خطبة الأسبوعخطبة الجمعةعاجل

خطبة الجمعة القادمة : إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ، الشيخ أحمد عبد الله عطوة

بتاريخ ٢٢ شعبان ١٤٤٦هـ – الموافق ٢١ فبراير ٢٠٢٥م

خطبة الجمعة القادمة : إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ، بتاريخ ٢٢ شعبان ١٤٤٦هـ – الموافق ٢١ فبراير ٢٠٢٥م.
***************************************

خطبة الجمعة القادمة word : إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ، الشيخ أحمد عبد الله عطوة

خطبة الجمعة القادمة  pdf : إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ، الشيخ أحمد عبد الله عطوة

اعداد وترتيب العبد الفقير إلى الله الشيخ أحمد عبد الله عطوة إمام بأوقاف الشرقية
عناصر الخطبة٠٠٠٠٠٠٠٠٠؟
1/ شريعة الإسلام خاتمة للشرائع كلها ؟
2/ مبدأ التيسير مبدأ شرعي وسمة للشريعة المحمدية ؟
3/ سوء فهم التيسير في الشريعة ؟
المقدمة :-
الحمدُ للهِ إيماناً بكمالهِ وعظمتهِ وخضوعاً لجلالهِ وعزتهِ وتسليماً لحِكمته ومشيئتهِ
وطمعاً في كرمِه وجنتهِ
(رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ)
وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ،
يهدي من يشاءُ بفضله ورحمته ويضِلُ من يشاءُ بعدله وحكمته؛
(وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ)
وأشهدُ أن محمداً عبدُ اللهِ وسولهُ، ومصطفاهُ وخليلهُ، وأمينهُ على وحيه،
أضاءَ الدنيا بسنته ورحم العالمين بدعوت
واللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)،
وأنْعمَ عليه وعلى آله وأهلِ بيتهِ وصحابتهِ
والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ
أما بعد عباد الله:
فقد خصَّ اللهُ عز وجل هذه الأمة بمزيَّة لم تكن توجد عند باقي الأمم والديانات السابقة لها، وهي أنَّ التكاليف الشرعية جاءت مُيسرة لا مَشقة فيها ولا عُسر، حتى تتماشى مع الطبيعة البشرية التي من عادتها أنها تنفر من الصعوبات، وتمقت التعقيدات، وذلك بسبب ما فطرت عليه من الضعف كما أخبر بذلك ربنا تبارك وتعالى بقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا } [النساء: 28]
وهذا من رحمة الله التامة وإحسانه الشامل على عباده، فالإنسان بطبيعته يعتريه الضعف من كل الوجوه ضعف البنية، وضعف الإرادة، وضعف العزيمة، وضعف الإيمان، وضعف الصبر، فناسب ذلك أن يخفف الله عنه، ما يضعف عنه وما لا يطيقه إيمانه وصبره وقوته عن جابر بن عبدالله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنَّ هذا الدِّين مَتينٌ، فأوغِل فيه برفقٍ، ولا تُبغِّض إلى نفسِك عِبادة الله؛ فإن المُنبَتَّ لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى))
توجيهات وتحقيقات الحديث:
((إنَّ هذا الدِّين مَتينٌ)): أكد النبي صلوات الله وسلامه عليه كلامَه لحال المخاطَب لأنه يُنكر أنَّ الدِّين متين أو يشكُّ في هذا، فيوغِل فيه حتى يحمِّل نفسَه ما لا يُطيق، وقد يكون غير منكرٍ لهذا ولا شاكٍّ فيه، ولكنه نزل منزلتهما، والله تعالى يقول: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 286]، وقال أيضًا: ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 7]، وقال جلَّ جلالُه: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78]، وقال سبحانه: ﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [المائدة: 6].
