خطبة الأسبوععاجل

خطبة بعنوان: “البحر الزاخر في فضل العشر الأواخر”، للدكتور خالد بدير بتاريخ 19 رمضان 1437هـ – 24 يونيه 2016م

خطبة بعنوان: “البحر الزاخر في فضل العشر الأواخر”، للدكتور خالد بدير بتاريخ 19 رمضان 1437هـ – 24 يونيه 2016م.

لتحميل الخطبة بصيغة word أضغط هنا

لتحميل الخطبة بصيغة pdf أضغط هنا

ولقراءة الخطبة كما يلي:

عناصر الخطبة:

العنصر الأول: العظة والعبرة من مرور الأيام والأعوام

العنصر الثاني: هدي الرسول والسلف الصالح في هذه العشر

العنصر الثالث : أعمال العشر الأواخر من رمضان

العنصر الرابع: أثر الطاعة في زيادة الإيمان وأمن واستقرار المجتمع

المقدمة:                                                            أما بعد:

العنصر الأول: العظة والعبرة من مرور الأيام والأعوام

عباد الله : إننا لو نظرنا إلى الأيام والليالي والأعوام لوجدناها تمر وتنصرم كالبرق الخاطف؛ فقد كنا بالأمس القريب نحتفي ونحتفل بذكرى الإسراء والمعراج؛ وبعدها حادث تحويل القبلة وبعدها كيف نستقبل رمضان؟! واليوم ونحن على أعتاب العشر الأخيرة من رمضان؛ وبعد أيام قلائل نحتفل بالعشر الأوائل من ذي الحجة؛ ثم الهجرة؛ وهكذا دواليك تفعل بنا الأيام والليالي !!!  

أيها المسلمون: ها هي الأيام تمضي بنا سريعاً نحو انقضاء الشهر الفضيل، فما أسرع مرور الأيام وتعاقب الأزمان، وإنها لآية للمعتبرين، وذكرى للذاكرين، وها هي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك تتراءى في الأفق مئذنة برحيل شهر انتظرناه، فكم كنا بلهفة واشتياق لاستقباله والأُنس بأيامه ولياليه، عقدنا الآمال فيه لزيادة الطاعات والقربات، ومحو الذنوب والسيئات، فيا سعادة من فاز بالقرب من ربه بكثرة الطاعات والقربات، ويا خسارة من تعلق بحبل الآمال وترك شريف الأعمال، وانشغل بالملهيات عن خير الليالي والأيام!!

أحبتي في الله : إن أعماركم بضعة أيام تقضونها ؛ قال الحسن البصري: “يا ابن آدم، إنما أنت أيام، إذا ذهب يوم ذهب بعضك”. وقال: “يا ابن آدم، نهارك ضيفك فأحسِن إليه، فإنك إن أحسنت إليه ارتحل بحمدك، وإن أسأت إليه ارتحل بذمِّك، وكذلك ليلتك”. وقال: “الدنيا ثلاثة أيام: أما الأمس فقد ذهب بما فيه، وأما غداً فلعلّك لا تدركه، وأما اليوم فلك فاعمل فيه”.

أرأيت يا أخي: لو أن أنسانا سافر من مدينة إلى أخرى، فإنه كلما قطع مسافة سوف تقصر المسافة التي بينه وبين تلك المدينة التي يريد الذهاب إليها ؟!! أرأيت إلى هذا التقويم الذي نضعه فوق مكاتبنا في بداية كل عام، إنه مليء بالأوراق، وفي كل يوم نأخذ منه ورقة واحدة فقط، وفي نهاية العام لا يبقى منه إلا الجلدة فقط.

دَقَّـــــــــــــــــــاتُ قلبِ المرءِ قائلة ٌ له: …………إنَّ الحياة َ دقائقٌ وثواني

فارفع لنفسك بعدَ موتكَ ذكرها ……….فالذكرُ للإنسان عُمرٌ ثاني

أيها المسلمون: منذ رمضان الماضي مضى عام؛ والمتأمل المتبصر يعلم أنه قد نقص من عمره عام، ماذا؟!!! نعم نقص من عمره عام، فقد يظن البعض أن عمره زاد عاماً؛ وهو يفرح بزيادة عمره ولا يدري المسكين أن عمره نقص عاماً؛  فالعام الماضي كنت أبلغ تسعاً وثلاثين سنة، وهذا العام قد بلغت الأربعين فزاد عمري، نقول: لا، بل نقص عمرك؛ لأنه قد علم أن أجل الإنسان محدد قبل أن ينزل إلى هذه الدنيا، كما في الحديث  “يجمع خلق أحدكم في بطن أمه….” وفيه “فيؤمر الملك بكتب أربع كلمات: ومنها أجله.” (البخاري ومسلم). إذاً فأجل الإنسان معلوم ومحدد، فالذي ينظر بعين البصيرة يعلم أن عمره قد نقص كلما مر عليه عام .

وقد كان السلف الصالح رحمهم الله، يجعلون من مرور الأيام والسنين مدكراً ومزدجراً، فكانوا يستحيون من الله أن يكونوا اليوم على مثل حالهم بالأمس، وقال بعضهم: كيف يفرح من يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره؟! كيف يفرح من عمره يقوده إلى أجله، وحياته تقوده إلى موته ؟! فعليكم بالعمل فإن اليوم الذي يذهب لا يعود ؛ يقول الحسن رحمه الله : ” ما من يومٍ ينشق فجره، إلا نادى منادٍ من قبل الحق: يا ابن آدم! أنا خلقٌ جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود فيّ بعملٍ صالح؛ فإني لا أعود إلى يوم القيامة”.

لذلك كان الصالحون لا يندمون إلا على فوات الوقت الذي لم يرفعهم درجة، قال ابن مسعود: “ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي، ولم يزدد فيه عملي”. فاحرص على اغتنام الفرصة ولا تضيع وقتك فيما لا يفيد؛ قال ابن القيم: “إضاعة الوقت أشد من الموت؛ لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها”. وقال السري بن المفلس: “إن اغتممت بما ينقص من مالك، فابكِ على ما ينقص من عمرك”.

أيها المسلمون: كل يوم يمر عليكم تزدادون بعدا من الدنيا وقربا من الآخرة فاعملوا وتزودوا لها ؛ قال علي بن أبي طالب: ارتحلت الدنيا مدبرة ؛ وارتحلت الآخرة مقبلة ؛ ولكل واحدة منهما بنون؛ فكونوا من أبناء الآخرة؛ ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل . وروي أنّ أبا بكرة دخل على معاوية رضي الله عنهما فقال : اتق الله يا معاوية ، واعلم أنّك في كلّ يوم يخرج عنك ، وفي كلّ ليلة تأتي عليك ، لا تزداد من الدنيا إلاّ بعداً ، ومن الآخرة إلاّ قرباً ، وعلى أثرك طالب لا تفوته ، وقد نصب لك علماً لا تجوزه ، فما أسرع ما تبلغ العلم ، وما أوشك ما يلحق بك الطالب ، وإنّا وما نحن فيه زائل ، وفي الذي نحن إليه صائرون باق ، إن خيراً فخير ، وإن شرّاً فشرّ .

فاتقوا الله -يا عباد الله- واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله، وحاسبوا أنفسكم عند وداع شهركم، وتوبوا إلى ربكم توبة نصوحاً، ومن كان منكم أحسن فيما مضى من أيامه، فليحمد الله على ذلك، ويستمر عليه إلى الممات، ومن كان مفرطاً في شيءٍ من الواجبات، أو مرتكباً لشيء من المحرمات فليتب إلى ربه، ويندم على فعله، ويقلع عن معصيته، ويعزم على ألا يعود إليها في مستقبل أيامه وأعوامه.

العنصر الثاني: هدي الرسول والسلف الصالح في هذه العشر

عباد الله: للعشر الأواخر من رمضان فضلٌ عظيمٌ عند الله تعالى؛ وقد ذكرها الله في قوله:{وَالْفَجْرِ؛ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} (الفجر: 1 ؛ 2)؛ وقد ذهب بعض المفسرين أنها العشر الأواخر من رمضان؛ لذلك كان يجتهد فيها النبي صلى الله عليه وسلم بالطاعة والعبادة والقيام؛ فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ؛ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ؛ وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ”( متفق عليه ) قال الإمام ابن حجر:” أي سهره فأحياه بالطاعة وأحيا نفسه بسهره فيه لأن النوم أخو الموت وأضافه إلى الليل اتساعا لأن القائم إذا حيي باليقظة أحيا ليله بحياته ، وهو نحو قوله ” لا تجعلوا بيوتكم قبورا ” أي لا تناموا فتكونوا كالأموات فتكون بيوتكم كالقبور .” (فتح الباري)؛ وشد المئزر كناية عن بلوغ الغاية في اجتهاده صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر؛ يقال: شددت لهذا الأمر مئزري؛ أي: تشمرت له وتفرغت؛ وقيل: هو كناية عن اعتزال النساء للاشتغال بالعبادات.

وعَن عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَت: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِا”( مسلم) يقول الإمام النووي:” يستحب أن يزاد من الطاعات في العشر الأواخر من رمضان، واستحباب إحياء لياليه بالعبادات .”

وقد سارت قوافل الصالحين المقربين على طريق النبي -صلى الله عليه وسلم- تقف عند العشر وقفة جد وصرامة تمتص من رحيقها وتنهل من معينها، وترتوي من فيض عطاءاتها، وتعمل فيها ما لا تعمل في غيرها.

قال أبو عثمان النهدي: «كانوا يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأول من محرم، والعشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأواخر من رمضان».

ومن شدة تعظيمهم لهذه الأيام كانوا يتطيبون لها ويتزينون، قال ابن جرير: كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من ليالي العشر الأواخر، وكان النخعي يغتسل كل ليلة!

ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر، فقد روي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه إذا كان ليلة أربع وعشرين اغتسل وتطيب ولبس حلة إزار ورداء فإذا أصبح طواهما فلم يلبسهما إلى مثلها من قابل.

وكان أيوب السختياني يغتسل ليلة ثلاث وعشرين وأربع وعشرين، ويلبس ثوبين جديدين ويستجمر.

وكان ثابت البناني وحميد الطويل يلبسان أحسن ثيابهما ويتطيبان ويطيبان المسجد بالنضوح في الليلة التي ترجى فيها ليلة القدر.

قال ثابت: وكان لتميم الداري حلة اشتراها بألف درهم وكان يلبسها في الليلة التي ترجى فيها ليلة القدر.

هكذا كانوا تعظيما لهذه العشر، وهكذا كانوا اجتهادا في العبادة وانقطاعا لها في هذه الليالي المباركات.

فأين نحن من قوم كانوا أنضاء عبادة وأصحاب سهر؟

غدا توفى النفوس ما كسبت……….. ويحصد الزارعون ما زرعوا

إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم ……… وإن أساءوا فبئس ما صنعوا

وقال أحمد بن حرب: “يا عجبًا لِمن يعرف أنَّ الجنَّة تُزَيَّن فوقه، وأنَّ النَّار تسعَّر تحته، كيف ينام بيْنهما؟!”.

أذكر قصة من حياة أسلافنا في حلس البيوت التي اليوم تشكو وتعاني من كثير مما يلهي ويغري ويصرف عن طاعة الله عز وجل، امرأة حبيب العجمي -وهو أحد السلف- تقول له في الليل: قد ذهب الليل وبين أيدينا طريق بعيد، وزاد قليل، وقوافل الصالحين قد سرت ومضت، ونحن بقينا.

فانظر: هذه امرأة لم تشغل بطعام ولا بشراب، ولا بوصفات إعداد الأطعمة، ولا بالموضات وما ينزل خصيصاً في العشر الأواخر من الملابس والموديلات والموضات، لقد شغلتهم المشاغل الإيمانية، وألهتهم عن هذه الأمور الدنيوية.

يا نائم الليل كم ترقدُ ……………. قم يا حبيبي قد دنا الموعدُ

وخذ من الليل وأوقاته …………… وِرْداً إذا ما هجع الرُّقَّدُ

من نام حتى ينقضي ليله ………….. لم يبلغ المنزل أو يزهدُ

قل لذوي الألباب أهل التقى …………. قَنطَرَةُ الَعْرض لكم موعِدُ

يقول الشيخ عبدالله الطيار:” لاحِظوا الفرْق بين واقِعنا وواقع سلَفِنا الصالح، كانوا يقضون نهارَهم بالصيام وتلاوة القُرآن وليلهم بالرُّكوع والسُّجود والتسبيح والتهليل، ويقضي الكثيرون منَّا نهارَهم بالنَّوم وليلهم باللهو واللعب الحَرام، وشُرب الدخان ولعب الورق، وغيرها ممَّا يعود على المسلم بضَرَرٍ في عاجِله وآجِله.” (فيض الرحيم الرحمن في أحكام رمضان).

وهكذا الفرق بين حالنا وحال سلفنا الصالح؛ وكفى بالواقع المعاصر على ذلك دليلاً !!!

العنصر الثالث : أعمال العشر الأواخر من رمضان

عباد الله: إذا أردتم النجاح والفلاح والفوز بهذا الشهر الكريم؛ ولا سيما العشر الأواخر منه؛ فإني أقدم لكم برنامجاً إيمانياً يشتمل على أعمال فاضلة في هذه العشر؛ حتى نلحق بقوافل الزاهدين العابدين؛ وتتمثل هذه الأعمال فيما يلي: 

أولاً: قيام لياليها: اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم كما في عنصرنا السابق؛ وينبغي إيقاظ الأهل والأولاد لاغتنام هذه الليالي المباركة. قال سفيان الثوري رحمه الله : أحب إليّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل، ويجتهد فيه، ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك . فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- : ” رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ، نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، ورَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى، نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ.”(أبوداود)

وفي الموطأ أن عمر بن الخطاب كان يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي، حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة، يقول لهم: الصلاة الصلاة، ويتلو هذه الآية: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه:132].

إن هذه العناية بأمر الزوجة والأهل والأولاد تجعل من البيت المسلم يعيش في روحانية رمضان هذا الشهر الكريم؛ عندما يقبل الأب والأم والبنين والبنات على الصلاة والعبادة والذكر وقراءة القرآن، ولنحفزهم على ذلك الخير؛ فمن دعا إلى هدى كان له من الخير والأجر مثل أجور من اتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً .

ثانيا: الاجتهاد في نهارها: فيخصّ جميع زمان العشر الأواخر من رمضان ليله ونهاره بمزيد من الاجتهاد والعبادة . ” قال الشافعي رحمه الله: أستحبُّ أن يكون اجتهاده في نهارها كاجتهاده في ليلها، وهذا يقتضي استحباب الاجتهاد في جميع زمان العشر الأواخر ، ليله ونهاره ، والله أعلم.” (لطائف المعارف) . (

ثالثاً: الاعتكاف: فهو من أعظم العبادات في هذه العشر؛ وقد كان صلى الله عليه وسلم حريصاً على سنة الاعتكاف في رمضان كل عام؛ وقد استن بهذه السنة أزواجه والصالحون من بعده صلى الله عليه وسلم؛ فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا:” أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ؛ ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ” (متفق عليه)؛ وفي العام الذي لم يعكتف فيه النبي صلى الله عليه وسلم لكثرة الاختلاط قضاه في شوال؛ وهذا يدل على أهمية الاعتكاف وفضله؛ فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا:” أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ؛ فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ؛ إِذَا أَخْبِيَةٌ: خِبَاءُ عَائِشَةَ؛ وَخِبَاءُ حَفْصَةَ؛ وَخِبَاءُ زَيْنَبَ؛ فَقَالَ: آلْبِرَّ تَقُولُونَ بِهِنَّ؟! ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ يَعْتَكِفْ؛ حَتَّى اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ”(متفق عليه) ؛ يقول الشيخ محمد فؤاد عبدالباقي تعليقاً على سبب تركه صلى الله عليه وسلم الاعتكاف ثم اعتكافه في شوال: ” لأنه صلى الله عليه وسلم رآهن عنده في المسجد وهو في المسجد؛ فصار كأنه في منزله بحضوره مع أزواجه؛ وذهب المهم من مقصود الاعتكاف وهو التخلي عن الأزواج ومتعلقات الدنيا وشبه ذلك”

لذلك عندما تؤدي سنة الاعتكاف أخي الصائم فإنك تحي سنة نبوية كريمة مهجورة منذ أزمنة طويلة ؛ فعن الإمام الزهري رضي الله عنه قال:” عجبا للمسلمين! تركوا الاعتكاف مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل”

عباد الله: إن الاعتكاف فيه تسليم المعتكف نفسه بالكلية إلى عبادة الله تعالى طلب الزلفى، وإبعاد النفس من شغل الدنيا التي هي مانعة عما يطلبه العبد من القربى، وفيه استغراق المعتكف أوقاته في الصلاة، لأن المقصد الأصلي من شرعية الاعتكاف انتظار الصلاة في الجماعات، وتشبيه المعتكف نفسه بالملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ويسبحون الليل والنهار لا يفترون.

والاعتكاف المستحب ليس له وقت محدد، ولك أن تجمع بين عملك واعتكافك؛ فيكون اعتكافك ليلا وعملك نهارا؛ فهو يتحقق بالمكث في المسجد مع نية الاعتكاف طال الوقت أم قصر حتى ولو لحظة؛ ويثاب ما بقي في المسجد، فإذا خرج منه ثم عاد إليه جدد النية إن قصد الاعتكاف، فعن يعلى بن أمية قال: إني لأمكث في المسجد ساعة ما أمكث إلا لأعتكف.(فقه السنة للشيخ سيد سابق)

ويكفي المعتكف أنه ترك الدنيا وشهواتها وأقبل على الله بقلبه وجوارحه؛ واقفا على بابه متعلقا بأعتابه؛ يدعوه ويبتهل إليه راجيا رحمته ورضوانه. قال عطاء – رحمه الله-:” مثل المعتكف كرجل له حاجة إلى عظيم؛ فجلس على بابه ويقول لا أبرح حتى تقضي حاجتي؛ وكذلك المعتكف يجلس في بيت الله ويقول: لا أبرح حتى يُغفر لي”

رابعاً: قراءة القرآن: فعليك أن تكثر من قراءة القرآن الكريم ليلاً ونهارًا ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما : ” أن جبريل عليه السلام كان يلقى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن.” (البخاري ومسلم) ، وهكذا كان السلف الصالح يقرؤون القرآن في رمضان في الصلاة وغيرها، وكان لأبي حنيفة والشافعي في رمضان ستون ختمة في غير الصلاة، وكان بعضهم يختم القرآن كل ليلة من ليالي العشر، وربما أشكل على بعضهم ثبوت النهي عن قراءة القرآن الكريم في أقل من ثلاث، ” وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر، أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها، فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن، اغتنامًا للزمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم”. (لطائف المعارف) ا.هـ  وكان قتادة -رحمه الله- يختم القرآن في كل سبع ليال مرة، فإذا دخل رمضان ختم في كل ثلاث ليال مرة، فإذا دخل العشر ختم في كل ليلة مرة.

خامساً: كثرة الدعاء: فللصائم عند فطره دعوة لا ترد، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ»[ابن ماجة والطبراني]. وكان عبد الله بن عمرو بن العاص إذا أفطر يقول: ” اللهم إني أسألك – برحمتك التي وسعت كل شئ – أن تغفر لي “.

وكثير منا أيضاً يخطئ حينما يستبطئ الإجابة؛ وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:” لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ” قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا الِاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ:” يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ ” ( مسلم) ؛ وليعلم هذا المسكين الذي استبطأ الإجابة فترك الدعاء أنه خسر ثوابا وأجرا عظيما عند الله؛ لأن الله توعده بالإجابة عاجلا أو آجلا ؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” ما مِن مسلِمٍ يدعو اللَّهَ عزَّ وجلَّ بدَعوةٍ ليسَ فيها إثمٌ ، ولا قَطيعةُ رحِمٍ ، إلَّا أعطاهُ اللَّهُ بِها إحدى ثلاثِ خصالٍ : إمَّا أن يعجِّلَ لَهُ دعوتَهُ ، وإمَّا أن يدَّخرَها له في الآخرةِ ، وإمَّا أن يصرفَ عنهُ منَ السُّوءِ مثلَها . قالوا : إذًا نُكْثِرُ ، قالَ : اللَّهُ أَكْثَرُ ” [ صحيح الترغيب والترهيب – الألباني ]؛ فانظر إلى الصحابة قالوا : إذاً نكثر ؛ لأن الإجابة مضمونة في إحدى هذه الثلاث طالما التزمت بشروط الدعاء وآدابه؛ فإما أن يعجل الله لك الدعوة؛ أو يصرف عنك مصيبة أو نازلة كانت ستنزل بك رفعها الدعاء؛ أو يدخرها لك في الآخرة؛ يقول: عبدي دعوتني في يوم كذا في ساعة كذا بدعوة كذا فاذهب إلى قصر كذا في الجنة؛ وقتها يقول العبد: يارب ليتك لم تستجب لي ولا دعوة في الدنيا!!! فلنكثر من الدعاء عند الإفطار فالدعاء مجاب؛ والله أكثر وأكثر!! لذلك قال يحيى بن أبي كثير: أفضل العبادة كلها الدعاء. وروى أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه: أنه كان يواظب على حزبه من الدعاء كما يواظب على حزبه من القرآن.

سادساً: تحري ليلة القدر: فقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم في هذه العشر الأخيرة من رمضان أنه يتحرى ليلة القدر، وقال في ذلك: ” مَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ.”(البخاري)؛ فيا سعادة من نال بركتها وحظي بخيرها، ويستحب الإكثار من الدعاء فيها، فعن أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا قَالَ: ” قُولِى اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّى”.(الترمذي وابن ماجة )؛ وسنفرد الخطبة القادمة كاملة عن فضل ليلة القدر إن شاء الله تعالي.

سابعاً: الإكثار من الجود: فشهر رمضان يمتاز بأنه شهر المواساة والتراحم والجود والكرم والتكافل بين المسلمين، ولهذا السبب نفسه ” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ ، فَـلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ ” (رواه البخاري ). قال ابن رجب – رحمه الله تعالى -: “وكان جوده – صلى الله عليه وسلم – كله لله – عز وجل – وفي ابتغاء مرضاته؛ فإنه كان يبذل المال إما لفقير أو محتاج، أو ينفقه في سبيل الله، أو يتألَّفُ به على الإسلام مَن يقوى الإسلام بإسلامه… وكان يؤثر على نفسه وأهله وأولاده، فيعطي عطاءً يعجز عنه الملوك مثلُ كسرى وقيصر، ويعيش في نفسه عيش الفقراء، فيأتي عليه الشهرُ والشهران لا يُوقَدُ في بيته نار، وربما ربط على بطنه الحجر من الجوع.

والجود معناه الاستكثار من سائر أنواع الخير ، كالإنفاق ، وحسن الخلق ، وبر الوالدين ، وبذل الخير ، ونشر العلم ، والجهاد في سبيله ، وقضاء حوائج الناس ، وتحمل أثقالهم ، ومناصرة المستضعفين ودعمهم؛ وكافة صور الخير والبر والإحسان!!.

أيها المسلمون: عليكم بالجد والاجتهاد في هذه العشر بالقيام وقراءة القرآن؛ والذكر والدعاء والصدقات وسائر القربات؛ فهذه فرصة لن تعوض ولن تعود؛ وقبل أن نندم ولا ينفع الندم!! {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ؛ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}(المؤمنون: 99 ؛ 100)؛ وقد وقف الحسن البصري على جنازة رجلٍ فقال لصاحب له يعظه: تُرى هذا الميت لو رجع إلى الدنيا ماذا يصنع؟! قال: يكثر من الطاعات؛ قال له الحسن: قد فاتته فلا تفتك أنت!! أقول لكم أيها المسلمون: قد فاتت من كان قبلكم؛ والفرصة ماثلة أمامكم فماذا أنتم فاعلون؟!!

ولذلك شكى وبكى الصالحون والطالحون ضيقَ العمر، وبكى الأخيارُ والفجارُ انصرامَ الأوقات، فأما الأخيارُ فبكوا وندموا على أنهم ما تزودوا أكثر، وأما الفجارُ فتأسفوا على ما فعلوا في الأيامِ الخالية.

العنصر الرابع: أثر الطاعة في زيادة الإيمان وأمن واستقرار المجتمع

عباد الله : إننا لو فعلنا هذه الأعمال التي في عنصرنا السابق وأتقناها وأخلصنا العمل فيها لله واحتسبنا الأجر على الله؛ فإن ذلك لا شك يؤدي إلى زيادة الإيمان ونيل رضا الرحمن والوصول إلى الغفران؛ وقد وردت ثلاثة أحاديث متكافئة في البخاري – عن أبي هريرة رضى الله عنه – تدل على هذا المعني؛ حيث يقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :”مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.” ؛ ” ومَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ” ؛” ومَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ .” ؛ قال ابن حجر :” والمراد بالإيمان الاعتقاد بحق فرضية صومه ، وبالاحتساب طلب الثواب من الله تعالى . وقال الخطابي : احتسابا أي عزيمة ، وهو أن يصومه على معنى الرغبة في ثوابه طيبة نفسه بذلك غير مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه .”(فتح الباري ).

فالإيمان يزيد بالطاعة؛ وكلما أكثرت الطاعة والعبادة والوقوف بين يدي الله كلما ازداد إيمانك وارتفعت درجتك عند الله ؛ فعَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ قَالَ:” لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟ قَالَ قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ. قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا تَقُولُ؟! قَالَ قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ فَنَسِينَا كَثِيرًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ نَسِينَا كَثِيرًا. فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمْ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ”( مسلم)، فالصحابة – رضي الله عنهم – كلما جلسوا للعلم ومدارسة القرآن والعبادة ازداد إيمانهم؛ وكذلك كلما خلا المسلم بربه واجتهد في العبادة في هذه العشر معتكفا بعيدا عن الدنيا وشهواتها كلما ازداد إيمانه بالله تعالى !!

أيها المؤمنون: إن الإيمان بالله والتمسك بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والبعد عن الظلم له أثره الفعال في استقرار أمن البلاد والعباد ؛ قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَـٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [الأنعام: 82]

بل إن الله وعد المؤمنين بالخلافة والتمكين في الأرض شريطة الطاعة والعبادة؛ قال تعالى: { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }(النور:55)

أحبتي في الله: الإيمان الإيمان تفلحوا ؛ الإيمان الإيمان تنجحوا ؛ الإيمان الإيمان تسودوا ؛ الإيمان الإيمان تقودوا؛ الإيمان الإيمان تطمئنوا وتنعموا ؛ فالذي آمن بربه، وعرف غايته، وتبين مصيره، وأيقن بمبعثه؛ وعرف لكل ذي حق حقه؛ تجده لا يغمط حقاً، ولا يؤذي مخلوقاً، فيعيش عيشة السعداء، وينعم بالحياة الطيبة في الدنيا والآخرة قال تعالى: { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }(النحل:97).

نسأل الله أن يجعلنا من أهل الإيمان؛ وأن يجمع شملنا ويوحد كلمتنا؛ ويؤمننا في أوطاننا وبلادنا ؛ إنه مولانا ونعم المولى ونعم النصير ؛ وبالإجابة جدير وهو حسبنا ونعم الوكيل !!!

الدعاء،،،،،،،                وأقم الصلاة،،،،،،،                                                                 كتبه : خادم الدعوة الإسلامية

                                                                                                                                                  د / خالد بدير بدوي

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى