خطبة الأسبوعخطبة الجمعةعاجل

﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ صناعة الأمل خطبة الجمعة ، أيمن حمدي الحداد

﴿فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ صناعة الأمل خطبة الجمعة ، أيمن حمدي الحداد
نص الخطبة:
الحمد لله رب العالمين الذى خلَق كلَّ شيء فقدره تقديراً، وكان بعباده بهم لطيفاً خبيراً، وأشهد ألَّا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبدالله ورسوله، أرسَلَه ربه بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد؛ فيا أيها المسلمون: إن الأمل فطرة أودعها الله عزّ وجل بداخل الإنسان، نراها في كل تصرفاته، فما بعث الله رسولاً إلا وكان الأمل في هداية قومه ماثلاً بين عينيه، فبالأمل تنمو شجرة الحياة، ويرتفع صرح العمران، والمتأمل فى القرآن الكريم يجد كثير من الآيات التى توقظ الأمل فى القلوب قال تعالى: ﴿فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾(المائدة: ٥٢)، وقال تعالى: ﴿لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾(الطلاق: ١)، وأكّد ربّنا ذلك بقوله: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾(الطلاق: ٢-٣)، لذلك كانت حياة الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام عامرة بالأمل.
– فهذا خليل الله إبراهيم عليه السلام وقد بلغ من الكبر عتياً ولم يرزق الولد ولكنه لم ييأس ودعا ربه قائلاً: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ﴾(الصافات: ١٠٠-١٠١)، إنها رسالة أمل إلى كل محروم لا تيأس من رحمة الله فربك على كل شيء قدير؛ قال تعالى: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾(الشورى: ٤٩-٥٠)،
– ونبى الله يعقوب عليه السلام لم يفقد الأمل في عودة يوسف وأخيه، ولم يستسلم بل ظل يحدوه الأمل قرابة أربعين سنة وكله ثقة وأمل في عودة أبنائه فيقول لأبنائه: ﴿يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾(يوسف: ٨٧)، إنها رسالة أمل إلى كل مسلم لا تيأس من رحمة الله وأحسن الظن بمولاك جل وعلا ففى الحديث الربانى يقول الله عزّ وجل: «أنا عِندَ ظَنِّ عَبْدي بي» رواه مسلم.
– وهذا نبي الله أيوب عليه السلام لم ييأس، ولم يفقد الأمل فى الشفاء رغم مرضه العضال فتضرع إلى ربه: ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾(الأنبياء: ٨٣-٨٤)، إنها رسالة أمل إلى كل مريض لا تيأس من رحمة الله، ولا ينقطع أملك فى الشفاء قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾(الشعراء:٨٠)، – ولقد عاد النبيّ ﷺ أعرابياً به حمّى فقال له مواسياً إياه: «لا بأس طَهورٌ إن شاء الله»، فلم يقبل الأعرابي هذا الفأل الحسن؛ بل قال: بل حُمّى تفورُ على شيخ كبير تُزِيرُهُ القبورَ، فقال النبي ﷺ: «فنعم إذن»رواه البخاري.
– ونبي الله يونس عليه السلام ابتلعه الحوت، ووجد نفسه فى ظلمات مطبقة بعضها فوق بعض فلم ييأس من رحمة الله ولم يفقد الأمل فى النجاة قال تعالى: ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾(الأنبياء: ٨٧-٨٨)، إنها رسالة أمل إلى كل مكروب لا تيأس من رحمة الله قال تعالى: ﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾، وأعلم أن الفرج مع الكرب وأن النصر مع الصبر.
– وسيدنا رسول الله ﷺ مع صعوبة الموقف، وشدة البلاء يغرس الأمل في قلوب أصحابه، ويبشرهم بالنصر؛ فعَنْ خَبَّابٍ قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً له في ظِلِّ الكَعْبَةِ فَقُلْنا: ألا تَسْتَنْصِرُ لنا ألا تَدْعُو لَنا؟ فقالَ: «قدْ كانَ مَن قَبْلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فيُحْفَرُ له في الأرْضِ، فيُجْعَلُ فيها، فيُجاءُ بالمِنْشارِ فيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ فيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، ويُمْشَطُ بأَمْشاطِ الحَدِيدِ، ما دُونَ لَحْمِهِ وعَظْمِهِ، فَما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ، واللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ، حتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِن صَنْعاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ، لا يَخافُ إلَّا اللَّهَ، والذِّئْبَ علَى غَنَمِهِ، ولَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ» رواه البخاري.
– وعن الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: لَمَّا كَانَ حَيْثُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ عَرَضَ لَنَا فِي بَعْضِ الْخَنْدَقِ صَخْرَةٌ عَظِيمَةٌ شَدِيدَةٌ، لَا يَأْخُذُ فِيهَا الْمَعَاوِلُ، فاشْتَكَيْنَا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَلَمَّا رَآهَا أَلْقَى رِدَاءَهُ وَأَخَذَ الْمِعْوَلَ فَقَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ» ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَهَا وَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، وَاللَّهِ لَأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ السَّاعَةَ» ثُمَّ ضَرَبَ الثَّانِيَةَ فَقَلَعَ الثُّلُثَ الْآخَرَ فَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قَصْرَ الْمَدَائِنِ الْأَبْيَضَ» ثُمَّ ضَرَبَ الثَّالِثَةَ فَقَلَعَ الثُّلُثَ الْآخَرَ وَقَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ» فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ فَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرَ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذَا السَّاعَةَ» رواه النسائي.
إنها رسالة أمل إلى المستضعفين فى أرض فلسطين
استعينوا بالله، وكونوا على يقين من أن الله ينصر أوليائه، قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾(المائدة: ٥٦)،
أمل يخاطب خُلسةً وجداني
والطير يُثقل كاهل الأغصان
أمل أحس به إذا انهار الظلام
وقام صرح الصبح كالبنيان
وأحسه والطفل يبتدئ الخطى
يهوي فينهض واهن الأركان
والنمل يطلب رزقه متجلداً
والنحل ينعش روضة البستان
وأُحسه والعشب يخترق الحصى
ويقيم دولته على الكثبان
والزهر يخلف غيره ببهائه
والماء يخرس ألسن النيران
وأُحسه في الكون في حركاته
وأُحسه في لوحة الفنان
ويظل يحدوني على رغم الجراح
تفتني وتغوص في وجداني
أملٌ يحدثني بعودة عِزّتي
وكرامتي وجحافلِ الإيمان
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أنه لا ينقطع رجاء المؤمن بربه أبداً، فاعملوا وآملوا خيراً فرب الخير لا يأتى إلا بالخير أقول قولى هذا واستغفر الله العظيم لى ولكم..
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى وصلاةً وسلاماً على عباده الذين اصطفى أما بعد: فيا عباد الله: إن الأمل هو إكسير الحياة، ودافع نشاطها، ومخفف ويلاتها، وباعث البهجة والسرور فيها.
واليأس ضد الأمل؛ ومعناه انطفاء جذوة الأمل في الصدر، وانقطاع خيط الرجاء في القلب، فهو العقبة الكؤود والمعوق القاهر الذي يحطم في النفس بواعث العمل. ويوهي في الجسد دواعي القوة. وصدق القائل:
واليأس يحدث في أعضاء صاحبه
ضعفًا ويورث أهل العزم توهينًا.
– قال ابن مسعود: الهلاك في اثنتين القنوط والعجب.
– قال الإمام الغزالي: إنما جمع بينهما: لأن السعادة لا تنال إلا بالسعي والطلب، والجد والتشمر، والقانط لا يسعى ولا يطلب.
– واعلموا عباد الله: أن من أهم وسائل غرس الأمل فى القلوب أن يستجيب العبد إلى نداء ربه جل وعلا: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾(الزمر: ٥٣)،
– ولقد دَخَلَ سيدنا رسول الله ﷺ عَلى شاب وَهُوَ في النَّزْعِ فَقالَ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قالَ: أَجِدُني أَخافُ ذُنُوبي وَأَرْجُو رَحْمةَ رَبّي فَقال ﷺ :«مَا اجْتَمَعا في قَلْبِ عَبْد في هذا الْمَوْطِنِ إِلاّ أَعْطاهُ اللّهُ ما رَجا وَآمَنَهُ مِمّا يَخافُ»رواه الترمذى.
– قالَ عَلِيٌّ بن أبي طالب رضى الله عنه: لِرَجُل أَخْرَجَهُ الْخَوْفُ إِلَى القُنُوطِ لِكِثْرَةِ ذُنُوبِهِ: يا هذا يَأْسُكَ مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذُنوبِكَ.
– الوعيد الشديد لمن أغلق باب الأمل فى عفو الله عزّ وجل أمام عباده؛ فعَنْ جُنْدَبِ الغِفاري أَنَّ رَسُولَ اللّهِ ﷺ قالَ: «إِنَّ رَجُلاً قالَ يَوْماً وَاللّهِ لا يَغْفِر اللّهُ لِفُلان، قالَ اللّهُ عَزَّوَجَلَّ: مَنْ ذَا الَّذي تَألى على أَنْ لا أَعْفُر لِفُلان؟ فَإِنّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلان وَأَحْبَطْتُ عَمَلَ الْمُتَألّي بِقَوْلِهِ لا يَغْفِرَ اللّهُ بِفُلان»رواه مسلم.
– ومن وسائل غرس الأمل فى القلوب ما جاء فى هذا الهدى النبوى الكريم: «إنْ قامَتِ الساعةُ وفي يدِ أحدِكمْ فَسِيلةٌ، فإنِ استطاعَ أنْ لا تقومَ حتى يَغرِسَها فلْيغرِسْهَا» رواه أحمد.
فالنبي ﷺ يوجهنا، ويريد منا بأن لا تقتصر آمالنا في الحياة على مجرد حاجاتنا، ولكن علينا أن نعمل لحاضرنا ولمستقبلنا.
– ولقد مر كسرى ملك الفرس يوماً بشيخ كبير يزرَع شجرة زيتون، فقال له متعجباً : أيها الشيخ، ما بالك تغرِس هذه الشجيرة، وهي لا تُثمر إلا بعدَ أعوام عديدةٍ وأنت شيخ هرم؟ فهل تأمُل أن تأكل من ثمرها؟ فقال له الشيخ الكبير: أيها الملك، لقد غرس من قبلنا فأكلنا، ونحن نغرِس لكي يأكل من يأتي بعدَنا، فاستحسن جوابه، وأمر له ببعض المال.
– ومن هذا المنطلق فالأمل الإيجابي قرين العمل، لأن الأمل بلا عمل أمانيٌّ كاذبة، ووعود زائفة، وجهل مردود على صاحبه، ولا يَجني من ورائه إلا تعذيب نفسه وتحطيم قلبه، والأمل بلا عملٍ كالطائر بلا جناحين.
– إنْ الأمل يدفع الإنسان دائماً إلى العمل، ولولا الأمل لامْتَنَعَ الإنسانُ عن مواصلة الحياة ومجابهة مصائبها وشدائدها، ولولاه لسيطر اليأس على قلبه، وأصبح يحرص على الموت أكثر من حرصه على الحياة. لذلك قيل: اليأسُ سلّمُ القبر، والأملُ نورُ الحياة.. وقيل: لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس..
وصدق القائل:
ما بين طَرْفَةِ عـينٍ وانتباهَتِها
يُحَوِّلُ اللهُ من حالٍ إلى حالِ
– ومن وسائل غرس الأمل فى القلوب ما جاء فى قصة سيدنا موسى عليه السلام مع قومه، فإن الواقع الذى نعيشه من تجاهل لحقوق إخواننا المستضعفين فى فلسطين، وما نراه من حصار ظالم، واذواجية فى المعايير الدولية حيث تُغمض القوى الكبرى أعينها عن جرائم الإحتلال، قد يدفع البعض إلى اليأس، وفقد الأمل فى تغير تلك الأوضاع.
– ونقول لهؤلاء: إن سيدنا موسى عليه السلام لم يعتريه اليأس لحظة رغم جبروت فرعون وضعف أتباع موسى عليه السلام لقد ظهر الأمل والثقة في نصر الله بصورة جليَّة في موقفه عليه السلام مع قومه ممن آمن معه، حين طاردهم فرعون وجنوده، فظنوا أن فرعون سيدركهم، وشعروا باليأس حينما وجدوا فرعون على مقربة منهم، وليس أمامهم إلا البحر، فقالوا لموسى: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾(الشعراء:٦١)، فما كان من سيدنا موسى عليه السلام إلا أن زرع الأمل في قلوبهم، وأحيا الرجاء في نفوسهم، وقال لهم في ثقة ويقين: ﴿قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾(الشعراء:٦٢)، فأمره ربه عزّ وجل أن يضرب بعصاه البحر، فانشقّ نصفين، وتقدم موسى وقومه، فعبروا البحر في أمان واطمئنان، ثم عاد البحر مرة أخرى كما كان، فغرق فرعون وجنوده، ونجا موسى ومن آمن معه.
– لقد أيقن سيدنا موسى عليه السلام بتحقُّق أمله ورجائه في الله تعالى، وأيقن من آمن معه أنه لا يأس، فينبغي ألا يسري اليأس إلى أمتنا وهي تخوض معاركها مع أعدائها.
فيا عباد الله: اصبروا وصابروا وآملوا فى نصر الله عزّ وجل، واستعينوا بالعمل الجاد فى أوقات الأزمات تفتح لكم أبواب الرحمات، وينصركم رب البريات.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين، واجعل راية مصر عالية خفاقة واحفظها بحفظك وسائر بلاد المسلمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين،
وأقم الصلاة.
جمعها ورتبها
أيمن حمدي الحداد
الجمعة ٣ من رجب ١٤٤٦ هجرياً
الموافق ٣ من يناير ٢٠٢٤ ميلادياً

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى