خطبة الجمعة القادمة : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه ، للشيخ خالد القط
خطبة الجمعة القادمة 8 سبتمبر 2023م بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه ، للشيخ خالد القط ، بتاريخ 23 صفر 1445هـ ، الموافق 8 سبتمبر 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 8 سبتمبر 2023م بصيغة word بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه ، للشيخ خالد القط
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 8 سبتمبر 2023م بصيغة pdf بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه ، للشيخ خالد القط
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 8 سبتمبر 2023م ، بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه ، للشيخ خالد القط ، كما يلي:
حال النبي صلى الله عليه وسلم مع ربه
“”””””””””””””””””””””
الحمد لله رب العالمين، سبحانه خلق الخلق وأمرهم بعبادته، فالسعيد من سار على طريق هدايته، وكان مع الله في كل أحواله وخلوته، والشقي من حرم لذة عبادته وطاعته.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، القائل في كتابه العزيز ((إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا (1) لِّيَغۡفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنۢبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكَ وَيَهۡدِيَكَ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا (2) سورة الفتح.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، حق قدره ومقداره العظيم.
تابع / خطبة الجمعة القادمة : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه
أما بعد
أيها المسلمون، فإن علاقة الإنسان بخالقه، هي علاقة في غاية الخصوصية، حيث لا يستطيع أحد أن يقحم نفسه في هذه العلاقة الخاصة بين الخالق سبحانه وتعالى وعباده، فكم كان أصحاب النبي صلى الله عليه متشوقين أن يعلموا الكثير والكثير حول علاقة الإنسان بخالقه، حتى إنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا السؤال كما روى ابن حجر بسند فيه مقال [عن معاوية بن حيدة القشيري:] أنّ أعرابيًا قالَ: يا رسولَ اللهِ أقريبٌ ربُّنا فنُناجيَهُ أمْ بعيدٌ فنُنادِيَهُ؟ فأنزلَ اللهُ {وإذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} سورة البقرة (186)، ولله در القائل:
إذا المرء لم يلبس ثيابًا من التقى تقلب عُريانًا وإن كان كاسيًا
وخيرُ خصال المرء طاعةُ ربه ولا خير فيمن كان لله عاصيًا
ولكن أيها المسلمون هيا بنا نقترب أكثر وأكثر من حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، لنرى كيف كان حاله مع ربه، وهو حال بلا شك يعجز عن تصويره خيالنا، فلا تطيقه عقولنا، ولا تتحمله قلوبنا، ولا تستطيع وصفه ألسنتنا ولا أقلامنا، وكيف يتسنى لنا ذلك؟ وحال رسول الله مع ربه أنه لا يغفل عنه طرفة عين، ولا يغيب ذكره عن قلبه أبداً، فبأبي أنت وأمي يا حبيبي يا رسول الله حتى أثناء نومه، ليس كمثلنا، لا ينام كما ننام نحن، وإنما كما قال عن نفسه كما عند البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها، قالَتْ عَائِشَةُ: ((فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ فَقالَ: يا عَائِشَةُ، إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ ولَا يَنَامُ قَلْبِي)).
أيها المسلمون، وأول ما كان من شأن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم مع ربه أنه كان صلى الله عليه وسلم يحب أن يخلو بنفسه متفكراّ متدبراً في هذا الكون وأن الكون له إله خالق رازق فهو وحده يدبر أمور هذا الكون بما فيه، ومن فيه، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعبد في غار حراء تحديدا وهو مكان له استراتيجيته، حيث يمكن فيه أن يختبئ النبي صلى الله عليه وسلم عن أعين الناس حتى تتحقق له الخلوة مع ربه، وفى نفس الوقت، فمع أنسه بربه وخالقه يمتع بصره بالنظر إلى الكعبة المشرفة، حيث أن الغار يطل عليها، فيا للروعة الموقع والمكان، حيث تصفو فيه النفوس، وترق القلوب، وتدمع العيون، وتقشعر الجلود، مهابة وخشية وإجلالاً لله رب العالمين، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: (( كانَ أوَّلَ ما بُدِئَ به رَسولُ اللهِ ﷺ الرُّؤْيا الصّادِقَةُ في النَّوْمِ، فَكانَ لا يَرى رُؤْيا إلّا جاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إلَيْهِ الخَلاءُ، فَكانَ يَلْحَقُ بغارِ حِراءٍ فَيَتَحَنَّثُ فيه – قالَ: والتَّحَنُّثُ: التَّعَبُّدُ – اللَّيالِيَ ذَواتِ العَدَدِ، قَبْلَ أنْ يَرْجِعَ إلى أهْلِهِ ويَتَزَوَّدُ لذلكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ بمِثْلِها)).
أيها المسلمون كما كانت الصلاة بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم خير ما يترقبه النبي صلى الله عليه وسلم بكل شغف وشوق، إنه الشوق والحنين للوقوف بين يدي أحكم الحاكمين، وكأنه صلى الله عليه وسلم كان يكابد من المشاق ما يكابد، حتى تأتى اللحظة التي يهنأ ويسعد فيها بلقاء ربه، ألم تره وهو يقول لبلال رضي الله عنه، كما أخرج أبو داوود بسند صحيح عن سالم بن أبى الجعد قال: كان الحبيب المصطفى يقول ((يا بلالُ أقمِ الصلاةَ، أرِحْنا بها)) ولتتأمل جيداً قوله أرحنا وكأنه بدونها في تعب ومشقة وعناء.
تابع / خطبة الجمعة القادمة : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه
ولما فرض الله الصلاة على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، كان للصلاة نصيب كبير من وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته، ولكن المقام لا يتسع لذكرها هنا، ولكن خذ مثلا قوله صلى الله عليه وسلم كما روى عنه أنس بن مالك ((أولُ ما يحاسبُ بهِ العبدُ يومَ القيامةِ الصَّلاةُ، فإنْ صَلَحَتْ، صَلَحَ سائِرُ عَمَلِه، وإنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سائِرُ عَمَلِه)).
أيها المسلمون، كل إنسان منا بلا شك له متعة خاصة في الحياة الدنيا، فمن الناس من تكون متعته في المال، وأخر في الشهرة، والبعض الآخر تكمن متعته في بيت فسيح أو مركب مريح، أو طعام شهي، أو زوجة، أو الولد، ولكن ترى كيف كان أكثر ما تقر به عين الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ولنتركه صلى الله عليه وسلم ليحدثنا هو بنفسه، فعند النسائي وغيره عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال. رسول الله صلى الله عليه وسلم ((حُبِّبَ إليَّ من دُنْياكمُ النِّساءُ والطِّيبُ وجُعِلَت قُرَّةُ عَيني في الصَّلاةِ)) قال عنه الذهبي إسناده قوى، وقال العراقي إسناده جيد.
أيها المسلمون، بل من حب رسول الله للصلاة وحرصه على كثرة الوقوف بين يدى الخالق جل وعلا، كان الحبيب يتحين الأوقات التي يخلو فيها بمحبوبه، خاصة عند سكون الليل وسكوته، فيقوم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم رغم أنه سبحانه وتعالى قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، كما قال تعالى ((إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا (1) لِّيَغۡفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنۢبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكَ وَيَهۡدِيَكَ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا)) سورة الفتح، رغم كل ذلك كما أخرج ابن ماجة وغيره بإسناد صحيح عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال ((قامَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليْهِ وسلَّمَ حتَّى تورَّمت قدماهُ، فقيلَ: يا رسولَ اللهِ، قد غفرَ اللَّهُ لَكَ ما تقدَّمَ من ذنبِكَ وما تأخَّرَ، قالَ: أفلاَ أَكونُ عبدًا شَكورًا)).
أيها المسلمون، حين فرض الصيام، كان النبي صلى الله عليه وسلم رحمة وشفقة بأمته ينهى عن الوصال في الصوم، فعند البخاري عن أبى هريرة رضي الله عنه قال ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الْوِصَالِ))، ولكن ترى كيف كان حال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم مع ربه في الصيام، وهيا بنا ننصت جميعاً لحديثه صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبى هريرة رضي الله عنه قال ((نَهَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن الوِصالِ، قالوا: إنَّك تُواصِلُ، قال: إنَّكم لَسْتُم كَهَيْئَتي، إنَّ اللهَ حِبِّـي يُطْعِمُني ويَسْقِينِ، وقال يَزيدُ: إنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُني رَبِّي ويَسْقِيني)).
تابع / خطبة الجمعة القادمة : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه
ولكن أيها المسلمون ليس معنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان تاركاً لأمور دنياه، ومنقطعاً ومعتكفاً لعبادة ربه وفقط، ولكنه صلى الله عليه وسلم رغم تعلق قلبه بربه ليل نهار، لم يمنعه ذلك أن يوازن بين أمور الدنيا والدين امتثالاً لقوله تعالى ((وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ)) سورة القصص (77)، وانظر ماذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المضمار ليزداد الأمر وضوحاً أيضا فعند البخاري وغيره عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ((جاء ثلاثةُ رهطٍ إلى بيوتِ أزواجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يسأَلون عن عبادةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فلمَّا أُخبِروا كأنَّهم تقالُّوها فقالوا: وأينَ نحنُ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد غُفِر له ما تقدَّم مِن ذنبِه وما تأخَّر؟! قال أحدُهم: أمَّا أنا فإنِّي أُصلِّي اللَّيلَ أبدًا وقال الآخَرُ: أنا أصومُ الدَّهرَ ولا أُفطِرُ وقال الآخَرُ: أنا أعتزِلُ النِّساءَ ولا أتزوَّجُ أبدًا فجاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: ( أنتم الَّذي قُلْتُم كذا وكذا ؟ أمَا واللهِ إنِّي لأخشاكم للهِ وأتقاكم له لكنِّي أصومُ وأُفطِرُ وأُصلِّي وأرقُدُ وأتزوَّجُ النِّساءَ فمَن رغِب عن سنَّتي فليس منِّي)).
ولله در عبد الله بن رواحة حين قال:
وَفِينا رَسولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتابَهُ… إذا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنَ الفَجْرِ ساطِعُ
أَرانا الهُدَى بَعْدَ العَمَى فَقُلُوبُنا… به مُوقِناتٌ أنَّ ما قالَ واقِعُ
يَبِيتُ يُجافِي جَنْبَهُ عن فِراشِهِ… إذا اسْتَثْقَلَتْ بالكافِرِينَ المَضاجِعُ
تابع / خطبة الجمعة القادمة : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه
الخطبة الثانية
وهكذا رأينا بعضاً من المواقف العظيمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع ربه، ولكن مما تندهش له، فرغم هذه المنزلة الرفيعة والقرب من الله سبحانه وتعالى، فكم كان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحياء من ربه، ولم الدهشة والعجب؟ وقد شهد الصحابة رضوان الله عليهم له بهذا الخلق العظيم، فعند البخاري من حديث أبى سعيد الخدري رضي الله عنه قال ((كانَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ في خِدْرِهَا. [وفي رواية زيادة]: وإذَا كَرِهَ شيئًا عُرِفَ في وجْهِهِ)). بل يكفى شهادة رب العالمين عن حيائه صلى الله عليه وسلم حين قال تعالى ((إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ)) سورة الأحزاب (53) وإليكم هذا الموقف ليكون خير معبر عن حيائه صلى الله عليه وسلم من ربه، ففي صحيح مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه في حديث المعراج الطويل مما جاء فيه عنه صلى الله عليه وسلم قال ((حتى انتهيتُ إلى موسى ، فأخبرتُه ، فقال : ارجِعْ إلى ربِّك فسَلْه التَّخفيفَ ، فقلتُ : قد رجعتُ إلى ربي حتى استحْيَيْتُ منه)) ولله در أمير الشعراء حين قال :
بِكَ بَشرَ اللَهُ السَماءَ فَزينَت وَتَضَوَّعَت مِسكًا بِكَ الغَبرا
وَبَدا مُحَيّاكَ الَّذي قَسَماتُهُ حَقٌّ وَغُرتُهُ هُدىً وَحَياءُ
وَعَلَيهِ مِن نورِ النُبُوَّةِ رَونَقٌ وَمِنَ الخَليلِ وَهَديِهِ سيماءُ
أَثنى المَسيحُ عَلَيهِ خَلفَ سَمائِهِ وَتَهَلَّلَت وَاهتَزَّتِ العَذراء
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد في الأولين وصل على سيدنا محمد في الأخرين، وصل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في كل ملأ وحين
كتبه : الشيخ خالد القط
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف