عاجلمصــر

رئيس التحرير يكتب : العزاء لمصر

%d8%a3%d8%ad%d9%85%d8%af-%d9%86%d9%88%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%8a%d9%86-2
أحمد نورالدين

ندين بأحرّ الكلمات حزنا وألما , وبعيون تذرف دمعا, وقلوب تبكى دما وحسرة, العملية الإرهابية الخسيسة التى استهدفت الكنيسة البطرسية صباح امس – الاحد – بالعباسية، وأسفرت عن سقوط ما يقرب من 25 شهيدا، و49 مصابا من اخواننا المسيحيين, واحقاقا لحق اخوتنا المسيحيين علينا أذكّرهم وأذكر أنفسنا نحن المسلمين بأن ديننا الإسلامي وشريعتنا الغراء دين رحمة وشفقة وعدل ومساواة , وهذا قرآننا يصف قتل نفس بريئة واحدة بالإفساد في الأرض ، وهو أمر جلل مستبشع ومشبه بالإعتداء على كل أهل الأرض من الإنس ، يقول الله – تبارك وتعالى-  : { مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا } (المائدة 32) ، أضف إلى ذلك تحريم الله – سبحانه وتعالى-  قتل النفس إلا بالحق، كالقصاص في آيات كثيرة من القرآن، منها قوله – تعالى- : { وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ } (الأنعام 151 ، الإسراء 33) ، ووصف عباده المؤمنين بأنهم : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ } (الفرقان 68) 

وإذا عدنا إلى صفحات التاريخ وقبل أي تقدم حضاري وقبل ظهور أية مواثيق أو معاهدات أو إقرار أي دستور يسير عليه البلاد ، لوجدنا أن أول وثيقة أبرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم في التاريخ والتي عُرفت باسم ” الصحيفة قد أرست أسمى القواعد وهي كرامة النفس – مطلق النفس الإنسانية – وحرية العقيدة ، والتعايش السلمي والإخاء الإنساني, ولقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم إثم من قتل معاهدًا بغير جرم ، ولنتأمل حديثه وتحذيره (صلى الله عليه وسلم) متوعدا من يفعل ذلك من المسلمين : ” من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها لتوجد من مسيرة أربعين عاما ” (أخرجه البخاري) ، فهؤلاء المسالمون من غير المسلمين لهم عهد وذمة الله ورسوله , وفي وعيد آخر يقول الرؤوف الرحيم (صلى الله عليه وسلم)  : ” ألا من قتل نفسا معاهدة لها ذمة الله وذمة رسوله فقد أخفر ذمة الله فلا يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا ” (أخرجه الترمذي وابن ماجة).

وهذا نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقرر أيضا : ” لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما ” (أخرجه البخاري) ، و حرمة النفس هنا لا تختص المسلم دون غيره ، بل تشمل المعاهدين أهل الذمة من غير أهل الحرب والعدوان، والناظر إلى رحمة إسلامنا ونبينا  وعدلهما وإنصافهما يرى أنهما لم يحرما  قتل إخوتنا المعاهدين الذميين فحسب ، بل حرم ظلمهم وإنتقاص حقوقهم والإضرار بهم ، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم)  : ” من ظلم معاهدا أو إنتقصه حقه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة ” (أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الألباني) ، فما أعظمه من دين، وما أعظمه من نبي يجعل نفسه  مدافعا عنهم يوم القيامة.

 وإذا كان ديننا الاسلام الحنيف يجعل ظلم الحيوان يستوجب النار لصاحبه ، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم)   : ” دخلت امرأة النار في هرة ربطتها ، فلم تطعمها ، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض ” (أخرجه البخاري ومسلم) ، فما بالنا بظلم الإنسان لأخيه الإنسان ، وبهذا نرى وندرك أن الإسلام أبعد ما يكون عن الظلم والجور ، بل يندد به ويحرمه .

من هذه المعطيات القرآنية والنبوية ، نتوجه بخالص عزائنا لمصر كلها , بجسدها الواحد , مسلميها قبل مسيحييها , خالص عزائنا لإخوتنا أهالي واقارب الضحايا الشهداء الذين لا ذنب لهم فيما لاقوه من مصير وقدر مكتوب, وأختم بشهادة للكاتب الأمريكي ” آندرو باترسون ” مقتبسا حقيقة للمفكر الأمريكى “بولى فندلى” من كتاب الأخير ” لا سكوت بعد اليوم” حيث يقول : ” إن العنف باسم الإسلام ليس من الإسلام في شئ ، بل إنه نقيض لهذا الدين الذي يعني السلام لا العنف “.


12357235_1025466967502689_3026191706514556455_o

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى