عذرا إنه فضيلة الإمام بقلم فضيلة الشيخ / محمد عيد كيلانى
شهدنا فى الفترة الأخيرة تطاولا من بعض الناس على علماء الإسلام الذين يحملون علما وادبا وخلقا رفيعا , وكان آخر مشهد من مشاهد هذا التطاول هو مشهد التطاول على فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر ,فماذا يريد هؤلاء المتطاولون على القمم الإسلامية وأصحاب المكانة العلمية الشرعية التى لاتدانيها مكانة ؟
هل الهدف تشويه صورتهم وزعزعة ثقة الناس فيهم ؟
أم أن الهدف هو النيل من هؤلاء العلماء لمواقفهم التى لاتنحاز للأهواء ؟
وبادىء ذى بدىء نقول :
إن احترام العلماء وتقديرهم من الأمور الواجبة شرعاً وإن خالفناهم الرأي فالعلماء ورثة الأنبياء، والأنبياء ما ورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم ,
يقول الله تعالى (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) سورة الزمر /9
كما قال الله عز وجل) : إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) سورة فاطر /28
والأحاديث النبوية تبين لنا منزلة ومكانة العلماء وتحثنا علي إكرامهم وتوقيرهم وتحريم التعدي عليهم بأي نوع من أنواع الإيذاء أو السب أو الإهانة ,لأن إهانة العلماء إهانة للإسلام وضرب لثوابت الدين.
ففي الحديث الشريف” ليس من أمتى من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه ” رواة الطبرانى واسناده حسن ..
ان العالم حتى وان جانبه الصواب فى موقف , أو رأى شرعى لا نخوض في عرضه ولا نطلق ألسنتنا في عرضه , بل ندعو له بالهداية ونستغفر الله له , لقول الله تعالى ” والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالإيمان ” سورة الحشر /10 وقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: « من سلك طريقاً يطلب فيه علماً، سلك الله له به طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم، وإن العالم يستغفر له من في السماوات ومن
في الأرض، حتى الحيتان في البحر، وفضل العالم على العابد كفضل إن للمستعمرين يدا كبيرة في بث الفرقة بين صفوف المسلمين والقدح فى العلماء والنيل منهم ليقطعوا الصلة الوثيقة بين المسلمين وبين علمائهم، وقطعها قطع للدين، إذْ العلماء هم المصدر لبيان شرع الله سبحانه وتعالى في هذا الزمن، وليس عجبا أن يصدر القدح في العلماء من العلمانيين والشيوعيين وغيرهم، وإنما العجب كل العجب أن يصدر هذا القدح ممن انتسب إلى الإسلام ومن المنتسبين
للجماعات التى ترفع الدين شعارا لها ؛ هؤلاء الآن وللأسف الشديد يحملون لواء القدح في العلماء والاستخفاف بهم، مرة يرمونهم بأنهم علماء للدولة، ومرة أخرى بأنهم مشايخ حكومة
إنهم يدبرون لأن يفقد الناس الثقة فى علمائهم , أو أن تخلو الساحة لهم
فإذا خلت الساحة من أهل العلم والتقى، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، يفتونهم بغير علم، وإذا أفتوهم بغير علم فلا تسأل عن الحرمات التي تستباح، والدم المعصوم الذي يراق، والعرض الذي ينتهك، والمال الذي يهدر
وأرى أن من يسب العلماء أو يقلل من شأنهم واحد من اثنين :
•إمّا مغرض له أهداف ومقاصد سيئة.
•أو مخدوع مغرَّر به، يُصاغ له الباطل في قالب الحق فيَخيل اليه أنه الصدق.
إنه لمن الواجب علينا أن نحب علماءنا ونجلهم ونحترمهم , لأن العلماء هم -عقول الأمة- والأمة التي لا تحترم عقولها غير جديرة بالبقاء
وفي الختام أذكر كلمة لأبي القاسم بن عساكر نقلها عنه النووي في مقدمة ”المجموع“ يقول فيها: اعلم يا أخي -وفقني الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يخشاه، ويتقيه حق تقاته- أنَّ لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هَتْك مُتَنَقِّصهم معلومة، وأنّ من أطلق لسانه في العلماء بالثَّلْب بلاه الله قبل موته بموت القلب.
إن التاريخ يذكر للكثير من العلماء المخلصين – الذين تعرضوا لمثل هذه الحملات من التطاول والتشويه – يذكر التاريخ أن مثل هذه الحملات باءت جميعها بالفشل , وباء أصحابها بالخزى وبقى العلماء مصابيح هادية تحاط بالإجلال والإكبار من كل المسلمين .
نسأل الله أن يحفظ علمائنا وبلادنا وسائر بلاد المسلمين من كيد الكائدين ومكر الماكرين . والله من وراء القصد وهو الهادى إلى سواء السبيل.