عاجل

بخل علي الدعوة والدعاة .. وإغداق علي اللهو والعبث!!

كتب الشيخ قرشي سلامة كبير أئمة الصعيد ونقيب قنا.

بخل علي الدعوة والدعاة  .. وإغداق علي اللهو والعبث!!

واضح أن رؤساء حكومات مصر توارثوا البخل الشديد علي الدعوة والدعاة رغم سفههم في الإنفاق علي العبث والهيافة ولعب العيال الجالب للشغب والتخريب المسمي رياضة. وكرمهم في الإنفاق علي الفن والفنانين الذين ينشرون الرذائل بين كل خلق الله في ربوع مصر.

لا فرق في هذا البخل بين حكومة فساد كالتي رأسها أحمد نظيف ومن قبله عاطف عبيد وغيرهما من رؤساء الحكومات الذين تعاملوا مع الدعوة والدعاة باستهتار واستهانة.. وبين حكومة ثورة علق عليها الشعب المطحون آمالا عريضة في إعطاء كل ذي حق حقه وعدم التمييز بين المصريين كالتي يقودها الآن الدكتور حازم الببلاوى.. فمازال الإسراف والبذخ وإهدار المال العام علي اللهو والعبث وأشكال الفساد الأخلاقي مستمرا في نفقات الدولة رغم جفاف المنابع وإهدار الموارد وخواء الخزينة وكثرة الديون وتراكم الهموم وتضاعف أعداد الفقراء والعاطلين.. ومازال البخل علي الدعوة والدعاة والتعامل مع حقوقهم باستهتار ثقافة متوارثة بين المسئولين في مصر!! منذ سنتين وشهور ذهب وزير الأوقاف الأسبق إلي أحمد نظيف رئيس الوزراء المحبوس حاليا والذي يحاكم بتهم التربح والفساد وإهدار المليارات من أموال الشعب المصري المطحون وحاول إقناعه برفع بدل العدوي الذي يمنح للعمال في المساجد حيث يقومون بتنظيف دورات المياه بأياديهم من “89 قرشا” شهريا إلي خمسة جنيهات في الشهر فرفض نظيف. ورغم محاولات إقناعه بأن دورات مياه المساجد مفتوحة طوال الوقت للمواطنين – المصلين وغير المصلين – لقضاء حاجتهم بعد اختفاء دورات المياه العامة من الشوارع والميادين. وذلك بدلا من قضاء حاجتهم في العلن والفضائح التي نشاهدها يوميا في شوارعنا.. أصر رئيس الوزراء – الذي أهدر المليارات علي الفاسدين – علي أن يظل بدل العدوي لخدام بيوت الله “89 قرشا” شهريا وهو الذي يصرفونه الآن!! ***

حاولت خلال الأيام الماضية التعرف علي حقيقة رواتب وحوافز الدعاة وخطباء المساجد المعينين في وزارة الأوقاف والذين يبلغ عددهم خمسة وخمسين ألفا خاصة وأن البعض يردد أنها مجزية وكافية وتم إضافة زيادات بها بلغت أربعمائة جنيه خلال السنوات الثلاث الأخيرة فوجدتها غير كافية بالفعل لإعاشة شخص بمفرده.. فكيف يعيش داعية معين منذ سنوات هو وأسرته وأولاده براتب وحوافز في حدود الألف جنيه في ظل حالة الغلاء الفاحش التي نعيشها في مصر؟ كيف نطالب داعية راتبه ألف جنيه أن يركز في عمله الدعوي وهو مطالب بنفقات شهرية تزيد علي الألفين ولا يستطيع القيام بأي عمل إضافي يحسن به دخله؟! وإذا كانت الحكومة الحالية قد قامت بترضية كل فئات الشعب ومنحت حوافز وإتاوات للعناصر المشاغبة.. فهل تهدر حقوق الدعاة وخطباء المساجد لأنهم مسالمون وقانعون وليسوا من قطاع الطرق وأهل البلطجة؟ لا يقر أحد سلوكا استفزازيا من داعية ولا عامل في وزارة الأوقاف. ومن يخرج عن حدود اللياقة والأخلاق الفاضلة يحاسب علي ذلك.. لكن لا يجوز بأي حال من الأحوال التعامل مع الدعاة الذين تجمعوا للمطالبة بحقوقهم بالأسلوب نفسه الذي تتعامل به قوات الأمن مع البلطجية. فالدعاة وخطباء المساجد تجمعوا وفي أياديهم أوراق ولافتات تحمل مطالبهم.. لم يذهبوا ومعهم أسلحة آلية وقنابل مولوتوف وسنج ومطاوي كالتي نراها ونسمع عنها كل يوم مع البلطجية والمتهورين المتعصبين من مشجعي الكرة.. لذلك ينبغي أن تصدر تعليمات واضحة من القيادات الأمنية بحسن التعامل مع الدعاة الذين تجمعوا بملابسهم الرسمية في وقفات احتجاجية كان يمكن تفاديها لو تعامل معهم وزيرهم بحكمة ولم يقل “وأنا مالي.. أعمل لكم إيه.. اللي عايز يتظاهر ويعتصم يعمل اللي هو عايزه والدولة ستتعامل معه بالقانون”.

 وإذا كنا نطالب الدعاة بالتعبير عن مطالبهم بأسلوب راق ونرفض كل خروج عن حدود اللياقة والأخلاق الفاضلة من داعية أو خطيب مسجد واجبه الأساسي أن ينشر الفضائل والسلوكيات الراقية بعلمه وسلوكه بين الناس.. وإذا كنا نناشد كافة الدعاة ضبط النفس وعدم الانسياق وراء دعوات التهييج حتي تظل صورتهم طيبة في أذهان الناس.. فنحن نطالب الحكومة أن تفتح حوارا جادا مع ممثلي الدعاة للوصول إلي صيغة مرضية حتي يتفرغ الدعاة وخطباء المساجد لواجباتهم الدعوية خاصة والمجتمع كله في حاجة إلي انضباط سلوكي وأخلاقي ويواجه تيارات دينية وافدة وراكدة مخربة للعقول وتهدد مستقبل الوطن كله. مساجد مصر يجب أن تظل منارات تنطلق منها كل دعوات الإصلاح الحقيقية.. ينبغي أن تلجأ الدولة إلي المساجد لمواجهة كل صور البلطجة والعنف والخروج علي القانون وإعادة جماهير الشعب إلي قيم الإسلام الفاضلة التي تنشر مفاهيم الرحمة والتسامح والعفو والإيثار بين الناس.. وحتي تؤدي المساجد رسالتها علي الوجه الأكمل ينبغي إراحة العاملين فيها والقائمين علي أمرها من أئمة وعمال. العاملون في مساجد مصر مواطنون لهم حقوق وظيفية مثل غيرهم من موظفي الدولة ولا ينبغي التعامل معهم ببخل أو النظر علي أنهم مشايخ وعمال غلابة سيرضون بالقليل فهذا الأسلوب في معالجة مشكلات العاملين في وزارة الأوقاف مرفوض شكلا وموضوعا ويشعرهم بالإهانة ويدفعهم إلي التصعيد.. ولذلك فإن الحل – كما قلت وأكرر – في الحوار الذي يستهدف الإنصاف والاعتراف بالحقوق حتي ولو تأجل الحصول علي بعضها. في مصر الآن 82 ألف مسجد و25 ألف زاوية تابعة لوزارة الأوقاف وذلك بخلاف المساجد التابعة للجمعيات والجماعات الدينية وفي كل مسجد أربعة من العاملين “خطيب وإمام وعاملين” وهؤلاء قوة وظيفية وشعبية لا ينبغي التعامل معها باستهانة.. فهل تسرع الحكومة في بحث مطالبهم المشروعة وتنفيذ المتاح منها قبل أن يتضاعف الغضب خاصة وأن الوزير يتعامل مع احتجاجهم باستهانة؟!

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى