خطبة الأسبوعخطبة الجمعةعاجلمصــر

خطبة الجمعه القادمة بعنوان : “وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا”، للشيخ إبراهيم مراسى بركات  

خطبة الجمعه القادمة بعنوان : “وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا”، للشيخ إبراهيم مراسى بركات  
الخامس والعشرين من شهر أكتوبر الموافق الثاني والعشرين من شهر ربيع الثاني لعام 1446 من هجرة النبي (صلى الله عليه وسلم الحمد لله خلق الإنسان، علمه البيان، وحذره من آفات اللسان، وأشهدٌ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهدتاً تفتح لقائلها أبواب الجنان، وتغلق عن أبواب النيران، وأشهدٌ أن محمداً عبده ورسوله المؤيد بالمعجزات والبرهان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، أهل البر والإيمان، وسلم تسليماً كثيرا أما بعد:

أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، وتحفظوا من ألسنتكم، وحذروا من عواقب كلامكم، قال الله سبحانه وتعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)، وقال تعالى:(أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ* وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ* يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ، وقال عليه الصلاة والسلام: وهل يكبوا الناس على وجههم؟ أو قال: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم .
فتقوا الله، عباد الله، وتحفظوا من ألسنتكم، وزنوا كلامكم، فإن الكلام يُحصى عليكم، ويُكتب في صحائفكم (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ).
فتقوا الله، عباد الله، واعلموا أن كلامك محصن عليكم، ومحاسبون عليه، فإن كان خيراً أثمر لكم خيرا، (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ)، وإن كان كلاماً سيئاً فستندمون يوم لا ينفع الندم، وإن أقبح الكلام، وأشد الكلام الشرك بالله عزَّ وجل من دعاء غير الله، والاستغاثة بغير الله غير ذلك من الألفاظ الشركية، فتجنبوها، وكذلك من أقبح الكلام القول على الله بغير علم وهو عديل الشرك، عديل الشرك بالله أو هو فوق الشرك بالله، قال تعالى:(وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)، وذلك كالقول بأن الله أحلا كذا، أو حرم كذا من غير دليل من الكتاب والسنة، فلا يجوز القول على الله بغير علم، والخوض في أحكام الشرع بتحليل والتحريم إلا لمن عنده علمٌ وبصيرة، ومن أقبح الكلام شهادة الزور، فقد عدلت شهادة الزور شركاً بالله عز وجل مما يتساهل فيه الناس، ويجعلون الشهادة إنما هي من باب الفزعة لأصدقائه وعشيرته وأقاربهِ فيُساعدهم بالشهادة ولو كان كاذبا، ولو كان لا يعلم ما يقول، والله تعالى يقول:(إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)، (وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا)، فلا يجوز للإنسان أن يشهد إلا إذا كان صادقاً في شهادته يريد بيان الحق لا يريد بها الهواء والميل مع أحد الناس على الآخرين، وإن من أقبح الكلام فيما بين الناس الغيبة والنميمة، والغيبة: هي ذكرك أخاك بما يكره، والنميمة: هي نقل الحديث بين الناس على وجه الإفساد بينهم قال الله جلَّ وعلا:(وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيم)، وقال جلَّ وعلا:(وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ* هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ* مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ)، فالغيبة والنميمة من أقبح ما يُفسد بين الناس، ويُوقع العداوة بينهم، وكذلك السُخرية من الناس، وتنقص الناس، وتتبع زلاتهم، ونقل الحديث فيما يسيء إلى لآخرين، فتقوا الله، عباد الله، قال صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفع الله بها درجات .
فتقوا الله عباد الله، وتحفظوا من ألسنتكم، فإن اللسان هو أخطر الأعضاء، ولهذا كل الأعضاء تتبرآ من اللسان وتعظه وتخوفه بالله، تقول الله اتقي الله فإنما نحن بك، إن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعووجنا، قال صلى الله عليه وسلم: أكثر ما يدخل النار، أكثر ما يدخل الناس النار الفم والفرج يعني اللسان، والكلام البذيء، والزنا، والفواحش وقال صلى الله عليه وسلم: من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة .
فتقوا الله، عباد الله، تحفظوا من ألسنتكم فإنها سلاحٌ ذو حدين،كثير من الناس لا يبالي بإطلاق لسانه في المجالس، وفي تتبع عورات الناس ونشرها (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ)، على المسلم أن يشتغل بعيوبه، ويترك عيوب الآخرين، إلا من باب النصيحة فيما بينه وبينهم، أما أن يتخذ من أخطاءهم مجالاً للحديث فيهم في المجالس فإن ذلك من أعظم الإثم، حتى ولو كانوا واقعين فيما يذكره عنهم، فإن ذلك من الغيبة.
فتقوا الله، عباد الله، إن اللسان إما أن يجني لك خيراً إن استعملته بذكر الله، وبطاعة الله، ونطقت به للخير، وإما أن يجني عنك شرا، إن استعملته في الغيبة والنميمة والكلام المحرم، وما أسهل الكلام المحرم، وما أسهل الغيبة النميمة على كثير من الناس، وإن اللسان من بين الأعضاء لا يكلف الإنسان ولا يتعبه فيتحرك الحركات الكثيرة ولا يتعب، بخلاف الأعضاء فإنها إذا تحركت تتعب، فاللسان خطره عظيم، وشره وبيل، إلا من اتقى الله وحفظ لسانه، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم، أقولٌ قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلم تسليماً كثيرًا، أما بعد:
أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن من أخطر عيوب اللسان، الكذب في الحديث، وهو صفة المنافقين قال صلى الله عليه وسلم: آية المنافقين ثلاث: إذا حدًّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أتمنى خان، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر ، فأول هذه الصفات القبيحة الكذب في الحديث، كثيرٌ من الناس لا يبال بهذا، وقد يتخذ الكذب في الحديث من باب المزاح، ومن باب إضحاك الناس، وهو لا يدري أنه يحمل نفسه أوزاراً،ويعرضها أخطاراً، وهو جالس يتفكه بالكلام، فيما لا يُعينه قال صلى الله عليه وسلم: من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ، فالمسلم يحفظ لسانه إلا فيما فيه فائدة ، ما فيه خيرٌ له، وخيرٌ للمسلمين، قال تعالى:(وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً)، فالكلام الكلام كُله خفيف على اللسان لكن من هو قبيح يُرد صاحبه إلا النار، كان أبو بكر رضي الله عنه يأخذ بلسان نفسه ويقول (هذا الذي هو أردنا الموارد)، كان ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يقول (أيها اللسان قل خيراً تغنم أو اسكت عن شرٍ تسلم، وإلا فإنك ستندم)، قال الله جلَّ وعلا:(لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيما)، وقال صلى الله عليه وسلم: كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم ، فأكثروا من هذا الكلام الطيب، من قول لا إلا الله، والإكثار من ذكر الله، وتلاوة القرآن، وتسبيح وتهليل وتكبير لتغرس لكم غراساً في الجنة بكل كلمة تقولونها من هذا الكلام الطيب، تغرس لكم غراساً في الجنة وأنتم جالسون لا تتكلفون شيئاً، ولا تنقون شيئاً من أموالكم، فاللسان أمره عظيم إن استعملته في الخير حصل لك خيراً كثيراً من غير تكلف، وإن استعملته في الشر أوقعك بالنار وغضب الله، وأنت لا تلقي لذلك بالاً، فتحفظ من لسانك أيها المسلم،
أثر الكلمة الطيبة في إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه
أيها الحبيب الكريم! هذا هو الطفيل بن عمرو الدوسي سيد قبيلة دوس رضي الله عنه وأرضاه، يأتي إلى مكة -شرفها الله- ورحى الصراع دائرة على أشُدها بين المشركين وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان المشركون والصناديد يحولون بين الناس وبين دعوة الحق، فذهبوا إلى الطفيل وحذروه، وقالوا له: إياك وأن تستمع إلى كلمة من محمد بن عبد الله؛ فإن كلامه كالسحر يفرق بين الابن وأبيه، وبين الأخ وأخيه، وبين الزوج وزوجه، فنحذرك على مكانتك وشرفك وسيادتك في قومك، فاحذر أن تسمع كلمة واحدة من محمد بن عبد الله، وظلوا يحذرون الطفيل، حتى عزم على ألا يستمع إلى كلمة واحدة من رسول الله، فلما أراد أن يذهب إلى البيت الحرام ملأ أذنيه قطناً؛ لكي لا تصل كلمةٌ إلى الأذن؛ لكن هيهات هيهات! فإن الكلمة الطيبة لا تحجبها السدود، ولا تمنعها الحواجز، ولا تصدها العقبات والعراقيل، يقول الطفيل: (فذهبت إلى الكعبة، فرأيتني قريباً من محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأبى الله إلا أن يُسمعني بعض ما يقول محمد) سبحان الله! أيها الحبيب! لك أن تتخيل القرآن الذي قال الله فيه: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعَاً مُتَصَدِّعَاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ [الحشر:21] ولك أن تتخيل إذا قرأ هذا القرآنَ رسولُ الله، والله لقد خشي المشركون على أنفسهم من سماعه كما قال عز وجل عنهم: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ [فصلت:26] هذه وصيتهم لبعضهم البعض؛ لأنهم خافوا على أنفسهم من سماع القرآن؛ لأن القرآن يصفع الكِبر في قلوبهم وعقولهم، ويخاطب أعماق فطرتهم، ويمس الوجدان، ويحرك القلب الحي السليم، بل قد تعجبون أنه دخل النبي صلى الله عليه وسلم يوماً في السنة الخامسة من البعثة في مكة إلى بيت الله الحرام، وقام النبي يصلي ويقرأ القرآن على أسماع المشركين، فصمتت الألسنة، وانتبهت وتيقظت الأسماع، وتعلقت الأبصار، وأنصتوا لقراءة رسول الله، قرأ النبي صلى الله عليه وسلم على أسماعهم سورة النجم، وفي أواخر السورة قرأ النبي صلى الله عليه وسلم قوارع تطير لها القلوب، قرأ قوله تعالى: أَزِفَتِ الآزِفَةُ * لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ * أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ * فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا [النجم:57-62]، وخر النبي ساجداً لله، وخر المشركون من خلفه سجّداً لله، والحديث رواه البخاري في كتاب التفسير وعنون له بعنوان طيب، ورحم الله من قال: (فقه البخاري في تراجمه) نعم؛ لقد فقه الإمام رحمه الله هذا الحديث، فعنون له بقوله: (باب: سجود المسلمين مع المشركين). وروى الحديث مختصراً من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (سجد رسول الله بسورة النجم -قرأ السجدة وسجد- فسجد المشركون والمسلمون، والجن والإنس). أيها الحبيب! أبى الله إلا أن يُسمع الطفيل كلاماً من كلام الحق، فقال لنفسه: ثكلتك أمك يا طفيل ! إنك رجل لبيب شاعر، فلماذا لا تسمع من هذا الرجل؟! فسمع الطفيل رسول الله، ثم قال: (اعرض عليَّ أمرك. فعرض النبي عليه الإسلامَ، فقال الطفيل : امدد يدك لأبايعك: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله) كلمة الحق لا تمنعها السدود، أوصلها الله جل وعلا إليه.
قصة عمير بن سعد مع الجلاس بن سويد
لنتعلم هذا الدرس العجيب الغريب الكبير من صبي ما جاوز العاشرة من عمره إلا قليلاً؛ لكن هذا الصبي عرف أمانة الكلمة، وعرف خطورة الكلمة في آن واحد، إنه عمير بن سعد رضي الله عنه وأرضاه، ذلكم الفتى الذي توفي أبوه فتزوجت أمه برجل ثري يقال له: الجلاس بن سويد ، وفي السنة التاسعة أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يبذلوا وأن ينفقوا لإعداد الجيش، فانطلق المسلمون يصورون أروع صور البذل والإنفاق والعطاء، حتى بكى الكثير؛ لأنه لم يجد ما ينفقه لدين الله وفي سبيل الله جل وعلا، وعاد الفتى الصغير ليقص على أسماع الجلاس ما رأى وما سمع، فقال الجلاس كلمة خطيرة تخرجه من الإسلام من أوسع أبوابه، وتدخله الكفر من أوسع الأبواب، قال الجلاس لـعمير : إن كان محمد صادقاً فيما يدعيه فنحن -والله!- أشر من الحمير! فاحتقن الدم في وجه هذا الفتى البار الذي وزن الكلمة بفهم دقيق ووعي عميق، وهو الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره إلا قليلاً، ونظر إلى الجلاس بن سويد وقال: (يا جلاس ! والله! ما كان أحد على ظهر الأرض أحب إليَّ بعد رسول الله منك، ولقد قلتَ الآن كلمة إن قلتُها فضحتُك، وإن أخفيتُها خنتُ أمانتي، وأهلكتُ نفسي وديني، فكن على بينة من أمرك، فإني عازم على أن أمضي إلى رسول الله لأخبره بما سمعتُ)، وانطلق الفتى المؤمن البار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليقص عليه ما سمع من الجلاس بن سويد ؛ ولكن رسول الله لم يتعجل؛ لأنه هو الذي نزل عليه قول ربه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمَاً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات:6]، فأجلس النبي صلى الله عليه وسلم عمير بن سعد ، وأرسل إلى الجلاس بن سويد ، فجاء الجلاس ، فحيا رسولَ الله وجلس، فقال له النبي: (ما هذه المقالة التي بلغتنا عنك؟ وأخبره بما قال عمير) فقال: كذب، -والله- يا رسول الله! والله! ما قلتُ هذا، والله! لقد كذب علي عمير ، والتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمير فرأى الدم قد احتقن في وجهه مرةً أخرى، وانهالت الدموع مدراراً على تلك الوجنتين الرقيقتين، فرفع الفتى رأسه إلى السماء ليناجي ربه جل وعلا وقال: (اللهم أنزل على نبيك بيان ما تكلمتُ به) أيُّ يقين؟! وأيُّ ثقة؟! ويستجيب الله جل وعلا له؛ فإن الله يسمع ويرى، يستجيب الله دعوة هذا الفتى البار .. دعوة هذا الفتى الصادق، فينزل الوحي على رسول الله، وتصمت الكلمات، وتحبس الأنفاس، وتتعلق الأبصار برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسُرِّي عن النبي عليه الصلاة والسلام وهو يتلو قول الله جل وعلا: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ [التوبة:74]؛ فيصرخ الجلاس وهو يستمع إلى هذه الآية الكريمة ويقول: صدق عمير يا رسول الله! وكذبتُ أنا، ويلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمير بن سعد ليفرك أذنيه برقة ولطف وحنان ويقول له: (وفَّتْ أذنُك ما سمعت، وصدَّقك ربُّك يا عمير!)*—————————————————————– سيدنا عاصم بن ثابت رضى الله عنه و أرضاه *
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أرسل سرية مكونة من عشرة من الصحابة للاستطلاع . فعلم المشركون بأمرهم فأرسلوا بدورهم مائة من الرماة المهرة فبحثوا عنهم حتى وجدوهم وحاصروهم وعرضوا عليهم الاستسلام فتشاور الصحابة هل يستسلموا أم يقاتلوا فقال سيدنا عاصم أما أنا فقد عاهدت ربى بعد إسلامي ألا أمس مشرك ولا يمسني مشرك فسوف أقاتل فاجمع الصحابة على عدم الاستسلام فقاتلوا وقتلوا حتى استشهد سيدنا عاصم بن ثابت رضى الله عنه و أرضاه . ففرح المشركون بمقتله وقالوا نأخذ جثته . أتدرون لماذا .
كان سيدنا عاصم بن ثابت رضى الله عنه قد قتل في غزوة بدر الكافر عقبة بن أبى معيط وكان عقبة اكثر مشرك قد تجرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت أم عدو الله عقبة لان قتل عاصم لآاشربن في رأسه الخمر فقال الكفار نقطع راس عاصم ونبيعها إلى سولافة أم عقبة ولكن هل تدرون بماذا دعا سيدنا عاصم بن ثابت رضى الله عنه قبل استشهاده قال اللهم إني قد قتلت في سبيل أن أحمي دينك فا حمى لي جسدي . فهل يترك الحق سبحانه وتعالى جسده ليمثل به الكفرة لا فلا يعلم جنود ربك إلا هو فأرسل الله جند من جنوده أتدرون ماذا أرسل الله
سرب نحل يا سبحانك يا الله النحل الضعيف نعم سرب نحل أحاط بالجسد الطاهر فلم يستطع الكفار أن يقتربوا منه فقالوا ننتظر حتى المساء فا رسل الله جندا آخر من جنده المطر سيول وسيول من المطر فاخذ المطر الجسد الطاهر وجرفه معه فلا يعلم أحد حتى الآن مكان الجسد الطاهر فسبحان الله
(( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ))
صدق الله فصدقه الله رضى الله عنه و أرضاه
**
* سيدنا خبيب بن عدى رضى الله عنه و أرضاه *
هو آخر واحد من هؤلاء العشرة والذي أخذه المشركون أسيرا وهو الوحيد الذي بقى على قيد الحياة
أخذه المشركون معهم إلى مكة ليقتلوه أمام أهل مكة . وكانت قد دخلت الأشهر الحرم فقالوا ننتظر حتى تنتهي الأشهر الحرم وكبلوه بالحديد وحبسوه في بيت أحد المشركين و أوصوا زوجة هذا الكافر أن تراقبه .
تخيلوا كانت تقول كنت أرى في يده عنقود العنب وليس في مكة كلها أي عنب . وهذا من قدرة الله عز وجل المهم أن الأشهر الحرم قد انتهت فاخذ الكفار سيدنا خبيب ليقتلوه فخرجت قريش كلها على بكرة أبيها لترى مقتل خبيب فأخذوه وصلبوه على جزع نخلة و أمر أبو سفيان الرماة أن يضربوه بدون أن يقتلوه فانطلقت السهام من كل صوب تجاه خبيب ثم أوقفهم أبو سفيان وذهب إليه قائلا ياخبيب استحلفك بالله أتحب أن تكون في بيتك آمنا ويكون محمد مكانك فتخيلوا أحبابي ماذا قال خبيب قال رضى الله عنه و أرضاه
والله ما احب أن أكون في بيتي آمنا ويشاك رسول الله صلى الله عليه وسلم بشوكة في يده افاحب أن يكون مكاني
يـــــــــــــــاه كل هذا الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو سفيان ما رأيت أحد يحب أحد كحب أصحاب محمد لمحمد صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم ثم قال تمن شيئا يا خبيب قال أتمن أن أصلى ركعتين فصلاهم ثم نظر إليهم ودعا الله قائلا . اللهم أحصهم عددا . واقتلهم بددا . ولا تبقى منهم أحدا. فقتلوه رضى الله عنه و أرضاه تخيلوا بعد 20 سنه من وفاته وفى عهد عمر بن الخطاب كان يوحد صحابي اسمه سعيد بن عامر كان والى الكوفة فجاء أهل الكوفة ليشتكوا إلى أمير المؤمنين عمر قائلين إن هذا الوالي به مرض الصرع يكون جالسا فيرتعش ويرتجف ثم يسقط على الأرض فناداه عمر سائلا إياه ماذا يصيبك يا سعيد فقال يا أمير المؤمنين لقد كنت واقفا يوم دعوة خبيب فأصابتني هذه الدعوة فكلما تذكرته حدث لي الذي يحدث
ترون ياأخوانى مدى صدق الخبيب رضى الله عنه و أرضاه
المهم نعود إلى خبيب قبل مقتله قال
ولست أبالي حين اقتل مسلما ………….على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وان يشا…………يبارك في اوصالى شلو ممزع
اللهم إني قد بلغت رسالتك فبلغ رسولك ما أنا فيه ومات الخبيب رضى الله عنه و أرضاه
ترون مدى حرص أصحاب رسول الله على هذا الدين كلهم يعلمون انهم أصحاب رسالة حتى في موتهم هم أصحاب رسالة رضى الله عنهم جميعا و أرضاهم
نزل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغا إياه عن مقتل الخبيب فقال وعليك السلام يا خبيب وقال لا يترك الخبيب مصلوبا و أمر أحد الصحابة أن يذهب إلى مكة ليحضر جثته أو يدفنها فذهب أحد الصحابة وانتظر دخول الليل حتى ينام أهل مكة وعندما قام بفك وثاقه إذ بالجسد الطاهر يسقط على الأرض فخاف الصحابي أن تسمع قريش صوت ارتطام الجسد بالأرض فيقول فأسرعت واختبأت فلم أرى أحد فذهبت كي احمل الجسد فلم أجده فبحثت عنه يمنة ويسرة حتى اصبح الصباح ولم أجد الجسد فرجعت إلى رسول الله فأبلغته بالذي حدث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعليك لاعليك فقد دفنته الملائكة
فسمى دفين الملائكة رضى الله عنه و أرضاه
فصلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم
**
* معاوية بن معاوية رضى الله عنه و أرضاه *الصدق فى النيه مع الله
هو صحابي غير معروف أو مشهور ولكنه كان طائعا لله عز وحل وكان بينه وبين الله حب غالى فهو غالى على الله أيضا قبل وفاته رضى الله عنه و أرضاه بقليل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر المسلمين للاستعداد لغزوة تبوك وفى هذا الوقت مرض معاوية مرضا شديدا و أصابته الحمى فأمره الرسول أن يبقى في المدينة ولا يخرج مع الجيش فبقى معاوية ولم يخرج وانتصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة وعند رجوعه عسكر الجيش في مكان ما في ليلة شديدة البرودة شديدة الظلام إذ بسيدنا جبريل عليه وعلى رسولنا افضل الصلاة والتسليم ينزل مخاطبا سيدنا محمد قائلا له قم فصلى صلاة الغائب على معاوية الآن
فقال رسول الله الآن قال نعم فقال أفلا ننتظر حتى الصباح فقال يا رسول الله ينتظرك خارج هذه الخيمة صفين من الملائكة كل صف به سبعون ألف ملك لم يهبطوا إلى الأرض قط قبل ذلك عندما انتشر خبر موت معاوية في السماء استأذنوا ربهم ليصلوا خلفك على معاوية فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم وماذا فعل معاوية يااخى يا جبريل لكي يبلغ هذه المنزلة فقال جبريل .
ذلك رجل كان يحب سورة قل هو الله أحد . وكان يقول احبها لان فيها صفة الرحمن
فهل تحبونها كما كان يحبها معاوية رضى الله عنه و أرضاه
(( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ))
*(( هي تعادل ثلث القران ))*

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى