خطبة الأسبوعخطبة الجمعةعاجلمصــر
وقولوا للناس حسنا خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
آفات اللسان وآثر الكلمة الطيبة في المجتمع خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله رب العالمين الذي أنزل لنا كتاباً عربياً مبين وجعله ذكراً حكيماً وشرعاً حكيماً قائماً مستقيماً
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أمرنا بأن نقول للناس حسنا وألا نتكلم إلا بما يرضي الرحمن ويبهج قلب كل إنسان في هذا الوجود
وأشهد أن سيدنا محمد عبد الله ورسوله علمه مولاه وحباه ورقه وادناه وجعله افصح الناس لسانا واسدهم قولا واكملهم في الكلام حكمه حتى قال صلى الله عليه وسلم “أعطيت جوامع الكلم” (مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه)
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد الذي كان نطقه ذكراً وصمته فكراً ونظره عبراً
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين مشوا على نهجه واتبعوه وعضدوه وساعدوه وكل من مشى على هديهم إلى يوم الدين واجعلنا منهم ومعهم اجمعين
امين امين يا رب العالمين
أيها الأحبة جماعه المؤمنين
ربّ النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الكرام التربية الإلهية القرآنية التي لو صار الخلق عليها جميعا ما حدث بينهم خلاف ولا قطيعة
هذه التربية الإلهية القرآنية التي ابتدأ بها النبي صحبه الكرام كانت هي الحديث النبوي الصغير في مبناه العظيم في معناه الذي قال لنا ولهم فيه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :
” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليقل خيرا أو ليصمت” (رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)
لا ينطق إلا بالكلام الذي فيه خير له عند ربه وخير له في نفسه وخير لكل من سمعه وهذا تصديقا لقول الله في كتاب الله الذي بيّن فيه ما ينبغي على مجتمع المؤمنين في هذه الحياه :
“لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أو مَعْرُوفٍ أو إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ” (114 النساء)
فوجه النبي افراد امته أن كانوا معاصرين لحضرته أو تابعين إلى يوم الدين أن ينتبه كل رجل منهم لما يتلفظ به لسانه فلا يقول إلا ما يرضي الرحمن ويعلم علم اليقين أن أي حركه للسان أول من يسمعها هو حضره الرحمن الذي سيحاسبنا يوم العرض والميزان
“مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ” (18 ق)
فأخرج من قاموس التعامل بين المسلمين كل الكلمات التي تؤذي أو التي تضر التي تسبب فرقه أو شتاتا بين المسلمين
وقال صلى الله عليه وسلم في حديثه التام :
“ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء” ( الترمذي والحاكم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه)
المؤمن يتنزه عن كل هذه الأقوال بالكلية حتى ولو كان لأبنه حتى ولو كان لزوجه حتى ولو كان لمن يتولى رئاستهم لأن الله عز وجل امره ألا يقول للناس إلا حسنا “وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا” (83 البقرة)
الكلام الطيب اللين الهين الذي يكسب الوجوه بشاشه ويكسب القلوب بهجه وسرورا هذا هو كلام المؤمنين للمؤمنين أو لغيرهم في أي وقت وحين
ولذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم أبو ذر الغفاري رضي الله عنه حدث خلاف بينه وبين بلال الحبشي فقال له يا ابن السوداء فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال “يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ” ( البخاري عن ابي ذر رضي الله عنه)
لا ينبغي أن تعيره بأمه ولا بأبيه ولا بنسبه ولا بشيء لا صنعة له فيه.
وكان صلى الله عليه وسلم ماشيا في احدى أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فضجرت فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: خذوا ما عليها ودعوها، فإنها ملعونة. قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد” (رواه مسلم عن عمران بن حصين رضي الله عنه)
حتى الجمل لم يرضى النبي صلى الله عليه وسلم لمن يلعنه
وحدثت ريح في زمانه وسمع رجلا يسب الريح فقال صلى الله عليه وسلم : “لا تلعَنِ الرِّيحَ فإنَّها مأمورةٌ من لعن شيئًا ليس له بأهلٍ رجعت اللَّعنةُ عليه” (رواه المنذري في الترغيب والترهيب عن عبد الله بن عباس رضي الله عهما)
فإن الله عز وجل هو الذي يسيرها وهو الذي يعطيها الأمر بالذهاب إلى هنا أو هناك
فالمؤمن لا يخرج من لسانه كلمه سب قط لأي إنسان أو حيوان أو جماد أو أي شيء في الوجود لأنه مؤدب بأدب سيد الوجود صلى الله عليه وسلم
يقول سيدنا معاذ رضي الله عنه كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت يا رسول الله:
أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار،
قال: لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت،
ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل، قال: ثم تلا: [تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ] حتى بلغ: [يَعْمَلُونَ] (السجدة: 16-17).
ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه؟
قلت بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد، ثم قال:
ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت بلى يا نبي الله،
فأخذ بلسانه قال:
كف عليك هذا، فقلت:
يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟
فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم” (الترمذي)
فمشى أصحاب النبي الكريم على هذه الصفة الكريمة لا ينطقون إلا بخير ولا يقولون إلا الطيب من القول
وكانوا كما قال الله :
“وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ” (24 الحج)
كان كل رجل منهم مهما اشتد غضبه يعقل ما يخرج من فمه ويتدبر في الكلام قبل أن ينطق به اللسان
اسمع إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يصف هؤلاء فيقول كنا نتخير اطايب الكلام كما تتخيرون طيب الطعام يتخير اطيب الكلمات واحسن العبارات لأن الكلمة الواحدة قد ترفع الإنسان إلى ارفع الدرجات في الجنة والكلمة الواحدة تهبط به إلى اسفل الدرجات في نار جهنم والعياذ بالله تعالى
الكلمة الطيبة قد ترفع الروح المعنوية للإنسان تجعله يبذل كل ما في وسعه لإرضاء الله سبحانه وتعالى وارضاء من حوله
والكلمة الأخرى قد تجعل الانسان سليم البدن تصيبه امراض لا تعد ولا تحد وكل ذلك من فعل الكلمة السيئة قال صلى الله عليه وسلم في ذلك:
إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا، يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا، يهوي بها في جهنم” (مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه)
كانوا رضي الله عنهم وارضاهم اذا حاول احدهم أن يخرجهم عن طبيعتهم ويسير فيهم حميه الغضب يرجعون إلى نهج الله ويقفون عند مراد الله
هذا رجل جاء إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه وارضاه واخذ يسبه وخالد بن الوليد اعظم قائد في تاريخ الإسلام فما كان من خالد إلا أن قال له هي صحيفتك اكتب فيها ما تشاء لأن كل ما يقوله سيسجل عليه ويحاسب عليه ولا يريد هو أن يدني نفسه ويتنزل إليه لأنه عود اللسان النطق السديد والكلام الرشيد الذي يرضي الحميد المجيد سبحانه وتعالى
وإذا تدخل أهل الفتن ليوقعوا بينهم كانوا لا يستطيعون لشدة حرصهم على اتباع نبيهم حدث خلاف بين عبد الرحمن بن عوف وخالد بن الوليد وكان شعارهم الخلاف في الراي لا يفسد للود قضيه نختلف ولكن نأتلف ولا يحدث بيننا سباب ولا شتم ولا غيرها فذهب احد المنافقين إلى خالد وقال له هل سمعت ما قال فيك عبد الرحمن بن عوف قال لا وماذا قال قال في حقك كذا وكذا قال كذبت إن ما بيننا لم يصل إلى ذلك لأن مبدأهم اذا حدث خلاف في الراي لا يقوم هذا بالتشنيع على هذا ولا بتشويه صورته ولا محاوله النيل منه لأنهم كانوا اخوه مؤتلفين متعاونين في الله عز وجل
وجاء رجل إلى ابي بكر الصديق وهو الخليفة في قضيه فحكم الصديق في القضية وعندما خرج من عنده تقابل مع عمر وعمر هو القاضي وقال فيما كنت فقص عليه القصة فقال وبما حكم ابو بكر قال حكم بكذا قال لها الحكم الصحيح في هذه القضية كذا فدخل الرجل على أبي بكر رضي الله عنه وقال يا خليفه رسول الله أيكم الخليفة انت أم عمر فقال ابو بكر بحصافته ورجاحته أنا الخليفة واعمل بما أمرك به عمر وقضى على الفتنه في مهدها
فعاش المجتمع الاسلامي في هذا الوئام وهذا التراحم وهذه الكلمات الطيبة فكانوا كما قال صلى الله عليه وسلم
“ترى المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّىّ” (البخاري عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما)
أو كما قال
ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة
الخطبة الثانية
—————
الحمد لله رب العالمين الذي اكرمنا بهداه وجعلنا من عباده المسلمين
واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون
وأشهد أن سيدنا محمد عبد الله ورسوله الصادق الوعد الأمين
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد واعطنا الخير وادفع عنا الشر ونجنا واشفنا وانصرنا على اعدائنا يا رب العالمين
أيها الأحبة جماعة المؤمنين
نحن جميعا في مجتمعنا في حاجه إلى صحوه أخلاقية نبدأها بضبط اللسان كل انسان منا يفرمل لسانه عن كل الكلمات التي تغضب بني الانسان والتي لا ترضي حضره الرحمن سبحانه وتعالى وخاصه إذا علمنا علم اليقين أن معنا كراما كاتبين يسجلون كل حرف يتفوه به الإنسان وسنحاسب عليه يوم لقاء حضره الرحمن سبحانه وتعالى
إذا فعلنا هذا وبدلنا القواميس المستخدمة الأن بقواميس الفضيلة ورجعنا إلى ما كان عليه سلفنا الصالح عند طلب أي انسان من أي إنسان امر أن يقول له
من فضلك
لو سمحت
بعد اذنك
فإن الامور ستتبدل والاحوال ستتغير وسنكون جميعا في احسن حال إن شاء الله
اياك أن يدفعك الغضب من أي انسان فتقول أو تفعل ما لا يحبه الله لأن الشيطان تلبس به ليوقعك في سخط الله وغضب الله اسمع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصف الاثنان اللذان يتسابان في المجتمع قال صلى الله عليه وسلم: ” المستبّان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان”
أي إن الإنسان الذي يسب والذي يرد عليه وهما في هذه الحالة كأنهما شيطانان لأنهما خرج عن طاعه الله سبحانه وتعالى وعلى المتابعة للنبي العدنان صلى الله عليه وسلم
المؤمن دائما وابدا يعمل بقول الله
“وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ” (34 فصلت)
وكل اناء بما فيه ينضح وطبيعة الإيمان ألا اقول ولا افعل إلا ما يرضي الرحمن وما يفرّح النبي العدنان صلى الله عليه وسلم
اسال الله تبارك وتعالى أن يوفقنا جميعا لأطيب الكلمات واسعد العبارات
وأن يجعل نطقنا ذكراً وصمتنا فكراً ونظرنا عبراً اللهم وفقنا على الدوام لما تحبه وترضاه