((الدِّينَ)): المراد به التكاليف الشرعيَّة، سواء في دين الإسلام أو غيره.
وقد ورَد في حديثٍ أنه صلوات الله وسلامه عليه قال: ((إنَّ خير دينكم أيسره، إنَّ خير دينكم أيسره))
وقد ورد عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أنه قال: جاء ثلاثةُ رهطٍ إلى بُيُوت أزواجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يَسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أُخبِرُوا كأنهم تقالُّوها، فقالوا: وأين نحنُ من النبي صلى الله عليه وسلم؛ قد غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، قال أحدُهم: أما أنا فإني أُصلِّي الليلَ أبدًا، وقال آخرُ: أنا أصومُ الدَّهرَ ولا أُفطِر، وقال آخرُ: أنا أعتزل النساءَ فلا أتزوَّجُ أبدًا، فجاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال: ((أنتُم الذين قُلتُم كذا وكذا، أَمَا والله إنِّي لأخشاكُم لله وأتقاكُم له؛ لكني أصومُ وأُفطِر، وأُصلِّي وأرقُدُ، وأتزوَّجُ النساء، فمَن رَغب عن سُنَّتي فليس منِّي))
وقد ذمَّ الله أهلَ الكتاب بسبب غلوِّهم؛ فقال تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ﴾ [المائدة: 77]
قال شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر: الإسلام يُسْر بالنسبَةِ إلى الأديان قبلَه؛ لأن الله رفع عن هذه الأمَّة الإِصْرَ الذي كان على مَن قبلهم، ومِن أوضح الأمثلة: أنَّ توبة مَن كان قبلَنا كانت بقتلِهم أنفسهم، وتوبة هذه الأمَّة بالإقلاعِ، والعزم على عدم العودَة للذنب، والنَّدم
ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هَلَك المتنطِّعون))
ويجوز أن يُراد بـ((الدِّين)) الإسلام؛ على أنَّ شدةَ تكاليفه بالنسبة إلى عدمها؛ لأن النَّفس تستثقلها مع يُسْرِها، وتميلُ إلى أنْ تسيرَ وفق هواها.
((فإنَّ)) الفاء للتعليل، وهي تعليلٌ لمحذوفٍ تقديرُه: فإنَّك لو أوغلتَ فيه بغير رفقٍ أهلكتَ نفسك وانقطعتَ.
((فإنَّ المنبَتَّ[“هو المنقطع في سفره قبل وصوله، فلا سفرًا قطعَ، ولا ظهرَه الذي يسير عليه أبقى حتى يمكنه السيرُ عليه بعد ذلك؛ بل هو كالمنقطع في المفاوز، فهو إلى الهلاك أقرب، ولو أنَّه رفق براحلته واقتصد في سَيره عليها لقطعَت به سَفَرَه وبلغ إلى المنزل”]
(( لا أرضًا قطعَ، ولا ظهرًا أبقى))، أكَّده النبيُّ صلى الله عليه وسلم كما أكَّد أول كلامِه؛ لأنه مثله في الردِّ على ما ينكره المخاطب أو يشكُّ فيه.
((فإنَّ المنبَتَّ)): تقدير الكلام في هذا: فإنك إن أَوغلتَ فيه بغير رفقٍ أهلكتَ نفسك وانقطعتَ، فتكون كالمنبتِّ؛ لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى، وبهذا يكون تشبيهًا بليغًا؛ لحذف أداه التشبيه فيه، وهو تشبيهٌ تمثيلي ضمني، شبهت فيه هيئةُ المتشدِّد الذي يُضعِف نفسَه بالعبادة حتى ينقطع عنها بهيئة المنبتِّ في إضعافه دابَّته، وعدم وصوله إلى مبتغاه، والجامع: عدم إدراكِ المقصود فيهما.
((لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى)): قدَّم النبيُّ صلى الله عليه وسلم المفعولَ؛ للاهتمام بنفي الفعل عنه؛ لأنه هو المقصود مِن فعله، ولأنه لم يصِل إليه بسوءِ تدبيره.
وقد يُقال: إذا كان التشدُّد في الدِّين مذمومًا، فهل يُمدح التساهل فيه؟!
والجواب: أن الممدوح هو التوسُّط بين التشدُّد والتساهل؛ لأنَّ هذا هو السبيل الذي سلكه الإسلامُ في كلِّ تشريعاته، وبهذا جاء دينًا وسطًا؛ لا إفراط ولا تفريط، ولا تشديد ولا تساهل، إنه منهجٌ واقعي، وسَطِي، متوازن، هذا المنهج الواقعي الوسطي المتوازن، ينقلك إلى أعلى مراتب الإيمان.
ولهذا قال الله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143].
وحثَّ على التوازُن في حياة المسلِم فقال تعالى: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴾ [القصص: 77].
وقال جلَّ جلاله: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185].
فلا يجوز تمييع أمور الدين بحجة التيسير لأن هذا مما لا يُقبلُ في الشريعة الإسلامية أبدًا
لكن هل معنى التيسير ترك التكاليف الشرعية والسعي وراء الملذات والملهيات؟! أم للأمر ضابط يحكُمُه. ولا شك أن للتيسير ضوابط منها:
1-وجود ما يدعوا إلي التيسير:
فلا بد أن يوجد ما يدعوا إلي التيسير من ضرورة أو حاجة تتنزل منزلة الضرورة، أو مشقة تستوجب التيسير، قال شيخ الإسلام: “وَمِنْ الْأُصُولِ الْكُلِّيَّةِ أَنْ الْمَعْجُوزَ عَنْهُ فِي الشَّرْعِ سَاقِطُ الْوُجُوبِ ، فإذا لم يوجد ذلك فإن التيسير يكون اتباعًا للهوى وتحكيمًا للشهوة.
وعليه يفرق بين من لابس الحكم الشرعي فعجز ، ومن ادعى العجز قبل ملابسته الحكم.
2-أن يكون التيسير قائمًا على دليل شرعي:
فلابد من استناده على دليل شرعي يؤيده، إما من كتاب أوسنة.
قال أَبُو حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ النَّيْسَابُورِيُّ: ” مَنْ لَمْ يَزِنْ أَفْعَالَهُ وَأَحْوَالَهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَمْ يَتَّهِمْ خَوَاطِرَهُ، فَلَا تَعُدَّهُ فِي دِيوَانِ الرِّجَالِ” .
3-ألا يعارض نصًا شرعيًا:
فكل قول مخالف لنص شرعي مردود على صاحبه، كما في حديث أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال)) مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)) .
فيشترط للأخذ بالأيسر ألا يخالف نصًا شرعيًا أو إجماعًا.
4-ألا يكون فيه تتبع للرخص والزلات:
قال الأوزاعيُّ: “مَنْ أَخَذَ بِنَوَادِرِ الْعُلَمَاءِ خَرَجَ مِنَ الإِسْلاَمِ”.
وَ قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: “لَوْ أَخَذْتَ بِرُخْصَةِ كُلِّ عَالِمٍ أَوْ زَلَّةِ كُلِّ عَالِمٍ اجْتَمَعَ فِيكَ الشَّرُّ كُلُّهُ” .
5-ألا يكون فيه إثمٌ:
عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-، أَنَّهَا قَالَتْ: “مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ”.
قال النووي:فيه استحباب الأخذ بالأيسر والأرفق ما لم يكن حرامًا أو مكروهًا .
وقال إِبْرَاهِيمُ النخعيُّ: “إِذَا تَخَالَجَكَ أَمْرَانِ فَظُنَّ أَنَّ أَحَبَّهُمَا إِلَى اللَّهِ أَيْسَرُهُمَا” .
مظاهر التيسير في الشريعة الإسلامية:
مما سبق يتبين لنا أن الشريعة الإسلامية مُيسرة لا مشقة فيها ولا عسر، فاقتضت حكمة الله تعالى أن تكون الشريعة الخاتمة عامة ميسورة يسهل فهمها وتعقلها والعلم بها لتسع الجميع إذ لوكان العلم بها عسيرًا لكان من العسير على جمهور المكلفين بها أخذها ومعرفتها أولًا، والامتثال لأوامرها ونواهيها ٠

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى