89؛ أي: سليمٌ مِن الكفرِ والشركِ يا سادة. والسلامُ أساسُ علاقةِ المسلمينَ بغيرِهِم: فإنَّ الشريعةَ الإسلاميةً كمَا اهتمتْ بالحربِ ونظمتْ قواعدَهَا فإنَّها لم تهملْ السلمَ ولم تتركْهُ دونَ تنظيمٍ، فنصتْ مصادرُ الشريعةِ الغراءِ على مبدأِ التسويةِ السلميةِ للمنازعاتِ قالَ جلَّ وعلًا :﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴾ [البقرة: 208 كما جعلَ اللهُ تعالى أصلَ العلاقةِ بينَ المسلمينَ وغيرِهِم السلامَ، ونهَى المسلمينَ عن حربِ غيرِهِم إلّا أنْ يعتدُوا، فوضعَ قاعدةً ذهبيةً في التعاملِ مع الغيرِ بقولهِ تعالَى: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الممتحنة: 8، 9
أنا مُسلمٌ والسِّلمُ فِي وِجْدَانِي *** سِلْمًا مِن الإرهابِ والعُدْوَانِ
رَبِّي السَّلامُ تقَدَّسَتْ أسمَاؤُهُ *** ذُو الفَضلِ والإكرامِ والإحسَانِ
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : السلام مع النفس والمجتمع والبيئة والكون
ثانيــــًا : فلنحافظْ على بيئتِنَا.
أيُّها السادةُ: الإنسانُ مستخلفٌ في هذه الأرضِ كما قالَ ربُّنَا ((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)[البقرة: 30. وهذه الخلافةُ في الأرضِ يترتبُ عليهَا مسئوليةٌ جسيمةٌ، كما قالَ النَّبيُّ ﷺ: ( إنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وإنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كيفَ تَعْمَلُونَ)رواه مسلم ، فمفهومُ الاستخلافِ للإنسانِ خيرُ رابطٍ بينَهُ وبينَ بيئتِهِ، فخالقُ الإنسانِ وصانعُ البيئةِ واحدٌ، وهو اللهُ –سبحانَهُ جلَّ شأنُهُ ((الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ))السجدة: 7.والإسلامُ يأمرُنَا بحمايةِ الصحةِ والبيئةِ وحمايةِ الأحياءِ؛ لأنَّ ما صنعتْهُ يدُ الخالقِ -سبحانَهُ- يتصفُ بالكمالِ والإتقانِ والصلاحِ، ولا شيءَ خُلِقَ عبثًا في هذا الوجودِ((صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ))النمل: 88. لذا حثَّنَا دينُنَا الإسلاميُّ الحنيفُ على النظافةِ والعنايةِ بالبيئةِ والاهتمامِ بالمظهرِ العامِ للأرضِ؛ ليبقَى الكونُ محافظًا على جمالِهِ ورونقِهِ، بعيدًا كلّ البعدِ عن مظاهرِ الفسادِ والخرابِ والتخريبِ، وحثَّ دينُنَا الإنسانَ على المحافظةِ على البيئةِ، وحرَّمَ عليهِ تلويثَهَا وإفسادَهَا؛ لأنَّ اللهَ خلقهَا مِن أجلهِ، وسخرَهَا لخدمتهِ ومنفعتهِ)) كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) [البقرة: 60وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ) وكان عليهِ الصلاةُ والسلامُ يوصِي الجيوشَ بأنْ: لا تقتلنَ امرأةً، ولا صغيرًا رضيعًا، ولا كبيرًا فانيًا، ولا تحرقنَ نخلاً، ولا تقلعنَ شجرًا، لا تهدمُوا بيوتًا))رواه مسلم. هذا في الحربِ ومِن بابِ أولِى السلمُ يا سادة، لذا أمرَنَا سبحانَهُ وتعالي أنْ نتعاملَ مع البيئةِ مِن منطلقِ أنَّها ملكيةٌ عامةٌ يجبُ المحافظةُ عليهَا مِن ثرواتٍ ومواردَ ومكوناتٍ ويدعونَا إلى إدارتِهَا إدارةً رشيدةً قالَ جلَّ وعلا: ﴿ وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ المُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56]. وقال تعالى: ﴿ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ ﴾ [البقرة: من آية 211.
كما نهانَا دينُنَا مِن إلقاءِ القاذوراتِ والزبالاتِ عندَ بيوتِ الناسِ أو في شوارِعِهِم، أو تحتَ محلاتِهِم، أو وضعهَا في أيّ مكانٍ غيرِ مكانِهَا المخصصِ، وتعلمونَ جميعًا قولَ اللهِ سبحانَهُ وتعالى في امرأةِ أبِي لهبٍ: ﴿ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ﴾، لأنَّها كانتْ تُؤذِي رسولَ اللهِ ﷺ، وتضعُ الأشواكَ على طريقهِ، وترمِي بالأذَى عندَ بيتهِ، وتتعاونُ مع زوجِهَا الآثِمِ على الإثمِ والعدوانِ، وأذيةِ المسلمين، وهذا كلُّهٌ مِمّا يناقضُ الإيمانَ ويخالفُ الدينَ.وصدقَ النبيُّ ﷺ إذ يقولُ كما في الصحيحين مِن حديثِ أبٍي هريرةَ رضى اللهُ عنه ((الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ – أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ – شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ((ولقد حرصَ دينُنَا الحنيفُ على تجنبِ الضوضاءِ والتزامِ الهدوءِ للمحافظةِ علي بيئتِنَا قال جلَّ وعلا ﴿ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ ﴾ لقمان: من آية.وها هو رسولُ ربِّ السلامِ ﷺ يحملُ لواءَ السلامِ فينهِى أمتَهُ عن الضررِ والإضرارِ بأيِّ شيءٍ كان، فعن ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي اللهٌ عنه قال : قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: “ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَار)).
فأينَ نحن أيُّها الأخيارُ مِن هذه الآياتِ القرآنيةِ والأحاديثِ النبويةِ؟ وأين مجتمعُنَا الإسلاميُّ مِن أمرِ المحافظةِ على البيئةِ ونحن نرى القمامةَ والقاذوراتِ أكرمكُم اللهُ متناثرةً في كلِّ مكانٍ، وعندَ كلٍّ بيتٍ، حتى أصبحَ هوائُنَا ملوثًا، وماؤُنَا ملوثًا، ومناخُنَا متغيرًا، والنتنُ والأوساخُ في بيئتِنَا ظاهرةٌ وبكثرة، والحرارةُ تزدادُ ارتفاعًا وسخونةً مِن عامٍ إلى عامٍ بسببِ فسادِ البيئةِ.حتى خضرواتنَا وفواكهنَا، وطيباتنَا لُوِّثتْ بالمسمداتِ والموادِ الكيماويةِ، والهرموناتِ والموادِ المسرطنةِ، والمبيداتِ التي يستخدمُهِا مَن يعرفُ ومَن لا يعرف، وصدقَ اللهُ تباركَ وتعالَى إذ يقولُ:﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ﴾.
والواجبُ علينَا أيُّها الأخيارُ أنْ نكونَ في سلامٍ مع بيئتِنَا ووطنِنَا مصرَ الغاليةِ التي نعيشُ على ترابِهَا لهنِئنَا جميعًا بوطنِنَا ويهنئَا أولادُنَا وأحفادُنَا مِن بعدِنَا على أرضِ الكنانةِ.
مصرُ الكنانةُ ما هانتْ على أحدٍ*** اللهُ يحرسُها عطفًا ويرعَاها
ندعوكَ يارب أن تحمى مرابعَها *** فالشمسُ عينٌ لها والليلُ نجواهَا
أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكُم
الخطبة الثانية الحمدُ للهٍ ولا حمدَ إلًّا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يُستعانُ إلّا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ …………………… وبعدُ
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : السلام مع النفس والمجتمع والبيئة والكون
ثالثــــًا :دينُنَا دينُ السلامِ مع الكونِ كلِّهِ.
أيُّها السادةُ: الإسلامُ دينُ السلامِ مع الكونِ كلِّهِ وكيف لا ؟ واللهُ سخرَهُ لكَ أيُّها الإنسانُ وقال تعالى: ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ سورة الجاثية. آية 13. وكيف لا ؟و حاجةُ الإنسانيَّةِ إلى السلامِ غرِيزةٌ فِطريَّة، وضرورةٌ بشريَّة، ومصلَحةٌ شرعيَّة؛ إذ لا بِناءَ ولا إعمارَ، ولا رُقِيَّ ولا ازدِهارَ، ولا تنمِيةَ ولا ابتِكارَ إلَّا بهِ، وبضِدِّهِ الدَّمارُ والتَّبارُ والبَوَارُ. وكيف لا ؟ وتأملُوا أيُّها السادةُ: إلى قمةِ الرحمةِ و السلامِ في حياةِ سيدِ الأصفياءِ ﷺ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فِيهِ قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ أَحْرَقْنَاهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا يُعَذِّبُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَعَزَّ، فَإِنَّهُ لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا خَالِقُهَا»، وَقَالَ: وَمَرَرْنَا بِشَجَرٍ فِيهَا فَرِيخَا حُمَّرَةَ، فَأَخَذْنَاهَا، فَجَاءَتْ حُمَّرَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ تُعَرِّشُ فَقَالَ: «مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِفَرْخِهَا؟»، قَالَ: «فَرُدُّوهَا إِلَى مَوْضِعَهَا» فَرَدَدْنَاهَا ))
فإذا أردتُم عبادَ اللهِ أنْ تعيشُوا في أمنٍ وأمانٍ وسلمٍ وسلامٍ فاحرصُوا على السلامِ مع السلامِ جلَّ جلاله ثُمَّ السلامِ النفسِي الروحِي الذي يُثمرُ بعدَ ذلك السلامَ مع سائرِ المخلوقاتِ والكائناتِ… والسلامُ النفسيُّ الذي لا يتحققُ إلّا بالتخليةِ عمَّا يكدرُ حياةَ الإنسانِ، ويجعلهُ في حربٍ داخليةٍ لابُدّ أنْ تتخلَّى عن الحسدِ والحقدِ والعداوةِ والبغضاءِ وإلّا ستعيشُ في همٍّ وكربٍ ومنازعاتٍ داخليةٍ تُؤدِّي بك إلى الأمراضِ النفسيةِ….واعلمُوا عبادَ اللهِ: أنَّه لا يتحققُ السلامُ الخارجيُّ والعالميُّ إلّا بالسلامِ الداخلِي، يجدُ المسلمُ فيهِ السكينةَ والاطمئنانَ وراحةَ البالِ. وبالإيمانِ الصادقِ بربِّ العالمين يتحققُ السلامُ والأمنُ و الاستقرارُ قال اللهُ تعالى مبيّنًا ذلك في كتابهِ العزيزِ: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ الأنعام: 82.وقال جلَّ وعلا: ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ قريش: 3 ، 4. هذا هو السلامُ الحقيقيُّ ياسادةٌ مع ربِّ السلامِ جلَّ جلالُهُ وتقدستْ أسماؤُه .قال جلَّ وعلا﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112: ﴿ كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً ﴾ أي: كانتْ تعيشُ في أمانٍ لا يشوبُهُ خوف، وفى سكونٍ واطمئنانٍ لا يخالطهُمَا فزعٌ أو انزعاجٌ حتى كفرتْ بأنعمِ اللهِ فأذاقَهَا اللهُ لباسَ الجوعِ والخوفِ وعدمَ الأمنِ وعدمَ الاستقرارِ ولا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ.
أخي المسلم أختي المسلمة: اجعلْ همَّكَ همًّا واحدًا تعشْ في أمنٍ وسلامٍ لتنعمَ في الدنيا والآخرة، عن أنسِ بنِ مالكٍ – رضي اللهُ عنه – قال: قال رسولُ الله ﷺ: «مَنْ كانَتِ الآخرةُ هَمَّهُ، جعلَ اللهُ غِناهُ في قلبهِ، وجمعَ عليه شَمْلَهُ، وأتَتْهُ الدنيا وهي راغِمَة، وَمَنْ كانت الدنيا هَمَّه، جعل الله فَقْرَه بينَ عينيهِ، وفَرَّقَ عليه شَمْلَهُ، ولم يأتهِ مِن الدنيا إلّا ما قُدِّرَ له))فأيُّ عناءٍ وأيُّ شقاءٍ يعيشهُ الإنسانُ الذي فرّقَ همومُ الدنيا قلبَهُ وجعلتْهُ مشتتًا فلا يفيقُ إلّا في معسكرِ الأمواتِ.
دِينِي هو الإسلامُ دينُ محبَّةٍ *** دِينُ السلامَةِ سَالِمُ البُنيَانِ
دِينُ المَودَّةِ والتسامُحِ والهُدَى *** شَتَّانَ بين الحَقِّ والبُهتَانِ
أيها الأخيار: إن سَلامَ وأمنَ الدَّولة واستِقرارَها وهيبَتَها خطٌّ أحمرُ لا يُمكنُ تجاوُزُه، وهو مسؤوليَّةُ الجميعِ، يجِبُ علينا المُحافظةُ عليه، والالتِفافَ حولَ القِيادةِ، ضِدَّ كلِّ مَن أرادَ بأمنِهَا سُوءً، مِن دُعاة الشرِّ والفِتنةِ، ومَن يُريدُ المِساسَ بالوَحدةِ الدينيَّة، واللُّحمةِ الوطنيَّة، فلا تسمعُوا لهذه الدعواتِ المغرضةِ التي تريدُ النيلَ مِن مصرنَا وأمنِهَا والاستقرارِ وزعزعةِ السلامِ لتعمَّ الفوضَى والخرابُ والدمارُ فمصرنَا أمانةٌ في أعناقِ الجميعِ، والمحافظةُ عليها دينٌ وإيمانٌ وإحسانٌ.
حفظَ اللهُ مصرَ قيادة وشعبا من كيدِ الكائدين، وشرِّ الفاسدين وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه
د/ محمد حرز
إمام بوزارة الأوقاف
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف